السؤال:
♦ الملخص:
فتاة تسأل عن حُكم الأخذ من شعر الحاجبين.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سؤالي عن الحاجبين: هل يجوز تنظيف الحاجبين من الشعر الزائد، مع العلم بأنه لن يتمَّ تغيير شكل الحاجب الأصلي، فقط الشعر الصغير الزائد من أسفل وأعلى الحاجب، ولكن الشكل سيظل كما هو؟ وإذا كان لا يجوز، فلماذا؟ مع العلم أن إزالة شعر الوجه كامل غير محرَّم، فما الحكمة من تحريم شعر الحاجبين بالأخص؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النَّمصِ؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، قال: فبلَغ ذلك امرأةً من بني أسد يقال لها: أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديثٌ بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال عبدالله: وما لي لا ألعن من لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ ... »؛ الحديث[1].
فهذا نهي صريح من النبي صلى الله عليه وسلم عن النَّمْصِ.
وقد اختلف العلماء في معنى النَّمْصِ على قولين:
القول الأول: أن النمص هو النتف، وأما الحلق فلا بأس به، وهذا القول هو مذهب الحنفية والحنابلة؛ قال ابن قدامة رحمه الله: «والمتنمصة: المنتوف شعرها بأمرها، فلا يجوزُ للخبرِ، وإن حُلِقَ الشعر فلا بأس؛ لأن الخبر إنما ورد في النَّتْفِ، نص على هذا أحمد»[2].
وقال الحصفكي الحنفي: «النَّامصة: التي تنتفُ الشعر من الوجه»[3].
القول الثاني: أن النمص يعم كلَّ إزالة للشعر بأي طريقة كانت، سواء بالنتف أو بغيره، وهو مذهب الشافعية والمالكية.
قال النووي رحمه الله: « النامصة: هي التي تزيل الشعر من الوجه»[4].
وقال زروق رحمه الله: «النامصة: التي ترقق الحاجب بحفٍّ أو نتف»[5].
واختلف العلماء أيضًا: هل النمص يشمل الوجه كلَّه أو هو مختص بشعر الحاجبين فقط؟ على قولين:
القول الأول: أنه يشمل جميع الوجه، وهو مذهب جمهور العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله: «فأما النامصة: فهي التي تنتف الشعر من الوجه»[6].
وتقدم قول النووي: «النامصة: هي التي تزيل الشعر من الوجه».
وقال أبو القاسم بن جزي رحمه الله: «والتنمص: نتف الشعر من وجهها»[7] .
القول الثاني: أنه مختص بشعر الحاجبين فقط، وهو مذهب أبي داود.
قال أبو داود رحمه الله: «والنامصة: التي تنقش الحاجب حتى ترقه»[8].
وقال أبو الحسن العدوي رحمه الله: النامصة هي التي تنتف الحاجب حتى ترقه، كذا قال أبو داود، وفسَّرها عياض ومَن وافَقه بأنها التي تنتف الشعر من الوجه.
والأول يقتضي جواز نتف شعر ما عدا الحاجبين من الوجه، وتفسير عياض يقتضي خلاف ذلك"[9].
وخلاصة القول أختنا الكريمة:
أولًا: أن العلماء اتفقوا على أن نتف شعر الحاجبين - سواء بالملقاط، أو بالماكينة الحديثة التي تزيله تمامًا - غير جائز، فمن فعلتْه فهي آثمة باتفاق العلماء، فلا يجوز لكِ أن تفعلي هذا.
ثانيًا: أن من أخذتْ من شعر الحاجبين بالحلق، أو أخذت من شعر وجهها بالحلق أو النتف، فهي غير آثمة عند بعض العلماء، وآثمة عند البعض الآخر، فلكِ أن تتحري في ذلك الأحوط لدينك، ولا حرج عليك في ذلك؛ لأن المسألة اجتهادية.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من النهي في قوله: «المغيرات خلق الله»؛ فالنهي عن ذلك لأنه تغيير لخلق الله تعالى، لاسيما مع النتف والإزالة الكاملة، والله أعلم.


-----------------
[1] متفق عليه: أخرجه البخاري (4886)، ومسلم (2125).
[2] المغني (1/ 131).
[3] الدر المختار (6/ 373)، مطبوع مع حاشية ابن عابدين.
[4] شرح مسلم (14/ 106).
[5] شرح زروق على متن الرسالة (2/ 1055).
[6] المغني (1/ 131).
[7] القوانين الفقهية (ص: 293).
[8] سنن أبي داود (4/ 78).
[9] حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (2/ 459).


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6V1KRiMas