تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    Lightbulb جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    أما اللسان الأول فهو ما عبر به الله ورسوله عن المعاني الدينية..

    وأما: لا مشاحة في الاصطلاح فكلام للناس جميعاً أن يقولوا به في كل شئ وأي شئ =شريطة ألا يقولوا به فيما يُعدل به من الألفاظ والاصطلاحات عن ألفاظ الله ورسوله..

    بل ما عبر به الله ورسوله عن معاني الدين لا يجوز العدول عنه إلى ألفاظ غيرهم تحت دعوى: لا مشاحة في الاصطلاح..ولا يجوز نقل هذا اللفظ بعينه إلى معنى غير الذي قصده الله ورسوله..فالأول من التلبيس والثاني من التحريف..

    ولا يكون اللفظ المحدث أبداً مطابقاً للفظ الله ورسوله بل لا يكون إلا أنقص..

    ونظير هذا الباب : أن يزعم الرجل لفظاً لمعنى كان موجوداًَ زمن الوحي وله لفظه ثم يجعل الإيمان بهذا اللفظ واجباً والقول به لازماً..وإنما الذي يلزم الناس هو الإيمان بالمعنى الحق ،المتضمن للفظ الله ورسوله فمن آمن بلفظ الله ورسوله من غير تمام معناه فليس مؤمناً بلفظ الله ورسوله،وهذا يكفي فلا يُحتاج إلى لفظ محدث يجب الإيمان به..إلا إن اشتبهت الأمور اشتباهاً عظيماً وأدى إلى الفساد والتباس الحق بالباطل..واحتاج المجتهد والقاضي إلى هذا ..ويُقدر هذا بقدره

    وأصل دعوى: لا مشاحة في الاصطلاح إنما كانت من المعتزلة والأشاعرة..ومبتغي الحق والصدق لا مناص له من أن يرتاب مما كانت هذه سبيله..

