أنا داعية لكني مقصرة في تربية أولادي؟!
أجاب عنها : أسماء عبدالرازق

السؤال:
أنا بنعمة الله أم لولدين في الخامسة والثالثة من العمر، وأعمل بمجال الدعوة بعد حصولي على معهد إعداد الدعاة، ولكني أفتقد أكثر من جانب مهم، لا أستطيع السيطرة عليه، مثل تعاملي بحزم مع أولادي، وإحسان تربيتهما، ثانياً تنظيمي لشؤون حياتي؛ فإن خروجي للعمل الدعوي يؤثر بعض الشيء على بيتي، خاصة أني لم أتعود على تنظيم الوقت والنفس.. أفيدوني أثابكم الله.





الجواب:
مرحباً بك أيتها الفاضلة في موقع المسلم.
سرتني عنايتك بالدعوة إلى الله، وبذلك جزءاً من وقتك لها حتى بعد إنجاب الأطفال، وما سرني أكثر أنك حاصلة على قدر من العلم يمكنك من الدعوة على بصيرة، أسأل الله أن يسددك ويعينك.
لكن أيتها المباركة يحسن التذكير بأن وظيفتك الأولى التي يتعين عليك القيام بها، هي العناية بزوجك، وأولادك، وبيتك. فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. وما سوى ذلك من الأعمال وإن كانت فاضلة هي نوع من العمل الإضافي الذي لا ينبغي أن يُقدم على الوظيفة الأساسية.
بالنسبة للمشكلة يمكن تلخيصها في:
1. التعامل مع الأولاد.
2. تأثير نشاطك الدعوي على بيتك.
بالنسبة للأولاد لم أفهم المقصود؛ هل أنت متساهلة معهم أو حازمة أكثر من اللازم؟ قد يدفعك إحساسك بالذنب لكثرة خروجك على حسابهم لتدليلهم بغرض تعويضهم. وقد يدفعك كذلك ضغط الأعباء الكثيرة، والالتزامات المختلفة لعدم تحمل كثرة حركتهم ومشاكلهم لا سيما أنهم أولاد، وأعمارهم في نطاق ما يسمونه السنوات الصعبة فتميلين لشيء من القسوة بقصد الحزم، وكلا السلوكين خاطئ. طبعاً ليس من السهل الحديث عن كيفية التعامل مع الأبناء في هذه السن في سطور، لكن يحسن الانتباه للنقاط التالية:
1. لابد من توحيد الأسلوب التربوي بينك وبين من يرعاهم في أوقات غيابك، وكذلك سلوكك حيال التصرف المعين في مختلف الأحوال. ينبغي أن يفهم الطفل أن الصواب صواب، والخطأ خطأ في كل مكان وزمان، في وجود الآخرين وغيابهم. فإن اتخذ البكاء وسيلة لطلب شيء منع منه مثلاً، فينبغي ألا يسمح له بالممنوع لإسكاته حيناً، ويعنف على البكاء حيناً آخر.
2. بدلاً من تدليلهم وتلبية مختلف رغباتهم والإكثار من المكافآت المادية لتعويضهم عن أوقات غيابك عنهم، فكري في وسائل تجعل الوقت الذي تقضينه معهم ممتعاً، بحكاية القصص، ومشاركتهم في لعبهم، وإشراكهم معك في إنجاز بعض الأعمال التي يطيقونها، وغير ذلك.
3. الإكثار والمبالغة في العقاب البدني تؤدي إما إلى الخنوع أو التمرد.
4. التسلية هي الوسيلة المثلى للتخلص من عبث الأطفال، ومشاكلهم مع بعضهم البعض، فاحرصي على شغلهم بما يسليهم ويفيدهم، ويطور مهاراتهم كألعاب الفك والتركيب، والصلصال، والأجهزة المحفظة التي تردد بعض الأذكار والسور القصار، وغير ذلك.
5. في إحدى الدراسات المهتمة بأنماط السلطة الأبوية ذُكر أن اعتماد الوالدين أساليب تتصف بالثبات والحزم، وعدم النبذ، والرغبة في الشرح والتفسير، والقابلية لإعادة النظر في القواعد الموضوعة لضبط السلوك تثمر في الغالب أطفالا معتمدين على أنفسهم، قادرين على ضبط سلوكياتهم، عندهم رغبة في الاستكشاف. أما نموذج الآباء المتسلط، المفرط في الحماية والرعاية، الذي لا يناقش، ويفتقد للمرونة فأطفالهم يتسمون بالانسحاب الاجتماعي، وعدم الثقة في الذات. أما نموذج الآباء المتساهل، الذي لا يعتمد ضوابط ثابتة للسلوك، ويبالغ في التدليل فنتاجه أطفال يعتمدون على الآخرين، بلا أهداف، ولا يستطيعون تحمل المسئولية.
أما بالنسبة للبيت فاجعلي لك برنامجا ثابتا تراعين فيه أوقات نوم أطفالك وانشغال زوجك أو خروجه يمكِّنك من القيام بأعباء المنزل في أقصر وقت. كذلك يمكن الاستعانة بالأجهزة والآلات التي تسهل العمل، وتقلل الجهد، وتختصر الوقت، سواء كانت آلات الطبخ أو التنظيف. واحرصي على تجهيز بعض الأصناف التي يمكن تجميدها لتستفيدي منها في أيام انشغالك.
بارك الله لك في وقتك، وأبنائك، ووفقك للدعوة إليه.