تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ضوابط النظرة الشرعية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,509

    افتراضي ضوابط النظرة الشرعية

    ضوابط النظرة الشرعية

    السؤال

    ما هي النظرة الشرعية ؟كيف هي النظرة الشرعية ؟هل بالإمكان على أي أحد يريد أن يخطب أن يرى بشكل يتيح له أخذ القرار الصحيح ؟لماذا يوجد هناك عادات تحكمنا في هذا الموضوع وهي لا تمت إلى الشريعة الإسلامية بأي .........!؟في آخر إحصائيات على المتزوجين في السعودية ! نسبة الطلاق الأعلى تقع بين أعمار أل( 19 سنة ) إلى أعمار أل( 26 سنة )؟ ولماذا !!!!!!!!!!!!!!!!!؟
    هل يوجد إلى وقتنا الحاضر من يرى عدم ضرورة النظرة الشرعية قبل الزواج؟
    وهو مؤيد لهذه النظرة بشكل كبير وقطعي





    أجاب عنها: أ.د. خالد المشيقح

    الجواب

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: نعم، النظرة الشرعية هي أن يرى ما يظهر غالباً والقاعدة في ذلك كما في حديث المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" فإنه ينظر ما يدعو إلى نكاحها فينظر إلى الوجه والرأس والكفين والقدمين هذه الأشياء هي التي تدعو إلى النكاح.






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2

    افتراضي رد: ضوابط النظرة الشرعية

    بسم الله
    السلام عليكم
    مسالة النظرة الشرعية لا شك دليل جوازها من الكتاب والسنة اما الكتاب فقوله تعالى (ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها) استثناء للضرورة والحاجة (الا) كقوله تعالى ( الا ما اضطررتم اليه) وقوله ( الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان) وقوله ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وقوله ( الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) والاجماع على ذلك في كتب الفقه والتفسير للاية وابواب مختلفة مثل النكاح والشهادات والتقاضي والبيوع ووو فيذكرون الشاهد والمتبايع والقاضي والخاطب والطبيب وفي حال انقاذها من غرق او حريق او سقوط ونحوه اجماع انها اية الرخص وقد ذكرت في كتابي ( إجماعات المذاهب الأربعة على فريضة الحجاب ورد قول من يفتري عليهم وجود خلاف بينهم في ستر المسلمة وجهها بالجلابيب السود) عند مبحث ( بداية بدعة السفور اليوم) اكثر من عشرة ادلة على الاجماع على ان اية ( الا ما ظهر منها) رخصة لا يجوز وحرام تفسيرها بغير ذلك وكأنها اية تشريع وصفة وطريقة لبس الحجاب فيكون حرفنا الدين كمن يستدل بايات القصر للمسافر ويقول الاتمام للمقيم سنة ومستحب وليس فرض . ومن اتم وهو مقيم كان افضل واتقى وسنة ومستحب
    واما ادلة جواز النظر للخاطبة من السنة فكثيرة .
    واختلف العلماء في مقدار ما ينظر له الخاطب على ثلاث اقوال تقريبا.
    الاول النظر للوجة والكفين وقيل اطراف القدمين وعلى هذا الجمهور انه ينظر للوجه والكفين فقط لانه يكتفي به وكافي لبيان رغبته فيها من عدمه وقال بعضهم والقدمين ولهذا قدر الفقهاء هذا القدر حتى لا يتوسع الناس في كشف ما لا داعي لكشفه وقاسوه ايضا بالقدر الذي يظهر منها في صلاتها حتى لا تكشف اكثر من ذلك ويتساهل الناس. فحسبه اهل السفور اليوم انهم يتحدثون في تشريع فريضة الحجاب فقالوا اين دليل الخثعمية اين دليل سفعاء الخدين ووو كما بينت خطاهم في كتابي كشف الاسرار عن القول التليد فيما لحق مسالة الحجاب من تحريف وتبديل وتصحيف.
    الثاني قول الظاهرية وقد توسعوا كثيرا حتى اكثر من الشعر لامور شاذة كعادة ظاهريتهم لفهمهم لمطلق قوله عليه الصلاة السلام (الى ما يدعوه الى نكاحها).ونحوه من الادلة المطلقة.

    القول الثالث من منعوا الخاطب مطلقا من النظر للمراة وقالو لا ينظر الخاطب وانما توصف له من احدى قريباته ونحو ذلك للفتن او الزمان او نحو ذلك من تبريراتهم .
    وهذا ليس قول عامي او عادات او موروث بل في الحقيقة قول ائمة واعلام حتى نسب الى مالك وغيره من عدة مصادر كما سنذكرها في الهامش ومن نقلوه عن مالك هم من ائمة الفقه المالكي نفسة وهو ايضا قول طائفة من ائمة كل المذاهب تجد منهم من مال لهذا القول بالمنع من نظر الخاطب . ولا شك انه ليس الصواب لمخالفته للنصوص ولكنه للامانة العلمية قال به بعض الفقهاء من كل المذاهب الاربعة ولعله لاعتبارات عندهم من الفتن واختلاف الازمان ونحو ذلك والله اعلم . ويجب ان يبث هذا العلم حتى يعرف الناس حقيقة فريضة الحجاب بستر المسلمة لوجهها عن الرجال وبدعة وكبيرة كشفه من غير حاجة ولا ضرورة. ولعله احد الاسباب في عدم قول من قالوا ان الوجه والكفين من العورة هو منع بعض اهل العلم كشفه للخاطب ونحوه اما بحجة العورة او غير ذلك فقالوا ليس عورة لبيان جواز كشفهما عند الضرورة فلم يناسب عندهم القول فيما اباحته الشريعة للحاجة والضرورة ان يقال عنه عورة فتأنفه النفوس وترفضه وتتعطل مصالح العباد وقد اباحته ورخصته الشريعة. كما ان لهم اعتبارات اخرى لقولهم ليس عورة ذكرناها في كتابنا ..ولهذا فقالوا ان العلة في طلب الشارع فرض ستر المسلمة لوجهها عن الرجال للفتنة والشهوة المتحققة بالفطرة التي فطر الله العباد عليها تجاه كشف شيء من زينة النساء.
    والمقصد ان من منعوا الخاطب فقهاء كثيرون لهذا وجدته كغيره دليلا قاصما من القواصم لمذهب فرقة السفور اليوم وردا على بدعتهم في الدين بالقول بالسفور اليوم ومخالفة عقيدة اهل السنة والجماعة في فريضة الحجاب بستر المسلمة لوجهها عن الرجال ودليلا على ان المذاهب الأربعة لا يعرفون في زمانهم السفور ولم يمر عليهم ولم يخطر في بالهم بل وانه كان عندهم كشف المسلمة لوجهها كبيرة من كبائر الذنوب وحرام معلوم من الدين عندهم بالضرورة قد يكفر منكره في وقتهم قبل غربة الاسلام اليوم . فنقلت بعض اقوال اهل العلم في زمانهم في هذا وهي كثيرة جدا ولكن الاشارة تدل على المقصد وانه كان هناك خلاف كثير و قوي جدا في جواز نظر الخاطب وانه منعه طائفة من اهل العلم منهم مالك وغيره كما نسب له . لهذا ناقشهم بعض الائمة وحاوروهم ولم يقولوا ان الاصل كشفه ولا انه مباح ولا انه مذهب احد بتاتا كابي حنيفة ومالك وغيرهم ولا لان ستره سنة ومستحب وغير ذلك من الكلام المبتدع والمحدث الباطل المحرف للدين حديثا بل العكس فهم حتى في غير الخاطب من الكافرة والفاسقة والعم والخال والاعمى واولاد زوجها المتوفى عنها وزوجها المظاهر والمطلق ومملوكها منعوها من كشف وجهها لهم احتياطا ولاعتبارات اخرى عندهم كما نقلناها عنهم.
    والان ننقل بتصرف من كتاب ( إجماعات المذاهب الأربعة على فريضة الحجاب ورد قول من يفتري عليهم وجود خلاف بينهم في ستر المسلمة وجهها بالجلابيب السود)
    الإجماع على ستر المسلمة لوجهها بدليل شدة حرص واختلاف المتقدمين لدرجة منع بعضهم الأخذ بكشفها في الرخص والمباحات والمندوبات
    من الأدلة على إجماعهم على ستر المرأة لوجهها أن الفقهاء اختلفوا في منع بعض المباحات والمندوبات والرخص والتي هي أشد وأزيد وفوق سترها لوجهها عن الرجال مثل منعهم الخاطب من النظر لمن أراد خطبتها: ومع أنه مندوب مرخص فيه شرعا، فقد نقلناه في كتابنا كشف الأسرار عن القول التليد من عدة مصادر(1) والنقول من غيرها في كتب أهل العلم كثيرة. سنذكر هنا ما تيسر ونشير للبعض في الهامش.
