تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ظلام الجهل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي ظلام الجهل

    قال ابن كثير رحمه الله على قوله تعالى
    أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا

    وهذا المثال مثال لذوي الجهل المركب . فأما أصحاب الجهل البسيط ، وهم الطماطم الأغشام المقلدون لأئمة الكفر ، الصم البكم الذين لا يعقلون ، فمثلهم كما قال تعالى : ( أو كظلمات في بحر لجي ) : قال قتادة : وهو العميق . ( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ) أي : لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام ، فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يدري أين يذهب ، ولا [ هو ] يعرف حال من يقوده ، بل كما يقال في المثل للجاهل : أين تذهب؟ قال : معهم . قيل : فإلى أين يذهبون؟ قال : لا أدري .
    قال الإمام ابن القيم –رحمه الله-:
    " فلو ظهرت صورة العلم للأبصار لزاد حسنها على صورة الشمس والقمر، ولو ظهرت صورة الجهل لكان منظرها أقبح منظر، بل كل خير في العالم فهو من آثار العلم الذي جاءت به الرسل ومسبب عنه، وكذلك كل خير يكون إلى قيام الساعة وبعدها في القيامة، وكل شر وفساد حصل في العالم ويحصل إلى قيام الساعة وبعدها في القيامة، فسببه مخالفة ما جاءت به الرسل في العلم والعمل". مفتاح دار السعادة ( 1/116)
    الجهل داء خطير وشر مستطير، بل هو والظلم أساس الشر كله..
    قال شيخ الإسلام:
    "وجماع الشر الجهل والظلم، قال تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا}(الأحزاب).

    وليست صفة تزري بصاحبها كالجهل، فهو أعدى الأعداء،
    كما أنه ليس صفة يتمدح بها صاحبها كالعلم،
    فهو أفضل الرفقاء وأعظم الأصدقاء، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يقدر على فعله فيه ألد الأعداء
    ما يبلغ الناس من جاهل .. ما يبلغ الجاهل من نفسه
    فالجهل يدخل صاحبه النار - قال تعالى عن أهلها: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب الجحيم.. فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير)(الملك) .. وقال تعالى عنهم أيضا:
    ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ

    الجهل يقتل - روى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه بسند صححه الألباني عن جابر قال: "خرجنا في سفرٍ فأصابَ رجلا منا حجرٌ، فشجّهُ في رأسهِ، ثم احتلمَ، فسألَ أصحابه: هل تجدونَ لي رخصة في التيممِ؟ قالوا: ما نجدُ لك رخصةً وأنت تقدرُ على الماءِ. فاغتسلَ فماتَ. فلما قدمنا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُخبر بذلكَ، فقال: قتلوهُ قتلهُم اللهُ! ألا سأَلوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاءُ العيّ السؤالُ.. إنما كان يكفيهِ أن يتيممَ ويعصرَ أو يعصبَ على جرحهِ خرقة، ثم يمسح عليهِا، ويغسل سائرَ جسدهِ].
    و
    في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: [إنَّ رجلًا قتلَ تِسعةً وتِسعينَ نفسًا، ثمَّ عرضَتْ لهُ التَّوبةُ، فسألَ عن أعلَمِ أهلِ الأرضِ؟ فَدُلَّ علَى راهِبٍ، فأتاهُ، فقالَ: إنَّه قتلَ تِسعةً وتِسعينَ نفسًا، فهلْ لهُ مِن توبةٍ؟ فقال: لا، فَقَتلَه، فكَمَّلَ بهِ مائة، ثمَّ سألَ عن أعلَمِ أهلِ الأرضِ؟ فَدُلَّ على رجلٍ عالمٍ، فقال: إنَّه قتلَ مِائةَ نفسٍ، فهلْ لهُ من توبةٍ؟ قال: نعَمْ، ومَن يحولُ بينَه وبينَ التَّوبةِ؟ انطلقْ إلى أرضِ كَذا وكَذا، فإنَّ بِها أُناسًا يعبُدونَ اللهَ، فاعبُدِ اللهَ معهُمْ، ولا ترجعْ إلى أرضِكَ، فإنَّها أرضُ سَوءٍ، فانطلقَ حتَّى إذا نصف الطَّريق أتاه الموتُ، فاختصَمَتْ فيهِ ملائكةُ الرَّحمةِ، وملائكةُ العَذابِ، فقالتْ ملائكةُ الرَّحمةِ: جاء تائبًا مُقبلًا بقلبِه إلى اللهِ تعالى، وقالتْ ملائكةُ العذابِ: إنَّه لَم يعمَلْ خيرًا قطُّ، فأتاهُم ملَكٌ في صورةِ آدَميٍّ، فجعَلوه بينَهم، فقالَ: قيسوا بينَ الأرضَيْنِ، فإلى أيَّتِهِما كان أدنى فهوَ لها، فقاسوا فوجَدوه أدنى إلى الأرضِ الَّتي أرادَ، فَقَبضَتُهُ ملائكةُ الرَّحمَةِ].
    والدروس المستفادة من الحديث :
    أنه ليس كل عابد عالما، بل كثير من العباد جهال، وإن ظن الناس فيهم العلم، فكثير منهم ليسوا كذلك.
    . وفيه أن كثيرا من الناس ينخدع بكثرة العبادة عند إنسان، فيظن صاحبها عالما، فيقصده في المسائل ويدل السائلين عليه، والحق أنه ليس بهذا المكان ولا هو أهل لذاك المقام.
    . وفيه أيضا بيان فضل العالم على العابد الجاهل: فبين العالم والجاهل كما بين السماء والأرض، وفضل العالم على الجاهل كفضل القمر على سائر النجوم؛ فالعالم يحيي الناس بعلمه، والجاهل يقتلهم بجهله، والعالم يدلهم على طريق الهدى والجاهل يهوي بهم في مهاوي الردى، وهذا يبني وذاك يهدم، وهذا يهدي وذاك يضل.. وشتان ما بين الرجلين:
    النـاس من جـهـة التمـثال أكفـاء .. أبــوهـــم آدم والأم حـــواء
    وقدر كل امرئ ما كان يحسنه .. والجاهلون لأهل العلم أعداء
    فـفـز بعــلم تعــش حـيا به أبدا .. الناس موتى وأهل العلم أحياء
    نعم الناس موتى وأهل العلم أحياء.. فالعلم حياة ونور، والجهل موت وظلمة على أصحابه قبل غيرهم؛ فالجهل موت قبل الموت:
    وفي الجهل قبل الموت موت لأهله .. وأجسامهم قبل القبور قبور
    وأرواحهم في وحشة من جسومهم .. وليس لهم قبل النشور نشور




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: ظلام الجهل

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    .. فالعلم حياة ونور، والجهل موت وظلمة على أصحابه قبل غيرهم؛
    فالجهل موت قبل الموت:
    وفي الجهل قبل الموت موت لأهله .. وأجسامهم قبل القبور قبور
    وأرواحهم في وحشة من جسومهم .. وليس لهم قبل النشور نشور



    نعم

    العلم حياة ونور
    وبضدها تتبين الاشياء
    العلم هو أشرفُ ما رغِب فيه الراغبُ، وأفضلُ ما طلب وجدَّ فيه الطالِب،
    وأنفع ما كسبه واقتناه الكاسب.
    رفع الله تعالى شأنَ العلم و أهله، فقال سبحانه : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
    وأمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يدعوَ بزيادة العلم: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا
    قال ابن عُيَيْنة رحمه الله: ولم يزل صلى الله عليه وسلم في زيادةٍ مِن العلم حتى توفاه الله عز وجل.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم انفَعْني بما علَّمتَني، وعلِّمْني ما ينفعُني، وزِدْني علمًا،))؛ رواه الترمذي
    ومنع الله سبحانه المساواةَ بين العالم والجاهل؛ لِمَا يختصُّ به العالم من فضيلة العلم، ونورِ المعرفة،- أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ
    وأهل العلم أسرع الناس استجابةً لما يتلى عليهم من كلام الله - قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا - وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا -
    عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كفى بالعلم شرفًا أن يدَّعِيَه مَن ليس بأهله، وكفى بالجهل عارًا أن يتبرأ منه مَن هو فيه".
    ومِن علامات الساعة وأشراطها قلةُ العلم،
    : ((إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويثبُت الجهل، ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا))؛ متفق عليه.
    وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالِمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسُئلوا، فأفتَوا بغير علم، فضلُّوا وأَضلُّوا))؛ متفق عليه.
    والمراد بقبض العلم هو موت العلماء، وذَهاب الفضلاء والفقهاء؛ فقد جاء في تفسير قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [الرعد: 41]، عن عطاء رحمه الله قال: "هو موت العلماء، وذَهاب الفضلاء، وفقهاء الأرض، وخيار أهلها".
    ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدُّنيا ملعونةٌ، ملعون ما فيها، إلا ذِكْرَ الله وما والاه، وعالِمًا أو متَعَلِّمًا))؛ وحسنه الألباني
    وقال صلى الله عليه وسلم : ((مَثَلُ ما بعثني الله به مِن الهدى والعلم، كمَثَل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكان منها نقيةٌ قبِلَتِ الماء، فأنبتت الكلأ والعُشب الكثير، وكانت منها أجادبُ أمسكت الماء، فنفع اللهُ بها الناس، فشرِبوا وسَقَوا وزرعوا، وأصابت منها طائفةً أخرى، إنما هي قِيعانٌ؛ لا تُمسك ماءً، ولا تُنبت كلأً، فذلك مثَل مَن فقُه في دِين الله ونفعه ما بعثني اللهُ به، فعلِم وعلَّم، ومثَل مَن لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلتُ به))؛ رواه البخاري،
    وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لله تبارك وتعالى ملائكةً سيَّارة فُضُلًا، يتَّبِعون مجالس الذِّكر، فإذا وجَدوا مجلسًا فيه ذِكْرٌ قعَدُوا معهم، وحفَّ بعضُهم بعضًا بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدُّنيا، فإذا تفرَّقُوا عرجوا، وصعِدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل - وهو أعلم بهم -: من أين جئتم؟ فيقولون: جِئْنا من عند عبادٍ لك في الأرض، يسبِّحونك، ويكبِّرونك، ويُهلِّلونك، ويحمدونك، ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأَوا جنتي؟ قالوا: لا، أيْ رب، قال: فكيف لو رأَوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: وممَّ يستجيرونني؟ قالوا: مِن نارِك يا رب، قال: وهل رأَوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرتُ لهم، فأعطيتُهم ما سألوا، وأجَرْتُهم مما استجاروا، قال: فيقولون: رب، فيهم فلانٌ عبدٌ خطَّاء، وإنما مرَّ فجلس معهم؟ قال: فيقول: وله غفرتُ، هم القوم لا يشقَى بهم جليسُهم)).
    وعن حذيفة بن اليمانِ رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل العلم خيرٌ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع))؛ صحيح الترغيب والترهيب للألباني (68) (1 /137).
    قال عمر رضي الله عنه: أيها الناس، عليكم بالعلم؛ فإنَّ لله سبحانه رِداءً يحبه، فمَن طلبَ بابًا من العلم ردَّأه الله برِدائه، فإن أذنب ذنبًا استعتَبه؛ لئلا يسلُبَه رداءه ذلك حتى يموت به.
    وقال أبو هريرة وأبو ذر رضي الله عنهما: بابٌ منَ العلم نتعلَّمُه أحبُّ إلينا من ألف ركعة تطوُّعًا، وباب من العلم نُعَلِّمُه - عُمل به، أو لَم يُعمَل به - أحبُّ إلينا من مائة ركعة تطوُّعًا.وقال أبو هريرة رضي الله عنه: لأَنْ أعلم بابًا مِن العلم في أمْرٍ أو نَهْي أحبُّ إليَّ مِن سبعين غزوة في سبيل الله.

    قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "إن العلم يرفع صاحبَه في الدنيا والآخرة ما لا يرفعه المُلكُ ولا المال ولا غيرهما، فالعلم يزيد الشريف شرفًا، ويرفع العبد المملوك حتى يُجلِسه مجالس الملوك، كما ثبت في الصحيح من حديث الزهري، عن أبي الطفيل، أن نافع بن عبدالحارث أتى عمر بن الخطاب بعُسفان، وكان عمر استعمله على أهل مكة، فقال له عمر: مَن استخلفت على أهل الوادي؟ قال: استخلفتُ عليهم ابن أبزى، فقال: مَن ابن أبزى؟ فقال: رجل من موالينا، فقال عمر: استخلفت عليهم مولى؟! فقال: إنه قارئ لكتاب الله عالمٌ بالفرائض، فقال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين))"؛ (مفتاح دار السعادة).
    وفي فضل العلم أيضًا يقول سفيان بن عُيَيْنة: أرفعُ الناس عند الله منزلةً مَن كان بين الله وبين عباده، وهم الأنبياءُ والعلماء.ويقول ابن القَيِّم رحمه الله: وهذا مِن أحسن التفسير؛ فإنَّ أجَلَّ حسنات الدُّنيا العلمُ النافع والعمل الصالح؛ اهـ. قال الإمام الآجري رحمه الله
    (إن الله - عز وجل وتقدست أسماؤه - اختصَّ مِن خلقه مَن أحبَّ، فهداهم للإيمان، ثم اختص مِن سائر المؤمنين مَن أحبَّ، فتفضل عليهم فعلَّمهم الكتاب والحكمة، وفقَّههم في الدين، وعلَّمهم التأويل، وفضَّلهم على سائر المؤمنين، وذلك في كل زمان وأوانٍ، رفعهم بالعلم، وزيَّنهم بالحلم، بهم يُعرف الحلال مِن الحرام، والحق من الباطل، والضارُّ من النافع، والحسن من القبيح، فضلُهم عظيم، وخطرهم جزيل، ورثة الأنبياء، وقرَّة عين الأولياء، الحيتانُ في البحر لهم تستغفر، والملائكة بأجنحتها لهم تخضع، والعلماء في القيامة بعد الأنبياء تشفع، مجالسهم تُفِيد الحكمة، وبأعمالهم ينزجر أهل الغفلة، هم أفضل من العُبَّاد، وأعلى درجةً من الزهاد، حياتهم غنيمة، وموتهم مصيبة، يُذكِّرون الغافل، ويُعلِّمون الجاهل، لا يتوقع لهم بائقة، ولا يخاف منهم غائلة، بحسن تأديبِهم يتنازع المطيعون، وبجميل موعظتِهم يرجع المقصِّرون، جميعُ الخلق إلى علمهم محتاج).
    ثم أعقب الكلام بقوله: (فهم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة، هم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوبُ أهل الحق، وتموت قلوب أهل الزيغ، مَثَلهم في الأرض كمَثَل النجوم يُهتَدَى بها في ظلمات البرِّ والبحر، إذا انطمَسَتِ النجوم تحيَّروا،
    وإذا أسفر عنها
    الظلام أبصَروا).[منقول]


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: ظلام الجهل

    ولكن الجهل اليوم ظهر جليا، البعض يغتر بالتطور العالمي ويظن أنه لا مكان للجهل!!!
    كان الله في عون العلماء فهم يقومون بتدريس طلاب العلم ليل نهار، لينشر هذا العلم من خلال طلابه، ويأتي الجهلة ويطعنون في العلماء.
    وزكاة العلم بذله، على طلاب العلم نشره بين عامة الناس، هناك من باع دينه بعرض من الدنيا، فقد تجرأ أهل الإلحاد والكفر والنفاق، لا حول ولاقوة إلا بالله.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: ظلام الجهل

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    ولكن الجهل اليوم ظهر جليا، البعض يغتر بالتطور العالمي ويظن أنه لا مكان للجهل!!!
    نعم أحسنت بارك الله فى عِلْمِك
    مما لا شك فيه أن الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم قد وصلوا إلى مرحلة متقدمة في العلوم الدنيوية، والصناعات المتطورة، والوسائل الحديثة، والتقنيات المذهلة. فمهما كانوا في العلم الدنيوي فإنهم يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، وهم عن الآخرة هم غافلون، ومهما ادعوا أنهم بلغوا من المعرفة فهم لا يعلمون؛ لأن هذا حكم الله عليهم،
    إن أكثر الناس وهم الكفار لا يعلمون، وأن علموا علموا ظاهراً من الحياة الدنيا، وهم غافلون عن الآخرة،
    وقد جاءت آيات كثيرة تبين أن الكفار لا يعلمون ما ينفعهم، وما يقودهم إلى الإيمان بالله، وبما جاء عن الله،
    فقال تعالى: -
    وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ -
    وقال ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ : .
    وقال تعالى: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
    ويقول الله سبحانه وتعالى: يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ،
    يقول العلامة الشنقيطي-رحمه الله-:
    "اعلم أنه يجب على كل مسلم في هذا القرآن أن يتدبر آية الروم تدبراً كثيراً، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس. وإيضاح ذلك أن من أعظم فتن آخر الزمان التي ابتلى ضعاف العقول من المسلمين شدة إتقان الإفرنج؛ لأعمال الحياة الدنيا ومهارتهم فيها على كثرتها، واختلاف أنواعها مع عجز المسلمين عن ذلك، فظنوا أن من قدر على تلك الأعمال أنه على الحق، وأن من عجز عنها متخلف وليس على الحق، وهذا جهل فاحش، وغلط فادح.. وفي هذه الآية الكريمة إيضاح لهذه الفتنة وتخفيف لشأنها أنزله الله في كتابه قبل وقوعها بأزمان كثيرة، فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه، وما أعظمه، وما أحسن تعليمه.. فقد أوضح -جل وعلا- في هذه الآية الكريمة أن أكثر الناس لا يعلمون، ويدخل فيهم أصحاب هذه العلوم الدنيوية دخولاً أولياً، فقد نفى عنهم جل وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل؛ لأنهم لا يعلمون شيئاً عمن خلقهم، فأبرزهم من العدم إلى الوجود، ورزقهم، وسوف يميتهم، ثم يحييهم، ثم يجازيهم على أعمالهم، ولم يعلموا شيئاً عن مصيرهم الأخير الذي يقيمون فيه إقامة أبدية في عذاب فظيع دائم: ومن غفل عن جميع هذا فليس معدوداً من جنس من يعلم كما دلت عليه الآيات القرآنية المذكورة، ثم لما نفى عنهم جل وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل أثبت لهم نوعاً من العلم في غاية الحقارة بالنسبة إلى غيره.
    وعاب ذلك النوع من العلم بعيبين عظيمين:
    أحدهما:
    قلته وضيق مجاله، لأنه لا يجاوز ظاهراً من الحياة الدنيا، والعلم المقصور على ظاهر من الحياة الدنيا في غاية الحقارة، وضيق المجال بالنسبة إلى العلم بخالق السماوات والأرض جل وعلا، والعلم بأوامره ونواهيه، وبما يقرب عبده منه، وما يبعده منه، وما يخلد في النعيم الأبدي من أعمال الخير والشر.
    والثاني منهما:
    هو دناءة هدف ذلك العلم، وعدم نيل غايته؛ لأنه لا يتجاوز الحياة الدنيا، وهي سريعة الانقطاع والزوال ويكفيك من تحقير هذا العلم الدنيوي أن أجود أوجه الإعراب في قوله: يَعْلَمُونَ ظَاهِراً أنه بدل من قوله قبله: (لا يعلمون)، فهذا العلم كلا علم لحقارته". عباد الله:"وهذه العلوم الدنيوية التي بينا حقارتها بالنسبة إلى ما غفل عنه أصحابها الكفار، إذا تعلمها المسلمون، وكان كل من تعليمها واستعمالها مطابقاً لما أمر الله به، على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: كانت من أشرف العلوم وأنفعها؛ لأنها يستعان بها على إعلاء كلمة الله ومرضاته جل وعلا، وإصلاح الدنيا والآخرة، فلا عيب فيها إذن كما قال تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ سورة الأنفال (60) فالعمل في إعداد المستطاع من القوة امتثالاً لأمر الله تعالى وسعياً في مرضاته، وإعلاء كلمته ليس من جنس علم الكفار الغافلين عن الآخرة، كما ترى الآيات بمثل ذلك كثيرة".
    إن مما يجب علينا معرفته أن لا نغتر بما وصل إليه الكفار من تقدم صناعي وتكنولوجي، ولنعلم أنهم إن تقدموا صناعياً فقد تأخروا دينياً ، فلم يسلموا لله رب العالمين، بل خالفوا أمره وعصوا رسله وقتلوا أنبيائه، وحاربوا أوليائه،
    : إن الخسارة الكبرى، والداهية العظمى، أن تصاب في دينك وبما يقربك إلى الله، فلا تلقي لذلك بالاً، ولا تحرك لذلك ساكناً، بل ولا تشعر أنه نقص منك شيء عظيم، فإذا ما فقدت شيئاً من الدنيا أقمت الدنيا ولم تقعدها، بل ربما حزنت حزناً شديداً، وحاسبت نفسك على ذلك حساباً قاسياً، وبذلت من أجل أن لا تفقد ذلك مرة أخرى، وسعيت في تعويض ذلك في المستقبل القريب، وأما دينك فأمر ثانوي، وغير أساسي

    إن الذي يعلم ظاهراً من الحياة الدنيا وهو غافل عن الآخرة مسكين
    يحسب أنه سيد العارفين،
    وهو في الحقيقة غافل جاهل،
    ولذلك كان الجهل فى القرآن يُرَاد به عدم العلم بما أنزل الله من العقائد والأحكام والأخلاق،
    فحتى لو كان هذا المعارض لحكم الله -تعالى- بروفسورًا في الجامعة فهو في عُرف الإسلام جاهل.

    ولذلك سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن هشام -بالرغم من رجاحة عقله في عُرف قريش حتى سموه أبا الحكم- سماه أبا جهل،
    فأي شيء خرج عن الإسلام وتعاليمه فهذا من الجهل بالاخرة
    يغتر بالتطور العالمي ويظن أنه لا مكان للجهل
    سبحان الله ما غرّ هؤلاء؟! انهم مسكونون بالغرور محكومون بالجهل - الجهل بالاخرة قائدهم
    لأن هؤلاء الذين غفلوا عن الله عز وجل وعن الآخرة عندهم علم من الحياة الدنيا،
    انظرى الى انواع الصناعات تَجِدِى شيئًا يبهرك، لكن من قوم هم في أمر الآخرة أميون لا يعلمون شيئًا؛
    يصلون إلى الأجواء ويصنعون الطائرات ويصنعون ما لا يحصى من الآلات،
    ومع ذلك ما عندهم علم بالله واليوم الآخر.
    لو تسأل الطفل من المسلمين عمَّا خلق له أجابك،
    ولو تسأل أكبر واحد من المخترعين عن الله ولماذا خلقه الله ما أجاب،
    قال الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدى فى تفسيره
    { وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }
    قد توجهت قلوبهم وأهواؤهم وإراداتهم إلى الدنيا وشهواتها وحطامها
    فعملت لها وسعت وأقبلت بها وأدبرت وغفلت عن الآخرة،
    فلا الجنة تشتاق إليها ولا النار تخافها وتخشاها
    ولا المقام بين يدي اللّه ولقائه يروعها ويزعجها
    وهذا علامة الشقاء وعنوان الغفلة عن الآخرة.
    ومن العجب أن هذا القسم من الناس
    قد بلغت بكثير منهم الفطنة والذكاء في ظاهر الدنيا إلى أمر يحير العقول ويدهش الألباب.
    وأظهروا من العجائب الذرية والكهربائية والمراكب البرية والبحرية والهوائية ما فاقوا به وبرزوا وأعجبوا بعقولهم
    ورأوا غيرهم عاجزا عما أقدرهم اللّه عليه،
    فنظروا إليهم بعين الاحتقار والازدراء
    وهم مع ذلك أبلد الناس في أمر دينهم وأشدهم غفلة عن آخرتهم وأقلهم معرفة بالعواقب،
    قد رآهم أهل البصائر النافذة
    في جهلهم يتخبطون وفي ضلالهم يعمهون وفي باطلهم يترددون
    نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون.
    ثم نظروا إلى ما أعطاهم اللّه وأقدرهم عليه من الأفكار الدقيقة في الدنيا وظاهرها و[ما] حرموا من العقل العالي
    فعرفوا أن الأمر للّه والحكم له في عباده وإن هو إلا توفيقه وخذلانه فخافوا ربهم وسألوه أن يتم لهم ما وهبهم من نور العقول والإيمان حتى يصلوا إليه، ويحلوا بساحته

    [وهذه الأمور لو قارنها الإيمان وبنيت عليه لأثمرت الرُّقِيَّ العالي والحياة الطيبة، ولكنها لما بني كثير منها على الإلحاد لم تثمر إلا هبوط الأخلاق وأسباب الفناء والتدمير]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: ظلام الجهل

    لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين للشيخ صالح الفوزان:
    https://safeyoutube.net/w/8bSab
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •