استغاثة عباءة
خالد بن سعود الحليبي


أختي الكريمة
أحييك بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لقد ورثت الخير عن أمك وأبيك، ومن إرثهما الطيب المبارك هذه العباءة السابغة التي تسترك عن أنظار الرجال الأجانب، وتبقيك درّة مصونة، ترتد عنها أنظار الرجال الجائعين، الذين يتمنون أن تخلعيها يوماً ما، ليتشهوا ملامح جمالك، فتكوني لهم ألعوبة يقضون من خلالها أوطارهم.
صيد ثمين

وربما كنت صيداً ثميناً للتجار الذين يهمهم جداً أن يجددوا في موديلات العباءة، حتى تشتريها كلما جدّت فيها موضة ما، ولتسمعي أحد التجار يقول في حديث له نُشر في إحدى الصحف :"إنّ العباءة إلى جانب كونها وسيلة ستر ضافية، أصبحت اليوم بفضل تطوير خاماتها وأساليب خياطتها زينة لا تقل في هذا عن أزياء المرأة الأخرى".
سبحان الله.. هل أصبحت العباءة التي تلبسها المرأة بغرض إخفاء زينتها عن الأجانب زينة في حد ذاتها تلفت أنظارهم إليها بنوع تطريزها وألوانها، لتغزو عقلية المرأة، ثم تقع المرأة في الفخ فتبدأ تقلّد وتشتري، لتنتفش جيوب الجشعين الذين يتاجرون بأخلاق مجتمعهم وبدينهم؟
إذا فما فائدة العباءة؟ ولماذا تلبسها المرأة؟

ثم اسمعي هذا التاجر يقول أيضاً :"أصبحت المرأة تشتريها اليوم حسب الموضة، وقد لا تكون عباءتها السابقة قد استهلكت، ففي السابق كانت المرأة تجدد عباءتها كل بضع سنين، أما اليوم فقد تطلب تغييرها في أقل من عام مثل الثياب".
لماذا هذه الموضات؟

لك أن تعجبي مثلي كيف بدأت التسميات الغربية والتقليعات تغزو كسوة عفافك، فيروّج التجار لأسماء جديدة للعباءة فيسموها : الشبح، وكأنّها سيارة، أو الرومانسية، أو البيجر، أو ليلتي، أو مروج، أو ليزر، أو عام ألفين، أو الفرنسية.. أتعلمين من يسميها؟ إنّهم التجار أنفسهم. يقول تاجر العباءات :"نطرح هذه الأسماء لسببين، الأول: تجاري، فهذه الأسماء تلقى صدى في نفس الزبونة، وتقبل على الاسم، خصوصاً إذا كان مميزاً، وله وقع خاص.. وهنا يأتي دور الأسماء الرنّانة التي تجلب الزبونة" . ولو صدقك لقال : التي تخدع الزبونة وتبتزها دون أن تشعر!
وقد لاحظ أحد زوّار المحل أنّ النساء يأتين يطلبن نوعاً معيناً من العباءات باسمه اللماع، مع أنّ المرأة لاتستطيع حتى نطق الإسم، فضلاً عن معرفة النوع.. أليس معنى ذلك أنّ الأمر كله لمجرّد التقليد فقط؟ فأين عقولنا؟ لنميّز بها بين ما يصلح لنا ومايتعارض مع ديننا؟
إنّي أخاف عليك
إنّي أجد أنّ هؤلاء يخططون لك ببعد نفسي ليغيّروا من هيئة سترك، ولكني ـ ولله الحمد والمنّة ـ أجدك لم تصغي إليهم ـ بخلعها، ولكن اسمحي لي أن أقول : إنّي أخاف عليك كثيراً من الوصول إلى ذلك الأمر، لا قدّر الله، فها أنا ذا أرى مجموعة من بنات جنسك يخلعنها شيئاً فشيئاً. ألم يكن الحجاب يستر كل الوجه والكفّين، وكانت النساء لا يبدين أيديهن ولا أرجلهن، فما بال الموضة اقتضت أن تلبس المرأة الحذاء دون شراب، وما بال الموضة حكمت بأن تبدي المرأة عينيها من خلال البرقع أو ما يسمى بالنقاب أمام البائعين والرجال الأجانب عموماً، فأين إذن حكم الله؟
والمصيبة أنّ عدداً من الفتيات فتحن باباً من السوء بدأ يتّسع شيئاً فشيئاً، ففي البداية كان النقاب لعين واحدة بحجة رؤية الطريق، ثم انفتحت العين الأخرى، ثم بدأ الخرق يتسع حتى شمل مافوق العين وماتحتها، فوجدت فيه بعض الجاهلات فرصة لفتنة الأجانب، فأخذت تضع كريم الأساس على جلدها الظاهر من النقاب، والظل والكحل على الرموش والجفن، لتصطاد قلوب المغفلين، فتكبر الفتنة وتتسع، وهي لاتدري أنّها تجرّ على نفسها الإثم أولاً، وربما الفاحشة والفضيحة والعار.
عباءة الفئران

ومن أعجب مارأيته في عباءات النساء عندنا، أن تعمد المرأة إلى عباءتها فتزينها بصور الفئران.. نعم الفئران، ويسمونها باسم الفأر الأجنبي (ميكي ماوس)، كانوا يضعونه على ملابس الأطفال، ويتخذون منه أشكال شنطهم، ولكن هل يصل الأمر إلى المرأة الناضجة أن تفعل ذلك، وأين؟ في العباءة رمز الستر؟! عجباً!!
هذا إلى ما يسمي (فرزادشي) وهو اسم لمجسّم مجهول بالنسبة لنا، من يدري ربما كان إلهاً معبوداً من دون الله، أو رمزاً من رموز الكفر، ونحن لا نشعر.
يا ابنة هذا المجتمع الطيّب

أختي المسلمة : إنّ الإسلام لايحرّم الطيبات، ولا الملابس الجميلة، ولكن أن يكون الجمال تقليداً للكفار، أو مما يثير أنظار الرجال الأجانب، أو يدل على قلّة الحياء، فلا وألف لا ..
واحذري.. فالوقت الذي تبذله المرأة في الأسواق وهي تلاحق تلك الموضات هو الحياة نفسها، والله تعالى سيسأل كل واحد منّا عن عمره فيما أبلاه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه. وأهلك أو زوجك أو أولادك هم أولى بوقتك هذا، وإذا وجدت فراغاً زائداً فاشغليه في العبادة .
بارك الله فيك ونفع بك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.