    ١_ قال ملا علي القاري الحنفي (ت:1014ه) في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح عند "باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات": (وَلِلْعُلَمَاءِ خِلَافٌ فِي جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَجَوَّزَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ مُطْلَقًا، أَذِنَتِ الْمَرْأَةُ أَمْ لَمْ تَأْذَنْ، لِحَدِيثَيْ جَابِرٍ وَالْمُغِيرَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي أَوَّلِ الْحِسَانِ، وَجَوَّزَهُ مَالِكٌ بِإِذْنِهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "... وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ النَّظَرِ إِلَيْهَا قَبْلَ الْخِطْبَةِ، حَتَّى إِنْ كَرِهَهَا تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ إِيذَاءٍ بِخِلَافِ مَا إِذَا تَرَكَهَا بَعْدَ الْخِطْبَةِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ النَّظَرُ اسْتَحَبَّ أَنْ يَبْعَثَ امْرَأَةً تَصِفُهَا لَهُ، وَبِمَا يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَحَسْبُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ فِي حَقِّهِ، فَيُسْتَدَلُّ بِالْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَضِدِّهِ، وَبِالْكَفَّيْن ِ عَلَى سَائِرِ أَعْضَائِهَا بِاللِّينِ وَالْخُشُونَةِ" هـ.) انتهى.
    وانظر إلى قوله: (لِلْعُلَمَاءِ خِلَافٌ فِي جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا.. . مالك... وَرُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا).والنووي ممن لا يعدون الوجه عورة، في حق من جاز له النظر إلى المرأة (لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ فِي حَقِّهِ)ومع ذلك لم يمنعه من تحريم كشفه بلا سبب مبيح. فهم ومن يقولون بالعورة متفقون في أصل الفريضة. بل إن من نسب لمالك رحمه الله، منعه الخاطب من النظر لمن أراد نكاحها، هم أصحاب المذهب أنفسهم.
    ٢_ كما قال الحطاب الرعيني (ت:954هـ) في مواهب الجليل شرح مختصر الشيخ خليل المالكي (ت:767هـ): كتاب النكاح(فصل نُدب لمحتاج ذي أهبَّة نكاحَ بكر) ((فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَجُوزُ النَّظَرُ لِلشَّابَّةِ الأجنبية الْحُرَّةِ فِي ثَلاثَةِ مَوَاضِعَ: لِلشَّاهِدِ وَلِلطَّبِيبِ وَنَحْوِهِ، وَلِلْخَاطِبِ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ جَوَازِهِ لِلْخَاطِبِ، وَلا يَجُوزُ لِتَعَلُّمِ عِلْمٍ، وَلا غَيْرِهِ. انتهى. زَادَ الأقْفَهْسِيُّ فِي المواضع التي يَجُوزُ النَّظَرُ فِيهَا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ(2).ا.ه. وَمُقْتَضَى كلام الْقَبَّابِ فِي مُخْتَصَرِ أحكام النَّظَرِ لِابن الْقَطَّان أنهُ لا يَجُوزُ النَّظَرُ إليهنَّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فإنه قَالَ: مسألة: لَيْسَ مِنْ الضرورات احتياجها إلى أن تَبِيعَ وَتَبْتَاعَ، أو تَتَصَنَّعَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: أَرَى أن يُتَقَدَّمَ إلى الصُّنَّاعِ فِي قُعُودِ النِّسَاءِ إليهمْ، وَلا تُتْرَكُ الشَّابَّةُ تَجْلِسُ إلى الصُّنَّاعِ، وَأما المتجالة وَالخادم الدُّونُ وَمَنْ لا يُتَّهَمُ عَلَى الْقُعُودِ عِنْدَهُ وَمَنْ لا يُتَّهَمُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ كُلُّهُ صَوَابٌ فإن أكثر هَذِهِ لَيْسَتْ بِضَرُورَةٍ تُبِيحُ التَّكَشُّفَ فَقَدْ تَصْنَعُ وَتَسْتَصْنِعُ وَتَبِيعُ وَتَشْتَرِي وَهِيَ مُسْتَتِرَةٌ وَلا يُمْنَعْنَ مِنْ الخروج وَالمشي فِي حَوَائِجِهِنَّ وَلَوْ كُنَّ مُعْتَدَّاتٍ وَإلى المسجِدِ وإنما يُمْنَعْنَ مِنْ التَّبَرُّجِ وَالتَّكَشُّفِ وَالتَّطَيُّبِ لِلْخُرُوجِ وَالتَّزَيُّنِ بَلْ يَخْرُجْنَ وَهُنَّمُنْتَقِبَاتٌ، وَلا يَخْفِقْنَ فِي المشي فِي الطُّرُقَاتِ، بَلْ يُلْصَقْنَ بِالْجُدْرَان انتهى مِنْ مُخْتَصَرِ أحكام النَّظَرِ. (تَنْبِيهٌ) مَنْ أبيحَ لَهُ النَّظَرُ فَلا يَجُوزُ لَهُ قَصْدُ اللَّذَّةِ وَكَذَلِكَ النَّظَرُ إلى الأمردِ لا يَجُوزُ فِيهِ قَصْدُ اللَّذَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) انتهى كلامه.
    وانظر كيف ذكروا رواية لمالك أنه يقول بمنع الخاطب، وانظر قوله: (فِي ثَلاثَةِمَوَاضِعَ: لِلشَّاهِدِ وَلِلطَّبِيبِ وَنَحْوِهِ، وَلِلْخَاطِبِ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ جَوَازِهِ لِلْخَاطِبِ ... مِنْ الضرورات احتياجها... وَهُنَّ مُنْتَقِبَاتٌ... مَنْ أبيحَ لَهُ النَّظَرُ فَلا يَجُوزُ لَهُ قَصْدُ اللَّذَّةِ) وهي في ناظر مخصوص ممن جاز نظره عند الضرورة كما هو صريح كلامهم أمامنا، لا لعموم الناس كما فهمه اليوم متأخري شراح كتب المتقدمين من الأحناف والمالكية وغيرهم اليوم، وسنضرب مثلا بشراح متأخري المالكية كمثل، أحمد زَرُّوق (ت:899ه)، وكالنفراوي (ت:1126) وغيرهم عند شرحهم، رسالة ابن أبي زيد القيرواني (ت:386هـ)وغيره وسيأتي معنا خطأهم رحمهم الله، ففهموها من -غير قصد- أنها لعموم الناس وأن المرأة يجوز أن تخرج أمام الرجال إذا أمنت الشهوة والفتنة واللذة، فهو شرح وفِهمُ فوق أنه مخالف لصريح كلامهم، فهو أيضا لا يدخل العقل فضلا على أن يقول به أئمة الفقه وأصوله من القدماء القريبين من الأئمة الأربعة، فحرفوا وبدلوا فريضة الحجاب وكلام المتقدمين، وتتابع من بعدهم والقريبين من وقتهم على الأخذ من بعضهم هذا الخطأ الشنيع، وأهملوا وخطأوا المتقدمين من المذاهب الأربعة لأن قولهم واحد، أمام الجميع ظاهر كالشمس، محدد في ناظر مخصوص ممن جاز نظره وقت الحاجة والضرورة كالشاهد والمتبايع والطبيب ممن يمكن معرفة حاله وعدالته، هل يتوقع أمن الفتنة منه وعليه إذا نظر أو لا؟ وليس أمام عموم الناس تخرج فتعرف من ينظر لها نظر شهوة، أو من ينظر لها نظرا عاديا. فهم في نظر الخاطب لها منعوه! فمن أين أتوا اليوم أنها لعموم الناس؟ كما سنأتي بأمثلة عند الكلام على بداية بدعة أهل السفور اليوم.
    ٣_ قال الطحاوي الحنفي (ت:321هـ) في كتابه شَرْحُ معاني الآثار: كِتَابُ النِّكَاحِ: بَابُ الرَّجُلِ يُرِيدُ تَزَوُّجَ المرأة هَلْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إليها أم لا؟.
    والعجيب أنه يناقش هل يجوز نظر الخاطب أم لا؟ وأن في زمنه من منع من ذلك، فكان ذلك أحد الأسباب التي جعلتهم لا يقولون بكونه عورة للضرورة في كشفه، إضافة لما سبق معنا من أسباب لهم. فقال بعد أن ذكر حديث محمد بن سلمة وجابر وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة في نظر الخاطب: (فَفِي هَذِهِ الآثار إباحة النَّظَرِ إلى وَجْهِ المرأة، لِمَنْ أراد نِكَاحَهَا، فَذَهَبَ إلى ذَلِكَ قَوْمٌ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخرونَ فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ أراد نِكَاحَ المرأة، وَلَا لِغَيْرِ مَنْ أراد نِكَاحَهَا(1)، إلا أن يَكُونَ زَوْجًا لَهَا أو ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا. وَاحتجوا فِي ذَلِكَ بِمَا حدثنا ...عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أن النَّبِيَّ قَالَ لَهُ:" يَا عَلِيُّ، إن لَكَ كَنْزًا فِي الْجَنَّةِ, وَإنكَ ذُو قَرْنَيْهَا، فَلَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ, فإنمَا لَكَ الأولى، وَلَيْسَتْ لَكَ الآخرة "قال حدثنا... عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ نَظْرَةِ الفجأة، قَالَ:"اصْرِفْ بَصَرَكَ" قال حدثنا... يَعْنِي أن رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِعَلِيٍّ: "يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإنمَا لَكَ الأولى وَلَيْسَتْ لَكَ الثانية" وحدثنا... قَالُوا: فَلَمَّا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ النَّظْرَةَ الثانية, لأنهَا تَكُونُ بِاختيار النَّاظِرِ، وَخَالَفَ بَيْنَ حُكْمِهَا وَبَيْنَ حُكْمِ مَا قَبْلَهَا، إذا كانت بِغَيْرِ اختيار مِنَ النَّاظِرِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أنهُ لَيْسَ لِأحد أن يَنْظُرَ إلى وَجْهِ المرأة إلا أن يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنَ النِّكَاحِ أو الْحُرْمَةِ مَا لَا يُحَرِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهَا.فَكان مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِأهل المقالة الأولى(1). أن الَّذِي أباحهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي الآثار الأول, هُوَ النَّظَرُ لِلْخِطْبَةِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ, فَذَلِكَ نَظَرٌ بِسَبَبٍ هُوَ حَلَالٌ. ألا ترى أن رَجُلًا لَوْ نَظَرَ إلى وَجْهِ امرأة لَا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِيَشْهَدَ عَلَيْهَا وَلِيَشْهَدَ لَهَا أن ذَلِكَ جَائِزٌ. فَكَذَلِكَ إذا نَظَرَ إلى وَجْهِهَا لِيَخْطُبَهَا كان ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ أيضا. فَأما المنهي عَنْهُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَجَرِيرٍ، وَبُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمْ, فَذَلِكَ لِغَيْرِ الخطبة وَلِغَيْرِ مَا هُوَ حَلَالٌ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ مُحَرَّمٌ. وَقَدْ رَأينَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ إلى صَدْرِ المرأة الأمة، إذا أراد أن يَبْتَاعَهَا أن ذَلِكَ لَهُ جَائِزٌ حَلَالٌ، لأنهُ أنمَا يَنْظُرُ إلى ذَلِكَ مِنْهَا لِيَبْتَاعَهَا لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ نَظَرَ إلى ذَلِكَ مِنْهَا, لَا لِيَبْتَاعَهَا, وَلَكِنْ لِغَيْرِ ذَلِكَ, كان ذَلِكَ عَلَيْهِ حراما.فَكَذَلِكَ نَظَرُهُ إلى وَجْهِ المرأة إن كان فَعَلَ ذَلِكَ لِمَعْنًى هُوَ حَلَالٌ، فَذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لَهُ، وإن كان فَعَلَهُ لِمَعْنًى هُوَ عَلَيْهِ حرام، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَهُ، وَإذا ثَبَتَ أن النَّظَرَ إلى وَجْهِ المرأة لِيَخْطُبَهَا حَلَالٌ، خَرَجَ بِذَلِكَ حُكْمُهُ مِنْ حُكْمِ الْعَوْرَةِ، وَلأنا رَأينَا مَا هُوَ عَوْرَةٌ لَا يُبَاحُ لِمَنْ أراد نِكَاحَهَا النَّظَرُ إليها. ألا ترى أن مَنْ أراد نِكَاحَ امرأة، فَحرام عَلَيْهِ النَّظَرُ إلى شَعْرِهَا، وَإلى صَدْرِهَا، وَإلى مَا هُوَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي بَدَنِهَا, كَمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ مِنْهَا, عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَهَا. فَلَمَّا ثَبَتَ أن النَّظَرَ إلىوَجْهِهَا حَلَالٌ لِمَنْ أراد نِكَاحَهَا، ثَبَتَ أنهُ حَلَالٌ أيضا لِمَنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَهَا(2)، إذا كان لَا يَقْصِدُ بِنَظَرِهِ ذَلِكَ لِمَعْنًى هُوَ عَلَيْهِ حرام.وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ولَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}:أن ذَلِكَ المستثنى هُوَ الْوَجْهُ وَالكفان، فَقَدْ وَافَقَ مَا ذَكَرْنَامِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ هَذَا التَّأويلَ(3). وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلى هَذَا التَّأويلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. كَمَا حَدَّثَنَا سليمان بْنُ شُعَيْبٍ بِذَلِكَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أبي حَنِيفَةَ(1)، وَأبي يُوسُفَ، وَمُحَمَّد رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) انتهى كلامه.أرأيت أين أتى بقول أبي حنيفة وأصحابه وأين أتى بالآية {إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}؟ أتي بها في الرخص في(كِتَابُ النِّكَاحِ: بَابُ الرَّجُلِ يُرِيدُ تَزَوُّجَالمرأة هَلْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إليها أم لا؟).ولعل كلامه رحمه الله يحكي لك القصة باختصار ومدى الجناية في دين الله وعلى فريضة الله في الحجاب، لنقفل باب هذه المسألة، ولا نشك واحدا بالمئة أن فيها خلافا بتاتا، فهو يسأل وكأنه يترجى القوم المحرمين على الخاطب النظر لمن أراد الزواج بها، وفيه كل تلك النصوص الشرعية، ليس في جواز النظر فحسب، بل وإنما بندبه واستحبابه والحث عليه، ومع ذلك يناقشهم لأن هناك في زمانه من الأئمة من منعوا ذلك عن الخاطب، في محاولة منه لأن تكشف المرأة أين ولمن؟ لخاطب أراد نكاحها!!! وفي الضرورات، وينسب ذلك النقاش لمذهب وقول أبي حنيفة وصاحبيه، لدرجة أن قاسه على (نَظَرِ الرَّجُلِ إلى صَدْرِالمرأة الأمة، إذا أراد أن يَبْتَاعَهَا أن ذَلِكَ لَهُ جَائِزٌ حَلَال... وَإذا ثَبَتَ أن النَّظَرَ إلى وَجْهِ المرأة لِيَخْطُبَهَا حَلَالٌ، خَرَجَ بِذَلِكَ حُكْمُهُ مِنْ حُكْمِ الْعَوْرَةِ) لتعلم أن المتقدمين منهم جدا، يعدونه عورة ولكن في باب الضرورات يخرجونه من حكم العورة كالجصاص من الحنفية وقد نقلنا كلامه في كتابنا كشف الأسرار مع غيره، ولا مشاحة في الاصطلاح فسواء قالوا ليس بعورة مطلقا ودوما فلا يهم، أو ليس بعورة فقط عند الضرورة أو قالوا بالعورة كمذهب أحمد فلا يهم، فكلهم كما ترى متفقون مجمعون على