ولقد كان لانتساب هؤلاء الى السلفية مع مخالفتهم لأصولها العلمية والعملية آثار سيئة ومفاسد عريضة ،اذ ظن الناس أن السلفية هي ما فهمه هؤلاء منها ،فظنوها بتلك الأخطاء سلفية عتيقة فكان هذا أكبر صاد عن اتباعها والانتساب اليها ، حيث لم يفرق الناس بين السلفية الحقيقية التي كان عليها البدريون وبين ما فهمه بعض المعاصرين من السلفية ، فعدوهما شيئا واحدا بل عدوا أخطاء تلك الطائفة المعاصرة المنتسبة الى السلفية من أخطاء السلفية الأولى ، فصدهم ذلك عن اتباعها .
وليس التصحيح الذي نقصده ذاك الذي يشذ فيه فرد من طائفة معينة عما يعلمه أهل الاسلام ،فان هذا لايخلو منه بشر ، ولكن التصحيح الذي نقصده يتعلق بأخطاء الشيوخ اذا لم تقابل بالانكار من الأصحاب والأتباع فتصير مناهج لاينتمى الى الجماعة الا بقبولها ،ويصير القول بخلافها خروجا عن الجماعة .
ونقصد من الأخطاء أيضا ما خالف الكتاب والسنة مخالفة صريحة ، أو ما خالف ما كان عليه سلف هذه الأمة ، أو ما أجمع عليه العلماء من الأصول والقواعد والأقوال ، أما ما تنازعوا فيه من مسائل الاجتهاد فهذا لانعنيه لأن بابه واسع ، ولعلنا نبدي فيه رأيا نراه راجحا .
من أجل ذلك ،فان الناس قد تساهلوا في شأن الدعوة وتتابعوا في ذلك من غير مراعاة للضوابط ولا تقيد بالشروط ، فانفتح بذلك باب من الفساد عريض فكثرت الانحرافات وتفشت المخالفات ،فقابلها قوم آخرون بالرد والتفنيد فأحسنوا في ذلك لولا أنهم ردوا معها كثيرا من الحق ،وهذا يخالف دين الله الذي رضيه لعباده وجعله بين الغالي فيه والجافي ..