فتاة الأمس!
حسن بن محمد الرافعي
أنا -يا فتاة الأمس- أعشق صحوتي *** تيَّاهةً تحيي موات الأمةِ
هي نظرة للحقِّ تدمغ باطلاً *** أغشى العيون وحال دون الرؤيةِ
أفنيتُ عُمراً في العواطف أبتغي *** بحراً من الأحلام يُغرق لوعتي
قدمت لي كأساً من الحب الغبي *** فسكبتُ كأسكِ في قرارة مهجتي
وبنيتُ من نسج الخيال مدينةً *** فوق السَّحاب وما سكنت مدينتي
وأتيتُ أروي ظمأتي بسرابها ***فشربتُ من ماء السراب سعادتي
وتداركتني رحمة فهجرتني ***فبكيت حزناً يا لفرط حماقتي
وَلَكَمْ تعالت من فؤادي صرخةٌ ***تشكو جراحي من فراق حبيبتي
ولقد رأيتُ الدرب في ظُلم الهوى ***كَنُجَيْمة لمعت بحالِكِ ظلمتي
هذا هو الدرب القويم وليتني ***ألفيتُه قبل الضياع وغربتي
فلتعلمي أني نسيتك والهوى ***ونسيت حباً كاد يصرع همتي
ولتعلمي أني ابتعدتُ عن الغوى *** ولْتعلمي أني سموتُ بنظرتي
وتركتُ شعراً كان يبعثُهُ النوى ***وجعلتُ قولَ الحقِّ متنَ قصيدتي
لا ليس شوقي اليوم قيد غرامكم ***شوقي تسامى نحو حُور الجنةِ
أنا إن سكنتُ الأرض مفترِشَ الثرى ***فهناك قرب النجم تسكن غايتي
أنا مسلم أَأْبَى الهوانَ لديننا ***أنا إن رضيت الذلَّ أقتل عزتي
أنا مسلم أهـوى الجهاد وصادقاً ***أدعو إلهي أن تحقَّ شهادتي
فسفينتي عبْر الحياة تطوف بي ***وكتابُ ربي مرشدٌ لسفينتي
إني كتمت اليوم ألف قصيدة ***وقصرتُها قصراً بجوف قصيدتي