لأنك مسلم (قصيدة)

أ. محمود مفلح


إن من سنن الله تعالى، ومن الأدلة على محبته لعبده: ابتلاؤه لهُ في نفسه وماله وأهله..



وقد يكون هذا الابتلاء بالشر أو بالخير، بسلب نعمه أو إغداق نعمه، كما في قوله تعالى: {وَنبلُوْكُمْ بالشرِّ والخَيرِ فِتنةً}.



وجاء في الحديث: "أشدّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه".


والداعية المسلم هو أشدّ الناس تعرضاً لهذا الابتلاء.. وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين؛ كما قال الإمام ابن تيمية.


الأديب الإسلامي الملتزم، الأستاذ/ محمود مفلح (ولد على ضفاف بحيرة طبريّا عام 1943) له تأثير مهم وكبير في خارطة الشعر الإسلامي الحديث، ومن مجموعاته الشعرية: مذكرات شهيد فلسطيني، وحكايات الشال الفلسطيني، وشموخا أيتها المآذن، والمرايا، والراية وإنها الصحوة.. إنها الصحوة، ولأنك مسلم، ونقوش إسلامية على الحجر الفلسطيني.


ومن أجمل ما أمتعَنا به هذا الشاعر الهرَم، قصيدةٌ عن الابتلاء الذي يتعرض له المسلم والداعية، بعنوان "لأنك مسلمٌ"..


نقرأ منها:




لأَنَّكَ مُسْلِمٌ سَتَرى الْعَذَابَا وَسَوْفَ تُوَاجِهُ الْعَجَبَ الْعُجَابَا!
سَتَحْمِلُ مِنْ هُمُومِ النَّاسِ طَوْدًا وَتَمْخُرُ مِنْ شُرُورِهِمُ عُبَابَا
لأَنَّكَّ مُسْلِمٌ سَتَمُوتُ هَمًّا وَهَمًّا وَاضْطِهَادًا وَاغْتِرَابَا!
سَتَسْأَلُ كُلَّ أَهْلِ الأَرْضِ عَدْلاً وَتُبْصِرُ - حِينَ تُبْصِرُهُ - سَرَابَا!
يَسُوءُكَ أَنْ تَرَى الطَّاغُوتَ يَعْلُو وَيَحْنِي الْمُسْلِمُونَ لَهُ الرِّقَابَا
• • • •
سَتَنْزِفُ فِي دُرُوبِكَ أَلْفَ جُرْحٍٍ وَتَمْضِي لا سُؤَالَ وَلا جَوَابَا
وَتَنْبَحُكَ الْكِلابُ بِلا حَيَاءٍ فَلا تَلْوِي الزِّمَامَ وَلا الرِّكَابَا
• • • •
تُغَرِّبُكَ السُّنُونُ وَكَمْ تَمَنَّى صَغِيرُكَ أَنْ يُعِيدَ عَلَيكَ "بَابَا"!
وَسَوْفَ تَعَضُّ مِنْ أَلَمٍ بَنَانًا وَسَوْفَ تَسَفُّ مِنْ جُوعٍ تُرَابَا
• • • •
لأَنَّكَ مُسْلِمٌ سَتَذُوقُ ضعْفًا وَتَشْرَبُ مِنْ كُؤُوسِ الْحِقْدِ صَابَا
سَتَسْألُ عَنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَظُنَّ اللَّيلَ مِنْ حَلَكٍ غُرَابَا!!
• • • •



وَسَوْفَ يُقَالُ إِنَّكَ حَنْبَلِيٌّ وَرَجْعِيٌّ، وَإِنَّ بِكَ اضْطِرَابَا!
وَإِنَّكَ لا تُلِينُ لَهُمْ جَنَابَا وَإِنَّكَ لا تُقِيمُ لَهُمْ حِسَابَا
وَغَيْرُكَ يَسْتَشِيطُ إِذَا اسْتَشَاطُوا وَيَغْضَبُ حِيْنَ يُبْصِرُهُمْ غِضَابَا
وَغَيْرُكَ لا يُجيدُ الرَّقْصَ إِلاَّ عَلَى أَوْتَارِهِمْ وَ لَهَا اسْتَجَابَا!
وَرَأْسُكَ يَا أَمِيرَ الْقَوْمِ قَاسٍ وَمِنْ قَبْلِ الْمَشِيبِ أَرَاهُ شَابَا!
• • • •
لأَنَّكَ مُسْلِمٌ سَتَظَلُّ عِبْئًا عَلَى الأَشْرَارِ تُرْهِقُهُمْ عَذَابَا
سَتَبْقَى فِي حُلُوقِهِمُ زُجَاجًا وَتسْطَعُ فِي ظَلامِهِمُ شِهَابَا
تُعَالِجُ حِقْدَهُمْ بِالْحُبِّ.. حَتَّى تَرَى الأَمْطَارَ تَنْسَكِبُ انْسِكَابَا
تُقَلِّمُ مِنْ خَبِيثِ الْقَوْلِ ظُفْرًا وَتَقْطَعُ مِنْ لَئِيمِ الْفِعْلِ نَابَا
• • • •



إِذَا زَرَعُوا الْجَفَاءَ زَرَعْتَ حُبًّا وَإِنْ غَدَرُوا بَسَطتَّ لَهُمْ جَنَابَا
تَعِيبُ عَلَيْهِمُ جُبْنًا وَجَهْلاً وَحَقُّ الْجَاهِلِيةِ أَنْ تُعَابَا
وَتَغْرِسُ فِيهِمُ الإِسْلامَ غَرْسًا.. فَقَدْ بَلَغَتْ شُرُورُهُمُ النِّصَابَا