تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: هل ماهية الأرواح شيء مختلف عن ماهية الابدان ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي هل ماهية الأرواح شيء مختلف عن ماهية الابدان ؟

    (يرى فريق من أهل الكلام المبتدع المحدث من الجهمية والمعتزلة أن الروح جزء من أجزاء البدن، أو صفة من صفاته، كقول بعضهم: إنها النفس أو الريح التي تردد في البدن، وقول بعضهم: إنها الحياة أو المزاج أو نفس البدن) . (والفلاسفة المشاؤون يقرون بأن النفس تبقى إذا فارقت البدن، لكن يصفون النفس بصفات باطلة فيدعون أنها إذا فارقت البدن كانت عقلاً، والعقل عندهم مجرد عن المادة وعلائق المادة، والمادة عندهم هي الجسم، والعقل عندهم قائم بنفسه، لا يوصف بحركة ولا سكون، ولا يتجدد له أحوال البتة) .
    وقد تخبط هؤلاء وهؤلاء في مقالاتهم في الروح، فأهل الكلام المبتدع المذموم الذين قالوا: إن الروح هي الحياة أو المزاج أو نفس البدن، أنكر كثير منهم عذاب القبر، فليس هناك روح تنعم أو تعذب بعد الموت في البرزخ. ورفضوا النصوص التي أثبتت ذلك.
    والفلاسفة الذين زعموا أن الروح إذا فارقت البدن تصبح عقلاً، قالوا: (إذا فارقت البدن لا يتجدد لها حال من الأحوال لا علوم ولا تصورات، ولا سمع ولا بصر، ولا إرادات، ولا فرح ولا سرور، ولا غير ذلك مما قد يتجدد ويحدث، بل تبقى عندهم على حال واحدة أزلاً وأبداً، كما يزعمونه في العقل والنفس) .
    (وفريق من الفلاسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود عندهم، وهي أمور لا يتصف بها إلا ممتنع الوجود، فيقولون لا هي داخل البدن ولا خارجه، ولا مباينة له، ولا مداخلة له، ولا متحركة ولا ساكنة، ولا تصعد ولا تهبط، ولا هي جسم ولا عرض) .
    والسبب الذي أوقع كلا الفريقين في هذا الخطأ أنهم اعتمدوا على عقولهم وما وضعوه من مقاييس في البحث عن أمر غيبي، فالفريق الأول أنكر وجود روح مستقلة عن البدن، وهذا تكذيب للنصوص المتواترة، وإنكار لأمر معلوم من الدين بالضرورة، والفلاسفة المشاؤون ومن سلك سبيلهم أثبتوا وجود الروح مستقلة عن البدن، ولكن لما كانت هذه الروح (ليست من جنس هذا البدن، ولا جنس العناصر والمولدات منها، بل هي جنس آخر مخالف لهذه الأجناس) صعب عليهم تعريفها وتصورها، وضاقت تعبيراتهم ومقاييسهم عن حدها وتصورها.
    وقد هدى الله الذين استجابوا لله ورسوله، وآمنوا بما أخبرهم به،
    قال ابن القيم رحمه الله
    (الروح جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وهو جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك، ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد، وسريان الدهن في الزيتون، والنار في الفحم، فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف، بقي هذا الجسم اللطيف متشابكاً بهذه الأعضاء، وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة والإرادة، وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن وانفصل إلى عالم الأرواح)
    .
    وقد سقنا في تضاعيف بحثنا كثيراً من الأدلة التي تثبت أن الروح شيء مستقل عن البدن، كقوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ [الزمر: 42]، وقوله: وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ [الأنفال: 50]، وقوله: وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ [الأنعام: 93]، وقوله: كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [القيامة: 26-30]، وقوله: فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ [الواقعة: 83-84]، فالذي يمسك، وتتوفاه الملائكة، ويبلغ الحلقوم، ويبلغ التراقي، ويساق لا بد أن يكون شيئاً حقيقياً مخالفاً للجسد.
    وقد سقنا الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ ملك الموت يقبض الروح، وأنَّ الملائكة تضع تلك الروح في كفن من الجنة أو النار بحسب فلاحها أو فسادها، وأنَّه يذهب بها في رحلة علوية سماوية، حيث تفتح لها أبواب السماء إن كانت صالحة، وتغلق دونها إن كانت طالحة، وأنها تعاد إلى الجسد، وتسأل وتعذب أو تنعم، وأن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر، وأرواح المؤمنين طير يعلق في شجر الجنة، وأن الروح إذا قبض تبعه البصر، إلى غير ذلك من النصوص الدالة في مجموعها دلالة قاطعة على أن الأرواح شيء آخر غير الأبدان، وأنها تبقى بعد مفارقة البدن
    [الموسوعة العقدية]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل ماهية الأرواح شيء مختلف عن ماهية الابدان ؟

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية
    "والناس مُضطربون فيها؛ فمنهم طوائف من أهل الكلام يَجعلونها جزءًا من البدن، أو صفة من صفاته؛ كقول بعضهم: إنها النفس أو الريح التي تتردَّد في البدن، وقول بعضهم: إنها الحياة، أو المزاج، أو نفس البدن.
    ومنهم طوائف من أهل الفلسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود عندهم، وهي أمور لا يتَّصف بها إلا ممتنع الوجود، فيقولون: لا هي داخل البدن ولا خارجه، ولا مباينة له ولا مداخلة له، ولا متحرِّكة ولا ساكنة، ولا تصعد ولا تهبط، ولا هي جسم ولا عَرَض.
    واضطراب النُّفاة والمثبتة في الروح كثير، وسبب ذلك: أن الروح - التي تُسمى بالنفس الناطقة عند الفلاسفة - ليست هي من جنس هذا البدن، ولا من جنس العناصر والمولدات منها، بل هي من جنس آخر مخالف لهذه الأجناس، فصار هؤلاء لا يعرفونها إلا بالسلوب التي توجب مخالفتها للأجسام المشهودة، وأولئك يجعلونها من جنس الأجسامِ المشهودة، وكلا القولَيْنِ خطأ، وإطلاق القول عليها بأنها جسم أو ليست بجسم، يحتاج إلى تفصيل؛ فإن لفظ "الجسم" للناس فيه أقوال متعدِّدة اصطلاحية غير معناه اللُّغَوي.
    فأهل اللغة يقولون: الجسم هو الجسد والبدن، وبهذا الاعتبار فالروح ليست جسمًا؛ ولهذا يقولون: الروح والجسم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ﴾ [المنافقون: 4]، وقال تعالى: ﴿ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ﴾ [البقرة: 247].
    وأما أهل الكلام فمنهم من يقول: الجسم هو الموجود، ومنهم من يقول: هو القائم بنفسه، ومنهم مَن يقول: هو المركَّب من الجواهر المفردة. ومنهم مَن يقول: هو المركَّب من المادة والصورة، وكلُّ هؤلاء يقولون: إنَّه مشارٌ إليه إشارة حسيَّة، ومنهم من يقول: ليس مركَّبًا من هذا، ولا من هذا، بل هو مما يُشار إليه، ويقال: إنَّه هنا، أو هناك؛ فعلى هذا إن كانت الرُّوح مما يشار إليها، ويتبعها بصر الميت؛ كما قال صلَّى الله عليه وسلم: ((إنَّ الرُّوح إذا خرجت تبعَها البصر))، وأنَّها تُقبَض، ويُعرج بها إلى السماء- كانت الرُّوح جسمًا بهذا الاصطلاح"
    والمقصود : أن الروح إذا كانت موجودة حية عالمة قادرة سميعة بصيرة : تصعد وتنزل وتذهب وتجيء ونحو ذلك من الصفات ، والعقول قاصرة عن تكييفها وتحديدها ؛ لأنهم لم يشاهدوا لها نظيرا . والشيء إنما تدرك حقيقته بمشاهدته أو مشاهدة نظيره .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل ماهية الأرواح شيء مختلف عن ماهية الابدان ؟

    قال ابن القيم رحمه الله
    المسألة التاسعة عشرة وهي: ما حقيقة النفس؟


    هل هي جزء من أجزاء البدن أو عرض من أعراضه أو جسم مساكن له مودع فيه أو جوهر مجرد؟ وهل هي الروح أو غيرها؟ وهل الإمارة واللوامة والمطمئنة نفس واحدة لها هذه الصفات أم هي ثلاث أنفس؟

    فالجواب: أن هذه مسائل قد تكلم الناس فيها من سائر الطوائف واضطربت أقوالهم فيها وكثر فيها خطؤهم وهدى الله أتباع الرسول أهل سنته لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم، فنذكر أقوال الناس، وما لهم وما عليهم في تلك الأقوال، ونذكر الصواب بحمد الله وعونه.

    قال أبو الحسن الأشعري في مقالاته: اختلف الناس في الروح والنفس والحياة وهل الروح هي الحياة أو غيرها وهل الروح جسم أم لا؟ فقال النظام: الروح هي جسم، وهي النفس، وزعم أن الروح حي بنفسه، وأنكر أن تكون الحياة والقوة معنى غير الحي القوي، وقال: آخرون الروح عرض.

    وقال قائلون منهم جعفر بن حرب: لا ندري الروح جوهر أو عرض ( كذا
    قال ) واعتلوا في ذلك بقوله تعالى ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ ولم يخبر عنها ما هي، لا أنها جوهر ولا عرض. قال: وأظن جعفرًا أثبت أن الحياة غير الروح، أثبت أن الحياة عرضًا. وكان الجبائي يذهب إلى أن الروح جسم، وأنها غير الحياة، والحياة عرض، ويعتل بقول أهل اللغة: خرجت روح الإنسان، وزعم أن الروح لا تجوز عليها الأعراض.


    وقال قائلون: ليس الروح شيئًا أكثر من اعتدال الطبائع الأربع، ولم يرجعوا من قولهم ( اعتدال ) إلا إلى المعتدل ولم يثبتوا في الدنيا شيئًا إلا الطبائع الأربع التي هي: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة.

    وقال قائلون: أن الروح معنى خامس غير الطبائع الأربع، وأنه ليس في الدنيا إلا الطبائع الأربع والروح، واختلفوا في أعمال الروح فثبتها بعضهم طباعًا وثبتها بعضهم اختيارًا.

    وقال قائلون: الروح الدم الصافي الخالص من الكدر والعفونات، وكذلك قالوا في القوة.

    وقال قائلون: الحياة هي الحرارة الغريزية، وكل هؤلاء الذين حكينا أقوالهم في الروح من أصحاب الطبائع يثبتون أن الحياة هي الروح.

    وكان الأصم لا يثبت للحياة والروح شيئًا غير الجسد ويقول: ليس أعقل إلا الجسد الطويل العريض العميق الذي أراه وأشاهده. وكان يقول: النفس هي هذا البدن بعينه لا غير، وإنما جرى عليها هذا الذكر على جهة البيان والتأكيد بحقيقة الشيء لا على أنها معنى غير البدن. وذكر عن أرسططاليس: أن النفس معنى مرتفع عن الوقوع تحت التدبير والنشوء والبلى غير دائرة، وأنها جوهر بسيط منبث في العالم كله من الحيوان على جهة الأعمال له والتدبير، وأنه لا تجوز عليه صفة قلة ولا كثرة. قال: وهي على ما وصفت من انبساطها في هذا العالم غير منقسمة الذات والبنية، وأنها في كل حيوان العالم بمعنى واحد لا غير.

    وقال آخرون: بل النفس معنى موجود ذات حدود وأركان وطول وعرض وعمق وأنها غير مفارقة في هذا العالم لغيرها مما يجري عليه حكم الطول والعرض والعمق، وكل واحد منهما يجمعهما صفة الحد والنهاية، وهذا قول طائفة من الثنوية يقال لهم: المثانية.

    وقالت طائفة: إن النفس موصوفة بما وصفها هؤلاء الذين قدمنا ذكرهم من معنى الحدود والنهايات إلا أنها غير مفارقة لغيرها مما لا يجوز أن يكون موصوفًا بصفة الحيوان ( وهؤلاء الديصانية ) .

    وحكى الحريري عن جعفر بن مبشر: أن النفس جوهر ليس هو هذا الجسم وليس بجسم لكنه معنى باين الجوهر والجسم.

    وقال آخرون: النفس معنى غير الروح، والروح غير الحياة، والحياة عنده عرض، وهو أبو الهذيل، وزعم أنه قد يجوز أن يكون الإنسان في حال نومه مسلوب النفس والروح دون الحياة واستشهد على ذلك بقوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا


    وقال جعفر بن حرب: النفس عرض من الأعراض يوجد في هذا الجسم، وهو أحد الآلات التي يستعين بها الإنسان على الفعل كالصحة والسلامة وما أشبههما، وأنها غير موصولة بشيء من صفات الجواهر والأجسام، هذا ما حكاه الأشعري.

    وقالت طائفة: النفس هي النسيم الداخل والخارج بالتنفس، قالوا: والروح عرض وهو الحياة فقط وهو غير النفس، وهذا قول القاضي أبو بكر بن الباقلاني ومن اتبعه من الأشعرية

    وقالت طائفة: ليست النفس جسمًا ولا عرضًا، وليست النفس في مكان ولا لها طول ولا عرض ولا عمق ولا لون ولا بعض ولا هي في العالم ولا خارجه ولا مجانبة له ولا مباينة. وهذا قول المشائين وهو الذي حكاه الأشعري عن ارسططاليس، وزعموا أن تعلقها بالبدن لا بالحلول فيه، ولا بالمجاورة، ولا بالمساكنة، ولا بالالتصاق، ولا بالمقابلة، وإنما هو التدبير له فقط، واختار هذا المذهب البسنجي ومحمد بن النعمان الملقب بالمفيد، ومعمر بن عباد الغزالي، وهو قول ابن سينا وأتباعه، وهو أردى المذاهب وأبطلها وأبعدها من الصواب.

    قال أبو محمد بن حزم: وذهب سائر أهل الإسلام والملل المقرة بالمعاد إلى أن النفس جسم طويل عريض عميق ذات مكان، جثة متحيزة مصرفة للجسد، قال: وبهذا نقول، قال: والنفس والروح اسمان مترادفان لمعنى واحد ومعناهما واحد.

    وقد ضبط أبو عبد الله بن الخطيب مذاهب الناس في النفس فقال: ما يشير إليه كل إنسان بقوله: إنا إما أن نكون جسمًا أو عرضًا ساريًا في الجسم، أو لا جسمًا ولا عرضًا ساريًا فيه، أما القسم الأول وهو أنه جسم فذلك الجسم، إما أن يكون هذا البدن وإما أن يكون جسمًا مشاركًا لهذا البدن وإما أن يكون خارجًا عنه، وأما القسم الثالث وهو أن نفس الإنسان عبارة عن جسم خارج عن هذا البدن فهذا لم يقله أحد، وأما القسم الأول وهو أن الإنسان عبارة عن هذا البدن والهيكل المخصوص فهو قول جمهور الخلق وهو المختار عند أكثر المتكلمين.

    قلت: هو قول جمهور الخلق الذين عرف الرازي أقوالهم من أهل البدع وغيرهم من المضلين، وأما أقوال الصحابة والتابعين وأهل الحديث فلم يكن له بها شعور البتة، ولا أعتقد أن لهم في ذلك قولًا على عادته في حكاية المذاهب الباطلة في المسألة، والمذهب الحق الذي دل عليه القرآن والسنة وأقوال الصحابة لم يعرفه ولم يذكره، وهذا الذي نسبه إلى جمهور الخلق من أن الإنسان هو هذا البدن المخصوص فقط وليس وراءه شيء هو من ابطل الأقوال في المسألة بل هو أبطل من قول ابن سينا وأتباعه، بل الذي عليه جمهور العقلاء أن الإنسان هو البدن والروح معا وقد يطلق اسمه على أحدهما دون الآخر بقرينة.

    فالناس لهم أربعة أقوال في مسمى الإنسان، هل هو الروح فقط؟ أو البدن فقط؟ أو مجموعهما؟ أو كل واحد منهما، وهذه الأقوال الأربعة لهم في كلامه هل هو اللفظ فقط أو المعنى فقط، أو مجموعهما، أو كل واحد منهما، فالخلاف بينهم في الناطق ونطقه.

    قال الرازي: وأما القسم الثاني وهو أن الإنسان عبارة عن جسم مخصوص موجود في داخل هذا البدن فالقائلون بهذا القول اختلفوا في تعيين ذلك الجسم على وجوه:

    الأول: أنه عبارة عن الأخلاط الأربعة التي منها يتولد هذا البدن.

    والثاني: أنه الدم.

    والثالث: أنه الروح اللطيف الذي يتولد في الجانب الأيسر من القلب وينفذ في الشريانات إلى سائر الأعضاء.

    والرابع: أنه الروح الذي يصعد في القلب إلى الدماغ ويتكيف بالكيفية الصالحة لقبول قوة الحفظ والفكرة والذكر.

    والخامس: أنه جزء لا يتجزأ في القلب.

    والسادس: أنه جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس وهو جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفذ في جوهر الأعضاء، ويسري فيها سريان الماء في الورد وسريان الدهن في الزيتون والنار في الفحم. فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم اللطيف مشابكًا لهذه الأعضاء، وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية.

    وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار، فارق الروح البدن وانفصل إلى عالم الأرواح.

    وهذا القول هو الصواب في المسألة، هو الذي لا يصح غيره، وكل الأقوال سواه باطلة، وعليه دل الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأدلة العقل والفطرة، ونحن نسوق اللأدلة عليه على نسق واحد :

    الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، ففي الآية ثلاثة أدلة الأخبار بتوفيها وإمساكها وإرسالها.


    الرابع: قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ إلى قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ . وفيها أربعة أدلة:


    أحدها: بسط الملائكة أيديهم لتناولها.

    الثانى: وصفها بالإخراج والخروج.

    الثالث: الإخبار عن عذابها في ذلك اليوم.

    الرابع: الإخبار عن مجيئها إلى ربها.فهذه سبعة أدلة.

    الثامن: قوله تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ - إلى قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ -وفيها ثلاثة أدلة:


    أحدها: الإخبار بتوفي الأنفس بالليل.

    الثانى: بعثها إلى أجسادها بالنهار.

    الثالث: توفي الملائكة له عند الموت. فهذه عشرة أدلة.

    الحادي عش: قوله تعالى ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة ُ - ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً - فَادْخُلِي فِي عِبَادِي - وَادْخُلِي جَنَّتِي - وفيها ثلاثة أدلة:


    أحدها: وصفها بالرجوع.

    الثانى: وصفها بالدخول.

    الثالث: وصفها بالرضا.

    واختلف السلف هل يقال لها ذلك عند الموت أو عند البعث أو في الموضعين؟ على ثلاثة أقوال، وقد روي في حديث مرفوع أن النبي  قال لأبي بكر الصديق: " أما أن الملك سيقولها لك عند الموت ".

    قال زيد بن أسلم: بشرت بالجنة عند الموت ويوم الجمع وعند البعث.

    وقال أبو صالح: ﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً - هذا عند الموت
    ﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي - وَادْخُلِي جَنَّتِي قال : هذا يوم القيامة. فهذه أربعة عشر دليلا.


    الخامس عشر: قوله  " إن الروح إذا قبض تبعه البصر " ففيه دليلان :

    أحدهما: وصفه بأنه يقبض.

    الثانى: أن البصر يراه.

    السابع عشر: ما رواه النسائي حدثنا أبو داود عن عفان عن حماد عن أبى جعفر عن عمارة بن خزيمة أن أباه قال : رأيت في المنام كأني أسجد على جبهة النبي  فأخبرته بذلك فقال: إن الروح ليلقى الروح فأقنع رسول الله  هكذا. قال عفان برأسه إلى حلقه فوضع جبهته على جبهة النبي  فأخبر أن الأرواح تتلاقى في المنام.

    وقد تقدم قول ابن عباس: تتلقي أرواح الأحياء والأموات في المنام فيساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى.

    الثامن عشر: قوله  في حديث بلال " إن الله قبض أرواحكم وردها إليكم حين شاء "، ففيه دليلان: وصفها بالقبض، والرد.

    العشرون: قوله  " نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة " وفيه دليلان:

    أحدهما: كونها طائرًا.

    الثاني: تعلقها في شجر الجنة وأكلها على اختلاف التفسيرين.

    الثاني والعشرون: قوله " أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش فأطلع إليهم ربك اطلاعة فقال أي شيء تريدون " الحديث. وقد تقدم وفيه ستة أدلة:

    أحدها: كونها مودعة في جوف طير.

    الثاني: أنها تسرح في الجنة.

    الثالث: أنها تأكل من ثمارها وتشرب من أنهارها.

    الرابع: أنها تأوي إلى تلك القناديل أي تسكن إليها.

    الخامس: أن الرب تعالى خاطبها واستنطقها فأجابته وخاطبته

    السادس: أنها طلبت الرجوع إلى الدنيا فعلم أنها مما يقبل الرجوع، فإن قيل: هذا كله صفة الطير لا صفة الروح، قيل: بل الروح المودعة في الطير قصد، وعلى الرواية التي رجحها أبو عمر، وهي قوله: أرواح الشهداء كطير، ينفي السؤال بالكلية.

    التاسع والعشرون: قوله  في حديث طلحة بن عبيد الله: أردت مالي بالغابة فأدركني الليل فأويت إلى قبر عبد الله بن عمرو بن حزام فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها فقال رسول الله : " ذاك عبد الله، ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم، فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت ثم علقها وسط الجنة، فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم، فلا تزال كذلك حتى إذا طلع الفجر ردت أرواحهم إلى مكانها التي كانت "، وفيه أربعة أدلة سوى ما تقدم:

    أحدها: جعلها في القناديل.

    الثاني: انتقالها من حيز إلى حيز.

    الثالث: تكلمها وقراءتها في القبر.

    الرابع: وصفها بأنها في مكان.

    الثالث والثلاثون: حديث البراء بن عازب، وقد تقدم سياقه، وفيه عشرون دليلا:

    أحدها: قول ملك الموت لنفسه ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة ُ - ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً - وهذا الخطاب لمن يفهم ويعقل.


    الثاني: قوله: اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان.

    الثالث: قوله: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء.

    الرابع: قوله: فلا يدعونها في يده طرفة عين حتى يأخذوها منه.

    الخامس: قوله: حتى يكفونها في ذلك الكفن ويحنطوها بذلك الحنوط، فأخبر أنها تكفن وتحنط.

    السادس: قوله: ثم يصعد بروحه إلى السماء.

    السابع: قوله : ويوجد منها كأطيب نفحة مسك وجدت.

    الثامن: قوله : فتفتح له أبواب السماء.

    التاسع: قوله : ويشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهي إلى الرب تعالى.

    العاشر: قوله : فيقول الله تعالى: ردوا عبدي إلى الأرض.

    الحادي عشر: قوله: فترد روحه في جسده.

    الثاني عشر: قوله: في روح الكافر: فتفرق في جسده فيجذبها فتنقطع منها العروق والعصب.

    الثالث عشر: قوله : ويوجد لروحه كأنتن ريح وجدت على وجه الأرض.

    الرابع عشر: قوله : فيقذف بروحه من السماء وتطرح طرحًا فتهوي إلى الأرض.

    الخامس عشر: قوله: فلا يمرون بها ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب وما هذه الروح الخبيث؟

    السادس عشر: قوله : فيجلسانه ويقولان له : ماكنت تقول في هذا الرجل؟ فإن كان هذا للروح فظاهر، وإن كان للبدن فهو بعد رجوع الروح إليه من السماء.

    السابع عشر: قوله: فإذا صعد بروحه قيل: أي رب عبدك فلان.

    الثامن عشر: قوله: أرجعوه فأروه ماذا أعددت له من الكرامة، فيرى مقعده من الجنة أو النار.

    التاسع عشر: قوله في الحديث " إذا خرجت روح المؤمن صلى عليها كل ملك لله بين السماء والأرض " فالملائكة تصلي على روحه وبنو آدم يصلون على جسده.

    العشرون: قوله: فينظر إلى مقعده من الجنة أو النار، حتى تقوم الساعة والبدن قد تمزق وتلاشى، وإنما الذي يرى المقعدين الروح.................... .......ومن اراد المزيد لكلام ابن القيم على هذا الرابطhttps://www.quran.link/books/54/21/

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل ماهية الأرواح شيء مختلف عن ماهية الابدان ؟

    رجوع الروح إلى الجسد وهيئتها عند البعث

    كل روح ترجع إلى جسدها الذي كانت فيه في الدنيا, كما جاء في مسند الإمام أحمد مرفوعًا: حَتَّى إِذَا كَانُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ دَخَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ فِي جَسَدِهَا. وصححه الألباني, أي دخلت كل روح في جسدها, وعند ابن أبي عاصم في السنة بسند جود إسناده الألباني: حتى إذا أخرجت الأجساد أرسل الله الأرواح, وكان كل روح أسرع إلى صاحبه من الطرف, ثم ينفخ في الصور, فإذا هم قيام ينظرون.
    قال ابن القيم في كتابه الروح: تنْبت أَجْسَادهم فِي الْقُبُور، فَإِذا نفخ فِي الصُّور رجعت كل روح إِلَى جَسدهَا فَدخلت فِيهِ, فانشقت الأَرْض عَنهُ, فَقَامَ من قَبره, وَفِي حَدِيث الصُّور أَن إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام يَدْعُو الْأَرْوَاح فَتَأْتِيه جَمِيعًا أَرْوَاح الْمُسلمين نورًا، وَالْأُخْرَى مظْلمَة، فيجمعها جَمِيعًا فيعلقها فِي الصُّور, ثمَّ ينْفخ فِيهِ, فَيَقُول الرب جلّ جَلَاله: وَعِزَّتِي ليرجعن كل روح إِلَى جسده, فَتخرج الْأَرْوَاح من الصُّور مثل النَّحْل, قد مَلَأت مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض, فَيَأْتِي كل روح إِلَى جسده فَيدْخل, وَيَأْمُر الله الأَرْض فَتَنْشَق عَنْهُم, فَيخْرجُونَ سرَاعًا إِلَى رَبهم يَنْسلونَ, مهطعين إِلَى الدَّاعِي يسمعُونَ الْمُنَادِي من مَكَان قريب, فَإِذا هم قيام ينظرُونَ, وَهَذَا مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ أَن الرَّسُول أخبر بِهِ, وَإِن الله سُبْحَانَهُ لَا ينشئ لَهُم أرواحًا غير أَرْوَاحهم الَّتِي كَانَت فِي الدُّنْيَا, بل هِيَ الْأَرْوَاح الَّتِي اكْتسبت الْخَيْر وَالشَّر أنشأ أبدانها نشأة أُخْرَى ثمَّ ردهَا إِلَيْهَا. اهــ...................... .. وأما هل تبعث الأجساد على الهيئة التي كانت عليها في الدنيا؟ فجوابه أن الأجساد تبعث يوم القيامة على الصورة التي وُلدت بها في الدنيا, كما قال تعالى: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ {الأنبياء:104}، } أي: كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلًا كذلك نعيدهم يوم القيامة. قاله البغوي وغيره.
    لكن يوجد فيها شيء من الاختلاف عما كانوا عليه في الدنيا من الهيئة, كالطول والقصر, والبصر والعمى, مع أن الأجساد هي نفسها, فبعض الناس يحشر أعمى مع أنه كان في الدنيا بصيرًا, كما دل عليه قوله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) {سورة طــه}.
    والمتكبرون يحشرون يوم القيامة في حجم النمل الصغير, كما جاء في حديث عبد الله بن عمر بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُو نَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ النَّاسِ يَعْلُوهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الصَّغَارِ حَتَّى يَدْخُلُوا سِجْنًا فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ بُولَسُ ... إلخ, رواه أحمد والترمذي, والذر: النمل الصغير, والمعنى أن صُوَرَهُمْ صُوَرُ الْإِنْسَانِ، وَجُثَّتَهُمْ كَجُثَّةِ الذَّرِّ فِي الصِّغَرِ.
    وعند الطبراني بسند حسنه الألباني مرفوعًا: مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ سِقْطًا وَلا هَرِمًا, وَإِنَّمَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ, إِلا بُعِثَ ابْنَ ثَلاثِينَ سَنَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ عَلَى مَسْحَةِ آدَمَ، وصُورَةِ يُوسُفَ، وَقَلَبِ أَيُّوبَ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عُظِّمُوا وَفُخِّمُوا كَالْجِبَالِ.
    فالناس سيبعثون في سن واحدة, ولكنهم تختلف أجسادهم في الحجم, فأهل الجنة على صورة أبيهم آدم – ستون ذراعًا في السماء – والكفار كالجبال؛ لأنه كلما اتسعت رقعة البدن زاد ألم العذاب - والعياذ بالله - كما في صحيح مسلم مرفوعًا: ضِرْسُ الْكَافِرِ أَوْ نَابُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ. قال النووي: هَذَا كُلّه لِكَوْنِهِ أَبْلَغ فِي إِيلَامه. اهــ.[الاسلام سؤال وجواب]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل ماهية الأرواح شيء مختلف عن ماهية الابدان ؟

    شكل الروح
    قال الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح الطحاوية
    الروح شكلها شكل الجسد؛ يعني بمعنى لو فصلت روحك عنك صارت الصورة واحدة، يكون الجسد الجثمان، والروح مخلوق، الله أعلم بحقيقتها لكن الصورة واحدة.
    ويدل عليه أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي» ومعلوم أنّ الرائي للنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ إنما يرى روحه؛ لأن جسده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ مدفون، وإذا كان رأى روحه فإنه يرى روحه على صورة جسده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ الذي كان يعيش في الدنيا بروحه وجسده.
    لهذا الروح صورتها صورة الجسد، الروح والجسد نفس الصورة، الروح تدخل في الإنسان؛ يعني في النفخ فيه حينما يكون جنينا وتتشكل مع الجسد، الهيئة هيئة الروح هي هيئة الجسد والله أعلم بحقائق الأشياء.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل ماهية الأرواح شيء مختلف عن ماهية الابدان ؟

    هل الأرواح تموت

    تعرَّض شارح الطحاوية لهذه المسألة ورجح عدم موتها في عالم البرزخ فقال:واختلف الناس: هل تموت الروح أم لا ؟ فقالت طائفة: تموت؛ لأنها نفس، وكل نفس ذائقة الموت، وقد قال تعالى: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}. وقال تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه}. قالوا: وإذا كانت الملائكة تموت، فالنفوس البشرية أولى بالموت. وقال آخرون: لا تموت الأرواح، فإنها خلقت للبقاء، وإنما تموت الأبدان. قالوا: وقد دل على ذلك الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها.
    والصواب أن يقال:
    موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر، فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتفنى بالكلية، فهي لا تموت بهذا الاعتبار، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى}، وتلك الموتة هي مفارقة الأرواح للأجساد. وأما قول أهل النار: {ربنا أمتنا اثنتين}، وقوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم}- فالمراد: أنهم كانوا أمواتا وهم نطف في أصلاب آبائهم وفي أرحام أمهاتهم، ثم أحياهم بعد ذلك، ثم أماتهم، ثم يحييهم يوم النشور، وليس في ذلك إماتة أرواحهم قبل يوم القيامة، وإلا كانت ثلاث موتات. وصعق الأرواح عند النفخ في الصور لا يلزم منه موتها، فإن الناس يصعقون يوم القيامة إذا جاء الله لفصل القضاء، وأشرقت الأرض بنوره، وليس ذلك بموت. وسيأتي ذكر ذلك، إن شاء الله تعالى. وكذلك صعق موسى عليه السلام لم يكن موتا، والذي يدل عليه أن نفخة الصعق - والله أعلم - موت كل من لم يذق الموت قبلها من الخلائق، وأما من ذاق الموت، أو لم يكتب عليه الموت من الحور والولدان وغيرهم، فلا تدل الآية على أنه يموت موتة ثانية. اهـ. [الاسلام سؤال وجواب]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •