أصول الفقه في الدين قطعية لاظنية )
والدليل على ذلك
أنها راجعة إلى كليات الشريعة
(ما كان كذلك فهو قطعي )
بيان الأول ظاهر بالإستقراء المفيد للقطع
وبيان الثاني من أوجه
أحدها أنها ترجع إما إلى أصول عقلية وهى قطعية وأما إلى الإستقراء الكلي من أدلة الشريعة
وذلك قطعي أيضا

******

الأدلة العقلية إذا استعملت في هذا العلم فإنما تستعمل مركبة على الأدلة السمعية أو معينة في طريقها أو محققة لمناطها أو ما أشبه ذلك لا مستقلة بالدلالة لأن النظر فيها نظر في أمر شرعي والعقل ليس بشارع وهذا مبين في علم الكلام فإذا كان كذلك فالمعتمد بالقصد الأول الأدلة الشرعية

******

اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والنسل والمال والعقل وعلمها عند الأمة كالضروري ولم يثبت لنا ذلك بدليل معين ولا شهد لنا أصل معين يمتاز برجوعها إليه بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد

*****

كل مسألة مرسومة فى أصول الفقه لا ينبنى عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أو لا تكون عونا فى ذلك فوضعها فى أصول الفقه عارية .....
وعلى هذا يخرج عن أصول الفقه كثير من المسائل التى تكلم عليها المتأخرون وأدخلوها فيها كمسألة ابتداء الوضع ومسألة الإباحة هل هى تكليف أم لا ومسألة أمر المعدوم ومسألة هل كان النبي صلى الله عليه و سلم متعبدا بشرع أم لا ومسألة لا تكليف إلا بفعل كما أنه لا ينبغى أن يعد منها ماليس منها ثم البحث فيه في عمله وأن انبنى عليه الفقه كفصول كثيرة من النحو نحو معانى الحروف وتقاسيم الإسم والفعل والحرف والكلام على الحقيقة والمجاز وعلى المشترك والمترادف والمشتق وشبه ذلك

****

وكل مسألة فى أصول الفقه ينبنى عليها فقه إلا أنه لا يحصل من الخلاف فيها خلاف في فرع من فروع الفقه فوضع الأدلة على صحة بعض المذاهب أو إبطاله عارية أيضا كالخلاف مع المعتزلة فى الواجب المخير والمحرم المخير .
فإن كل فرقة موافقة للآخرى فى نفس العمل وإنما اختلفوا فى الإعتقاد بناء على أصل محرر فى علم الكلام وفى أصول الفقه له تقريرا أيضا وهو هل الوجوب والتحريم أو غيرهما راجعة إلى صفات الأعيان أو إلى خطاب الشارع وكمسألة تكليف الكفار بالفروع عند الفخر الرازي وهو ظاهر فإنه لا ينبنى عليه عمل وما أشبه ذلك من المسائل التى فرضوها مما لا ثمرة له فى الفقه

****

كل مسألة لا ينبنى عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعى وأعنى بالعمل عمل القلب وعمل الجوارح من حيث هو مطلوب شرعا .

يتبع إن شاء الله

*****

الموافقات في أصول الشريعة
للعلامة الفقيه الأصولي
ابراهيم بن موسى اللخمي الشاطبي
دار المعرفة للنشر -بيروت -لبنان
تحقيق
الشيخ عبد الله دراز

*****

هذه الطبعة
نصح بها كثيرا العلامة عبد الكريم الخضير
راجع
سلسلة كيف يبني طالب العلم مكتبته
و الله المستعان