بيان كذب أثر مشهور عن سهل التستري في طاعة السلطان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فينشر بعض الناس أثراً عن سهل التستري الصوفي هذا نصه :" هذه الأمة ثلاث وسبعون فرقة: اثنتان وسبعون هالكة، كلّهم يبغض السلطان، والناجية هذه الواحدة التي مع السلطان"

وهذا الأثر لا يصح عنه وفي متنه وقفة

فقد انفرد بذكره أبو طالب المكي صاحب قوت القلوب وقد بدعه الناس لأمور مستشنعة في كلامه وهجروه كما نقل ذلك الخطيب والذهبي ، ولم يدرك سهلاً وإنما يروي عنه بواسطة

وللأثر تتمة هاكها :" وسئل أي الناس خير؟ فقال: السلطان، قيل: كنا نرى أنّ شرّ الناس السلطان، فقال: مهلاً إن لله تعالى في كل يوم نظرتين، نظرة إلى سلامة أموال المسلمين ودمائهم، ونظرة
إلى سلامة أفكارهم، فيطلع في صحيفته فيغفر له ذنوبه"

فهو يرى أن هذا في السلطان العادل الذي حفظ أموال ودمائهم وأديانهم

ثم نقل عن سهل كلاماً لا يقوله إلا زنديقأو جاهل

قال أبو طالب :" وقال أبو محمد الخليفة إذا كان غير صالح فهو من الأبدال، وإذا كان صالحاً فهو القطب الذي تدور عليه الدنيا، قوله من الأبدال يعني أبدال الملك"

أقول : وصف الفاسق بأنه من الأبدال وصف قبيح جداً ووصف العادل بأنه القطب الذي تدور عليه الدنيا قبيح جداً أيضاً ومن يأخذ الأثر الأول هل يأخذ بهذا ؟

وهذه المسألة مسـألة الموقف من السلطان تدخل فيها أهواء كثيرة من أطراف متناقضة ومذهب أهل السنة السمع والطاعة لمن كان مسلماً سواءً كان فاسقاً أو عدلاً إن لم يأمر بمعصية فلا طاعة له في هذه المعصية وعدم الخروج عليه لا يعني إعانته على ظلمه أو الثناء عليه وهو فاسق بما يشجعه بالاستمرار على الفسق ، أو محبته حتى ، بل بغض الظلوم الغشوم أمر مشروع باتفاق ولا يلزم من ذلك السعي في الفتن وإراقة الدماء

وقول جماعة من السلف أن الأهواء افترقت واجتمعت على السيف إنما يراد به الأغلب

وإلا فعدد من النواصب في بعض زمن بني أمية كانوا مع السلطان

وأبو يوسف المرجيء صاحب الرأي كان مع السلطان

والجهمية في زمن الإمام أحمد كانوا مع السلطان ، وقد كانت الدولة مع الأشعرية ردحاً من الزمان

قال شيخ الإسلام كما مجموع الفتاوى (28/508) :" وهذه طريقة خيار هذه الأمة قديما وحديثا وهى واجبة على كل مكلف وهى متوسطة بين طريق الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشىء عن قلة العلم وبين طريقة المرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة الأمراء مطلقا وأن لم يكونوا أبرارا"


وهو يعني هنا من يطيعهم حتى في المعصية

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه / عبدالله الخليفي