السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا تخريج لحديث «إِنَّكُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ مَا لَمْ تَظْهَرْ فِيكُمْ سَكْرَتَانِ، سَكْرَةُ الْجَهْلِ، وَسَكْرَةُ حُبِّ الْعَيْشِ، وَأَنْتُمْ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِذَا ظَهَرَ فِيكُمْ حُبُّ الدُّنْيَا فَلَا تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَا تُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْقَائِلُونَ يَوْمَئِذٍ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ كَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَالْأَنْصَارِ»
ورد من حديث أنس بن مالك ، وعائشة أم المؤمنين ، ومعاذ بن جبل ، وشيخ من أهل المدائن
حديث أنس بن مالك
أخرجه أبو نعيم فى "الحلية" (49/8) ، وأبو الشيخ فى "أمثال الحديث" (233) عن محمد بن العباس بن أيوب ، وابن أبى الدنيا فى "الزهد" (533) من طريق إسحاق بن إسماعيل كلاهما (محمد ، وإسحاق) عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَسْلَمَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ، يَذْكُرُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الحديث.
وهذا إسناد ضعيف لجهالة أسلم بن عبد الملك ، ثم إنه اختلف فيه على سعيد بن أبي الحسن فتارة يوصله وتارة يرسله
فرواه كل من إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيّ ُ كما عند ابن أبى الدنيا فى "الأمر بالمعروف" (29) ، وأَسَدُ بْنُ مُوسَى كما عند ابن وضاح فى "البدع" (190) عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَسْلَمَ الْبَصْرِيِّ , عَنْ سَعِيدٍ أَخِي الْحَسَنِ يَرْفَعُهُ , قُلْتُ لِسُفْيَانَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: الحديث.
ولكن لا يصح الإسناد إلى أسد بن موسى حيث رواه عنه محمد بْن سَعِيد بْن أَبِي مريم ، وهو مجهول تفرد بالرواية عنه ابن وضاح ، وترجم له الذهبي فى "تاريخ الإسلام" (916/5) فقال: محمد بْن سَعِيد بْن أَبِي مريم، أَبُو عبد الله الْمِصْرِيُّ. عَنْ: ابن وهْب، والفِرْيَابيّ، وجماعة. توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين.
ويترجح الوصل عندي على الإرسال ، ولكن تبقى علة جهالة أسلم بن عبد الملك.
حديث عائشة أم المؤمنين
أخرجه أبو نعيم فى "الحلية" (48/8) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ , ثنا الْقَرَاطِيسِيّ ُ، بِبَغْدَادَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَبُو نَشِيطٍ , ثنا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شُعَيْبٍ الْخَوْلَانِيُّ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث.
وقال: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ وَهِشَامٍ.
ثم أخرجه من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ شُعَيْبٍ ح وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، ثنا يُوسُفُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: الحديث مختصراً
وقال: كَذَا حَدَّثَ بِهِ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُوسَى ، وَلَمْ يُجَاوِزْ بِهِ عُرْوَةُ.
قلت: وقع فى الرواية الأولى إبراهيم بن شعيب ولعله وهم أو تصحف أو خطأ والصواب هو يوسف بن شعيب كما وقع فى الرواية الأخرى ، ويوسف بن شعيب قال عنه الدارقطني فى "العلل" (222/1): ضعيف.
والإختلاف هنا على موسى بن أيوب ويترجح لدي هنا الإرسال على الوصل لأن إبراهيم بن سعيد الجوهري أوثق وأحفظ من محمد بن هارون أبو نشيط.
حديث معاذ بن جبل
أخرجه البزار (2631) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث.
وأخرجه ابن وضاح فى "البدع" (220) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: نا ابْنُ وَهْبٍ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث.
ومحمد بن سعيد بن أبي مريم تقدم أنه مجهول ، والحارث بن نبهان متروك الحديث ، ومحمد بن سعيد المصلوب كذاب ، فهذا إسناد ساقط جداً
والعمدة على إسناد البزار ، وفي إسناد البزار الحسن بن بشر قال عنه أبو حاتم: صدوق ، وقال أحمد: ما أرى كَانَ به بأس في نفسه. ، وقال: روى عن زهير أشياء مناكير. ، وَقَال أَبُو حَاتِم : صدوق. ، وَقَال النَّسَائي : ليس بالقوي وقال في موضع آخر: ليس بشيء. ، وَقَال عبد الرحمن يوسف بْن خراش : منكر الحديث. ، وَقَال ابْن عَدِيّ : أحاديثه تقرب بعضها من بعض، وليس هو بمنكر الحديث. ، وذكره ابن حبان فى "الثقات" ، وقال مسلمة بن قاسم الأندلسي في كتاب «الصلة»: ثقة. ، وضعفه الساجي وأبا العرب القيرواني ، وقال الحافظ ابن حجر فى "التقريب": صدوق يخطئ.
انظر "تهذيب التهذيب" (256/2) قلت: الراجح أنه إلى الضعف أقرب ، وأنه لا يحتمل تفرده.
والأسود بن ثعلبة مجهول. انظر "تهذيب التهذيب" (338/1) ، "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان (351/4) ، "البدر المنير" لابن الملقن (299/8).
حديث الشيخ من أهل المدائن
أخرجه ابن أبي الدنيا فى "الأمر بالمعروف" (94) من طريق هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ طَرِيفٍ الْمَعْوَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ، مِنْ أَهْلِ الْمَدَائِنِ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث.
وفى الإسناد علل:
1- سيار بن حاتم [صدوق له أوهام]
2- جعفر بن سليمان [صدوق يتشيع]
3- الصلت بن طريف ، قال عنه الدارقطني: لا بأس به "موسوعة أقوال أبى الحسن الدارقطني" (329/1) ، وقال ابن القطان: لا تعرف حاله "بيان الوهم والإيهام": (3/ 379).
4- الإرسال.
5- جهالة الشيخ.
قلت : والحديث عندي حسن بمجموع طرقه ، والله أعلم.