الموضوع: الفرق بين اللفظ و المعنى

أبدع وصف قرأته للتفريق بين اللفظ و المعنى قول الحكم بن أبي الصلت رحمه الله:

و لا تراع اللفظ من دونها *** (فاللفظ جسم روحه المعنى)

و حتى يتبين الفرق جلياً بين اللفظ و المعنى أسوق هذا المثال:

عند العرب حكمة شهيرة هي: العلم نور و الجهل ظلام.

و الآن سأنحت ثلاث حكم أخرى أحتفظ فيها بالروح (المعنى) مع تغيير الجسد (اللفظ):

العلم ديسق و الجهل ديسم.
العلم شموس و الجهل دموس.
العلم سراج و الجهل دياج.

هذا الأسلوب يسميه القاسم الحريري رحمه الله (السلخ) في سياق الحديث عن سرقة الأفكار و هو أن تسرق فكرة بتغيير اللفظ (سلخ اللفظ القديم) دون المعنى.

كما يمكننا تغيير اللفظ و المعنى معاً كما في هذه الحكم:

العلم غذاء و الجهل وباء.
العلم ذخر و الجهل خسر.
العلم شرف و الجهل تلف.

فهذه الحكم الثلاث تختلف لفظاً و معنى عن: (العلم نور و الجهل ظلام).

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سامر البابا

و الآن سأنحت ثلاث حكم أخرى أحتفظ فيها بالروح (المعنى) مع تغيير الجسد (اللفظ):

العلم ديسق و الجهل ديسم.
العلم شموس و الجهل دموس.
العلم سراج و الجهل دياج.

هذا الأسلوب يسميه القاسم الحريري رحمه الله (السلخ) في سياق الحديث عن سرقة الأفكار و هو أن تسرق فكرة بتغيير اللفظ (سلخ اللفظ القديم) دون المعنى.
.

نحتٌ رائعٌ ماشاءَ اللهُ !
ألمْ يقلْ علماءُ البلاغةِ والنقدِ أنَّ المعاني مطروحةٌ في الطرقاتِ ؟فلماذا يُتَّهمُ بالسرقةِ مَنْ جاءَ بفنٍّ أدبيٍّ يحملُ فكرةً مشتركةً معَ غيرِهِ ؟ وهلِ الأفكارُ كبصمةِ البَنانِ ؟

الأخت أم يعقوب الفاضلة، شكراً على تعليقك القيم الذي أثرى الموضوع.


سؤال نفيس: فلماذا يُتَّهمُ بالسرقةِ مَنْ جاءَ بفنٍّ أدبيٍّ يحملُ فكرةً مشتركةً معَ غيرِهِ ؟ وهلِ الأفكارُ كبصمةِ البَنانِ ؟


فكرت فيه ملياً و هذا جوابي بناء على علمي و فهمي.


علينا التفريق بين العلم من جهة و الثقافة و الأدب و الشعر من جهة أخرى.


فالعلم يحمل بصمة صاحبه الخاصة في هذه الحالات:


* تأليف كتاب: الكتاب بصمة مؤلفه الخاصة التي لا تتكرر، و إذا تكررت فهذا يقتضي أن المؤلف اللاحق سرق أفكار المؤلف السابق عمداً و انتحل كتابه.
* تأليف البحوث مثل رسالة الماجستير و الدكتوراه: هاتان الرسالتان تتطلبان إضافة أفكار جديدة إلى علم البشر و المعرفة الإنسانية و لا تتكرران إلا في حالة السرقة المقصودة.
* براءات الاختراع: براءة الاختراع يترتب عليها حقوق مادية و معنوية و فكرية لصاحبها فلا ينبغي لأحد الاعتداء على صاحب براءة الاختراع و منازعته في أفكاره و حقوقه.


أما الثقافة و الأدب و الشعر فهي تندرج غالباً ضمن كلام الناس و كلام الناس كلأ مباح للجميع و هو من الأمور المشتركة بين الناس التي ضرب النبي عليه الصلاة و السلام مثالاً جميلاً عليها في الحديث الشريف: (الناس شركاء في ثلاثة: في الماء و الكلأ و النار).


و بناء على هذا لا يحق لأحد أن يحتكر كلاماً قاله و لا يريد من أحد أن يأتي بكلام يشابهه لفظاً أو معنى، لأن تغيير اللفظ أو المعنى قد يزيد من البيان و البلاغة و الفصاحة و مساحة الإدراك و التمييز لدى البشر، و قد ضربت مثالاً على هذا في حكمة: (العلم نور و الجهل ظلام) و الحكم الأخرى بعدها.
إذاً من يريد أن يلزم الناس بلفظ أو معنى واحد يحجر واسعاً و يقلل كثيراً.


لكن الأمانة العلمية و الأدبية تقتضي نسبة كل قول إلى قائله حتى يؤتى كل ذي فضل فضله كما قال العلماء: (من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله)، و كما قال الشافعي رحمه الله: (الحر من راعى وداد لحظة، و انتمى لمن أفاده لفظة).
و نحن المسلمون نفخر بعلم الإسناد الذي لدينا الذي قال فيه عبد الله بن المبارك رحمه الله: (إن الإسناد من الدين، و لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء).

جزى اللهُ الأخَ الفاضلَ خيرَ الجزاءِ بحسنِ التوضيحِ .
نعمْ . فيما يتعلقُ بالعلمِ الشرعيِّ والبيولوجيِّ والدراساتِ العليا ومتطلباتِها تراعى الدقةُ والأمانةُ والعدلُ والصدقُ وما إلى ذلكَ منْ شروطٍ يجبُ أنْ يتصفُ بها الباحثُ والناقلُ وغيرُهما .وإلّا ضاعَتِ الحقوقُ وتقدّمَ الفاسدُ وتأهلَ على حسابِ غيرِهِ .نسألُ اللهَ السلامةَ ولزومَ الحقِّ وحسنَ الاتباعِ .

أحسنتم و بارك الله فيكم و شكراً على تعليقكم الكريم.