أشك في عقيدتي



السؤال

الملخص:
سائل يشك في كون العقيدة الإسلامية كالأساطير اليونانية وغيرها؛ لأنه يرى أنها تتشابه معهم.

التفاصيل:بعد التحية، أنا الآن أصبحت أشك في كون العقيدة الإسلامية مجرد أساطير تمَّ تأليفها كالأساطير اليونانية والفينيقية، فهم كلهم يتشابهون في وجود إله يتصف بالقوة، ولديه أعداء، فهذا الأمر أثَّر عليَّ بشكل كبير، أرجو منكم التوجيه، وشكرًا.

الجواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:فأولًا: مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لك الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.ثانيًا: الأدلة والبراهين على صدق دين الإسلام ونبوة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ومتعددة، واختصارًا قبل التفصيل: لو كان الإسلام عبارة عن أساطير مأخوذة من اليونانية والفينيقية، فكيف الجواب على الإعجازات العلمية، والأخبار المستقبلية، وأخبار الماضين، وأخبار الغيب الذي جاء به الإسلام؟!وكيف الجواب على الشهادات التي صدَرت من أناس ليسوا بمسلمين يؤكدون فيها صدق الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم في أخباره، ولا يخفى مثل هذا ويسهل الوصول إليه، ومما يفيدك هنا الاهتمام بالآيات التي تناولها المتخصصون في موضوع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ويُمكن أن تستفيد من موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة على هذا الرابط.وموقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة على هذا الرابط.ثالثًا: أدلة صدق الإسلام:1- دلالة الفطرة: فإن دعوة الإسلام هي الموافقة للفطرة السوية؛ ولذلك فإننا لا نجد شيئًا من تعاليم الإسلام يخالف الفطرة قَطُّ، بل كل الأحكام العقدية والعملية موافقة للفطرة السليمة السوية، أما ما سوى الإسلام من أديان واعتقادات فتشتمل على ما يخالف الفطرة، وهذا أمر ظاهر بيِّنٌ عند التأمل والتدبر.2- البراهين العقلية:أكثرت نصوص الشرع من مخاطبة العقل، وتوجيهه إلى النظر في الحجج والبراهين العقلية، ومن دعوة أصحاب العقول وأولي الألباب إلى تدبر الدلائل القطعية على صحة الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، فلم تشتمل نصوص الوحي على شيء تحيله العقول أو ترفضه، ولم تأتِ بمسألة تخالف بداهة عقلية أو تناقض قياسًا عقليًّا، بل ما جاء أهل الباطل بقياس لباطلهم إلا رده بالحق والبيان العقلي الواضح؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ [الفرقان: 33]؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أخبر سبحانه أن الكفار لا يأتونه بقياس عقلي لباطلهم إلا جاءه الله بالحق، وجاءه من البيان والدليل وضرب المثل بما هو أحسن تفسيرًا، وكشفًا وإيضاحًا للحق من قياسهم"؛ [مجموع الفتاوى: (4/ 106)].3- المعجزات ودلائل النبوة:إن الله تعالى قد أيَّدَ النبي الكريم محمدًا صلى الله عليه وسلم بالعديد من المعجزات والخوارق والآيات الحسية التي تدل على صدق نبوته وصحة رسالته؛ كانشقاق القمر له، وتسبيح الطعام والحصى بين يديه، ونبوع الماء من بين أصابعه، وتكثيره للطعام، ونحو ذلك من معجزات وآيات رآها وعاينها جمعٌ غفير، ونُقلت إلينا بالأسانيد الصحيحة التي وصلت إلى حد التواتر المعنوي الذي يفيد اليقين.ولو قال قائل: نحن لا نصدق بالإسلام، فكيف نصدق بحدوث هذه المعجزات؟ نقول: لم ينكرها أجدادُ أهل الكفر والإلحاد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم.4- النبوءات:ويُقصد بالنبوءات هنا: ما أخبر به الوحي من أمور وأحداث تقع في المستقبل؛ سواء في حياته صلى الله عليه وسلم أو بعد مماته.وما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من الأمور المستقبلية إلا وقع كما أخبر تمامًا، وهذا دليل على أن الله عز وجل قد أوحى إليه وأطلعه على أشياء من علم الغيب الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بالوحي.5- الشمائل والصفات:من أكبر الأدلة على صدق نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو شخصيته نفسها، وما تحلى به من مكارم الأخلاق، وحسن الخصال، وجميل الخِلال، وعظيم الصفات؛ حيث بلغ النبي صلى الله عليه وسلم درجة من الكمال البشري في حسن الصفات والأخلاق لا يمكن أن تكون إلا لنبيٍّ مرسل من عند الله، فما وُجد خلق حميد إلا دعا له، وأمر به، وحث عليه، وعمِلَ به، وما من خلق ذميم إلا نهى عنه، وحذر منه، وكان أبعد الناس عنه، حتى بلغ اعتناؤه بالخُلُقِ درجة تعليل رسالته وبعثته بتقويم الأخلاق وإشاعة مكارمها، والعمل على إصلاح ما أفسدته الجاهلية منها؛ فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالح الأخلاق)).6- البشارات:فقد جاءت كتب الأنبياء مبشرة بدين الإسلام وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم أخبرنا بوجود بشارات واضحة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل؛ منها ما يصرح باسمه ورسمه؛ فقد قال الله تعالى: ﴿ الذِينَ يَتبِعُونَ الرسُولَ النبِي الْأُمِّي الذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ التِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأعراف: 157]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]، ولا يزال في كتب اليهود والنصارى - التوراة والإنجيل - بشاراتٌ تنبئ بقدومه وتبشِّر برسالته، وتعطي بعض أوصافه، على الرغم من محاولات الطمس والتحريف المستمرة لهذه البشارات؛ ومن ذلك ما جاء في جاء في سفر التثنية الإصحاح (33) العدد (2): "جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبال فاران ..."، وقد جاء في [معجم البلدان (3/ 301)]: "فاران: بعد الألف راء وآخره نون كلمة عبرانية معربة، وهي من أسماء مكة ذكرها في التوراة، قيل: هو اسم لجبال مكة.قال ابن ماكولا أبو بكر نصر بن القاسم بن قضاعة القضاعي الفاراني الإسكندراني: سمعت أن ذلك نسبته إلى جبال فاران وهي جبال الحجاز.وفي التوراة: جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من فاران.مجيئه من سيناء تكليمه لموسى عليه السلام، وإشراقه من ساعير وهي جبال فلسطين هو إنزاله الإنجيل على عيسى عليه السلام، واستعلانه من جبال فاران إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم".7- القرآن الكريم:وهو أعظم المعجزات وأجلُّ الآيات وأظهر البينات، وهو حجة الله البالغة على خلقه إلى يوم القيامة، وقد اشتمل على وجوه متعددة من الإعجاز؛ مثل: الإعجاز البياني، والإعجاز العلمي، والإعجاز التشريعي، والإخبار بالأمور المستقبلية والغيبية.أما عن المقصود بقوله تعالى: ﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾ [الطور: 34]، فهو ردٌّ على من زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم تقوَّل القرآن من نفسه، فتحداهم القرآن أن يأتوا بمثله إن كانوا صادقين في زعمهم؛ لأن لازم هذا الادعاء أن هذا في مقدور البشر، فلو كان ذلك صحيحًا، فما الذي يَمنعهم من الإتيان بمثله، وهم أرباب الفصاحة، وأساطين البلاغة؟وقد تحدَّى الله الكفار أن يأتوا بمثله فعجزوا؛ كما أخبر القرآن: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، وتحدَّاهم أن يأتوا بعشر سور من مثله فعجزوا: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين ﴾ [هود: 13]، وتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23].والنصيحة لك ولكل مسلم أن يطلب علمَ الكتاب والسنة، وأن يدرس كتب العقيدة الصحيحة، وأن يتعلم أمور دينه ليحسُنَ إسلامه ويعبدَ ربه على بصيرة.هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6cppMIBfB