الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد :
فمن المسائل التي يكثر السؤال عنها خاصة في عصرنا الذي كثرت فيه الملهيات والألعاب الكثيرة والغريبة علينا مسألة اللهو ومتى يكون هذا الأمر من اللهو المباح أو من اللهو المحرم وهو موضوع أشكل علي وبحثت فلم أجد فيه ضابطا دقيقا يفرق لنا بين الأمرين فتجد مثلا في اللعبة الواحدة بعض أهل العلم يلحقها باللهو المحرم والآخر لايلحقها به فما هو الضابط للمسألة؟
فمثلا لعبة الكيرم – أنا هنا لا أناقش حكمها وإنما أذكرها تمثيلا لكلامي – الشيخ محمد بن إبراهيم يلحقها باللهو المحرم بينما الشيخ عبدالله بن عقيل يرى أنه لابأس بها بشروط وإليك كلامهما:
الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
جاء في فتاوي الشيخ : من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن جلوي أمير المنطقة الشرقية المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
فقد جرى الاطلاع على هذه الأوراق الواردة إلينا منكم برقم 308-3 ـ ج ـ 727 وتاريخ 3/2/82 هـ المتعلقة بقضية "لعبة الكيرم" وما قرره قاضي مستعجلة القطيف بحق كل من علي بن عبد الله بن فروان ومحسن بن عيسى البحاري المتهمين بمزاولة هذه اللعبة .
وبتأمل ما ذكر وجد أن هذه اللعبة من الألعاب الملهية الصادة عن ذكر الله وعن الصلاة في الغالب ، وقد تفضي إلى القمار والوقوع في العداوة والبغضاء ، وإذا كانت على عوض فهي بذلك داخلة في الميسر وعليه لا ينبغي إقرارها ولا تمكينهم من لعبها . أما ما قرره قاضي مستعجلة القطيف بحق المذكورين فلا بأس بالاكتفاء به في هذه القضية ، مع العلم أنه سيصدر منا إلى القضاة ما يقي بعدم التساهل في تقدير التعزيرات الشرعية بحق المتهمين لئلا ينهمك الناس في الأمور المجذورة والسلام .
رئيس القضاة ( ص ـ ق 57-1 في 18/1/1383هـ)
الشيخ عبدالله بن عقيل حفظه الله:
[445] لعب الكيرم ونحوه
سائل يسأل عن لعب الورقة "الكوتشينة" وما شابهها، مثل الكيرم وغيره، بدون رهان، إنما لمجرد الترفيه عن النفس؟
الإجابة:
اللعب بالورقة ونحوها، كالكيرم، وما شابهه من اللَّهو المكروه، لا بأس به إذا كان لا يشغل عما هو واجب، ولا يصد عن ذكر اللَّه، ولا عن الصلاة، ولا يثير العداوة والبغضاء بين اللاعبين، ولم يكن على عوض، وخلا من أي مفسدة، فإن اقترن بشيء من ذلك فهو حرام. ولكن من عرف حقيقة هذه اللعبة، وسبر أحوال الذين يمارسونها عرف أنها لا تخلو من أكثر هذه الأشياء، أو شيء منها إلا في النادر، والنادر لا حكم له.
والناس الآن في وقت العلم؛ وقت السرعة والتقدم، فالعاقل من يربأ بنفسه عن مثل هذه المسائل، ويشغلها بما هو أنفع لها؛ لأن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والوقت كالسيف، إن قطعته وإلا قطعك. واللَّه الموفق؛ لا رب غيره ولا إله إلا هو.اهـ
فكما ترون الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله حكم على اللعبة بأنها من اللهو المحرم وأما الشيخ ابن عقيل ففي البداية ذكر أنها من اللهو المكروه ثم في آخر الفتوى كأنه جنح إلى تحريمها والله أعلم وليس القصد من إيراد كلام الشيخين إلا التمثيل والأمثلة على ذلك كثيرة أيضا...
أرجو من المشايخ الأفاضل وطلبة العلم أن يذكروا ما عندهم في هذه المسألة حتى ننتفع جميعا والله من وراء القصد...
وقد ذكر بعض المشايخ في الجامعة التي درست فيها ضابطا جيدا إلا أنه ترد عليه بعض الإشكالات والضابط الذي ذكره هو أن ( ما ألهى كثيرا وأكسب قليلا وأخذ بكلية القلب فهو من اللهو المحرم )
والإشكال أن بعض صور اللهو قد تنطبق عليها هذه القيود ولا أعلم أن أحدا يقول بتحريمها فلو أن شخصا مثلا يهوى الخروج إلى البر للنظر إلى الإبل وغير ذلك من المناظر حتى صار ذلك من محبوباته ولم ينتفع بذلك شيئا وأخذ بكلية قلبه فهل نقول له فعلك هذا حرام؟
ثم لاح لي وجه وهو أن يقال : لايوجد ضابط دقيق يفرق بين الأمرين بل كل مسألة يبحث فيها على حدة وينظر بالقرائن التي احتفت بها وهل الغالب على من يلعبها فعل أمر محرم كتضييع صلاة أو قمار أو شحناء وما شابه ذلك ويحكم على ضوء ذلك ....
قد أكون مخطئا في تصوري , لذلك أوردت هذا الإشكال الذي قد لايشكل إلا على أمثالي من المبتدئين فلذلك اصبروا علي وعلى أمثالي جزاكم الله خيرا...