الهدوء والثقة بالنفس في الحوار

(تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف)


عند تأمل سورة يوسف - عليه السلام - نجد أن هناك نماذج كثيرة في بيان أدب الهدوء والاطمئنان، والثقة بالنفس وأثره على الحوار، من ذلك:
1- صبر يوسف - عليه السلام - على إخوته وما فعلوه به، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّه ُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ﴾ [يوسف: 15].
2- ما جرى له مع امرأة العزيز واتهامها له لفعل الفاحشة، قال تعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23].
يتضح من هذه الآية الكريمة: ثقة يوسف - عليه السلام - بنفسه، وضبطها، والردّ ببساطة وهدوء دون أدنى انفعال أو مزايدة في الكلام.
3- حسن استماعه أثناء الحوار وهدوئه وثقته بنفسه مع السجينين، وساقي الملك، والملك نفسه.
4- ثقة وطمأنينة يعقوب - عليه السلام - في حواره مع إخوة يوسف - عليه السلام - رغم مخالفتهم له، قال تعالى: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: 17-18].
فقصة يوسف - عليه السلام - بمجرياتها وأحداثها تمثل القدوة في آداب الحوار من الهدوء، والطمأنينة، والثقة بالنفس، وحسن الاستماع، والملاطفة، واللين، والسماحة، حتى مع المخالفين على جميع مستوياتهم وطبقاتهم.
إن هدوء الشخص واستقرار نفسه، وهدوء لغته، وحسن عبارته، وقوة حجته هو الكفيل بأن تنصاع له القلوب، وأن يصل الحق الذي يحمله إلى أفئدة الآخرين، وأن يتغلَّب على باطلهم أو ما هم عليه من الاعتقاد الباطل، كما فعل يوسف - عليه السلام - مع السجينين.
فقيمة الإنسان في قدرته على ضبط نفسه ومشاعره.
أَقبِل على النفس فاستكمِل فضائِلَها
فأنتَ بالنفس لا بالجسمِ إنسانُ


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/social/0/53786/#ixzz6Lb38euoq