تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: عجيب أمره !

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    607

    افتراضي عجيب أمره !

    عجيب أمره
    د. محمد بن عبد الله السحيم 20/7/1429

    إنه أمر لا مثيل له، حاربه من يعلم أنه حق، وسخر به من يؤمن أنه صدق، ورفضه من يشهد له كتابه، ويعاديه من يرى انتصاراته، ويكيد له من يرى فعله فيمن مضى من الأقوام والشعوب...
    أتعلم من هو؟ ليس بشراً من البشر، ولا هو من عمل البشر، شهد له الله أنه الحق، وأرسل الرسل من أجله، وأنزل من أجله الكتب، وأقام به العدل، ورفع به الظلم، وساوى فيه بين البشر.
    إنه دين الله، إنه الإسلام، إنه الدين الذي رضيه الله لنا دينا، وأتم به النعمة علينا، وأكمله لنا، وحكم على أن من جاء بغيره فلن يقبله منه: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [آل عمران:85]. شهد الله أنه الحق فقال جل ثناؤه: "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَة ُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ" [آل عمران:18-19]. وكفى بالله شهيدا، فمن أعظم شهادة من الله: "قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ" [الأنعام:19].
    حاربه من يعلم أنه حق، وكفر به من يعلم أنه صدق، هذا فرعون يحكم على نفسه بالكفر قائلا كما أخبر الله: "قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ. وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ" [الشعراء:18-19]. فحكم أنهم كانوا كافرين، وأنكر الرسالة وهو يعلم صدقها. "وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْ هَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" [النمل:14]، ويستكثر بالأنهار "وهذه الأنهار تجري من تحتي" ويكفر بخالقها، "ما علمت لكم من إله غيري" [القصص:38]، وعندما أدركه الغرق جعل نفسه تابعا ذليلا لمن كان يحتقرهم ويزدريهم لعلمه أنما كانوا عليه هو الحق: "آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل" [يونس:90]، فأغرقه الله بالماء الذي كان يستكثر به.
    وهذا أبو جهل يكفر بالرسالة والرسول صلى الله عليه وسلم حسداً وبغياً، ففي السير أن الأخنس بن شريق ذهب إلى أبي جهل فدخل عليه بيته فقال يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال ماذا سمعت؟! تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجارينا على الركب وكنا كفرسي رهان، قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه! والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه. فقام عنه الأخنس وتركه. حقا إن أمره عجيب.
    ينتقل الإسلام في سنواته الأولى من عاصمته (المدينة) إلى عواصم النصرانية في الشام ومصر، وإلى عاصمة الفرس في إيران، فيظلل أهلها بعدله وسمو رسالته ورحمة أهله، فإذا أبناء هؤلاء الأقوام ورجالاتها هم حملة هذا الدين، يحملونه لمن خلفهم وينافحون عنه، بل كان الشباب من أبناء النصارى الذين دخلوا في الإسلام يهاجمون الكنائس في أعياد النصارى، فكانت تُحمى هذه الكنائس من قبل جيش الخلافة الإسلامية، يا للعدل، حماية للعهد بينهم وبين المسلمين، ثم يستعظم غلاة النصرانية هذه السيطرة من الإسلام على ديارهم، في الشام ومصر وسواحل البحر الأبيض المتوسط، ويريدون أن يستعيدوا هذه الديار، لأنهم يرون أن الإسلام يمثل طوقا عظيما يمنع النصرانية من الانتشار، يقول المنصر (جاير دنر) في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر القاهرة التنصيري عام 1910م :(إن مشكلة الإسلام هذه مسألة لا يمكن أن نتغافلها ببساطة، ليست في مواجهة الأوضاع العاجلة بطريقة لا يمكن وصفها، والتي تواجهنا في الشرق الأقصى، وهذه أولا؛ لأن الإسلام على أبوابنا، فمن أقصى الساحل الشمالي الإفريقي يواجه أوروبا، إنه فعلا يلمسها، ويكمن القول إنه يمسكها عمليا من طرفي البحر المتوسط، فكروا في تلك الكتلة المركزية للعالم الإسلامي الصلب من شمال أفريقيا إلى غرب ووسط آسيا، إنه كإسفين ثابت يحجب الغرب المسيحي عن الشرق الوثني، إلى أن يقول عن العالم الإسلامي: يقطع العالم النصراني الشرقي والغربي كلية إلى نصفين) فيحاولون أن يستردوه من خلال حروب صليبية امتدت من 490-691 هـ فيرجعون خاسرين، ثم ما يلبث الإسلام أن يلاحقهم ويهاجم القلعة الحصينة والعاصمة المستغلقة على أعدائها (القسطنطينية) ويحولها إلى عاصمة من عواصم الإسلام، ويتحول أبناؤها إلى حماة بررة على مدى أربعة قرون، ثم يريدون أن يستردوا الجميع من خلال حروب الاستعمار في القرن الماضي، وتظل الشعوب المتوضئة تحاربهم حتى أخرجتهم خاسرين أيضا، ثم ما يلبث الإسلام أن لاحقهم في عقر ديارهم فإذا في كل عاصمة مسجد، وفي كل مدينة مركز، وفي كل دولة جالية مسلمة لها يحسب لها حسابها. حقا إن أمره عجيب.
    يرسلون جنودهم لحربه والقضاء عليه، فيسْلِم من الجنود أعداد كثيرة، يثير إسلامها القادة الذين أرسلوا هؤلاء الجنود، ففي الحروب الصليبية كان من بين الجنود الصليبيين من رجع مسلما، وفي حروب البرتغال للمنطقة الإسلامية في الخليج العربي، وفي الهند في القرن السادس عشر الميلادي بقيادة نائب حاكم البرتغال أفنسو دلبو كيرك - يسلم مجموعة من جنوده ويهربون إلى خصومه المسلمين ويصنعون لهم المدافع ويشاركونهم في الدفاع عن ديار المسلمين، ثم يظفر بهم ويعذبهم أشد العذاب لماذا يسلمون. وفي حرب الخليج الثانية أسلم من الجنود الأمريكيين قرابة خمسة آلاف، حقا إن أمره عجيب.
    يمكرون به ويكيدون الكيد العظيم للقضاء عليه من خلال خطط إستراتيجية بعيدة المدى عميقة الغور، ويستخدمون الحملات التنصيرية والإعلامية والبعثات والمساعدات الإغاثية وغيرها، فتفشل ويزداد تمسك المسلمون بدينهم، ويأتمرون في مؤتمر عظيم في (كلورادو) في أمريكا عام 1979م ويقدمون فيه نتائج جهودهم وخططهم المستقبلية، ثم يعلن أحدهم في نهاية المؤتمر:(إنني أميل إلى الاتفاق مع فاندر وزويمر ومزيتاك وآخرون فيما ذهبوا إليه من أن الإسلام حركة دينية " ليس الإسلام حركة دينية" معادية للنصرانية، ومخططا تخطيطا يفوق قدرة البشر لمقاومة إنجيل ربنا يسوع المسيح، إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يناقض مصادره الأصلية أسس النصرانية، وترفض بكل وضوح صحة الإنجيل والثقة بما فيه... إلى أن يقول: فالنظام الإسلامي هو أكثر النظم الدينية المتناسقة اجتماعيا وسياسيا، ويفوق في ذلك النظام الشيوعي، ولكن هذه هي الحقيقة) وأقول ولكن هذه الحقيقة. حقا إن أمره عجيب.
    يتآمرون على القضاء على دولته في بلد الخلافة لأنهم ظنوا أنهم إذا قضوا عليها قُضي على الإسلام. فتسقط الراية في أستانبول لترتفع مجددا في الرياض، وتحمل الراية سواعد مؤمنة داعية لربها ليزدهر الإسلام من جديد تطبيقا ودعوة وتعليما، ثم يطير صوابهم ويضيقون بها ذرعا ويحفظها الله من كيدهم. حقا إن أمره عجيب.
    يصنفون المصنفات التي تنال من الإسلام وتسيء إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ثم ترغمهم الحقيقة وينطقهم الله الذي أنطق كل شيء، على الاعتراف بعظمته وسموه، هذا جورج بوش الجد يؤلف كتابا عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ويسميه في كتابه (الدعي) ويطلق على المسلمين لقب سارسين، ثم يشرح مصطلحات كتابه في أوله فيقول: (سارسين saracens سرسري: أصلها اللغوي مشكوك فيه، وربما كانت من الفعل سرق، وتعني كلمة السارسين: اللصوص، والسراقين، والنهابين) وقد أجريت بحثا إلكترونيا من خلال الحاسب في الكتاب المقدس، وطلبت منه أن يستعرض كلمة (نهب) وما تصرف منها؛ فتبين أن هذه الكلمة (نهب) وما تصرف منها تكررت في الكتاب المقدس أكثر من إحدى وثمانين مرة، فأقول كما في المثل العربي: (رمتني بدائها وانسلت) . وأعود إلى كتاب جورج بوش الذي ملأه سبا وتجريحا، فقد ورد فيه قوله: (لقد وضع "أي محمد صلى الله عليه وسلم " أساس إمبراطورية استطاعت في ظرف ثمانين سنة فقط أن تبسط سلطانها على ممالك وبلاد أكثر وأوسع مما استطاعته روما في ثمان مئة سنة، وتزداد دهشتنا أكثر وأكثر إذا تركنا نجاحه السياسي وتحدثنا عن صعود دينه وانتشاره السريع واستمراره ورسوخه الدائم. والحقيقة أن ما حققه نبي الإسلام والإسلام لا يمكن تفسيره إلا بأن الله كان يخصهما برعاية خاصة، فالنجاح الذي حققه محمد صلى الله عليه وسلم لا يتناسب مع إمكاناته، ولا يمكن تفسيره بحسابات بشرية معقولة. لا مناص إذن من القول إنه كان يعمل في ظل حماية الله ورعايته، لا تفسير غير هذا لتفسيرِ هذه الإنجازات ذات النتائج الباهرة).
    وهذا مصنف آخر وهو (ول ديورانت) في كتابه قصة الحضارة، وقد نال من شخص الرسول صلى الله عليه وسلم وتطاول عليه في مقام النبوة يقول: (وإذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمدا كان من أعظم عظماء التاريخ، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحا لم يدانه فيه أي مصلح آخر عبر التاريخ كله.
    إلى أن قال: وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم دينا سهلا واضحا قويا وصرحا خلقيا.واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مائة معركة،"لم تبلغ الغزوات التي شارك فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نصف هذا العدد" وفي قرن واحد أن ينشئ دولة عظيمة، وأن يبقى إلى يوم الناس هذا قوة ذات خطر عظيم في نصف العالم). حقا إن أمره عجيب.
    ظنوا أن الشعوب الإسلامية تتطلع إلى الحرية المزعومة لتتفلت من الإسلام فنادوا بالديمقراطية وطالبوا بها في المنطقة ليخلع المسلمون ربقة الإسلام من أعناقهم؛ وتمت الانتخابات في أكثر من بلد فأفرزت صناديق الاقتراع من كانت برامجهم الانتخابية هي تطبيق الإسلام، وعاقبوا الشعب الذي رشح هؤلاء (سكان غزة) بالتجويع لماذا يسير على البرنامج الديمقراطي، وقرروا أن يؤجلوا فرض الديمقراطية إلى أن تنضج شعوب المنطقة، أي أن تتخلى عن دينها. كلما سلك الغرب سبيلا للقضاء على الإسلام من خلالها سلكها الإسلام وتقدم من خلالها فسبحان الله. حقا إن أمره عجيب.
    يخبر عما سيفعلون، وما تكنه صدورهم نحونا، ثم يعلنونه، وإعلانهم له تصديق لهذا الكتاب العظيم وشاهد على رغم أنوفهم أنه الحق، كم في القرآن الكريم من عبارة:(سيقولون) ثم يقولون ويتكرر القول في كل عصر ومصر.
    وما خبر إعلان عضو البرلمان الهولندي رئيس حزب الحرية اليميني المتطرف جريت فيلدرز، عنا ببعيد، فقد أعلن عن إطلاقه اسم "الفتنة" على الفيلم المهين للقرآن الكريم الذي سبق أن روج له خلال الأشهر المنصرمة والذي ينتقد فيه آيات القرآن الكريم ويصفها بالفاشية والتحريض على العنف والإرهاب ضد غير المسلمين. ثم يضيف الخبر أنه أضاف في تصريحاته الجديدة - التي قد تحدث غضبا في الأوساط الإسلامية في هولندا وخارجها - إن "الإسلام والقرآن هما بلائي والضرر الأكبر الذي أواجهه، فالإسلام من وجهة نظري فتنة".
    وصدق الله فإن القرآن الكريم لا يزيد الكافر المعرض عنه إلا فتنة وبلاء، قال تعالى: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا " [الإسراء:82]، وقال جل ثناؤه: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" [المائدة:68].
    وقال عز من قائل: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" [المائدة:64] .
    أرأيت كيف يكون القرآن شفاءً للمؤمنين، وخسارة للكافرين؟ وفي الآية الثانية بين أنه لا يزيد بعض أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إلا طغيانا وكفرا، وفي الآية الثالثة بين مقالة اليهود وتطاولهم على مقام الربوبية، وأوضحت الآية أن القرآن ليزيدن كثيرا من اليهود طغيانا وكفرا، فهذا السفيه المتطرف عضو البرلمان يخبر عن حقيقة قرآنية متكررة ما تكرر الليل والنهار، وهي أن القرآن يزيد بعض أهل الكتاب طغيانا وكفرا، وهذا من إعجاز القرآن وعظمته أن يخبر عن هذه الحقائق المغيبة في صدورهم ثم يعلنونها، وإعلانها من قبلهم شهادة بصدق القرآن، فلا إله إلا الله ما أعظم هذا القرآن؛ إنه تنزيل من حكيم حميد ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وتأمل أن الفعل المستخدم في كل هذه الآيات هو الفعل المضارع الذي يدل على الحال والاستقبال وهو قوله (يزيد).
    إنه مشهد يتكرر في كل عصر، وفي عصر الرسالة عندما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتحول في صلاته من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، أخبره الله جل شأنه أن اليهود ستقول ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأخبر الحق عن القول قبل أن يقال، قال تعالى: "سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" [البقرة:142]، وختم الآية بقوله: "قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ" [البقرة:142]، فله سبحانه المغرب والمشرق، ولكنهم لا يفقهون، ووصفهم سبحانه بالسفه؛ لأنهم يعلمون أن تحويل القبلة على يد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مما ورد في كتابهم ولكنهم يتعامون عنه سفهاً، قال تعالى: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنّ َكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" [البقرة:144]، فهم يعلمونه ويجحدونه، وقوله سبحانه: "وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ" [البقرة:144]، فاليهود والنصارى يقرؤون في كتابهم خبر تحويل القبلة، ويجادلون فيه وهم يعلمونه ، وفي الإنجيل (19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:«يَ سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! 20آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». 21قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«يَا امْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ) فقد أخبرهم المسيح عن هذا التحول. حقا إن أمره عجيب.
    يقيمون مؤتمرات للحوار لتجسير الفجوة بين المسلمين والنصارى حتى يتقبل المسلمون النصرانية، وتعقد المؤتمرات وينتهي بعضها بإسلام المحاور النصراني، ثم يعيدون النظر في هذه المؤتمرات لئلا يخسروا مزيدا من المحاورين. حقا إن أمره عجيب.
    من أبنائه من يعجز عن وصوله إلى المكانة التي يريد، فيبدأ في نقد مرتكزات الإسلام ونقد ثوابته وإثارة الشبه؛ ليبلغ من الشهرة ما عجز عن تحقيقه بالطريق السوي، كمن أراد أن يشتهر فبال في بئر زمزم في موسم الحج لينال الشهرة، حتى في مخاصمته يحقق الشهرة لخصومه. حقا إن أمره عجيب.
    كل يدعي الوصاية عليه، إلا من رحم الله ، وكل يدعي أنه على منهاجه، وكل صاحب جنوح أو مخالفة يتلبس به ليأخذ منه جواز مرور إلى الناس فهذه موسيقى إسلامية وفن إسلامي وووو، وكل نحلة تنتسب إلى الإسلام تدعي أنها على الحق، ولكنه لا يقرهم كلهم فله ميزانه ومعياره، فلا بد من شرطين، موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم ومتابعته، والإخلاص لله رب العالمين، فمن جاء بهما فاز وقبل وأفلح، ومن فقدهما أو أحدهما فقد خسر وضل سعيه، كل يريد التقرب إليه، وأخذ شهادة تزكية منه . حقا إن أمره عجيب.
    من أراد العز في الدنيا والفوز في الأخرى فليتخذه منهجا وطريقا، هؤلاء الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ساروا عليه فكانت حياتهم فلاحا، ونهايتهم نجاحا، ولا يزال ذكرهم إلى الأبد، قال تعالى: "وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الأَخْيَارِ هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ" [ص:45-49]، وتأمل قوله تعالى (هَذَا ذِكْرٌ) فلهم الذكر الحسن إلى قيام الساعة وبعد قيامها، وكم نال أئمة الإسلام من ذكر حسن فالخلفاء الراشدون وسائر الصحابة رضي الله عنهم وعلماء الإسلام كالإمام مالك والشافعي وأحمد وأبو حنيفة... لا يزال ذكرهم إلى يوم الناس هذا، وهكذا من سار على نهجهم من بقية علماء الإسلام ، وكذلك من سار عليه واتخذه منهجا في سياسته وحكمه حقق من خلاله الاستقرار والأمن ودوام الملك، خذ على سبيل المثال المملكة العربية السعودية بنيت دولتها على منهج النبوة ودعوة التوحيد؛ فتحقق لها الاستقرار والأمن، ولم تكن تملك من مقومات بناء الدولة - في نظر البشر القاصر- في بداية عهدها ما يؤهلها لقيام الدولة، ولكنها سارت على التوحيد وأعلنت تطبيق الشريعة فتحقق لها الاستقرار، في حين قلبت الانقلابات الدول المجاورة، وهذه الدولة تنعم بمرور مئة عام على تأسيسها وهي في عفو وعافية من الانقلابات، حفظها الله، وهذا كله بفضل الله ثم ببركة الأخذ بهذا الدين العظيم. حقا إن أمره عجيب.
    إنه أمر عجيب، وما ذلك إلا لأنه أمر الله! فالخلق خلقه، والأمر أمره، والشرع شرعه، فكما لا يماثل خلق الله أي خلق، فكذلك شرعه وأمره لا يماثله أمر أو شرع. فلا إله إلا الله، الأمر أمره، والخلق خلقه، ولا إله غيره.
    وهل انتهى أمره العجيب، لا والله! ففي جعبة التاريخ، ومضامين النصوص ما تعجز الأقلام عن رصده، وفي المشاعر ما لا تحتمله الأوراق، وفي الصدور من محبته ما تعجز النفوس عن حمله، ولكن نختم بحديث عجيب عن أمره من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول مخبرا عن شيء من مستقبله كما روى ذلك تميم الداري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر" . وكان تميم الداري رضي الله عنه يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز. ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية. رواه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير .
    وهذا مندرج تحت قوله تعالى: "يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" [الصف:8]. حقا إن أمره عجيب.

    http://www.islamtoday.net/questions/...02&artid=13371
    وقلَّ من جدَّ في أمر ٍ يؤملهُ **** واستعملَ الصبرَ إلا فازَ بالظفرِ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    607

    افتراضي رد: عجيب أمره !

    ترفع .. للفائدة .
    وقلَّ من جدَّ في أمر ٍ يؤملهُ **** واستعملَ الصبرَ إلا فازَ بالظفرِ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: عجيب أمره !

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله العلي مشاهدة المشاركة
    [COLOR="Navy"][SIZE="5"]
    (سارسين saracens سرسري: أصلها اللغوي مشكوك فيه، وربما كانت من الفعل سرق، وتعني كلمة السارسين: اللصوص، والسراقين، والنهابين)
    غريب! لكن لا غرابة...
    وهذه العبارة ثبت استعمالها قبل ظهور الإسلام.
    واللغويون يرجعونها إلى عبارة "شرقيين" العربية (oriental)؛ أو "sarakenoi" اليونانية التي تحوّلت إلى "Sarraceni" نسبة إلى "سارة".
    وحتى في العصور الوسيطة: كانت تطلَق على غير المسيحيين، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •