مجالس تدبر القرآن (57)
امانى يسرى محمد
إن القرآن هو الحياة لو عقل الناس..
فالحياة الحقيقية هي التي تسير وفق منهج القرآن، وبغير منهجه فليس ثمة حياة وإن رآها الناس كذلك، قال الله تعالى:
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
وقد كان السلف يقرؤون القرآن قراءة من وطن نفسه ليحيى به،
قال ابن مسعود رضي الله عنه:
"إذا سمعت قول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا فأرعها سمعك، فإنها خير يأمر به، أو شر ينهى عنه"
{إيّاك نعبد وإيّاك نستعين }
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- والقلب فقير بالذات إلى الله من جهتين، من جهة العبادة وهي العلة الغائبة ، ومن جهة الاستعانة والتوكل، وهي العلة الفاعلة. فالقلب لا يصلح ، ولا يفلح ، ولا ينعم ، ولا يسر ، ولا يلتذ، ولا يطيب، ولا يسكن ، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحده، وحبه والإنابة إليه وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له، فإنه لايقدر على تحصيل ذلك السرور والسكون إلى الله ، فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة
{ إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}
*وقفات تربوية في ضوء القرآن الكريم د.عبد العزيز الجليل،
لزوم (إياك نعبد ) لكل عبد إلى الموت (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)
فلا ينفك العبد من العبودية مادام في دار التكليف. بل عليه عبودية أخرى ..
* ابن القيم-رحمه الله-
{ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ .....وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة
وهم فيها خالدون :
هذا هو تمام السعادة ، فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع فلا آخر له ولا انقضاء، بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام ، والله المسؤول أن يحشرنا في زمرتهم إنه جواد كريم ، بر رحيم..
*عمدة التفسير لابن كثير،
{قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }
روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما" سبحان الله" قال : تنزيه الله نفسه عن السوء ثم قال عمر لعلي وأصحابه عنده: لا إله إلا الله، قد عرفناه فما سبحان الله؟ فقال له علي: كلمة أحبها الله لنفسه، ورضيها ، وأحب أن تقال.. *عمدة التفسير لابن كثير
تدبر قول الله تعالى:
{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُم ْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ}،
يوم عاشوراء تذكر أن البحر الذي حفظ الله تعالى موسى فيه صبياً هو من جنس البحر الذي أغرق فيه فرعون ، وأن الأنهار التي افتخر فرعون أنها تجري من تحته هي من جنس الأنهار التي أصبحت تجري من فوقه.
*من كتاب ليدبروا آياته
{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}
وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئاً وليس له فيه خيرة ولا مصلحة * وتأتي خاتمة الآية كالسكب البارد على قلوبنا
(والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
*عمدة التفسير لابن كثير
لما ذكر الله تعالى المنهيات في الصيام والاعتكاف أعقبها بقوله
{ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} ،
( ولا تقربوها ) أبلغ من : ( لا تفعلوها )
لأن القربان يشمل النهي عن فعل المحرم بنفسه والنهي عن وسائله الموصلة إليه *السعدي-رحمه الله-
{يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ }
أعظم ما يزكي النفوس تلاوة القرآن وتدبره.
{كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }
الأكل الحلال سبب لتقبّل الدعاء والعبادة ، والحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة* يآرب اطب مطعمنا وأجب دعوتنا
*ابن كثير-رحمه الله-
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ }
ما أقرب الله!
ليس بيننا وبينه أحد ، لا مواعيد تلاحق ، ولا طوابير تنتظر ، ولا سكك تقطع .. قيل للإمام أحمد رحمه الله ، كم بيننا وبين عرش الرحمن ؟
قال : " دعوة صادقة من قلب صادق "