صدر حديثًا "الإجزاء عند الأصوليين مفهومه وأحكامه "دراسة أصولية تطبيقية""، تأليف: أ.د. "محمود عبد الرحمن عبد المنعم"، رئيس قسم أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، نشر "دار اليسر للنشر والتوزيع".
يتناول هذا الكتاب مسألة من المسائل الأصولية وهو مفهوم الإجزاء عند الأصوليين وأحكامه.
ويقصد الكاتب بالإجزاء: وصف لفعل المكلف، لكن ليس وصفًا لمطلق فعل المكلف إنما لأفعال معينة.
فهو معنى من المعاني الأصولية له صلة بالحكم الشرعي الوضعي، وعلاقاته بالصحة وثيقة بيد أنه يختلف عن الصحة من أوجه، وله مسائله الخاصة، وله صلة كذلك بالأسباب، والشروط، والموانع، فـ" الإجزاء " جزء من علم الأصول، ومن الحكم الشرعي الوضعي، وداخل في الصحة، ولكن اختص الإجزاء ببعض المسائل، فالفعل يحكم عليه أنه مجزئ إذا أدي مستوفيًا شروطه مع انتفاء الموانع.
وله صلة كذلك بالأوامر، والنواهي، وبالنصوص الشرعية، فالعقل لا يستقل بإدراك الإجزاء، إنما يدركه من النصوص، مع مراعاة دلالات الألفاظ، وكذا يدركه مما قام الدليل على اعتباره سبيلًا من سبل إدراكه.
وكذا له علاقة، ونسبة باصطلاحات أصولية عديدة، كالقبول، والانعقاد، والنفوذ، والاعتداد، والجواز، فكان من المهم النظر، والبحث؛ لتحديد مفاهيم هذه المصطلحات، وبيان نسبتها من " الإجزاء " حتى يعطي كل معنى مفهومه، فكان هذا البحث تجلية معناه، وعلاقته بما يشبهه من المعاني، ومحاولة الوصول إلى القواعد، والضوابط اللازمة؛ لفك إشكالات عدة في هذه المسألة عند التطبيق.
وقد قام الباحث بالتطبيق في مسائل الإجزاء على طائفة من النصوص الشرعية للتدريب والتعليم.
وقد انقسم البحث إلى مقدمة بين فيها الكاتب أهمية بحث "الإجزاء" وموقعه في علم أصول الفقه، وخطة البحث التي سار عليها، ثم تلاها خمسة مباحث رئيسة:
المبحث الأول: الحكم، وأقسامه، وموقع الإجزاء فيها، وهو يشتمل على أربعة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الحكم، وبيان أقسامه.
المطلب الثاني: تعريف الحكم الشرعي، وبيان أقسامه.
المطلب الثالث: أقسام متعلقات الحكم التكليفي.
المطلب الرابع: أقسام متعلقات الحكم الوضعي.
المبحث الثاني: مفهوم "الإجزاء" والفرق بينه وبين ما يشبهه، وهو ينقسم إلى مطلبين:
المطلب الأول: مفهوم الإجزاء.
بدأ الكاتب بالتعريف اللغوي للإجزاء، وبين معناه عند أهل اللغة، واختلافهم في تليين همزته الأخيرة، مع تحرير أقولهم، وما يترتب على كل رأي، والراجح في ذلك ثم ثنى بالتعريف الاصطلاحي للإجزاء، تناول فيه تعريفات الإجزاء، مع نسبة كل قول إلى قائليه، وبيان وجهة كل، والراجح - مع بيان الأثر المترتب على كل قول - وبين هل يجوز تفسير الإجزاء بالأداء كما عند البيضاوي، أو لا كما وضحه الرازي وغيره، ووجهة كل طرف.
المطلب الثاني: الفرق بين الإجزاء، وبين ما يشبهه من معان.
وهذا المطلب ينقسم إلى ستة فروع:
الفرع الأول: الفرق بين "الإجزاء" و"الصحة".
الفرع الثاني: الفرق بين "الإجزاء" و"القبول".
الفرع الثالث: الفرق بين "الإجزاء" و"النفوذ".
الفرع الرابع: الفرق بين "الإجزاء" و"الجواز" في العقود.
الفرع الخامس: الفرق بين "الإجزاء" و"الاعتداد".
الفرع السادس: الفرق بين "الإجزاء" و"الانعقاد".
المبحث الثالث: الأحكام المتعلقة بالإجزاء، وينقسم إلى أربعة مطالب:
المطلب الأول: دلالة الإتيان بالمأمور به على الإجزاء.
المطلب الثاني: صحة وقوع المسبب دون السبب المتوقف على شرط الإجزاء.
المطلب الثالث: وصف العبادة مطلقًا بالإجزاء.
المطلب الرابع: اقتضاء الحكم بالفساد عدم الإجزاء.
وبين الكاتب أقوال العلماء في كل مسألة، منبهًا على القائلين به ذاكرًا أدلة كل قول.
المبحث الرابع: سبل معرفة الإجزاء، وعدمه.
وقد حصل بالبحث على سبعة سبل:
السبيل الأول: النص الوارد من القرآن أو السنة.
السبيل الثاني: ورود النهي أو الإنكار على الفعل المشعر بعدم الإجزاء.
السبيل الثالث: الإجماع.
السبيل الرابع: الاستنباط من النصوص التي ليس فيها تصريح، ولا ما في قوة التصريح بالإجزاء أو عدمه.
السبيل الخامس: القياس.
السبيل السادس: المفهوم المخالف.
السبيل السابع: استصحاب العدم الأصلي.
المبحث الخامس: تطبيقات على قواعد الإجزاء، وما يلحق به من معان.
وقد قام الباحث بالتطبيق على أربعة قواعد:
القاعدة الأولى: صفة الإجزاء أعم من صفة الكمال.
القاعدة الثانية: القبول أخص من الصحة.
القاعدة الثالثة: القبول غير الإجزاء، وغير الفعل الصحيح.
القاعدة الرابعة: إجزاء ما ليس بواجب عن الواجب خلاف الأصل.
ثم ختم البحث بخلاصة سجل فيها أهم ما في البحث من نتائج.
ومن نتائج البحث:
أن "الإجزاء" يغاير "الصحة"، إذا بينهما عموم وخصوص مطلق، فكل صحيح مجزئ، ولا عكس، فـ"الإجزاء" مختص بالعبادات مطلقًا على المرجح، وقيل بالواجب منها فقط.
كما أن "القبول" على الراجح أخص من "الصحة"، فإن كل مقبول صحيح، وليس كل صحيح مقبولًا، وما ورد مما نفي فيه القبول، ولم تنتف معه "الصحة" إن قارنت ذلك الفعل معصية، فـ"القبول" هو "الثواب؛ لأن إثم المعصية أحبطه، وإن لم تقارنه معصية، فـ"انتفاء القبول" سببه "انتفاء الشرط" وهو "الطهارة" ونحوها، ويلزم من عدم الشرط عدم المشروط.
كما أن السبب إذا كان متوقفَ التأثير على شرط الإجزاء، فلا يصح أن يقع المسبب بدونه.
والحكم بالبطلان يقتضي عدم الإجزاء.
ويعرف "الإجزاء" وعدمه بالإجماع، وبصريح نصوص الكتاب والسنة، وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتقريره، وبالمفهوم الموافق والمخالف، وبالقياس بأنواعه، وباستصحاب العدم، وبالاستنباط من النصوص التي ليس فيها تصريح، ولا ما في قوة التصريح بالإجزاء أو عدمه.
كما أن إجزاء ما ليس بواجب عن الواجب خلاف الأصل.
وصفة "الإجزاء" أعم من صفة "الكمال".
والإتيان بالمأمور به على الوجه الذي أمر به يكون مجزئًا على أن "الإجزاء" هو "الامتثال" وعلى أنه إسقاط القضاء، فكذلك على الراجح.


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/142464/#ixzz6aZNmYqIl