تلك سعادة العمر
سامي بن محمد البكر

يا لها من حياة.. تلك التي عشتها باحثة عن السعاة والحياة.. أهيمُ في الأحلام والأوهام.. أطلق الآهات.. أنغمس في الملذات.. أنطلق في الفَلَوات.. فما ألقى سوى الحسرات والزفرات في سيل من العبرات حتى أشرقت شمس السعادة فوق رأسي.. فارتعش إحساسي.. وعاد صوابي.. وانتعش قلبي.. وتبددت الخيالات.. ولا زالت السكرات..
مدت إليّ يدها الحنون.. وضمتني إليها كالأم الرؤوم.. فحلقت بي فوق سماء الإيمان.. وبين حدائق القرآن.. حتى غمرت الوجدان.. وعمرت ما تهدم فيه من بنيان.. فهل كنتِ باحثة عن السعادة مثلي؟؟ إليك تجربتي وهمسي.

أكابـــد في الهوى نفســــي *** وأحـــرق بالــمنى عُمــري
وآهـــاتي علـــى الأحشــا *** ء كالأمــــواج في البحـــر
أطــير لآخــــر الصيحــات *** في الأزيــــاء والعطـــر
وهـــالات مـــن الأوهــام *** والقصــــات للشعــــر
ولم يسلـــم مــن الأهـــوال *** حتى الســـــن والظفــر
أتيـــهُ بظلمـــة الأســـواق *** بـــين العســر واليســر
بنصــــف عبـــاءة تُلقـى *** على الأكتــــاف والظهــر
أميـــلُ بكعــــبي العــالي *** ألاقـــي الشـــر بالشــر
أغَيَّـــرُ هاتفــــي الـجوال *** بــين الظهـــر والعصـر
أهيــــمُ بهـــذه الدنيــا *** وأمضــي الليــل في الفكـر
وأحلامـــــي تُقلبُــــني *** وتلقيـــني إلى الغــــدر
فأخلـــو فـي ظــلام الليــ *** ل بالعصيـــان والنكـــر
وألــهث خلــف أهــل الفن *** أجّلــو وحشـــة الصـدر
فما لاقيـــتُ غـــير الــهمَّ *** والأحــــزان والذعــــر
متـــاهات أهيـــمُ بهـــا *** فمـا أدري متى حَشــري
شربتُ مرارةَ الأيــــــــام ***ِ والأعــــوام والدهـــر
فأيــن سعــــادة الدنيــا؟ *** وأين سعــــادة العمـــر؟
وأيـن سفينــتي تمضي؟ *** وأيـن أســير لا أدري؟
وضعت يـدي على رأسي *** وصحـت ومقلتي تجري
أيــا ربـــّاه يـــا ربـاه *** خلصـني من الأسـر
فيـا أختـــاه يــا أختاه *** لـو تدرين ما أمـري
فقـــد عانيت يا أختــــاه *** ألوانــاً مـــن الجمــر
فلـذْتُ بربــي الرحمــ *** ن في الأسحار والفجـر
تقاطر من ذرى الأحـدا *** ق رقـراق مـن الـدر
غَسلتُ فـؤادي الـمجرو *** حَ بالقــرآن والذكــر
فذقــتُ حلاوةَ الإيمـا *** ن كالحَلْوَاء ِفي الثغــر
حيائـي زادَ من عقلـي *** وسِتري زاد مـن قـدري
تركـتُ عبـاءةَ الإفرنــ *** جِ أهلِ الكفـرِ والعهر
خيـالي بــات يَحملنـي *** إلى العلياءِ والطهـــْر
تنَفًَّــسَ قلـبي الصّعــدَا *** ء حتى عـادَ كالبـدر
فعــادتْ زهـــرةُ الأيـا *** م تلــك سعـــادةُ العمـر
لحِقْــتُ بـــدارةِ القـرآ *** ن بــين المجد والستــر

حدائـــق تمــلأ الآفــا *** ق بالياقــوت الزهـــر
فتــلك نهايـــة الأحـزا *** ن والأغـلال والأسـر