الموضوع: معانى حرف الثاء في القرآن الكريم(كتاب مطبوع)

هذا البحث يعتمد على دمج نظريتين معًا اعترف بهما العلماء، النظرية الأولى هي: تحول الكلمة إلى معنى السلب بإضافة همزة السلب أو بتغير حركة، ولقد ذكر ابن جني في الخصائص أن أكثر الكلمات الدالة على السلب تتصف بزيادة الحروف مثل أعجم وتأثّم ومرّض، أما سَهِر بمعنى لم ينم وتدل على السلب من كلمة الساهرة بمعنى الأرض؛ فهو زائد في الحركات، وتقارب الحركات الحروف،كأنه ساهير، أو باعتباره خرج عن أصل بابه إلى سلب معناه منه كما خرجت الأعلام عن شياع الأجناس إلى خصوصها بأنفسها لابحرف يفيد التعريف فيها؛ مثل بكر وزيد تعرف بوصفه لا بلام التعريف فيهاوكأن الحرف الزائد الذي لايكاد ينفك منه أفعال السلب يصير كأنه عوض من حرف السلب.

فمثلًا الكلمات البسيطة المكونة من صامت واحد مثل أثّ بمعنى الأثاث، قال عنها ابن فارس:"هذا بابٌ يتفرع من الاجتماع واللين، وهو أصلٌ واحد...ويقال نساءٌ أثائث، وثيرات اللحم.

له نظير سلبي من جنسه اختلف عنه في حركة وهو (وث أو أثى) كما ورد في اللسان: الوَثْوَثَةُ: الضَّعْفُ والعَجْزُ؛ ورجلٌ وَثْوَاثٌ، مِنه.

والوثِيُّالمكسور اليد، ويقال: أَوْثَى فلان إِذا انكسر به مركبه من حيوان أَو سفينة.
ونجد لكل كلمة من هاتين الكلمتين امتدادًا لها من الكلمات الثلاثية الصوامت أو الثنائية الصوامت، مثلًا كث امتداد لأث بمعنى الكثرة وكذلك كثر.

وغثاء امتداد ل(وثي) بمعنى الضعف، وكذلك رثم. ولقد ذكر ابن فارس كثيرًا من الكلمات ذات الأصول المتباينة، ولعل ذلك سبب وجود (أبى) في اللغات السامية بمعنى أطاع، وفي اللسان (أبى) امتنع.
ولطول الزمان قد تتغير الكلمة ويحذف حرف الهمزة أو الحركة، أو تزاد حركة.
النظرية الثانية هي نظرية الثنائية اللغوية، وكثير من العلماء أقرها،لذلك قد تجد الكلمة في اللغة العربية عكس المعنى في العبرية، مثل:
قوله تعالى:﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ وتشبه هذه الكلمة (الطفس) وهي في العربية القذر وعلى الضد في العبرية طفس تعني ترتيب، تنظيم
^{مما يدل على أن لكل كلمة معنى سلبي ومعنى إيجابي ثم تمتد.}

---