تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: حكم السؤال عن الحكمة مما قدره الله استفهاما أو اعتراضا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي حكم السؤال عن الحكمة مما قدره الله استفهاما أو اعتراضا

    قول الإمام الطحاوي: فمن سأل لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين
    ـ
    يراد به من سأل على وجه الاعتراض على حكم الله، والمخاصمة له فيما قضى وقدر، وليس مراده مطلق السؤال،
    قال ابن أبي العز الحنفي في شرحه:
    اعلم أن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع، ولهذا لم يحك الله سبحانه عن أمة نبي صدقت بنبيها وآمنت بما جاء به، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به ونهاها عنه وبلغها عن ربها، ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها، بل انقادت وسلمت وأذعنت، وما عرفت من الحكمة عرفته، وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وتسليمها على معرفته، ولا جعلت ذلك من شأنها، وكان رسولها أعظم عندها من أن تسأله عن ذلك، كما في الإنجيل: يا بني إسرائيل لا تقولوا: لم أمر ربنا؟ ولكن قولوا: بم أمر ربنا، ولهذا كان سلف هذه الأمة ـ التي هي أكمل الأمم عقولا ومعارف وعلوما ـ لا تسأل نبيها: لم أمر الله بكذا؟ ولم نهى عن كذا؟ ولم قدر كذا؟ ولم فعل كذا؟ لعلمهم أن ذلك مضاد للإيمان والاستسلام، وأن قدم الإسلام لا تثبت إلا على درجة التسليم، فأول مراتب تعظيم الأمر التصديق به، ثم العزم الجازم على امتثاله، ثم المسارعة إليه والمبادرة به القواطع والموانع، ثم بذل الجهد والنصح في الإتيان به على أكمل الوجوه، ثم فعله لكونه مأمورا، بحيث لا يتوقف الإتيان به على معرفة حكمته، فإن ظهرت له فعله وإلا عطله، فإن هذا ينافي الانقياد، ويقدح في الامتثال.
    قال القرطبي ناقلا عن ابن عبد البر:
    فمن سأل مستفهما راغبا في العلم ونفي الجهل عن نفسه، باحثا عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه، فلا بأس به، فشفاء العي السؤال، ومن سأل متعنتا غير متفقه ولا متعلم، فهو الذي لا يحل قليل سؤاله ولا كثيره،

    قال ابن العربي: الذي ينبغي للعالم أن يشتغل به هو بسط الأدلة، وإيضاح سبل النظرة، وتحصيل مقدمات الاجتهاد وإعداد الآلة المعينة على الاستمداد، قال: فإذا عرضت نازلة، أتيت من بابها، ونشدت من مظانها، والله يفتح وجه الصواب فيها، انتهى، وقال صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ـ رواه الترمذي وغيره، ولا شك في تكفير من رد حكم الكتاب، ولكن من تأول حكم الكتاب لشبهة عرضت له، بين له الصواب ليرجع إليه، فالله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل، لكمال حكمته ورحمته وعدله، لا لمجرد قهره وقدرته، كما يقول جهم وأتباعه، وسيأتي لذلك زيادة بيان عند قول الشيخ: ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله. اهـ.المصدر الاسلام سؤال وجواب

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حكم السؤال عن الحكمة مما قدره الله استفهاما أو اعتراضا

    كثيرا من الأحكام التي تعبدنا الله بها قد تظهر للعباد حكمتها وقد تخفى حكمتها عنهم، فيخفي الله حكمة هذه الأمور عنا ابتلاءً ليتحقق من العبد الاستسلام لله بالطاعة، وأن حال العبد أمام أمر الله وشرعه قائم على قدم الخضوع والاستسلام، سواء علم الحكمة من أمره، أم لم يعلمها مع التيقن أن لها حكماً لم نعلمها، ولم ندركها بعقولنا،
    قال ابن القيم رحمه الله: ومن علامات تعظيم الأمر والنهي أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز وجل، بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه ممتثلاً ما أمر به؛ سواء ظهرت له حكمته أو لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه حمله ذلك على مزيد الانقياد والتسليم. انتهى
    ومن كان منقادا للشرع لكنه يبحث عن الحكمة فيه ليدعو إلى الله تعالى ببيان تلك الحكمة فهو محسن في ذلك، وما يحصله من الحكم الظاهرة لأحكام الشرع هو من العلم الذي يثاب طالبه، وخاصة إذا انضم لذلك نية الدعوة إلى الله تعالى، وبخاصة دعوة الكفار الذين يستجيبون للحق إذا ظهرت لهم حكمة الأمر به، وفاعل هذا بهذا القصد مأجور مثاب إن شاء الله، وليس عمله هذا من البدع، لكن عليه أن ينتبه إلى ضرورة بيان أن الانقياد والتسليم إنما هو للشرع لا لمجرد الحكمة، وأن يحذر من ذكر ما ليس بحكمة للتشريع في نفس الأمر؛ كأن كان ما يذكره من الحكم لا يقوم عليه دليل بين أو لا يظهر ظهورا واضحا، فإن هذا يؤدي إلى النفور، ومزيد الإعراض عن الدعوة، فيضر صاحب هذا المسلك من حيث قدر أنه ينفع.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •