تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: ما هو ضابط اللهو المحرم ؟ (للمناقشة والإفادة)

  1. #1

    افتراضي ما هو ضابط اللهو المحرم ؟ (للمناقشة والإفادة)

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد :
    فمن المسائل التي يكثر السؤال عنها خاصة في عصرنا الذي كثرت فيه الملهيات والألعاب الكثيرة والغريبة علينا مسألة اللهو ومتى يكون هذا الأمر من اللهو المباح أو من اللهو المحرم وهو موضوع أشكل علي وبحثت فلم أجد فيه ضابطا دقيقا يفرق لنا بين الأمرين فتجد مثلا في اللعبة الواحدة بعض أهل العلم يلحقها باللهو المحرم والآخر لايلحقها به فما هو الضابط للمسألة؟
    فمثلا لعبة الكيرم – أنا هنا لا أناقش حكمها وإنما أذكرها تمثيلا لكلامي – الشيخ محمد بن إبراهيم يلحقها باللهو المحرم بينما الشيخ عبدالله بن عقيل يرى أنه لابأس بها بشروط وإليك كلامهما:
    الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
    جاء في فتاوي الشيخ : من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن جلوي أمير المنطقة الشرقية المحترم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
    فقد جرى الاطلاع على هذه الأوراق الواردة إلينا منكم برقم 308-3 ـ ج ـ 727 وتاريخ 3/2/82 هـ المتعلقة بقضية "لعبة الكيرم" وما قرره قاضي مستعجلة القطيف بحق كل من علي بن عبد الله بن فروان ومحسن بن عيسى البحاري المتهمين بمزاولة هذه اللعبة .
    وبتأمل ما ذكر وجد أن هذه اللعبة من الألعاب الملهية الصادة عن ذكر الله وعن الصلاة في الغالب ، وقد تفضي إلى القمار والوقوع في العداوة والبغضاء ، وإذا كانت على عوض فهي بذلك داخلة في الميسر وعليه لا ينبغي إقرارها ولا تمكينهم من لعبها . أما ما قرره قاضي مستعجلة القطيف بحق المذكورين فلا بأس بالاكتفاء به في هذه القضية ، مع العلم أنه سيصدر منا إلى القضاة ما يقي بعدم التساهل في تقدير التعزيرات الشرعية بحق المتهمين لئلا ينهمك الناس في الأمور المجذورة والسلام .
    رئيس القضاة ( ص ـ ق 57-1 في 18/1/1383هـ)
    الشيخ عبدالله بن عقيل حفظه الله:
    [445] لعب الكيرم ونحوه
    سائل يسأل عن لعب الورقة "الكوتشينة" وما شابهها، مثل الكيرم وغيره، بدون رهان، إنما لمجرد الترفيه عن النفس؟
    الإجابة:
    اللعب بالورقة ونحوها، كالكيرم، وما شابهه من اللَّهو المكروه، لا بأس به إذا كان لا يشغل عما هو واجب، ولا يصد عن ذكر اللَّه، ولا عن الصلاة، ولا يثير العداوة والبغضاء بين اللاعبين، ولم يكن على عوض، وخلا من أي مفسدة، فإن اقترن بشيء من ذلك فهو حرام. ولكن من عرف حقيقة هذه اللعبة، وسبر أحوال الذين يمارسونها عرف أنها لا تخلو من أكثر هذه الأشياء، أو شيء منها إلا في النادر، والنادر لا حكم له.
    والناس الآن في وقت العلم؛ وقت السرعة والتقدم، فالعاقل من يربأ بنفسه عن مثل هذه المسائل، ويشغلها بما هو أنفع لها؛ لأن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والوقت كالسيف، إن قطعته وإلا قطعك. واللَّه الموفق؛ لا رب غيره ولا إله إلا هو.اهـ

    فكما ترون الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله حكم على اللعبة بأنها من اللهو المحرم وأما الشيخ ابن عقيل ففي البداية ذكر أنها من اللهو المكروه ثم في آخر الفتوى كأنه جنح إلى تحريمها والله أعلم وليس القصد من إيراد كلام الشيخين إلا التمثيل والأمثلة على ذلك كثيرة أيضا...

    أرجو من المشايخ الأفاضل وطلبة العلم أن يذكروا ما عندهم في هذه المسألة حتى ننتفع جميعا والله من وراء القصد...

    وقد ذكر بعض المشايخ في الجامعة التي درست فيها ضابطا جيدا إلا أنه ترد عليه بعض الإشكالات والضابط الذي ذكره هو أن ( ما ألهى كثيرا وأكسب قليلا وأخذ بكلية القلب فهو من اللهو المحرم )
    والإشكال أن بعض صور اللهو قد تنطبق عليها هذه القيود ولا أعلم أن أحدا يقول بتحريمها فلو أن شخصا مثلا يهوى الخروج إلى البر للنظر إلى الإبل وغير ذلك من المناظر حتى صار ذلك من محبوباته ولم ينتفع بذلك شيئا وأخذ بكلية قلبه فهل نقول له فعلك هذا حرام؟

    ثم لاح لي وجه وهو أن يقال : لايوجد ضابط دقيق يفرق بين الأمرين بل كل مسألة يبحث فيها على حدة وينظر بالقرائن التي احتفت بها وهل الغالب على من يلعبها فعل أمر محرم كتضييع صلاة أو قمار أو شحناء وما شابه ذلك ويحكم على ضوء ذلك ....

    قد أكون مخطئا في تصوري , لذلك أوردت هذا الإشكال الذي قد لايشكل إلا على أمثالي من المبتدئين فلذلك اصبروا علي وعلى أمثالي جزاكم الله خيرا...
    قال القاضي بدرالدين بن جماعة :
    " وليحذر من التقيد بالمشهورين وترك الأخذ عن الخاملين فقد عدّ الغزالي وغيره ذلك من الكبر على العلم وجعله عين الحماقة ؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها "

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: ما هو ضابط اللهو المحرم ؟ (للمناقشة والإفادة)

    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    في أواخر كتاب الاستئذان بوب البخاري باباً 000 قال : " بَاب كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }
    فقيد بطلان اللهو بكونه يشغل عن ذكر الله ، ومؤداه أنه - نفس اللهو - لو لم يشغل عن طاعة الله لم يكن باطلاً ، والمقصود الطاعة الواجبة إذ لو المقصود الطاعة المندوبة لم يكن للكلام معنى حيث ان الطاعات المندوبة لا تنتهي ولا يغلق بابها في أي وقت بخلاف الواجبة فهي محددة قدراً ووقتا ، ويؤيد هذا المعنى أيضاً استشهاد البخاري بآية لقمان حيث ذم شراء لهو الحديث لغرض الصد والاضلال عن سبيل الله .
    وعليه فإن اللهو إن كان فيه نص محدد واضح بتحريمه فإنه حرام .
    أما مع عدم النص فقاعدة البخاري أظنها هي التي ينبغي أن تكون الحاكمة 000000والله تعالى أعلم
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    244

    افتراضي رد: ما هو ضابط اللهو المحرم ؟ (للمناقشة والإفادة)