    قال أبو بكر الجصاص المعتزلي في (( أصوله )) : فمعنى العام والمجمل لا يختلفان في هذا الوجه فجائز أن يعبر عن المجمل بالعام , وقد ذكر أبو موسى عيسى بن أبان – رحمه الله – العام في مواضع فسماه مجملاً , وهذا كلام العبارة لا يقع في مثله مضايقة ( ). ا هـ , وقال وهو يحتج لقولهم في الاستحسان : وليست الأسماء محظورة على احد عند الحاجة إلى الإفهام , بل لا يستغني أهل كل علمٍ وصناعةٍ إذا اختصوا بمعرفة دقيق ذلك العلم ولطيفه وغامضه دون غيرهم , و أرادوا الإبانة عنها , وإفهام السامعين لها أن يشتقوا لها أسماء , ويطلقوها عليها على وجه الإفادة والإفهام , كما وضع النحويون أسماء لمعان عرفوها , و أرادوا إفهامها غيرهم , فقالوا : الحال , والظرف , والتمييز ونحو ذلك , وكما قالوا في العروض : البسيط , والمديد , والكامل و والوافر , وكما أطلق المتكلمون اسم العرض, والجوهر , ونحو ذلك من المعاني التي عرفوها , وأرادوا العبارة عنها , فلم يكن محصوراً عليهم , إذ كان الغرض فيه الإبانة والإفهام للمعنى بأقرب السماء مشاكلة وأوضحها دلاله عليه , ثم لا يخلو لغائب الاستحسان من أن ينازعنا في اللفظ أو في المعنى , فإذا نازعنا في اللفظ و فاللفظ مسلم به , فليعبر هو بما شاء , على أن ليس للمنازعة في اللفظ وجه , لأن لكل واحد أن يعبر عما عقله الإنسان عن المعنى بالعربية تارة وبالفارسية أخرى , فلا ننكره , وقد يطلق الفقهاء لفظ الاستحسان في كثير من الأشياء ( ). ا هـ
    قلت: والكلام في الدين ليس كالكلام في النحو والعروض وغيرها , فقياس كلام الفقهاء على كلام النحويين والعروضيين وغيرهم قياس باطل , وليس للفقهاء أن يحدثوا في الدين ما لم يكن منه , ولا أن يسموا شيئاً غير ما سماه الله ورسوله , والنحاة والعروضيون وغيرهم نقلوا كثيراً من ألفاظ العرب إلى غير ما كانت تدل عليه , فاختلفت ألسنتهم عن لسان العرب الذي نزل القرآن به , وما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى , وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما كانت تدل عليه بلسان العرب , وليس ما صارت تدل عليه بألسنة النحاة والعروضيين وغيرهم , ولو فسر أحد لفظاً من كتاب الله أو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدل عليه عند النحاة أو غيرهم لكان مخطئاً , فإنما أنزل الله كتابه , وبعث نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان العرب , وليس بألسنة النحاة والعروضيين وغيرهم , وقوله : ثم لا يخلو لعائب الاستحسان من أن ينازعنا في اللفظ أو في المعنى فإذا نازعنا في اللفظ , فاللفظ مسلم له , فليعبر هو بما شاء , على أنه ليس للمنازعة في اللفظ وجه , لأن لكل واحدٍ أن يعبر عما عقله من المعنى بما شاء من الألفاظ . ا هـ كل ذلك جدل وتلبيس , ولفظ الاستحسان ليس في كتاب الله تعالى , ولا في حديث رسوله صلى الله عليه وسلم وما سماه الحنفية استحساناً , إن كان ذكر في كتاب الله أو حديث رسوله صلى الله عليه وسلم بغير ذلك الاسم , فليس لهم ولا لغيرهم أن يسميه غير ما سماه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإن كان , لم يذكر في كتاب الله , ولا حديث رسوله صلى الله عليه وسلم فهو بدعة محدثة , والإنسان قد يعبر بالعربية , والرومية , والفارسية , وغيرها , وليس في ذلك حجة على أنه يجوز لأحد أن يسمى شيئاً في الدين غير ما سماه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا أن يحدث ألفاظاً يتكلم بها في الدين ليست في كتاب الله ولا حديث رسوله صلى الله عليه وسلم وقوله : وهذا كلام في العبارة لا يقع في مثله مضايقة وقوله : على أنه ليس للمنازعة في اللفظ وجه , لم أجد أحداً قال قبله , أو قال ما يشبهه وأبو بكر الجصاص كان أخذ عن الكرخي , وأبي عبد الله البصري المعتزلي , ولم يصل إلينا كثير من كلامهم , فلا أدري لعل الجصاص كان أول من قال ذلك أو لعله كان أخذه عنهم .
    وقال أبو بكر الباقلاني , في كتابه (( التقريب والإرشاد )) : وهذه مناظرة ومشاحة في عبارة وتسمية( ) . اهـ , قالها وهو يتكلم في صيام المسافر أياماً أخر , هل تسمى قضاء , وقال : ولا طائل في النزاع في العبارات , والأسماء والألفاظ , بعد أن بينا أنه استثناء لما ليس من الجنس ( ) . ا هـ قالها في آخر باب الكلام في أقسام الاستثناء وضروبه .
    وقال ابن سينا في كتابه (( الإشارات والتنبيهات )) : والقضايا التي فيها ضرورة بشرط غير الذات , فقد تخص باسم المطلقة , وقد تخص باسم الوجودية , كما خصصناها به , وإن كان لا تشاح في الأسماء ( ) . ا هـ , وقال : فإن لم يسم هذا مفعولاً بسبب أن لم يتقدمه عدم , فلا مضايقة في الأسماء بعد ظهور المعنى ( ) . ا هـ
    وقال في كتابه (( الشفاء )) قسم الإلهيات : ونحن لا نناقش في هذه الأسماء البتة بعد أن تحصل المعاني متميزة ( ) . ا هـ , وقال في قسم السماع الطبيعي : وأنت غير مجبر على اختيار أي الاستعمالات شئت , فإنه ليس إلا مشاجرة في التسمية فقط ( ) . ا هـ وقال في (( الإشارات والتبيهات )) : فإن اتفق أن لا يوجد للمعنى لفظ مناسب معتاد فليخترع له لفظ من أشد الألفاظ مناسبة , وليدل على ما أريد به ( ) . ا هـ
    وقال الغزالي في كتابه (( إحياء علوم الدين )) الباب السابع في النوافل من الصلوات :: فلفظ النافلة والسنة , والمستحب , والتطوع , أردنا الاصطلاح عليه لتعريف هذه المقاصد , ولا حرج على من يغير هذا الاصطلاح , فلا مشاحة في الألفاظ بعد فهم المقاصد ( ) . ا هـ
    قلت: وتلك الألفاظ : النافلة , والسنة , والمستحب , والتطوع , هي في كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تدل عليه تلك الألفاظ في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بين , وليس لأحد من الناس أن ينقل شيئاً من كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى غير ما كان يدل عليه , ومن نقل شيئاً من كلام الله ورسوله , إلى غير ما كان يدل عليه , فهو محدث في الدين ما لم يكن منه , ومغير لكلام الله ورسوله , ومخالف للسان العرب الذي نزل القرآن به , فكيف يقال : إن ذلك اصطلاح , ولا حرج على من يغير ذلك الاصطلاح , ولو كان كذلك لصار كل من شاء من الناس , ينقل ما شاء من ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه , وليس بتلك الألفاظ على الناس , ويدعوهم بها إلى غير ما كانت عليه , ويلبس بتلك الألفاظ على الناس , ويدعوهم بها إلى غير ما دعاهم إليه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , وكذلك فعل المعتزلة والصوفية وغيرهم ممن نقل ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه , وسمى ذلك اصطلاحاً , وزعم أنه لا مشاحة فيه , وتلك الكلمة : لا مشاحة في الاصطلاح , أكثر منها الغزالي في كتبه , وذكرها لألفاظ مختلفة : لا مشاحة في الألقاب , والاصطلاحات , والأسامي , والأسماء , والألفاظ , ولا منازعة ولا حرج , ولا ريب أخذها الغزالي من كلام الجويني , وابن سينا , والباقلاني , والجصاص , وأصحابهم.
    وقال القرافي في (( نفائس الأصول )) : وقد أجمع قوم من الفقهاء الجهال على ذمه – يعني أصول الفقه – وتحقيره في نفوس الطلبة , ثم قال رداً عليهم : غاية ما في الباب أن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لم يكونوا يتخاطبون بهذه الاصطلاحات , أما المعاني فكانت عندهم قطعاً ومن مناقب الشافعي رضي الله عنه انه أول من صنف في أصول الفقه ( ) . ا هـ
    وقوله : أما المعاني فكانت عندهم – يعني الصحابة رضي الله عنهم – قطعاً , خطأ , وكثير مما ملأ الأصوليون به كتبهم من الجدل والكلام لم يكن عند اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء , ولا خطر بقلوبهم , وما كان عندهم فقد بينوه وبلغوه من بعدهم , وبلسانهم نزل القرآن , فلم تترك ألفاظهم , ويؤخذ بألفاظ أحدثها المتكلمون بعدهم , والشافعي رحمه الله لم يسم رسالته (( أصول الفقه )) , ولا كان ذلك الاسم عرف بعد في زمانه , ورسالة الشافعي لا تشبه ما أحدثه بعده المتكلمون من المعتزلة , وسموه أصول الفقه , ولا لسان الشافعي يشبه لسانهم , وأكثر ما أحدثه أولئك المعتزلة من الألفاظ , وابتدعوه من الأسماء لم يتكلم به الشافعي ولا أحد غيره قبلهم .

    يقول شيخ الإسلام: ((وَلِهَذَا كَرِهَ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ - كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ - أَنْ تُرَدَّ الْبِدْعَةُ بِالْبِدْعَةِ فَكَانَ أَحْمَد فِي مُنَاظَرَتِهِ للجهمية لَمَّا نَاظَرُوهُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَأَلْزَمَهُ " أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بُرْغُوثٌ " أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جِسْمًا وَهَذَا مُنْتَفٍ ؛ فَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحْمَد : لَا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ وَلَا عَلَى إثْبَاتِهِ ؛ بَلْ قَالَ : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } { اللَّهُ الصَّمَدُ } { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } . وَنَبَّهَ أَحْمَد عَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُدْرَى مَا يُرِيدُونَ بِهِ . وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ لَمْ يُوَافِقْهُ ؛ لَا عَلَى إثْبَاتِهِ وَلَا عَلَى نَفْيِهِ . فَإِنْ ذَكَرَ مَعْنًى أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَثْبَتْنَاهُ وَإِنْ ذَكَرَ مَعْنًى نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ نَفَيْنَاهُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ وَلَمْ نَحْتَجْ إلَى أَلْفَاظٍ مُبْتَدَعَةٍ فِي الشَّرْعِ مُحَرَّفَةٍ فِي اللُّغَةِ وَمَعَانِيهَا مُتَنَاقِضَةٌ فِي الْعَقْلِ ؛ فَيَفْسُدُ الشَّرْعُ وَاللُّغَةُ وَالْعَقْلُ ؛ كَمَا فَعَلَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ الْمُخَالِفِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَفْظُ " الْجَبْرِ " كَرِهَ السَّلَفُ أَنْ يُقَالَ جَبَرَ وَأَنْ يُقَالَ : مَا جَبَرَ ؛ فَرَوَى الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ " عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الفزاري - الْإِمَامِ - قَالَ : قَالَ الأوزاعي : أَتَانِي رَجُلَانِ فَسَأَلَانِي عَنْ الْقَدَرِ فَأَحْبَبْت أَنْ آتِيَك بِهِمَا تَسْمَعُ كَلَامَهُمَا وَتُجِيبُهُمَا . قُلْت : رَحِمَك اللَّهُ أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ . قَالَ : فَأَتَانِي الأوزاعي وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ فَقَالَ : تَكَلَّمَا فَقَالَا : قَدِمَ عَلَيْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ فَنَازَعُونَا فِي الْقَدَرِ - وَنَازَعْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغَ بِنَا وَبِهِمْ الْجَوَابُ ؛ إلَى أَنْ قُلْنَا : إنَّ اللَّهَ قَدْ جَبَرَنَا عَلَى مَا نَهَانَا عَنْهُ وَحَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَا أَمَرَنَا بِهِ وَرَزَقَنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا فَقَالَ : أَجِبْهُمَا يَا أَبَا إسْحَاقَ قُلْت رَحِمَك اللَّهُ أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ فَقَالَ أَجِبْهُمَا ؛ فَكَرِهْت أَنْ أُخَالِفَهُ ؛ فَقُلْت : يَا هَؤُلَاءِ إنَّ الَّذِينَ آتَوْكُمْ بِمَا أَتَوْكُمْ بِهِ قَدْ ابْتَدَعُوا بِدْعَةً وَأَحْدَثُوا حَدَثًا وَإِنِّي أَرَاكُمْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ الْبِدْعَةِ إلَى مِثْلِ مَا خَرَجُوا إلَيْهِ ؛ فَقَالَ أَجَبْت وَأَحْسَنْت يَا أَبَا إسْحَاقَ . وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ : سَأَلْت الزُّبَيْدِيَّ والأوزاعي عَنْ الْجَبْرِ ؛ فَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ : أَمْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُجْبِرَ أَوْ يُعْضِلَ وَلَكِنْ يَقْضِي وَيُقَدِّرُ وَيَخْلُقُ وَيَجْبُلُ عَبْدَهُ عَلَى مَا أَحَبَّ . وَقَالَ الأوزاعي : مَا أَعْرِفُ لِلْجَبْرِ أَصْلًا مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ؛ فَأَهَابُ أَنْ أَقُولَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ وَالْخَلْقَ وَالْجَبْلَ فَهَذَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا وُضِعَتْ هَذَا مَخَافَةَ أَنْ يَرْتَابَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَالتَّصْدِيقِ . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ المروذي قَالَ : قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : تَقُولُ إنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ ؟ فَقَالَ : هَكَذَا لَا تَقُولُ وَأَنْكَرَ هَذَا وَقَالَ : يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ . وَقَالَ المروذي : كُتِبَ إلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي أَمْرِ حُسَيْنِ بْنِ خَلَفٍ العكبري وَقَالَ : إنَّهُ تَنَزَّهَ عَنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ . فَقَالَ رَجُلٌ قَدَرِيٌّ : إنَّ اللَّهَ لَمْ يُجْبِرْ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي ؛ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَحْمَد بْنُ رَجَاءٍ فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ - أَرَادَ بِذَلِكَ إثْبَاتَ الْقَدَرِ - فَوَضَعَ أَحْمَد بْنُ عَلِيٍّ كِتَابًا يُحْتَجُّ فِيهِ . فَأَدْخَلْته عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَخْبَرْته بِالْقِصَّةِ قَالَ : وَيَضَعُ كِتَابًا وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا : عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ حِينَ قَالَ : جَبَرَ الْعِبَادَ وَعَلَى الْقَدَرِيِّ الَّذِي قَالَ : لَمْ يَجْبُرْ وَأَنْكَرَ عَلَى أَحْمَد بْنِ عَلِيٍّ وَضْعَهُ الْكِتَابَ وَاحْتِجَاجَهُ وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ لِوَضْعِهِ الْكِتَابَ . وَقَالَ لِي : يَجِبُ عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ رَبَّهُ لَمَّا قَالَ : جَبَرَ الْعِبَادَ . فَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : فَمَا الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ فَقَالَ : يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ . قَالَ الْخَلَّالُ : وَأَخْبَرَنَا المروذي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي قَالَ : لَمْ يَجْبُرْ وَعَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ جَبَرَ ؛ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كُلَّمَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً اتسعوا فِي جَوَابِهَا . وَقَالَ : يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمُحْدَثَةٍ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَدَّ شَيْئًا مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ إمَامٌ تَقَدَّمَ . قَالَ المروذي : فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ قَدِمَ أَحْمَد بْنُ عَلِيٍّ مِنْ عكبرا وَمَعَهُ نُسْخَةٌ وَكِتَابٌ مِنْ أَهْلِ عكبرا فَأَدْخَلْت أَحْمَد بْنَ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ؛ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْكِتَابُ ادْفَعْهُ إلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى يَقْطَعَهُ وَأَنَا أَقُومُ عَلَى مِنْبَرِ عكبرا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ؛ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِي : يَنْبَغِي أَنْ تَقْبَلُوا مِنْهُ وَارْجِعُوا إلَيْهِ . قَالَ المروزي : سَمِعْت بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ يَقُولُ : سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ : أَنْكَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ جَبَرَ وَقَالَ : اللَّهُ تَعَالَى جَبَلَ الْعِبَادَ . قَالَ المروذي : أَظُنُّهُ أَرَادَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ . قُلْت هَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يُرَاعُونَ لَفْظَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فِيمَا يُثْبِتُونَهُ وَيَنْفُونَهُ عَنْ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَلَا يَأْتُونَ بِلَفْظِ مُحْدَثٍ مُبْتَدَعٍ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ كُلُّ مَعْنًى صَحِيحٍ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْأَلْفَاظُ الْمُبْتَدَعَةُ لَيْسَ لَهَا ضَابِطٌ بَلْ كُلُّ قَوْمٍ يُرِيدُونَ بِهَا مَعْنًى غَيْرَ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ أُولَئِكَ كَلَفْظِ الْجِسْمِ وَالْجِهَةِ وَالْحَيِّزِ وَالْجَبْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ بِخِلَافِ أَلْفَاظِ الرَّسُولِ فَإِنَّ مُرَادَهُ بِهَا يُعْلَمُ كَمَا يُعْلَمُ مُرَادُهُ بِسَائِرِ أَلْفَاظِهِ وَلَوْ يَعْلَمُ الرَّجُلُ مُرَادَهُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِمَا قَالَهُ مُجْمَلًا . وَلَوْ قُدِّرَ مَعْنًى صَحِيحٌ - وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ - لَمْ يَحُلَّ لِأَحَدِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ بِهِ وَاجِبٌ . وَالْأَقْوَالُ الْمُبْتَدَعَةُ تَضَمَّنَتْ تَكْذِيبَ كَثِيرٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَ مُرَادَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُرَادَ أَصْحَابِ تِلْكَ الْأَقْوَالِ الْمُبْتَدَعَةِ . وَلَمَّا انْتَشَرَ الْكَلَامُ الْمُحْدَثُ وَدَخَلَ فِيهِ مَا يُنَاقِضُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَصَارُوا يُعَارِضُونَ بِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ ؛ صَارَ بَيَانُ مُرَادِهِمْ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَمَا احْتَجُّوا بِهِ لِذَلِكَ مِنْ لُغَةٍ وَعَقْلٍ يُبَيِّنُ لِلْمُؤْمِنِ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَقَعَ فِي الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالِ أَوْ يَخْلُصَ مِنْهَا - إنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ - وَيَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ مَا يُعَارِضُ إيمَانَهُ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ)).

    وقال ابن الوزير في كتابه (( إيثار الحق على الخلق )) : فاعلم أن ابتداع المبتدعين من أهل الإسلام راجع إلى هذين الأمرين الباطلين , وهما الزيادة في الدين والنقص منه , ثم يلحق بهما التصرف فيه بالعبارات المبتدعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بأمر ثالث , لأنه من الزيادة في الدين , لكنه يفرد بالكلام وحده لطول القول فيه , وعظم المفسدة المتولدة عنه ( ) .
    ثم قال : الأمر الثالث : التصرف في عبارات الكتاب والسنة والرواية بظن الترادف في الألفاظ , واعتقاد الترادف من غير يقين , وقد تفاحش الأمر في ذلك , ونص القرآن على النهي عن التفرق , فوجب تحريم ما أدى إليه , والاختلاف في معاني كتاب الله تعالى , ورواية ما قال الله ورسوله بالمعنى قد أدى إلى الحرام المنصوص , ولم يكن من الإنصاف أن نقول : الحق متعين منحصر في عبارات بعض فرق الإسلام دون بعض غير ما ثبت في إجماع الأمة والعترة ,, فوجب أن يعدل إلى أمر عدلٍ بين الجميع فتترك كل عبارة مبتدعةٍ من عبارات فرق الإسلام كلها)).

    فما سماه المتكلمون اصطلاحات ومصطلحات , هي ألفاظ محدثة , وألسنة محدثة مخالفة للسان العرب الذي نزل القرآن به , وتلك الألسنة والألفاظ المحدثة منها ما أحدثته العامة من الناس , ومنها ما أحدثه المتكلمون والصوفية والفقهاء والمحدثون والنحاة والأطباء وغيرهم , وليس الكلام في الدين كالكلام في النحو والطب وغيره , وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة , وكان السلف ينكرون كل لفظةٍ محدثةٍ في الدين , ليست في كتاب الله , ولا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا تكلم بها أحد يؤخذ عنه العلم قبلهم , وكان المعتزلة والصوفية وغيرهم من المبتدعة هم أول من أحدث تلك الألفاظ في الدين , وأكثر المتكلمون منهم من تلك الألفاظ في المائة الرابعة وبعدها , وسموها اصطلاحات , وزعموا أن لا مشاحة فيها , واتبعهم على ذلك الأشعرية , وطوائف من المتفقهين , وشاعت تلك الكلمة على ألسنتهم , وأحدثوا ألفاظاً كثيرة يتكلمون بها في الدين , ليست في كتاب الله , ولا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكلم بها احد قبلهم , ونقلوا كثيراً من ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه , وأنكر ابن تيمية وابن القيم كثيراً من تلك الألفاظ المحدثة , ولكنهم تكلموا بكثير منها , وأحدثوا هم ألفاظاً مثلها يجيبون بها المتكلمون , فكان لسانهم يشبه ألسنة المتكلمين في زمانهم ودعا ابن الوزير الصنعاني إلى هجر كل عبارة مبتدعة في الدين من عبارات فرق الإسلام كلها , ولكنه تكلم بتلك العبارات والألفاظ , واعتذر بقوله إنه لم يمنع منها مطلقاً , فحل بذلك ما أبرم , ونقض ما غزل , وأفسد صواب رأيه بضعف عزيمته , فشاعت تلك الألفاظ المحدثة وكثرت في المتأخرين , وصارت ألسنة الفقهاء والمتفقهين على غير ما كانت عليه في كلام الله ورسوله فخفي على أكثر المتفقهين ما كانت تدل عليه تلك الألفاظ في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والتبس عليهم الحق بالباطل , والسنة بالبدعة , وضلوا عن لسان العرب الذي نزل القرآن به , وأكثر اختلاف الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من اختلاف الألسنة ونقل ألفاظ العرب على غير ما كانت تدل عليه , وحفظ لسان العرب الذي نزل القرآن به , والتفريق بينه وبين تلك الألسنة المحدثة هو حفظ الدين كله .

    الخلاصة:

    كل من سمى شيئاً من الدين غير ما سماه الله تعالى ورسوله به-ولو كان المعنى واحداً مترادفاً فمجرد الإحداث بدعة- , أو نقل لفظه من كلام الله ورسوله إلى غير ما تدل عليه،أو اخترع لفظاً فجعل الإيمان به واجب والعدول عنه بدعة، فهو يضل عن الحق , ويلبسه بالباطل , و لا حرج على الناس أن يحدثوا ألفاظاً يتكلمون بها في أمر دنياهم ,أو اصطلاحات علومهم ما لم يغيروا بذلك شيئاً من أمر دينهم،أو يضعوا اللفظ المصطلح عليه في العلم محل اللفظ الشرعي أو يحملوا اللفظ الشرعي على معنى اللفظ الذي اصطلحوا عليه في علومهم، وكذلك ما يدور في مجالس المناظرة ومجاري الردود من استعمال تلك الألفاظ البدعية لبيان ما فيها من باطل وكشف ما قد تتضمنه من الحق الذي لا يجوز التعبير عنه إلا باللفظ الشرعي=جائز لا بأس به مالم يتعدى إلى غيره،وإن كان المشاهد أن استعمال تلك الألفاظ يقود إلى غلبتها على الألسنة وقل من يسلم من هذا..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    الحمد لله وحده..
    بارك الله فيك يا أبا فهر، ولكن قد أبعدت النجعة كثيرا في هذه وأغربت وجئت كلاما عجبا!
    أرجو أن يتسع صدرك لتعقيبي هذا يا شيخي الكريم فلكم عندي ما لكم من المنزلة والله يعلم، ولكن الحق أحق بأن يتبع..

    الذي يتأمل فيما كتبت يا شيخنا الفاضل يستشعر أنك ترى أن كل مصطلح وضعه أهل العلم في فنون علوم الدين بمختلفها، لم يكن نظيره في كلام الصاحبة رضي الله عنهم انما هو بدعة!! وأنا أتهم فهمي في هذه والله فظني أنكم لا يمكن أن تقصدوا هذا المعنى أبدا، ولكن من أي جهة حاولت الدخول الى كلامكم هذا لم أملك الا أن أنجرف الى هذا الفهم! أسأل الله أن يرفع عني حجب الفهم التي تضربها المعاصي على القلوب!
    نعم أوافقكم قطعا على أن الاصطلاح يجب ألا ينحرف عما جاء في الوحي من الألفاظ والمعاني لكيلا يورث ذلك عدولا عن مراد الله ورسوله مما به جاء الوحي من الألفاظ! ولا يخالفك في ذلك من عنده ذرة من علم! ولكن يا شيخنا هذا لا شأن له باحداث اصطلاح مثل "الحديث الحسن" - مثلا - عند أهل الحديث، أو "تداخل العبادات" أو "أفعال المكلفين" أو "مناط التكليف" أو نحو ذلك عند أهل الأصول، أو اصطلاح "الكراهة" و"كراهة التحريم" و"كراهة التنزيه" عند الفقهاء المتقدمين والفرق بينها وبين مصطلحات المتأخرين في ذات الباب، وهكذا!
    هذه المصطلحات جميعا لم ترد في كلام النبي ولا في كلام الصحابة رضي الله عنهم فيما ورد الينا، فلو أن بعض المتأخرين خالفوا فيها مع فهمهم لمراد المتقدمين منها، فتغيرت تلك المصطلحات، كما هو معلوم مثلا في اختلاف اصطلاح المتقدمين من المحديثن في الحديث الحسن الصحيح مثلا عن اصطلاح المتأخرين في ذات الأمر، هل يكون على هؤلاء من مشاحة في ذلك؟؟ لا يكون الا ان هم هضموا أو أهدروا أو ضيعوا فهم مصطلحات المتقدمين على نحو ما وضعت له وما أرادوه منها! والا فلا مشاحة، ما دام كل منهم يفهم مراد نظيره، ولا يزاحمهم في تلك المصطلحات من هم دخلاء وأجانب على فنهم هذا!
    ولا يزال أهل العلم في القديم والحديث يميزون بين المعنى اللغوي للكلمة ومعناها الاصطلاحي - بل ان شئت فقل معانيها الاصطلاحية التي تحتلف من فن الى فن، كما في كلمة "سنة" مثلا! - فيحسنون تعريف وبيان كل معن بحسبه! فهل يلزم من تعدد المعاني والاصطلاحات عند أهل الفنون المختلفة للكلمة الواحدة، أنهم قد ضيعوا فهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم من كلامه كلما جاءت فيه تلك الكلمة؟؟؟
    كلامكم هذا عجيب والله!! (ولا زلت أتهم فهمي وأرجو منكم مزيد بيان)
    أما من نقلت عنهم الكلام من أهل العلم في فهمهم لخلو الاصطلاح الفني من المشاحة فيما بين أصحابه، فغالبه في أمثال تلك المصطلحات التي وضعها أهل الفنون المختلفة لضبط تنظيرهم وتقعيدهم للعلم وهو من باب المصلحة المرسلة كما لا يخفاكم! فما دامت تلك المصطلحات فيما بينهم معلومة القصد والمعنى من المتكلم بها، فلا اشكال ولا مشاحة! فما دخل ذلك بزعمكم أنهم يغيرون بذلك المراد من ألفاظ الوحي؟؟ أما كون بعض المصطلحات التي وضعها المعتزلة والأشاعرة لها معان منكرة فاسدة فهذا أمر آخر، وكون بعض قواعد الأصول فيه ما فيه من الأخذ والرد فهذه قضية خارجة عن قولكم أن مجرد احداث الاصطلاح وعدم المشاحة فيه مما يؤدي الى "العدول عن اللسان الأول"!!
    أرجو أن تعاودوا مراجعة هذا الكلام بروية يا شيخ وتتأملوا في لوازمه التي تنبني عليه، وتوضحوا لنا تلك الاشكالات فيه، حتى لا يكون كلامكم هو في ذاته جناية على العلم والمنهج من حيث تحسبون أنكم تدفعون الجناية عنه! فبجرة قلم واحدة بدعتم أكثر أهل العلم المتقدمين والمتأخرين، لمجرد أن معاني اصطلاحاتهم قد تخالف ما كان عليه لسان العرب في زمان الوحي، فجئتم بما لم يسبقكم اليه أحد من العلماء، والله المستعان! أرجو أن أكون قد أخطأت الفهم، وأنتظر جوابكم..
    بارك الله فيكم وجزاكم عنا خيرا، ووفقني واياكم لما يحب ويرضى.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن وهب مشاهدة المشاركة
    أستاذنا الفاضل
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن وهب مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم ونفع بكم
    هو موجود في كلام السلف بذات المعنى قبل أن يولد الجويني والغزالي
    بوب ابن أبي شيبة ت 235
    من قال الوتر سنة
    ثم بوب
    من قال الوتر واجب

    وأرود عبد الرزاق
    عن معمر عن الزهري قال زكاة الفطر سنة هي على أهل البوادي
    ويقصد بقوله سنة الاستحباب
    بدليل
    (عن معمر عن الزهري قال كان يستحب لأهل البادية أن يخرجوا يوم العيد فيؤمهم أحدهم ويخرجون زكاة الفطر )
    انتهى
    الزهري ت 125


    شيخنا الفاضل هذا النقل الذي تفضلتم بذكره = خارج عن محل نزاعنا ، ويُمكن للعبد الفقير أن يُكحل عينَك بما هو أحسن منه وأصرح دلالة على ما تريد، غير أن كل تلك النقولات لا علاقة لها بمحل نزاعنا، وأصل الخلط أننا قد ذكرنا أجناساً من العدول عن اللسان الأول، وهي أجناس متباينة مختلفة تحتاج إلى تقسيم يفصل صورها،وقد مثلتُ بأمثلة كلها عندي من صور العدول إلا أني سقتها مساقاً واحداً من غير تبيين جهة العدول فيها..ولقصور عبارتي عند الكلام عن لفظ السنة وعدم تبيين الفرق بين نوعي التغير الدلالي =أثر في هذا ؛ولعل مشاركتكم فرصة لبيان بعض هذا..
    وأبدأ أولاً بإمتاع أعينكم بما هو أحسن وأصرح من نقلكم عن الزهري،ثم أعطف ببيان خروج جميع ذلك عن محل النزاع...
    1- عن عاصم عن علي قال الوتر ليس بحتم ولكنه سنة أسنها رسول الله
    2- عبد الرزاق عن معمر قال ما رأيت الجمعة الا أوجب عندهم من الفطر يقولون هذه فريضة وهذه سنة
    3- حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم قال العمرة سنة وليست بفريضة
    الآن شيخنا..
    أنا لا أُنازع أن لفظة السنة كانت تُستعمل في اللسان الأول ويُراد بها دلالتان:
    الأولى: الدين والشريعة وهدي النبي المنقول عنه فرضه ومستحبه.
    الثانية: دلالة أخص من الأولى وهي استعمال لفظ السنة للدلالة على المستحب الذي هو دون الواجب الحتم.
    يقول شيخ الإسلام: ((وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ يَأْتِي بِمَا قَدْ يُقَالُ لَهُ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ لَكِنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ . وَمَعَ هَذَا قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ : مَا صَلَّيْت فَنَفَى عَنْهُ الصَّلَاةَ ثُمَّ قَالَ : لَوْ مُتّ مُتّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ } وَكِلَاهُمَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا : الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ فِعْلَ الْمُسْتَحَبَّا تِ ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ هَذَا الذَّمَّ وَالتَّهْدِيدَ . فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَمُوتُ عَلَى كُلِّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُسْتَحَبَّا تِ . وَلِأَنَّ لَفْظَ " الْفِطْرَةِ وَالسُّنَّةِ " فِي كَلَامِهِمْ : هُوَ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ . وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ لَفْظَ " السُّنَّةِ " يُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ بِفَرْضِ إذْ قَدْ يُرَادُ بِهَا ذَلِكَ . كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَ رَمَضَانَ وَسَنَنْت لَكُمْ قِيَامَهُ } فَهِيَ تَتَنَاوَلُ مَا سَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ أَعْظَمَ مِمَّا سَنَّهُ مِنْ التَّطَوُّعَاتِ . كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " إنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى . وَإِنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَإِنَّكُمْ لَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ . وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ . وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ " وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ })).
    أمثلة على استعمال لفظ السنة في الدلالة الأولى:
    1- عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَيَمَّمَا وَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا مَاءً فِى الْوَقْتِ فَتَوَضَّأَ أَحَدُهُمَا وَعَادَ لِصَلاَتِهِ مَا كَانَ فِى الْوَقْتِ وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ فَسَأَلاَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِلَّذِى لَمْ يُعِدْ « أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلاَتُكَ ». وَقَالَ لِلآخَرِ « أَمَّا أَنْتَ فَلَكَ مِثْلُ سَهْمِ جَمْعٍ
    2- سألت جابرا عن المسح على الخفين فقال سنة
    3- عبد الله عن بن عمرو قال إن من سنة الصلاة أن يفرش اليسرى وأن ينصب اليمنى
    4- حدثنا أبو أسامة عن يحيى بن ميسرة قال سألت عمرو بن مرة عن غسل يوم الجمعة سنة فقال كان المسلمون يغتسلون فأعدت عليه فلم يزدني علي أن قال كان المسلمون يغتسلون فعرفت أنه شيء استحبه المسلمون وليس بسنة


    5- عن القاسم عن ابن الزبير قال من سنة الحج إذا فرغ من خطبته نزل فصلى الظهر والعصر جميعا ثم يقف بعرفة

    6- أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال قال عبدالكريم سنة الاضحى سنة الفطر الا الذبح قال وسواء في الخروج والخطبة والتكبير إلا الذبح
    7- سعيد عن بن المسيب قال سنة الاستسقاء كسنة الفطر والأضحى في التكبير.



    8- عبد الرزاق عن أبي بكر بن أبي سبرة عن عمرو بن سليم عن بن المسيب ونضرة قالوا الغسل في يوم العيدين سنة قال وقال ابن المسيب كغسل الجنابة.
    9- قال عطاء سنة الجراد مثل سنة الحيتان في أكل ميتته.
    ولو ذهبنا نتتبع أمثلة هذه الدلالة في كلام أهل اللسان الأول = لأعيانا الحصر فهذه هي الدلالة الشائعة الغالبة ،بل لا يوجد في كلام الله ورسوله السنة إلا بهذه الدلالة (الحديث الذي ذكره شيخ الإسلام ضعيف غير صريح).
    نعم الدلالة الثانية ثابتة عن أهل اللسان الأول دون النبي صلى الله عليه وسلم= لكن المراد ندرة هذه الدلالة الثانية وقلة استعمالها (استمسك بهذا فسنحتاجه بعدُ).
    فائدة: من شواهد ندرة الدلالة الثانية اشتباهها على ابن عمر في هذا الأثر:
    قال رجل لابن عمر أرايت الوتر سنة هو؟
    قال فقال: ما سنة؟ أوتر رسول الله وأوتر المسلمون..
    قال: لا أسنة هو ؟
    قال: مه أتغفل أوتر رسول الله وأوتر المسلمون..
    فالسنة في كلام الرجل هي على الدلالة الثانية،ولم يذهب ذهن ابن عمر سوى للدلالة الثانية مما يدلك على شيوعها وغلبتها على أهل اللسان، وإن كان غلبتها في استقراء كلامهم تغني عن هذا الدليل وإنما ذكرناه لطرافته.
    فالخلاصة: أن اللفظة استعملها أهل اللسان الأول في الدلالتين وهي في الدلالة الأولى أكثر بكثير.
    الآن أين موضع الجناية (؟؟)
    الجناية عندنا يا شيخنا هي إدخال أي تغيير دلالي على لفظة من الألفاظ الشرعية ،وهذا التغيير نسميه: عدول عن اللسان الأول.ونحن نزعم أن هذا العدول عن اللسان الأول يشبه العدول عن الهدي الأول وله آثار خطيرة جداً على سلامة فهم المتفقه للوحيين.
    طيب..
    أين هو التغير الدلالي هنا(؟؟)
    التغير الدلالي في مباحثنا تلك له صورتان:
    الصورة الأولى: نقل اللفظ الشرعي واستعماله من قِبَل الطبقة المتأخرة = في دلالة جديدة غير معروفة لأهل اللسان الأول أصلاً ..ومثاله: استعمال لفظ: استوى في دلالة: استولى.
    الصورة الثانية: تضييق دلالة اللفظ الشرعي،وهو أن يكون أهل اللسان الأول قد استعملوا اللفظ الشرعي في دلالتين :
    الأولى: شائعة غالبة هي مقصود المتكلم في جل موارد هذا اللفظ.
    الثانية: نادرة قليلة لا تكاد توجد في موارد هذا اللفظ إلا بنسبة لا تُقارن بالدلالة الأولى..
    فيأتي أهل الطبقة المتأخرة فيعكسون الأمر ويُضيقون دلالة اللفظ ويُكثرون من استعماله في الدلالة النادرة غير الشائعة ، وربما اصطلحوا وصكوا تعاريف اللفظ جميعها بحيث توافق الدلالة النادرة ولا تذكر-إن ذُكرت- الدلالة الشائعة إلا على سبيل تكميل البحث.
    في هذه الصورة الثانية ، لم يحدث نقل للفظ ، وإنما الذي حدث هو (تطبيع) استعمال اللفظ في هذا المعنى النادر الذي لا يكاد يوجد في اللسان الأول،فيقع التلبيس على كل من يقصد إلى فهم كلام الله ورسوله،إذ لا يكاد يعقل من هذا اللفظ إلا الدلالة الشائعة عنده الآن،فيُفسر بها اللفظ في موارد مجيئه في كلام الله ورسوله،والحال أن هذه الدلالة الشائعة عنده هي أصلاً نادرة في كلام الله ورسوله وأهل اللسان الأول لا يستعملون فيها اللفظ إلا قليلاً..ومن تأمل هذه الصورة وجدها تقرب في جنايتها وآثارها الخطيرة من النقل التام لدلالة اللفظ.
    الآن نُطبق هذا على لفظ : ((السنة)): هذا اللفظ لم يُستعمل في كلام الله ورسوله أصلاً إلا على وفق الدلالة الأولى.
    وموارده في كلام الصحابة والتابعين غالبها في الدلالة الأولى،وورودها في كلامهم على وفق الدلالة الثانية لا يكاد يبلغ شيئاً إذا قيس باستعماله في الدلالة الأولى.
    ومع ذلك فالذي شاع بعدُ هو استعمال لفظ السنة في الدلالة الثانية وغلبة هذا الاستعمال خاصة في كلام الفقهاء .وحتى صك بعض الفقهاء تعريف السنة فقال: تعني ما يثاب المكلف على فعله ولا يؤاخذ على تركه.
    هكذا من غير تعريج على دلالة غيرها، ولفظ السنن للدلالة على مستحبات العبادات ومندوباتها هو الشائع الغالب على كتب الفقهاء.
    الآن ما جناية هذا ؟؟
    الجواب: لا تعد ولا تحصى ، فأصحاب المصنفات وكتب السنن يأتون على مثل هذا الأثر:
    عن ابن مسعود: (( قال الغسل يوم الجمعة سنة)).
    فيضعونه في مقابل باب: من قال بوجوب الغسل.
    فانظر كيف فُسر لفظ السنة في كلام ابن مسعود على وفق الدلالة النادرة في كلامه وكلام أهل طبقته ؛ لمجرد أنها صارت شائعة في طبقة أصحاب السنن والمصنفات.
    وأنا هنا لا أمنع أن يكون ابن مسعود أراد الدلالة الثانية، ولكني أطلب ما يعينني على أي الدلالتين أراد،وإنما أنبه كيف صارت الدلالة الثانية هي المتبادرة ، رغم كون الحمل عليها أحوج للقرائن من حاجة الدلالة الأولى بكثير..ورغم كون احتمالات إرادته للدلالة الأولى أكثر بكثير.
    وشيخنا ابن وهب عانى قريباً جداً من أثر هذه الجناية .
    نحن لما نتكلم في تفسير كلام الله ورسوله نقول: أن من أكبر أسباب الخلل = تفسير ألفاظ الوحيين وفقاً للشائع المتبادر لأذهان من استعجم لسانه عن اللسان الأول.
    لكنا لا نكتفي بتوصيف الخطأ حتى ننص على سبل الوقاية منه،ورأسها: تقليل دائرة الاستعجام بألا نستعمل فيما بيننا وفي كتبنا وحديثنا = ألفاظ الوحيين إلا وفق النسق الدلالي الذي كانت عليه زمن الوحيين.. زمن اللسان الأول.
    فلا ننقل الألفاظ الشرعية.. ولا نرتكب قرين النقل وهو استعمال اللفظ استعمالاً شائعاً في دلالة كانت هي النادرة في زمانهم.
    أمثلة للتأمل: على الصورة الثانية للتغير الدلالي (تضييق المعنى)...
    1- الكلام.
    2- المكروه.
    تنبيه: هذا هو تفصيل الكلام في القسم الأول من أقسام العدول عن اللسان الأول؛وهو العدول عنه بتغيير الدلالات،أما القسم الثاني وهو العدول عن اللسان الأول بتغيير الألفاظ = فلعلي أفرد لتوضيحه مشاركة أخرى..

    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    بارك الله فيك أبا فهر
    أرأيت لو قيل لك أخي الكريم : لنا في هذه المسألة التي أنكرت سنة متبعة، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع جم فهمه وعلو قدره، لم يشاحح نصارى تغلب، لما أبت نخوتهم العربية لفظة "الجزية"وقال لهم "سمّوها ما شئتم" مع أن هذه اللفظة وردت في التنزيل وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

    إني أنتظر جوابك- أخي الفاضل- لأستفيد، والله الموفق.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    أنتظر لفظ الأثر لأنظر فيه وأفيد..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    بارك الله فيك،
    ذكر هذه القصة أبو يوسف في" الخراج" و الشافعي في "الأم" وأبو عبيد في "كتاب الأموال" و ابن أبي شيبة في" المصنف" و الفقهاء يذكرونها عند كلامهم على الجزية التي تجب على نصارى بني تغلب وأنها مضاعفة وفقاً لما تصالحوا عليه مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

    قال أبو عبيد : " ثنا أبو معاوية ثنا أبو إسحاق الشيباني عن السفاح عن داود بن كردوس قال : صالحت عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن بني تغلب - بعدما قطعوا الفرات وأرادوا أن يلحقوا بالروم - على ألا يصبغوا صبيا ، ولا يكرهوا على دين غير دينهم وعلى أن عليهم العشر مضاعفا من كل عشرين درهما درهم ."

    وحدثني سعيد بن سليمان عن هشيم قال : ثنا مغيرة عن السفاح بن المثنى عن زرعة بن النعمان - أو النعمان بن زرعة - أنه سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكلمه في نصارى بني تغلب ، وكان عمر رضي الله عنه قد هم أن يأخذ منهم الجزية فتفرقوا في البلاد ، فقال النعمان لعمر : يا أمير المؤمنين إن بني تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية ، وليست لهم أموال إنما هم أصحاب حروث ومواش ، ولهم نكاية في العدو فلا تعن عدوك عليك بهم ، فصالحهم عمر رضي الله عنه على أن أضعف عليهم الصدقة واشترط عليهم ألا ينصروا أولادهم "


    أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس أنبأ الربيع قال قال الشافعي عقيب هذا الحديث :
    " وهكذا حفظ أهل المغازي وساقوه أحسن من هذا السياق فقالوا رامهم على الجزية فقالوا نحن عرب ولا نؤدي ما تؤدي العجم ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضي الله تعالى عنه لا هذا فرض على المسلمين فقالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل فتراضى هو وهم على أن ضعف عليهم الصدقة"

    قال في الفتح : بنو تغلب عرب نصارى همّ عمر رضي الله عنه أن يضرب عليهم الجزية فأبوا قالوا نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم ولكن خذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة ، فقال عمر : لا هذه فرض المسلمين ، فقالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل وتراضى هو وهم أن يضعف عليهم الصدقة . وفي بعض طرقه :" هي جزية سموها ما شئتم "ا هـ

    وقد ضعف ابن حزم في المحلى هذه الرواية و أشار السيد المحقق أحمد شاكر رحمه الله إلى حسنها لتعدد طرقها، والله أعلم.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    وردت في مداخلتي الثانية عبارة : "قال في الفتح" مما يوهم أن المراد "فتح الباري" لابن حجروليس كذلك وإنما هو "فتح القدير" لابن الهمام الحنفي رحم الله مشايخ المسلمين،فأرجو الانتباه لذلك وشكراً.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •