عن ابن عباس رضي الله تعالى عنـه قـال :-
" إذا أردت أن تذڪر عيوب صاحبك فـاذڪر عيوب نفسك ".
ماصحة هذا الأثر؟
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنـه قـال :-
" إذا أردت أن تذڪر عيوب صاحبك فـاذڪر عيوب نفسك ".
ماصحة هذا الأثر؟
أخرج البخاري في التاريخ الكبير [328]، فقال:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فذكره.
في الإسناد زيادة أبي إسحاق السبيعي، وهذا خطأ، بشر بن محمد السختياني المروزي "صدوق رمي بالإرجاء"، كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
إذ خولف، فأخرجه ابن أبي الدنيا عن ابن المبارك على الصواب، وذلك في الصمت وآداب اللسان [194]، وفي ذم الغيبة والنميمة [56]، وفي مداراة الناس [142]، فقال:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: فذكره.
وتوبع ابن المبارك بدون هذ الزيادة، فأخرج الإمام أحمد في الزهد [1045]، فقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فذكره.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان [6385]، وفي مناقب الشافعي (1/68)، من طريق أَبي نُعَيْمٍ، قال: نا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ذَكَرُوا رَجُلا، فَقَالَ: فذكره.
وروي مرفوعًا، أخرجه الرافعي في التدوين في أخبار قزوين [3 : 38] فقال:
فِيمَا سَمِعَهُ [الطاوسي أَبُو عنان] مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَيْدَرِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ بِهَمْدَانَ، حَدِيثُهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ إبراهيم الْمَسْجِدِيِّ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخَشَّابُ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْجَوْزَقِيُّ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيُّ،
ثَنَا إبراهيم بْنُ إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: فذكره.
وهذا إسناد منكر، فيه عبد الله بن حيدر القزويني ذكره البرهان الحلبي في الكشف الحثيث، وقال: " عن زاهر الشحامي وطبقته وخرج لنفسه أربعين حديثا، اتهمه ابن الصلاح ".
قلتُ: خولف، فأخرج ابن أبي الدنيا الصمت وآداب اللسان [710]، فقال:
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: فذكره موقوفًا.
قلتُ: وهذا إسناد فيه أبو يحيى وهو زاذان القتات، "لين الحديث"، كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وقال أحمد بن حنبل: "روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة مناكير جدا"، والراوي عنه هنا إسرائيل.
قال ابن حبان: "ممن فحش خطؤه وكثر وهمه حتى سلك غير مسلك العدول في الروايات وجانب قصد السبيل في أسبابها،
يجب أن يتنكب ما انفرد به من الأخبار وإن اعتبر بما وافق الثقات من الآثار فلا ضير من غير أن يحكم بموافقته واحدا في النقل على أحد منه". اهـ.
وقد روي من قول سفيان بن عيينة، أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (53/279)، فقال:
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، حدثنا جدي أبو محمد، حدثنا أبو علي الأهوازي، أنبأنا أبو سعد عبد الملك بن سعيد بن عبد الله المعروف بابن أبي عثمان الزاهد بدمشق،
حدثنا أبو يعلى محمد بن طاهر الأصبهاني، حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي، حدثنا علي بن زيد الفرائضي، قال: سمعت يعقوب بن أبي عباد القلزمي، يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: فذكره.
قال ابن عساكر: "الصواب: عبد الملك بن محمد بن إبراهيم". اهـ.
قلتُ: لعل أحد الرواة اختلط بين أبي سعد عبد الملك بن محمد بن إبراهيم وبين سعيد بن عبد الله أبي عمرو الحيري كلاهما يعرف بابن أبي عثمان.
وفي الإسناد أبو علي الحسن بن علي الأهوازي، "كذاب في الحديث والقراءات جميعا"، كذا قال الخطيب البغدادي وغيره. والراوي عنه مقاتل بن مطكوذ السوسي لم أجد من ذكره بجرح ولا تعديل.
وأبو سعد عبد الملك بن محمد بن إبراهيم الخركوشي، "ثقة صالح ورع زاهد"، كذا قال الخطيب البغدادي وغيره، وأبو يعلى الأصبهاني،
قال الحاكم في "تاريخه": نزيل نيسابور، كان يحفظ سؤالات الشيوخ، ويعرف رسم التحديث، وكان كثير السماع والرحلة، مرض بنيسابور فتشوش، فربما كان مصابًا، وربما كان له عقل، وما رأيته يزول حفظه في أحواله كلها،
وقال ابن عساكر: رحَّال: اهـ.. "مختصر تاريخ نيسابور" (51/ أ)، "تاريخ دمشق" (53/ 279)، "مختصره " (22/ 246)، "تاريخ الإسلام" (26/ 196).
ومحمد بن إبراهيم الديبلي، "المحدث الصدوق ، وكان مسند الحرم في وقته"، كذا قال الذهبي. وعلي بن زيد الفرضي، "تكلموا فيه"، كذا قال أبو سعيد بن يونس المصري وقال مسلمة: "ثقة"،
ويعقوب بن أبي عباد القلزمي، "محله الصدق، لا بأس به"، كذا قال أبو حاتم الرازي، وقال نه أبو سعيد بن يونس المصري: "ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات.
وروي نحوه من قول سفيان الثوري، أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في الحلية (7/10)، فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ أَبُو حَمَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقْرَأُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ: "... وَاشْتَغِلْ بِذِكْرِ عُيُوبِ نَفْسِكَ عَنْ ذِكْرِ عُيُوبِ غَيْرِكَ ...". اهـ.
وأخرج أبو بكر البزار في مسنده [6237]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْحَرَّانِيُّ، نا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، نا النَّضْرُ بْنُ مُحْرِزٍ الأَزْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ، وَلَيْسَتْ بِالْجَدْعَاءِ، فَقَالَ:
"... طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ ...". اهـ، قلتُ: في الإسناد النضر الأزدي، "منكر الحديث"، كذا قال ابن حبان والدارقطني وابن عساكر.
قال البزار: "وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ أَنَسٍ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَوَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ، رَوَاهُ أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَنَسٍ". اهـ، قلتُ: وأبان، "متروك الحديث".
قلت: له طريق ثالث أخرجه علي بن الحسن العبدي في جزء له [43]، من طريق الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَزِيغٍ، قال:
نا حُسَيْنُ بْنُ حُسَيْنٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ السُّلَمِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ضَحِكَ رَجُلٌ عِنْدَ الْمَقَابِرِ فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَغَضِبَ، فَقَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "... طُوبَى لِعَبْدٍ هَمَّتْهُ نَفْسُهُ ...". اهـ.
قلتُ: هذا مسلسل بالمجاهيل إلى السلمي ولعله إسماعيل بن زياد السكوني قاضي الموصل، "متروك، كذبوه"، كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
والله أعلم.
جزاكم الله خيراً.