وجوب ستره، فهذا بعلة العورةوذاك بعلة الفتنة والشهوة، والطحاوي من أئمة الأحناف ممن يقولون إن الوجه ليس بعورة! ولم يقل لهم كلمة واحدة بتاتا، مما يقوله ويتفلسف ويتشدق به أهل السفور اليوم عن جهل منهم لمعناها، من أن قول الجمهور مثل أبي حنيفة ومالك ورواية عن الشافعي وأحمد، أنه ليس بعورة مطلقا أصلا، لأنه يعلم أن هذا القول، لا يجدي ولا يعنى عندهم كشفه بتاتا، ولم يأت لهم بحديث الخثعمية ولا حديث سفعاء الخدين ولا الواهبة ولا ما روي عن أسماء (لا يرى من المرأة إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه). ولا جاء بشيء مما يقوله أهل السفور اليوم. بل ناقشهم بالأدلة والأحاديث عن رسول الله في ندب نظر الخاطب، وبالقياس مبينا أن الأصل ستره ولكن للحاجة والضرورة من خاطب وشاهد ومتبايع، وقد نقلنا في كتابنا، كلامه وكلام غيره وبسطنا شرحه، في منع غيره من بعض الفقهاء الخاطب في زمانهم من النظر لمن أراد خطبتها، ولم يعترض عليهم أحد بتاتا، بأن الوجه ليس بعورة، بل من يرى أمامه شدة خلافهم ونقاشهم واحتياطهم في الخاطب وفيه كل تلك الأحاديث، يعلم يقينا أن الأئمة الأربعة مجمعون متفقون بلا أدني شك ولا ريب على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها، باي من العلل المناسبة تلك، إما بسبب علة كون وجه المرأة عورة، أو بسبب علة كون وجه المرأة فتنة وشهوة للرجال؟ لا يعرفون مذهب التبرج والسفور المبتدع حديثا، ولم يخطر في بالهم بتاتا، حتى ينكروه فهو قول غير موجود بينهم، أو يجمعوا على ستر الوجه بخصوصه وذاته حيث أنه ثابت معروف مدون معلوم عندهم من الدين بالضرورة، فقد كان من المستحيلات أن يقول بالسفور أحد في زمانهم، فهم في إجماعواتفاق واحد منقطع النظير على أن الأصل الثابت عندهم جميعا هو تغطية المرأة لوجهها عن الرجال، حيث إنهم في الخاطب يختلفون في جواز نظره مع كل تلك الآثار وضرورة نكاحه! فكيف بكشفها لوجهها لعموم الناس بلا حاجة ولا ضرورة من خاطب أو شاهد ونحوه؟.
    انتهى النقل من كتاب اجماعات المذاهب الأربعة على فريضة الحجاب.
    وبالله التوفيق
    ________________________
    ١٤٢_ (1)- انظر النقل في منع مالك الخاطب من النظر لمن أراد زواجهافي كتابنا كشف الأسرار عن القول التليد فذكره صاحب مواهب الجليل المالكي راجع كتابنا كشف الاسرار (صـ227) وصاحب مرقاة المفاتيح الحنفي(صـ260) من كتابنا. وجاء عن غير مالك كما في كتابنا أيضا كشف الاسرار ، فذكره الطحاوي الحنفي(صـ163)، وذكره القرطبي المالكي(صـ167)، وذكره النووي الشافعي (صـ170)، وذكره ابن رشد المالكي(صـ186)، وذكره الماوردي الشافعي(صـ233)، وغيرهم ممن ذكرتهم في كتابي كشفالاسرار.
    ١٤٣((1)- وهذا يبين قوة الخلاف في مذهب مالك في الأخذ بالرخص، فكيف ينسبون له اليوم السفور ومؤاكلة الأجنبية؟
    ١٤٤_(1)- كالشاهد والمتعاقد معها ونحوهم.
    ١٤٥_ (1)- أي حجة القائلين بجواز نظر الخاطب وغيره كالشاهد ونحوهم ممن سيذكرهم آنفا
    ١٤٦_.(2)- يقصد مثل الشاهد والقاضي والمتبايعين معها ونحوهم ممن كان له سبب مبيح لنظره إليها.
    ١٤٧_ (3)- يقصد ما ذكره من أحاديث الباب في جواز نظر الخاطب، وأنظر كيف أنه وبعد كلامه السابق استشهد بالآية (الا ما ظهر منها) في جواز تحديد النظر للوجه والكفين عند وجود السبب المبيح وليس على كل حال.
    ١٤٨_ (1)- وهذا ما يبين لك قول الإمام أبي حنيفة في الخاطب، وسيمر معنا عن الكاساني والعيني وغيرهم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •