(8) الجواب على شبهة استدلالهم بأثر روي عن الإمام أحمد بخلع الإمام إذ دعا إلى بدعة وَإِن قدرتم على خلعه فافعلوا.




(8) الجواب على شبهة استدلالهم بأثر روي عن الإمام أحمد بخلع الإمام إذ دعا إلى بدعة وَإِن قدرتم على خلعه فافعلوا.

الرد على الشبهة: وقد نسب بعض الدعاة قولاً عن الإمام أحمد بخلع الإمام إذا دعا إلى بدعة عند القدرة.

حيث روي عن الإمام أحمد([1]):(من دَعَا مِنْهُم إِلَى بِدعَة فَلَا تجيبوه وَلَا كَرَامَة وَإِن قدرتم على خلعه فافعلوا)

وقد فرح بعض الشباب بهذا الأثر لما سمعوه من بعض الدعاة وبعض الشباب كبر فرحاً

وهذا الأثر لا يصح عن الإمام أحمد بن حنبل لأمور

أولاً: نُسب الكلام إلى الإمام أحمد وهو من كلام أبي الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي الذي نسبه إلى الإمام أحمد.

ثانياً: السند منقطع بين أبي الفضل عبد العزيز وبين الإمام أحمد

توفي التميمي سنة 410 هـ وتوفي الإمام أحمد سنة 241

يعني بأكثر من ستين ومائة سنة.

وإليك الإسناد

فقد جاء في كتاب اعتقاد الإمام أحمد للشيخ عبد الواحد التميمي

إملاء الشيخ الإمام أبي الفضل عبدالواحد بن عبدالعزيز بن الحارث التميمي رضي الله عنه

أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو محمد المبارك بن علي بن الحسين بن عبدالله ابن محمد المعروف بابن الطباخ البغدادي رحمه الله في الدنيا والآخرة إجازة قال حدثنا شيخنا الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن الناصر ابن محمد بن على البغدادي بها قال أخبرنا الإمام جمال الإسلام أبو محمد رزق الله بن عبدالوهاب التميمي قال أخبرنا عمي أبو الفضل عبدالواحد بن عبدالعزيز التميمي بجميع هذا الاعتقاد وقال جملة اعتقاد الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه والذي كان يذهب إليه

أن الله عز وجل واحد لا من عدد لا يجوز عليه التجزؤ …..وذكر جمل الاعتقاد

وأبو الفضل التميمي كان حنبلي المذهب لكنه ليس على طريقة الإمام أحمد في الاعتقاد فهو أشعري وكان صديقاً للباقلاني, والباقلاني له بعض الأصول المخالفة لـأهل السنة

والتميمي ينسب إلى الإمام أحمد أشياء لم يقلها بل ولا أحد من الأئمة فهو معرف أنه أشعري كما تقدم والتميميون معروفون بشيئ من الانحراف عن طريقة أحمد.

وأئمة الحنابلة لا يذكرون هذا الذي يذكره أبو الفضل عن الإمام أحمد لا يذكرون أن هذا اعتقاد أحمد فتنبه لهذا.

قال الذهبي([2]) عن أبي الفضل التميمي : قال الخطيب: كان صدوقا، دفن إلى جنب قبر الامام أحمد قلت: كان صديقا للقاضي أبي بكر بن الباقلاني .. توفي سنة عشر وأربع مئة أهـ

قال الدامغاني([3]): وحضر أبو الفضل التميمي يوم وفاة الباقلاني العزاء، وأمر أن ينادى بين يدي جنازة القاضي أبي بكر: هذا ناصر السُّنَّة والدين، هذا إمام المسلمين، هذا الذي كان يذب عن الشريعة ألسنة المخالفين

قال مقيده -عفا الله عنه-: قال الذهبي معلقًا على ما سبق نقله: قلت ما هذا إلا ودُّ عظيم بين هذا الأشعري وهذا الحنبلي، والتميميون معروفون بشيء من الانحراف عن طريقة أحمد كما انحرف ابن عقيل وابن الجوزي وابن الزاغوني وغيرهم، كما بالغ في الشق الآخر القاضي أبو يعلى ونحوه اهـ.

وقال الذهبي عنه: الإِمام الفقيه، رئيس الحنابلة، وكان يميل إلى الأشعرية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية([4]) : وكان بينه وبين أبي الحسن التميمي وأهل بيته وغيرهم من التميميين من الموالاة والمصافاة ما هو معروف، كما تقدم ذكر ذلك، ولهذا غلب على التميميين موافقته في أصوله، ولما صنف أبو بكر البيهقي كتابه في مناقب الإمام أحمد – وأبو بكر البيهقي موافق لابن الباقلاني في أصوله – ذكر أبو بكر اعتقاد أحمد الذي صفنه أبو الفضل عبد الواحد بن أبي الحسن التميمي، وهو مشابه لأصول القاضي أبي بكر، وقد حكى عنه: أنه كان إذا درس مسألة الكلام على أصول ابن كلاب والأشعري يقول: (هذا الذي ذكره أبو الحسن أشرحه لكم وأنا لم تتبين لي هذه المسألة) أهــــ

ثالثاً: أن المتن منكر جداً

خلاف ما هو ثابت عن الإمام أحمد في عدم الخروج على الحاكم جار أو عدل

قال الإمام أحمد في أصول السنة ([5]) أصول السنة عندنا …

“ومَن خرج على إمامِ المسلمين وقد كان النَّاسُ اجتمعوا عليه وأقرُّوا له بالخلافة بأيِّ وجهٍ كان: بالرِّضا أو بالغلَبة، فقد شقَّ هذا الخارجُ عصا المسلمين وخالف الآثارَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مات الخارجُ عليه مات مِيتةً جاهليَّة”.

وَلَا يحل قتال السُّلْطَان وَلَا الْخُرُوج عَلَيْهِ لأحد من النَّاس فَمن فعل ذَلِك فَهُوَ مُبْتَدع على غير السّنة وَالطَّرِيق أهــــ

وفي أيام فتنة خلق القرآن هذه المحنة التي امتحن في العلماء ليقولوا القول المبتدع القرآن مخلوق وهذا القول يتبناه الإمام أو أمير المؤمنين ومن معه من أهل البدع وقد كان الناس ينتظرون إشارة من الإمام أحمد حتى يخروجوا على الإمام فكان يحذرهم من الخروج والصبر عليه. وقد كان الإمام أحمد يخاطبه بأمير المؤمنين وما كان يكفره (بالتعيين) على الرغم من المقالة الخطيرة وهي القرآن مخلوق مع أن أهل العلم قالوا أن هذه مقالة كفرية.

عن محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال سألت أبا عبدالله([6]) في أمر كان حدث ببغداد وهم قوم بالخروج فقلت يا أبا عبدالله ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم فأنكر ذلك عليهم وجعل يقول سبحان الله الدماء الدماء لا أرى ذلك ولا آمر به الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة يسفك فيها الدماء ويستباح فيها الأموال وينتهك فيها المحارم أما علمت ما كان الناس فيه يعني أيام الفتنة قلت والناس اليوم أليس هم في فتنة يا أبا عبدالله قال وإن كان فإنما هي فتنة خاصة فإذا وقع السيف عمت الفتنة وانقطعت السبل الصبر على هذا ويسلم لك دينك خير لك ورأيته ينكر الخروج على الأئمة وقال الدماء لا أرى ذلك ولا آمر به أهـ

********* **********

كتبه/ أبو مصعب سيد بن خيثمة

ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــ

([1]) العقيدة برواية الخلال (ص 124).

([2]) سير أعلام النبلاء (17/273).

([3]) الرّوض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم (ج1/ 654)..

([4]) درء تعارض العقل والنقل (ج2/ 100).

([5]) ورواها عنه بسنده الإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (ج1/ 175، 180، 181- دار طيبة)

([6]) إسناده صحيح : أخرجه الإمام الخلال في السنة (1/132)