قد أصابَ النسرَ الذي قدْ أصابَهْ *** فدعِ اليأسَ مرَّةً والكآبَهْ
لا تفجِّرْ في النسرِ شوقَ الأعالي *** فلقَدْ تقتلُ النسورَ الصَّبابَهْ
لا تلمْهُ فالنومُ أثقلَ جفنَيْ *** ه وأرخى على المُنى أهدابَهْ
دعْهُ في سكرةِ الحنينِ فإنِّي *** أتقرَّى في مقلتَيهِ الصلابَهْ
إنَّ هوجَ الرياحِ تمضَغُ ساقَيْ *** هِ ويشوي هجيرُها أعصابَهْ
ظلَّ دهراً يصارعُ الموتَ فرداً *** والخفافيشُ حولَهُ صخَّابَهْ!
وذئابُ الدُّجى تساورُ فرخَيْ *** هِ وتلوي عن الصعودِ رِكابَهْ
والألداءُ ينصبونَ المنايا *** قد تداعَوا من كلِّ جُحْرٍ وغابَهْ
ثم مالَتْ عليهِ بنتُ الليالي *** فإذا خصمُهُ العنيدُ ذُبابهْ
وإذا النسرُ في القصائدِ يسمو *** والفضاءُ الرحيبُ يبكي غيابَهْ
دجَّنوهُ فلم يغادِرْ فِنَاءً *** وأَسَالُوا للمُغرياتِ لُعابَهْ
صارَ يلهو مع العصافيرِ حتَّى *** لم تجدْ فيه سَطوةً أو مَهابَهْ
ركلتْهُ فلم يحُكَّ جَناحاً *** واستبدَّتْ به فغضَّ جَنابَهْ
أيُّ نسرٍ هذا الذي يلعقُ التُّرْ *** بَ ويحسو من الأكُفِّ شرابَهْ؟!
أيُّ نسرٍ هذا الذي نسِيَ الوثْ *** بَ وضاقَتْ بمقلتيهِ الرحابَهْ؟!
يفقدُ اللبَّ حينما يسمعُ الصو *** تَ، ويدنو إن أومأَتْ سبَّابَهْ
كادَ ينسى من كثرةِ الزحفِ أُفقاً *** عبقرياً وكادَ ينسى عُبابَهْ
وغفا مرةً فضجَّتْ حوالَيْ *** هِ بُغاثٌ وبعثرَتْ أسلابَهْ
بقيَتْ هكذا وللنسرِ زفْرٌ *** فوق صخرٍ لو مسَّهُ لأذابَهْ
وصحا النسرُ حينَ مرَّتْ عليهِ *** غيمةٌ، عاتبتْهُ، هزَّتْ عِتابَهْ
أينَ أيامُكَ العتاقُ وأينَ الْ *** مَجْدُ يُلقي على خُطاكَ إهابَهْ؟
أينَ يا نسرُ عنفوانُكَ بالأمْ *** سِ ومرمى نجومِكَ الوثَّابَهْ؟
نشقَ الأفقَ فالكواكبُ سَكرى *** إنَّ للأفقِ نكهةً جذَّابَهْ
حرَّكَ النسرُ جانحيه ودوَّى *** في سماءٍ غربانُها جوَّابَهْ
فتوارَتْ عن العيونِ ولاذَتْ *** وتوارَتْ أيامُها الكذَّابَهْ
ثم شقَّ السماءَ بالقفزةِ الكُبْ *** رى جريئاً مُحطِّماً أعتابَهْ
واعتلى صهوةَ الرياحِ.. وماجَتْ *** بين عينيهِ قِمَّةٌ خلَّابَهْ


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/literature_la...#ixzz6P3J0n5Mr