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    الألعاب في جملتها لا تخرج عن ثلاثة أقسام : (ألعاب مشروعة، وألعاب ممنوعة، وألعاب مسكوت عنها)، وتفصيل القول فيها، كما يلي باختصار :
    القسم الأول : ألعاب مشروعة
    وهي نوعان :
    النوع الأول : ألعاب قد نصت عليها الشريعة : كالرماية، والسباق، والمصارعة، وغير ذلك مما هو مشروع؛ علما أن بعض هذه الألعاب يصل إلى الوجوب؛ لاسيما إذا توقف عليها فرض الجهاد، «وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» .
    فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : «لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر» أخرجه أحمد (2/474)، وأبو داود (2574)، والترمذي (1700)، وهو حديث صحيح، انظر «صحيح أبي داود» للألباني (2244) .
    قال ابن القيم رحمه الله في «الفروسية» (171،301)، بعد أن قسم الألعاب إلى ثلاثة أنواع : «القسم الثاني : عكس هذا (أي : اللعب الممنوع)، وهو ما فيه مصلحة راجحة، وهو متضمن لما يحب الله ورسوله، معين عليه، ومفض إليه، فهذا شرعه الله تعالى لعباده، وشرع لهم الأسباب التي تعين عليه، وترشد إليه، وهو : كالمسابقة على الخيل، والإبل، والنضال، التي تتضمن الاشتغال بأسباب الجهاد، وتعلم الفروسية، والاستعداد للقاء أعدائه، وإعلاء كلمته، ونصر دينه وكتابه ورسوله، فهذه المغالبة تطلب من جهة العمل، ومن جهة أكل المال لهذا العمل الذي يحبه الله تعالى ورسوله، ومن الجهتين معا .
    وهذا القسم جوزه الشارع بالبرهان تحريضا للنفوس عليه، فإن النفس يسير لها داعيان : داعي الغلبة، وداعي الكسب، فتقوى رغبتها في العمل المحبوب لله تعالى ورسوله، فعلم أن أكل المال بهذا النوع أكل له بحق، لا بباطل» انتهى .
    النوع الثاني : ألعاب لم تنص عليها الشريعة؛ إلا أنها مما يستعان بها في الجهاد، وهذا النوع يدخل في حكم النوع الأول من باب القياس، وربما كان أولى لا سيما إذا تطورت آلات الجهاد كما هو الآن : من دبابات، وطيارات، وصواريخ، وبنادق، وألغام، وغيرها مما أصبحت عدة حربية عصرية، لا يجوز مجاوزتها، أو حتى تجاهلها بحال!
    وهذا ما نص عليه أهل العلم، يقول ابن قدامة رحمه الله في «المغني» ( 8/652) : «والمسابقة على ضربين : مسابقة بعوض، ومسابقة بغير عوض : فأما المسابقة بغير عوض فتجوز مطلقا من غير تقييد بشيء معين : كالمسابقة على الأقدام، والسفن، والطيور، والبغال، والحمير، والفيلة، والمزاريق، والمصارعة، ورفع الحجر ليعرف الأشد، وغير هذا» انتهى .
    والشاهد من قوله هو : «وغير هذا»، مع أنه أراد من ذكر هذه المسابقات المثال لا الحصر، وهذا واضح من كلامه رحمه الله .
    فقد استدل الشافعية، وبعض الحنابلة القائلون بجواز المسابقة بعوض في كل ما هو نافع في الحرب، بالآتي :
    أولا : الكتاب، قال تعالى : "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" .
    ووجه الدلالة : أن هذه المعدات الحديثة الآن هي وسائل الجهاد، وفي المسابقة عليها بعوض تقوية للجنود، وتزويدهم بالخبرة الكافية التي يستطيعون بها محاربة العدو وقهره، وهذا داخل فيما أمر الله تعالى به من إعداد العدة والقوة .
    ولذا قال الشافعي رحمه الله في «الأم» (4/23) ردا على من قصر السباق بجعل على الخيل، والإبل، والنصل ما نصه : «وهذا ـ يعني به ما عدا الثلاثة المذكورة في الحديث من الخيل، والإبل، والسهام ـ داخل في معنى ما ندب الله إليه، وحمد عليه أهل دينه من إعداد العدة، والقوة، ورباط الخيل» انتهى .
    إن الفقهاء قالوا : إن المسابقة قد تجب إذا تعينت طريقا للجهاد، وكانت سببا للتفوق على العدو، ولا شك أن المسابقة بعوض على تلك المعدات الحربية الحديثة تكسب الجندي تفوقا، ومهارة، وخبرة، وجدارة، فهي إن لم تكن واجبة؛ فلا أقل من أن تكون مستحبة، علما بأن القرآن حث على إعداد العدة، ومن الوسائل النافعة للاستعداد للحرب التشجيع عليه بالعوض .
    ولذا قال الماوردي في «الإنصاف» (6/91) : «فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما يعين على الدين، كما في مراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه» انتهى .
    لذا فإن جواز السباق بجعل على الخيل، والإبل، والسهام معقول المعنى، ومعلل بعلة إعداد الجندي المسلم، وتعليمه أساليب الجهاد، وتزويده بالخبرة الكافية في فنون القتال نكاية في العدو، وقد وجدت هذه العلة السابقة على الآلات الحديثة؛ فتأخذ حكم الأصل هذا . انظر «الميسر» لرمضان حافظ (146)
    القسم الثاني : ألعاب ممنوعة
    وهي ثلاثة أنواع :
    النوع الأول : ألعاب نصت الشريعة الإسلامية على تحريمها : كالميسر،
    والنرد (الطاولة)، والشطرنج عند جمهور أهل العلم، والقمار، والتحريش بين الحيوانات، وغير ما هنا مما حرمته الشريعة . ومن أراد زيادة تفصيل فعليه بالمطولات من كتب الفقه .
    قال ابن القيم رحمه الله في كتاب «الفروسية» (169،301) : «فإن المغالبات في الشرع تنقسم ثلاثة أقسام :
    أحدها : ما فيه مفسدة راجحة على منفعته : كالنرد، والشطرنج؛ فهذا يحرمه الشارع، ولا يبيحه، إذ مفسدته راجحة على مصلحته، وهي من جنس مفسدة السكر، ولهذا قرن الله سبحانه وتعالى بين الخمر، والقمار في الحكم، وجعلهما قريني الأنصاب، والأزلام، وأخبر أنها كلها رجس، وأنها من عمل الشيطان، وأمر باجتنابها، وعلق الفلاح باجتنابها، وأخبر أنها تصد عن ذكره، وعن الصلاة، وتهدد من لم ينته عنها، ومعلوم أن شارب الخمر إذا سكر؛ كان ذلك مما يصده عن ذكر الله، وعن الصلاة، ويوقع العداوة، والبغضاء بسببه .
    وكذلك المغالبات التي تلهي بلا منفعة؛ كالنرد، والشطرنج، وأمثالهما، مما يصد عن ذكر الله، وعن الصلاة؛ لشدة التهاء النفس بها، واشتغال القلب فيها أبدا بالفكر .
    ومن هذا الوجه؛ فالشطرنج أشد شغلا للقلب، وصدا عن ذكر الله، وعن الصلاة، ولهذا جعله بعض العلماء أشد تحريما من النرد، وجعل النص على أن اللاعب بالنرد عاص لله ورسوله؛ تنبيها بطريق الأولى على أن اللاعب بالشطرنج أشد معصية، إذ لا يحرم الله، ورسوله فعلا مشتملا على مفسدة؛ ثم يبيح فعلا مشتملا على مفسدة أكبر من تلك، والحس والوجود شاهد بأن مفسدة الشطرنج، وشغلها للقلب، وصدها عن ذكر الله، وعن الصلاة أعظم من مفسدة النرد، وهي توقع العداوة، والبغضاء؛ لما فيها من قصد كل من المتلاعبين قهر الآخر، وأكل ماله، وهذا من أعظم ما يوقع العداوة والبغضاء، فحرم الله سبحانه هذا النوع؛ لاشتماله على ما يبغضه، ومنعه مما يحبه» انتهى .
    النوع الثاني : ألعاب لم تنص الشريعة الإسلامية على تحريمها؛ بل حرمتها لاقترانها بمحظور شرعي خارج عن أصلها، كما لو اقترن بها : إضرار، أو سب، أو عداوة، أو صد عن ذكر الله، أو اشتغال عما هو أولى أو أفضل ... وغيره، ومثاله : كل لعبة مشروعة، أو مباحة اشتملت على محظور شرعي : كالإضرار بالآخرين، أو إغراء العداوة بين اللاعبين، أو صدها عن ذكر الله تعالى، ونحو ذلك .
    وقد قال ابن تيمية رحمه الله : «إن العلوم المفضولة إذا زاحمت العلوم الفاضلة وأضعفتها؛ فإنها تحرم». الدرر السنية (15/216) .
    فإذا كان الأمر هكذا في العلوم المفضولة مع العلوم الفاضلة، فكيف والحالة هذه بـالألعاب يوم زاحمت العلوم الفاضلة، وأضعفتها؛ بله العلوم الشرعية؛ كما هو واقع شبابنا هذه الأيام، في حين أن اللعب الذي يلعبون بالورق ونحوه ليس علما؛ إنما هو لهو، وسفه معا!
    النوع الثالث : ألعاب ليس فيها إعمال للعقل، والتفكير؛ بل قائمة على التخمين، والحظ (المصادفة)، فهذه ألعاب محرمة، كما ذكره أهل العلم .
    قال الكمال بن الهمام رحمه الله في «شرح فتح القدير» (6/413) مستدلا بالحديث : «من لعب بالنرد فقد عصى الله، ورسوله»، ثم قال : «ولعب الطاب في بلادنا مثله ـ أي مثل النرد ـ يرمى، ويطرح بلا حساب، وإعمال فكر، ثم قال : ـ مبينا القاعدة في هذا ـ وكل ما كان كذلك مما أحدثه الشيطان، وعمله أهل الغفلة : فهو حرام سواء قومر به، أم لا» انتهى .
    ونقل صاحب «نهاية المحتاج» (8/280) من الشافعية عن الرافعي، فقال : «قال الرافعي : وكل ما اعتمد الحساب، والفكر : كنقلة حفر، أو خطوط ينقل منها، وإليها حصى بالحساب لا يحرم، وكل ما يعتمد على التخمين يحرم» .
    ومن خلال ما ذكرناه هنا : تبين لنا مما سبق أن القاعدة العامة المتفق على حرمته من لعب الميسر مجانا هي : «كل لعب يعتمد فيه على الحظ، والتخمين من غير إعمال فكر، أو حساب»، ويتفرع على تلك القاعدة كثير من الألعاب الدارجة بين أبناء المسلمين هذه الأيام .
    القسم الثالث : ألعاب سكتت عنها الشريعة الإسلامية منعا وإثباتا، وهو القسم المباح من الألعاب.
    وهذا القسم قد جرى فيه خلاف بين أهل العلم ما بين مبيح ومانع، اعتمادا منهم على ظاهر الأدلة الشرعية، وهما على قولين :
    الأول : أن الأصل في الألعاب : هو التحريم، وبهذا قال كل من : الحنفية، والقرافي من المالكية، والخطابي من الشافعية، والبغوي، وغيرهم.
    الثاني : أن الأصل في الألعاب الرياضية : هو الحل؛ إلا ما استثناه الشرع، وبهذا قال أكثر أهل العلم، وهو الراجح.
    حكم الألعاب المباحة
    لقد اختلف أهل العلم في الألعاب الرياضية التي لم تدل الشريعة الإسلامية على منعها، أو ثبوتها، على قولين كما يلي باختصار :
    * القول الأول : أن الأصل في الألعاب الرياضية هو التحريم؛ إلا ما استثناه الشرع، لقوله صلى الله عليه و سلم : «كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل، إلا ثلاثا : رميه عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق» أخرجه أحمد (17300،17337)، وهو صحيح، انظر «السلسلة الصحيحة» (315)، و«صحيح الترغيب» (1282) للألباني.
    ولقوله صلى الله عليه و سلم : «كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لغو ولهو، أو سهو؛ إلا أربع خصال : مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلم السباحة» أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (8891)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1/89)، و«شرح مشكل الآثار» للطحاوي.
    وجه الدلالة من الحديثين، وغيرهما : أن وصف اللعب بالباطل والضلال يدلان على حرمة اللعب مطلقا سواء كان بمال، أو لا، وبهذا قال كل من : الحنفية، والقرافي من المالكية، والخطابي من الشافعية، والبغوي، وغيرهم.
    قال الكمال بن الهمام رحمه الله في «شرح فتح القدير» (6/413) : «ولعب الطاب في بلادنا مثله ـ أي مثل النرد ـ، ثم قال : ـ مبينا الحكم في هذا ـ وكل ما كان كذلك مما أحدثه الشيطان، وعمله أهل الغفلة : فهو حرام سواء قومر به، أم لا» انتهى .
    وقال الإمام الخطابي رحمه الله في «معالم السنة» (2/242) عند شرح هذا الحديث : «وفي هذا بيان أن جميع أنواع اللهو محظورة، وإنما استثنى رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الخلال من جملة ما حرم منها؛ لأن كل واحدة منها ـ إذا تأملتها ـ وجدتها معينة على حق، أو ذريعة إليه، ويدخل في معناها : ما كان من المناضلة، والسلاح، والشد على الأقدام» .
    ثم قال : «فأما سائر ما يتلهى به البطالون من أنواع اللهو : كالنرد، والشطرنج، وسائر ضروب اللعب بما لا يستعان به في حق فهو محظور!» انتهى .
    وقال الإمام الكاسائي الحنفي رحمه الله في «بدائع الصنائع» (6/206) : «واللعب حرام في الأصل؛ إلا أن اللعب بهذه الأشياء صار مستثنى من التحريم شرعا، فبقيت الملاعبة بما وراءها على أصل التحريم؛ ولأن الاستثناء يحتمل أن يكون لمعنى لا يوجد في غيرها، فكانت لعبا صورة ورياضة، وتعلم أسباب الجهاد، ولئن كان لعبا لكن اللعب إذا تعلقت به عاقبة حميدة لا يكون حراما، ولهذا استثنى ملاعبة أهله لتعلق عاقبة حميدة بها، وهي انبعاث الشهوة الداعية إلى الوطء الذي هو سبب التوالد، والتناسل، والسكنى، وغير ذلك من العواقب الحميدة» انتهى .
    وقال صاحب «الأنهر في شرح الأبحر» (2/533) : «يحرم اللعب، والعبث، واللهو، فالثلاثة بمعنى» .
    ونقل المرداوي الحنبلي في «الإنصاف» (6/90) : عن السامري قوله : «وفي «المستوعب» : كل ما يسمى لعبا مكروه؛ إلا ما كان معينا على قتال العدو».
    قال يحي : سمعت مالكا يقول : وهو ما ذكره النفراوي في «الفواكه الدواني» (2/452) في حكم اللعب بالملاهي ما نصه : «ولا يجوز اللعب بالنرد، ولا يجوز اللعب بالشطرنج، ثم قال : وقع الخلاف في اللعب بالطاب، والمنقلة، ثم قال : والذي ذكره بهرام في شرح خليل؛ الحرمة في الطاب، وجعله مثل النرد .
    وأما المنقلة فاستظهر بعض الشيوخ الكراهة . وكل هذا حيث لا قمار، وإلا فالحرمة فيهما من غير نزاع» انتهى .
    القول الثاني : أن الأصل في الألعاب الرياضية هو الحل؛ إلا ما استثناه الشرع، وبهذا قال أكثر أهل العلم .
    قال الرملي رحمه الله في «منهاج المحتاج» (8/280) : « فكل ما اعتمد على الحساب : كالمنقلة حفر، أو خطوط ينقل منها، وإليها حصى بالحساب فلا يحرم» .
    وقال ابن قدامة في «المغني» (12/172) : «وسائر أنواع اللعب إذا لم يتضمن ضررا، ولا شغلا عن فرض؛ فالأصل إباحته» .
    وقال المرداوي في «الإنصاف» (6/90) : «قال الشيخ تقي الدين ـ ابن تيمية ـ : «يجوز ما قد يكون فيه منفعة بلا مضرة»، يعني بذلك أنواع اللعب .
    ثم قال : « قال في (الفروع) : وظاهر كلامه (أي : كلام ابن تيمية) لا يجوز اللعب المعروف بالطاب، والنقيلة، ثم قال : وقال الشيخ تقي الدين أيضا : « كل فعل أفضى إلى محرم حرمه الشرع، إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة؛ لأنه يكون سببا للشر، والفساد .
    ثم قال : وقال أيضا : «وما ألهى، وشغل عما أمر الله به؛ فهو منهي عنه، وإن لم يحرم جنسه؛ كبيع، وتجارة، ونحوها» .
    وقال ابن العربي في «عارضة الأحوذي» (7/137) : «قوله : «كل ما يلهو به الرجل باطل»، ليس مراده حراما، وإنما يريد به أنه عار من الثواب، وأنه للدنيا محضا، لا تعلق له بالآخرة، والمباح منه باق، والباقي كله عمل له ثواب» .
    وقال ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (11/91) : «إنما أطلق على ما عداها ـ أي الثلاثة ـ البطلان من طريق المقابلة، لا أن جميعها من الباطل المحرم!» .
    وكذا قال الغزالي رحمه الله «الإحياء» (2/285) في توجيه هذا الحديث : «فهو باطل»، لا يدل على التحريم؛ بل يدل على عدم الفائدة» .
    وقد صحح الشوكاني رحمه الله في «نيل الأوطار» (8/104) ما ذهب إليه الغزالي هنا بقوله : «وهو جواب صحيح؛ لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح، على أن التلهي بالنظر إلى الحبشة ، وهم يرقصون في مسجده صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيح، خارج عن تلكم الأمور الثلاثة» .
    وقال ابن القيم رحمه الله في «الفروسية» (172،301) : «وأما القسم الثالث : وهو ما ليس فيه مضرة راجحة، ولا هو أيضا متضمن لمصلحة يأمر الله تعالى بها، ورسوله صلى الله عليه و سلم ، فهذا لا يحرم، ولا يؤمر به : كالصراع، والعدو، والسباحة، وشيل الأثقال» .
    ولابن تيمية كلام جيد في توجيه معنى هذا الحديث؛ حيث قال في «الاستقامة» (1/277) : «وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : «كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل، إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبة امرأته، فإنهن من الحق»، والباطل من الأعمال هو ما ليس فيه منفعة، فهذا يرخص فيه للنفوس التي لا تصبر على ما ينفع، وهذا الحق في القدر الذي يحتاج إليه في الأوقات التي تقتضي ذلك : كالأعياد، والأعراس، وقدوم الغائب، ونحو ذلكم، وهذه نفوس النساء، والصبيان، فهن اللواتي كن يغنين في ذلك على عهد النبي صلى الله عليه و سلم ، وخلفائه، ويضربن بالدف، وأما الرجال فلم يكن ذلك فيهم؛ بل كان السلف يسمون الرجل المغني : مخنثا، لتشبهه بالنساء» انتهى .
    وقال أيضا في موضع آخر (153) : «وأما اللذة التي لا تعقب لذة في دار القرار، ولا ألما، ولا تمنع لذة دار القرار فهذه لذة باطلة، إذ لا منفعة فيها، ولا مضرة، وزمنها يسير، ليس لتمتع النفس بها قدر، وهي لابد أن تشغل عما هو خير منها في الآخرة، وإن لم تشغل عن أصل اللذة في الآخرة .
    وهذا هو الذي عناه النبي صلى الله عليه و سلم بقوله : «كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل» الحديث، وكقوله لعمر لما دخل عليه، وعنده جواري يضربن بالدف فأسكتهن لدخوله، وقال : «إن هذا رجل لا يحب الباطل»أخرجه أحمد (3/435)، (4/24)، والبخاري في «الأدب المفرد» (342 )، ولكنه ورد بسياق آخر في سماع «المدح»، لا «الغناء»، انظر «مجمع الزوائد» للهيثمي (8/118)، (9/66) .
    فإن هذا اللهو فيه لذة؛ ولولا ذلك لما طلبته النفوس!
    ولكن ما أعان على اللذة المقصودة من الجهاد، والنكاح فهو حق، وأما ما لم يعن على ذلك فهو باطل، لا فائدة فيه، ولكنه إن لم يكن فيه مضرة راجحة لم يحرم، ولم ينه عنه، ولكن قد يكون ما فعله مكروها؛ لأنه يصد عن اللذة المطلوبة؛ إذ لو اشتغل اللاهي حين لهوه بما ينفعه، ويطلب له اللذة المقصودة، لكان خيرا له» .
    ثم قال أيضا : «ومحبة النفوس للباطل نقص، لكن ليس كل الخلق مأمورين بالكمال ، ولا يمكن ذلك فيهم ، فإذا فعلوا ما به يدخلون الجنة لم يحرم عليهم ما لا يمنعهم من دخولها» انتهى .
    وبعد أن ذكرنا كلام أهل العلم في تفسير معنى الحديث النبوي؛ نستطيع أن نخلص منها إلى أربعة أمور :
    الأول : أن معنى «باطل» في الحديث : ما لا ثواب فيه، ولا إثم .
    الثاني : أن غير هذه الأنواع المذكورة من اللهو ليست محرمة؛ بل منها ما هو مباح، وما هو ممنوع شرعا .
    الثالث : أن هذا المباح يكون مكروها في حق من هو قادر على شغل وقته فيما هو مستحب .
    الرابع : إذا كان المباح تعقبه فائدة أخروية، فهو من هذه الثلاثة المباحة.
    ومنه يعلم أن هنالك من الألعاب ما هو مباح؛ إلا أنه ليس للمسلم أن يكثر من اللهو، والعبث، والتسلية؛ حتى لا يخرج هذا اللهو عن الهدف الذي شرع من أجله . و الله تعالى أعلم و أحكم.
    لا يكذب المرء إلا من مهانـته *** أو عادة السوء أو من قلة الأدب
    لجيفة الكلب عندي خير رائحة *** من كذبة المرء في جد وفي لعب

  4. #4

    افتراضي رد: ما هو ضابط اللهو المحرم ؟ (للمناقشة والإفادة)

    الأخوان الفاضلان شريف شلبي و أبوجهاد الأثري ....
    جزاكما الله خير الجزاء وبارك فيكما على الإفادة ....
    قال القاضي بدرالدين بن جماعة :
    " وليحذر من التقيد بالمشهورين وترك الأخذ عن الخاملين فقد عدّ الغزالي وغيره ذلك من الكبر على العلم وجعله عين الحماقة ؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها "

  5. #5

    افتراضي رد: ما هو ضابط اللهو المحرم ؟ (للمناقشة والإفادة)

    تفضل بزيارة مدونتي:http://abofatima.maktoobblog.com/

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,015

    افتراضي رد: ما هو ضابط اللهو المحرم ؟ (للمناقشة والإفادة)

    3040 ( د ت س ) عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن الله عز وجل ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعه يحتسب في عمله الخير ، والرامي به ، والممد به ) . وفي
    رواية : ومنبله - فارموا واركبوا ، وأحب إلي أن ترموا من أن تركبوا . كل لهو باطل ، ليس من اللهو محمود إلا ثلاثة : تأديب الرجل فرسه ، وملاعبته أهله ، ورميه بقوسه ونبله ، فإنهن من الحق ، ومن ترك الرمي بعد ما علمه ، رغبة عنه ، فإنها نعمة تركها - أو قال : كفرها ) . أخرجه أبو داود . وأخرجه الترمذي إلى قوله : ( فإنهن من الحق ) وأخرج النسائي إلى قوله : ( ومنبله ) . وله في أخرى مثله ، وفي أوله : قال خالد بن زيد الجهني : ( كان عقبة يمر بي فيقول : يا خالد ، أخرج بنا نرمي ، فلما كان ذات يوم أبطأت عنه ، فقال : يا خالد ، تعال أخبرك بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأتيته ، فقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله يدخل بالسهم الواحد . . . ) الحديث .
    جامع الاصول ج 5 ص 0

    هذا نص في أن كل لهو باطل إلا الثلاثة المذكورة

    لكن هل معنى باطل أنه محرم ، أو أنه لا أجر فيه ، اختلف العلماء

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •