تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 28

الموضوع: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم أشهرهم ابو عبيدة ومعاذ بن جبل وأبو جندل رضي الله عنهم
    وتولى عمرو بن العاص الشام فرأى شدة فتك المرض وقارن بينه وبين النار فوجد بأن النار إذا لم تجد
    ما يوقدها تنطفىء فطلب من الناس الخروج من المدن الشامية إلى الجبال ويتقسمون كل قسم لا يزيد عن
    خمسة ومن يصاب منهم لا يقترب من أحد حتى يموت وفعلا بهذه الطريقة توقفت العدوى
    ونالت استحسان الفاروق الذي أشاد بعمرو بن العاص .

    ماصحة هذا الخبر ؟

  2. #2

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    أخرجه أحمد في مسنده (1630)، وغيره فقال:
    حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ رَابِّهِ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، كَانَ خَلَفَ عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ أَبِيهِ، كَانَ شَهِدَ طَاعُونَ عَمَوَاسَ، قَالَ:
    "لَمَّا اشْتَعَلَ الْوَجَعُ قَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ َدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ يَسْأَلُ اللَّهَ، أَنْ يَقْسِمَ لَهُ مِنْهُ حَظَّهُ؟ قَالَ: فَطُعِنَ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَاسْتُخْلِفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَقَامَ خَطِيبًا بَعْدَهُ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ مُعَاذًا، يَسْأَلُ اللَّهَ، أَنْ يَقْسِمَ لِآلِ مُعَاذٍ مِنْهُ حَظَّهُ؟ قَالَ: فَطُعِنَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاذٍ، فَمَاتَ، ثُمَّ قَامَ، فَدَعَا رَبَّهُ لِنَفْسِهِ، فَطُعِنَ فِي رَاحَتِهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ يُقَبِّلُ ظَهْرَ كَفِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِمَا فِيكِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا، فَلَمَّا مَاتَ اسْتُخْلِفَ عَلَى النَّاسِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَامَ فِينَا خَطِيبًا، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ إِذَا وَقَعَ، فَإِنَّمَا يَشْتَعِلُ اشْتِعَالَ النَّارِ، فَتَجَبَّلُوا مِنْهُ فِي الْجِبَالِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو وَاثِلَةَ الْهُذَلِيُّ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتَ شَرٌّ مِنْ حِمَارِي هَذَا، قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرُدُّ عَلَيْكَ، مَا تَقُولُ، وَايْمُ اللَّهِ لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ النَّاسُ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ
    وَدَفَعَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْ رَأْيِ عَمْرٍو، فَوَاللَّهِ مَا كَرِهَهُ". اهـ.

    ضعفه أحمد شاكر وشعيب الأرناؤوط.
    وذكره الهيثمي في المجمع (3/316) فقال: " رواه أحمد وفيه شهر فيه كلام، وشيخه لم يسم ". اهـ.
    والله أعلم.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    جزاكم الله خيراً.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    كم عدد الصحابة الذين ماتوا في طاعون عمواس؟

  5. #5

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيراً.
    وجزاكم الله خيرًا.
    وإن مما يشهد أن عمرو بن العاص كان موجودًا في هذا الطاعون ما أخرجه ابن ماجه في سننه (3/323) فقال:
    حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:"
    " تَزَوَّجَ رِئَابُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَهْمٍ أُمَّ وَائِلٍ بِنْتَ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيَّةَ فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلَاثَةً فَتُوُفِّيَتْ أُمُّهُمْ فَوَرِثَهَا بَنُوهَا رِبَاعًا وَوَلَاءَ مَوَالِيهَا. فَخَرَجَ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الشَّامِ
    فَمَاتُوا فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ فَوَرِثَهُمْ عَمْرُو وَكَانَ عَصَبَتَهُمْ فَلَمَّا رَجَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ جَاءَ بَنُو مَعْمَرٍ يُخَاصِمُونَهُ فِي وَلَاءِ أُخْتِهِمْ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَا أَحْرَزَ الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ "، قَالَ: فَقَضَى لَنَا بِهِ، وَكَتَبَ لَنَا بِهِ كِتَابًا فِيهِ شَهَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَآخَرَ حَتَّى إِذَا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ مَوْلًى لَهَا، وَتَرَكَ أَلْفَيْ دِينَارٍ فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَضَاءَ قَدْ غُيِّرَ فَخَاصَمُوهُ إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيل، فَرَفَعَنَا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَيْنَاهُ بِكِتَابِ عُمَرَ فَقَالَ: " إِنْ كُنْتُ لَأَرَى أَنَّ هَذَا مِنَ الْقَضَاءِ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ وَمَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَمْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَلَغَ هَذَا أَنْ يَشُكُّوا فِي هَذَا الْقَضَاءِ فَقَضَى لَنَا فِيهِ فَلَمْ نَزَلْ بِهِ بَعْدُ ". اهـ.
    وهذا إسناد حسن.
    ويشهد لهذا الحديث ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه [232] فقال: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
    وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ عَامَ عَمَوَاسَ، فَجَعَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ يَمُوتُونَ مِنْ آخِرِهِمْ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ وَرِّثُوا بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ ". اهـ.
    وللأثر شاهد ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [364] من طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: " لَمَّا أُصِيبَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسٍ اسْتَخْلَفَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَاشْتَدَّ الْوَجَعُ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا مُعَاذُ، ادْعُ اللَّهَ يَرْفَعْ عَنَّا هَذَا الرِّجْزَ، فَقَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ بِرِجْزٍ، وَلَكِنَّهُ دَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَشَهَادَةٌ يَخْتَصُّ اللَّهُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْكُمْ ". اهـ.
    وزاد في رواية ابن سعد في الطبقات: " اللَّهُمَّ أَدِّ آلَ مُعَاذٍ نَصِيبَهُمُ الأَوْفَى مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ "، فَطُعِنَ ابْنَاهُ، فَقَالَ: " كَيْفَ تَجِدَانِكُمَا "؟ قَالا: يَا أَبَانَا، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ، فَقَالَ: وَأَنَا سَتَجِدَانِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، ثُمَّ طُعِنَتِ امْرَأَتَاهُ فَهَلَكَتَا، وَطُعِنَ هُوَ فِي إِبْهَامِهِ فَجَعَلَ يَمُصُّهَا بِفِيهِ، وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنَّهَا صَغِيرَةٌ فَبَارِكْ فِيهَا، فَإِنَّكَ تُبَارِكُ فِي الصَّغِيرِ حَتَّى هَلَكَ ". اهـ.

    وهذا إسناد ضعيف، فيه عبيد الله بن موسى "ضعيف" كذا قال الحافظ ابن حجر وليس فيه ذكر صنيع عمرو بن العاص رضي الله عنه.
    ويخالف مسألة الاستخلاف ما أخرجه البلاذري في فتوح البلدان (1/173) فقال: وقال مُحَمَّد بْن سَعْد، قَالَ الواقدي:
    " أثبت ما سمعنا في أمر عياض أن أَبَا عُبَيْدة مات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، واستخلف عياضا فورد عَلَيْهِ كتاب عُمَر بتوليته حمص وقنسرين والجزيرة ... إلخ". اهـ.
    ويبدو أن مما أصاب الناس عام عمواس بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا بد من حدوثه ووجه ذلك ما أخرجه الطبري في تاريخه [1269] فقال:
    حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجِرْمِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بَلَغَنِي هَذَا مِنْ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَقَوْلِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، فَكُنْتُ أَقُولُ كَيْفَ دَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأُمَّتِهِ؟ حَتَّى حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ لا أَتَّهِمُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ، وَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: إِنَّ فَنَاءَ أُمَّتِكَ يَكُونُ بِالطَّعْنِ أَوِ الطَّاعُونِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اللَّهُمَّ فَنَاءَ الطَّاعُونِ ".
    فَعَرَفْتُ أَنَّهَا الَّتِي كَان ". اهـ.
    وهذا إسناد ضعيف جدًّا، وبه علل.

    وأخرج الحاكم في المستدرك (4/423) بإسناد صحيح من طريق عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
    " بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، إِذْ مَرَرْتُ، فَسَمِعَ صَوْتِي، فَقَالَ: " يَا عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، ادْخُلْ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكُلِّي أَمْ بَعْضِي؟ فَقَالَ: " بَلْ كُلُّكَ "، قَالَ: فَدَخَلْتُ، فَقَالَ: " يَا عَوْفُ، اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ "، فَقُلْتُ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: [فذكر منها:
    وَمَوْتٌ يَكُونُ فِي أُمَّتِي كَعُقَاصِ الْغَنَمِ، قُلْ: ثَلاثٌ، قُلْتُ: ثَلاثٌ].
    قَالَ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ عَمْوَاسَ، زَعَمُوا أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِي: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، فَقَدْ كَانَ مِنْهُنَّ الثَّلاثُ، وَبَقِيَ الثَّلاثُ،
    فَقَالَ مُعَاذٌ: إِنَّ لِهَذَا مُدَّةً، وَلَكِنْ خَمْسٌ أَظْلَلْنَكُمْ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُنَّ شَيْئًا، ثُمَّ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ، فَلْيَمُتْ: أَنْ يَظْهَرَ التَّلاعُنُ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَيُعْطَى مَالُ اللَّهِ عَلَى الْكَذِبِ، وِالْبُهْتَانِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَتُقْطَعُ الأَرْحَامُ، وَيُصْبِحُ الْعَبْدُ لا يَدْرِي أَضَالٌّ هُوَ أَمْ مُهْتِدٍ ". اهـ.
    وورد أبين من هذا ما أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى [3 : 299] فقال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ،
    أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْوَجَعُ عَامَ عَمَوَاسَ، قَالَ أَصْحَابُ مُعَاذٍ: هَذَا رِجْزٌ قَدْ وَقَعَ، فَقَالَ مُعَاذٌ: " أَتَجْعَلُونَ رَحْمَةً رَحِمَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ كَعَذَابٍ عَذَّبَ اللَّهُ بِهِ قَوْمًا سَخِطَ عَلَيْهِمْ؟ إِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهَا، وَشَهَادَةٌ خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهَا، اللَّهُمَّ أَدْخِلْ عَلَى مُعَاذٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ فَلْيَمُتْ مِنْ قَبْلِ فِتَنٍ سَتَكُونُ مِنْ قَبْلِ: أَنْ يَكْفُرَ الْمَرْءُ بَعْدَ إِسْلامِهِ، أَوْ يَقْتُلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حِلِّهَا، أَوْ يُظَاهِرَ أَهْلَ الْبَغِيِّ، أَوْ يَقُولَ الرَّجُلُ: مَا أَدْرِي عَلَى مَا أَنَا إِنْ مُتُّ أَوْ عِشْتُ، أَعَلَى حَقٍّ أَوْ عَلَى بَاطِلٍ؟ ". اهـ.
    وهذا من بلاغيات داود بن الحصين وهو من أتباع التابعين والراوي عنه إبراهيم بن أبي حبية "ضعيف" كذا قال الحافظ في التقريب ولكن الخبر شاهد لما سبق.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    كم عدد الصحابة الذين ماتوا في طاعون عمواس؟
    ذكر ذلك أبو جعفر الطبري في تاريخه (4/101) فقال: وَقَالَ [أي الواقدي]: "مَاتَ فِي طَاعُونِ عِمْوَاسَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا". اهـ.
    وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب (7/1411) فقال:
    وذكر المدائني، عَنِ العجلاني، عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن حسان- قَالَ: "مات فِي طاعون عمواس ستة وعشرون ألفًا". اهـ، وذكره القرطبي في التذكرة (1152).
    وذكر ابن عبد البر في موضع ءاخر أنه ستة وعشرون ألفا وهناك من نقل بهذا الإسناد خمسة وعشرون ألفا منهم ابن الأثير في أسد الغابة (5/249)، ومحمد البري في الجوهرة (2/356)، واليعقوبي في تاريخه ومحب الدين الطبري وابن كثير وغيرهم.
    وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق (25/485) فقال: قال أبو الموجه: " زعموا أن أبا عبيدة كان في ستة وثلاثين ألفا من الجند فلم يبق إلا ستة آلاف رجل ماتوا ". اهـ.
    والله أعلم.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    وأمَّا قولك أخي الكريم: "ونالت استحسان الفاروق الذي أشاد بعمرو بن العاص" فلا نجده في شيءٍ من الكتب، وغاية ما وجدنا (فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْ رَأْيِ عَمْرٍو فَوَاللَّهِ مَا كَرِهَهُ)

    وهذا يدل على رضا عمر -رضي الله عنه- بصنيع عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ، ولعل شيخنا عبد الرحمن -جزاه الله عنا خيرا- يتم كلامه في بقية القصة التي ذكرها أخونا من تقسيم الناس إلى خمسة، وأنهم لا يقرب بعضهم بعضًا حتى يموتوا.

  7. #7

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن يوسف حسن مشاهدة المشاركة
    وأمَّا قولك أخي الكريم: "ونالت استحسان الفاروق الذي أشاد بعمرو بن العاص" فلا نجده في شيءٍ من الكتب، وغاية ما وجدنا (فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْ رَأْيِ عَمْرٍو فَوَاللَّهِ مَا كَرِهَهُ)

    وهذا يدل على رضا عمر -رضي الله عنه- بصنيع عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ، ولعل شيخنا عبد الرحمن -جزاه الله عنا خيرا- يتم كلامه في بقية القصة التي ذكرها أخونا من تقسيم الناس إلى خمسة، وأنهم لا يقرب بعضهم بعضًا حتى يموتوا.
    وجزاكم الله خيرًا وبارك فيك.

  8. #8

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    هناك طرق أخرى فيها مزيد من الفوائد الكثير.
    قد تعرض لتحليلها وتخريجها الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه بذل الماعون في فضل الطاعون (256) فقال:
    ذكر اختلاف الصحابة في البلد الذي يقع به الطاعون:
    قال سيف بن عمر في " كتاب الفتوح " له ، عن مشايخه :
    " كان في طاعون عمواس موتان لم ير الناس مثله ، حتى طمع العدو في المسلمين ، و طال مكثه حتى تكلم / الناس في ذلك و اختلفوا . فأمر معاذٌ بالصبر عليه حتى ينجلي، و أمر عَمْرُو بن عَبْسَة بالتنحّي عنه حتى ينجلي . فقال الذين يريدون التنحّي: أيها الناس ، هذا رجز، هذا الطوفان الذي بعثه الله على بني إسرائيل . فرد عليهم معاذ بن جبل و الذين يرون الصبر ، فقالوا : لم تجعلون دعوة نبيكم ورحمة ربكم عذابًا ؟ ".
    ذكر سياق الأخبار الواردة في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم :
    قال أحمد : حدثني أبو سعيد مولى بني هاشم قال : ثنا ثابت بن يزيد قال : ثنا عاصم - هو ابن سليمان - ، عن أبي مُنِيْب، أن عمرو بن العاص قال في الطاعون ، في آخر خطبة خطب الناس : إن هذا رجز مثل السيل من تَنَكَّبه أخطأه ، و مثل النار من تنكبها أخطأها ، و من أقام أحرقته فآذته . فقال شرحبيل بن حسنة : إن هذا رحمة ربكم و دعوة نبيكم و قبض الصالحين قبلكم . رجاله ثقات ، وأخرجه الطبراني من طريق جرير ، عن عاصم .و " أبو مُنِيْب " - بضم أوله و كسر النون بعدها تحتانية ساكنة ثم موحدة - : دمشقي يعرف بـ " الأحداب " ، مشهور بكنيته ، نزل البصرة ، و وثقه العجلي . و قد أثبت البخاري سماعه من معاذ ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " .

    و في الرواة أيضًا : " أبو مُنِيْب الجُرَشي " بضم الجيم و فتح الراء بعدها معجمة - ، و هو شامي أيضًا . روى عن سعيد بن المسيب و غيره ، روى عن حسان بن عطية و غيره . فرق بينه و بين الذي قبله البخاري و ابن أبي حاتم عن أبيه ، و ابن صاعد و آخرون . و قال أبو أحمد الحاكم في " الكنى " : ما أراهما إلا واحدًا، و تبعه ابن عساكر ثم المزي ، و الله أعلم .

    طريق أخرى لهذه القصة :
    قال أحمد: ثنا عفان قال : ثنا شعبة قال : أخبرني يزيد بن خمير
    قال:سمعت شُرَحْبيل بن شفعة ، يحدث عن عمرو بن العاص ، أن الطاعون وقع ، فقال عمرو بن العاص : إنه رجس فتفرقوا عنه . فقال شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه : إني قد صحبت رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ و عمرو أضل من جمل أهله - و ربما قال شعبة : من بعير أهله - ، و أنه قال : إنها رحمة ربكم و دعوة نبيكم و موت الصالحين قبلكم ، فاجتمعوا له و لا تفرقوا عنه . فبلغ ذلك عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال : صدق .

    و أخرجه أيضًا عن محمد بن جعفر ، عن شعبة ، به . لكن قال : عن شرحبيل بن [ شفعة قال : ( وقع الطاعون) . و قال فيه : ( فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة ) . و قال ( بعير أهله ) ، و لم يشك .

    و أخرجه ابن خزيمة من هذا الوجه ، و من رواية ابن أبي عدي و أبي داود الطيالسي قالا :ثنا شعبة ، به . و قال فيه : ( وقع الطاعون بالشام ) . و قال فيه ( فإنه رجس - أو رجز - ) . و قال فيه : ( بل هو رحمة ربكم ) .
    و أخرجه الطحاوي من رواية أبي الوليد الطيالسي ، عن شعبة ، [ به ]. و قال فيه : ( لقد صحبت رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ، فسمعته يقول : " إنها رحمة ربكم " .. ) ، و الباقي مثله .

    طريق ثالثة :
    أخرج أحمد و ابن خزيمة ، من طريق همام بن يحيى ، عن قتادة . زاد ابن خزيمة : ومطر لوراق . و أخرجه ابن خزيمة أيضًا ، من طريق هشام الدستوائي ، عن قتادة . كلهم عن شَهْر بن حَوْشَب .
    عن عبد الرحمن بن غَنْم قال : لما وقع الطاعون بالشام ، خطب عمرو بن العاص الناس فقال : إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا عنه في هذه الشعاب و في هذه الأودية . فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة . قال : فغضب ، فجاء و هو يجرّ ثوبه ، متعلق نعله بيده ، فقال : صحبت رسول الله_ صلى الله عليه وسلم _ و عمرو أضل من حمار أهله ، هذه دعوة نبيكم و رحمة ربكم و وفاة الصالحين قبلكم . لفظ أحمد ؛ و هو سند حسن ، لكن " شَهْرٌ " فيه مقال .

    و قد أخرجه عبد الرازق في " مصنفه " , عن معمر ، عن قتادة ، عن معاذ بن جبل ، منقطعًا . و في رواية ابن خزيمة : ( ففروا منه ) بدل : ( فتفرقوا ) . و عنده : (فجاء يجرّ ثوبه ، و نعلاه في يده ، فقال : كذب عمرو ) . و زاد في آخره : ( فبلغ ذلك معاذًا فقال : اللهم اجعلنصيب آل معاذ الأوفر ) .

    طريق أخرى لحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه في ذلك :
    قال أحمد : ثنا أبو أحمد الزبيري قال : ثنا مَسَرّة بن مَعبد ، عن إسماعيل بن عبيد الله قال : قال معاذ بن جبل : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : "ستهاجرون [ إلى ] الشام ، فتفتح ، ويكون فيكم داء كالدُّمَّل و كالحُزَّة ، تأخذ مَرَاقّ الرجل ، يَسْتشهد الله به أنفسهم ، و يزكي به أعمالهم " ، اللهم إن كنت تعلم أن معاذ بن جبل سمعه من رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ ، فأعطه هو و أهل/ بيته الحظ الأوفر منه .
    فأصابهم الطاعون ، فلم يبق منهم أحد . فطعن في أصبعه السبابة ، فكان يقول : ما يسرني أن لي بها حُمْر النَّعَم .
    وهذا أيضا منقطع ؛ فإن " إسماعيل بن عبيد الله " هو ابن أبي المهاجر ، لم يدرك معاذًا . و قد أخرج الطبراني من روايته ، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن معاذ حديثًا غير هذا ، و الله أعلم .

    طريق أخرى لمعاذ رضي الله عنه :
    أوردها البيهقي في " الدلائل " ، من طريق عبد الله بن وهب ، عن [ ابن ] لهيعة ، عن عبد الله بن حَيّان، أنه سمع سليمان بن موسى ، يذكر أن الطاعون وقع بالناس ، يوم جِسْر مُومِسَة، فقام عمرو بن العاص فقال : يا أيها الناس ، إن هذا الوجع رجس فتنحوا عنه . فقام شرحبيل فقال : يا أيها الناس ، إني قد سمعت قول صاحبكم ، و إني و الله لقد أسلمت وصليت و إن عمرًا لأضل من بعير أهله ، و إنما هو بلاء أنزله الله تعالى ، فاصبروا . فقام معاذ بن جبل فقال : يا أيها الناس ، إني قد سمعت قول صاحبيكم هذين ، و إن هذا الطاعون رحمة ربكم و دعوة نبيكم ، و إني قد سمعت رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ يقول : " إنكم سَتَقْدُمُون الشام ، فتنزلون أرضًا يقال لها: جسر مُوْمِسة ، فيخرج فيكم خِرْجانٌ لها ذنابٌ كذِنابِ الدُّمَّل ، يستشهد الله أنفسهم و ذراريكم ، و يزكي به أعمالكم " ، اللهم إن كنت تعلم أني سمعت هذا من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فارزق معاذًا و آل معاذ الحظ الأوفر .. الحديث.
    طريق أخرى لمعاذ بن جبل في ذلك رضي الله عنه :
    قال أحمد : ثنا إسماعيل ـ هو ابن علية ـ ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، أن الطاعون وقع بالشام ، فقال عمرو بن العاص : إن هذا الرجز قد وقع ، ففروا منه في الشعاب و الأودية . فبلغ ذلك معاذًا ، فلم يصدقه بالذي قال ، فقال : بل هو شهادة و رحمة و دعوة نبيكم _ صلى الله عليه وسلم ـ نصيبهم من رحمتك . قال أبو قلابة : فعرفت الشهادة و عرفت الرحمة ، و لم أدر ما " دعوة نبيكم " حتى أنبئت أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ، بينما هو ذات ليلة يصلي ، إذا قال في دعائه : " فحمى إذًا أو طاعون ، فحمى إذًا أو طاعون " ثلاث مرات . فلما أصبح ، قال له إنسان من أهله : يا رسول الله ، قد سمعتك الليلة تدعو بدعاء . قال : " و سمعته ؟ " قال : نعم . قال : " إني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسَنة فأعطانيها ، و سألته أن لا يلبسهم شيعًا و يذيق بعضهم بأس بعض فأبى علي _ أو قال : فمنعت _ . فقلت : حمى إذًا أو طاعون ، حمى إذًا أو طاعون ـ ثلاث مرات ـ "
    رجاله ثقات ، إلا أنه منقطع بين أبي قلابة و معاذ .
    و قد أخرج الكلاباذي في " معاني الأخبار " ، من طريق محمد بن إسحاق ، عن رجل ، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ، أنه كان يقول: بلغني من قول أبي عبيدة و قول معاذ : أن هذا الوجع رحمة ربكم ، و دعوة نبيكم . فكنت أقول : كيف دعا به رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ / لأمته ؟ حتى حدثني بعض من لا أتهم ، عن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ، أنه سمعه يقول ، و جاءه جبريل فقال : إن فناء أمتك بطعن أو طاعون . قال : فجعل رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ [ يقول ]: " اللهم فبالطاعون ـ مرتين ـ " . قال: فعرفت أنها الدعوة التي قال أبو عبيدة و معاذ .
    قلت : الطريق الأولى التي ساقها أحمد ، أصح رجالًا من هذه ؛ لجهالة الواسطة بين [ ابن ] إسحاق و أبي قلابة .
    وقد تكلم الكَلَاباذي على رواية ابن إسحاق فقال : أخبر النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أن فناء أمته يكون بأحد السببين ، فعلم أن أحدهما _ و هو الطعن _ يكون إما من أعداء الدين الكفار ، و إما من أعداء الدنيا كقطاع الطريق . و في غلبة كل منها قهر للدين و أهله ، و هلاك الدنيا . فرأى أن [ في ] الطاعون سلامة الدين ، و إن فني أهل الدين ، فاختار أن يكون فناء أمته مع سلامة الدين و أهله .
    قال : و يجوز أن يكون إنما أراد بذلك تحصيل الشهادة لأمته .

    قلت : أما تفسير الدعوة فلم يسمّ أبو قلابة من أخبره [ به ]، و أصح منه مخرجًا و رجالًا ما تقدم من حديث أبي موسى ، و من حديث أخيه أبي بردة بن قيس ؛ أن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ قال : " اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن و الطاعون " . و قد تقدم جزم الزمخشري ، بأن هذا هو المراد بقول معاذ : " دعوة نبيكم " . و لا معارضة بين الخبرين ، إلا [ أن ] في رواية أبي قلابة زيادة السبب . و المشكل إنما هو في رواية ابن إسحاق ، لأن ظاهرها اختبار أحد شيئين.
    و قد تقدم في الباب الثاني عدة أحاديث ، فيما يتعلق بالآية المذكورة، ذكرتها استطرادًا في الكلام على حديث أبي موسى و أبي بردة . و يؤيد حديث أبي قلابة ، رواية أحمد في السبب ، ما تقدم هناك من حديث أبي مالك الأشجعي، عن أبيه .
    و للدعاء المذكور شاهد من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أخرجه أبو يعلى من طريق القاسم ، عن أبي أمامة ، عنه ، قال : كنت مع النبي _ صلى الله عليه وسلم _ في الغار فقال : " اللهم طعنًا و طاعونًا " . فقلت : يا رسول الله ، إني قد أعلم أنك قد سألت منايا أمتك ، و هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال : ذَرَبٌ كالدُّمَّل ، إن طالت بك حياة ستراه " . سنده ضعيف . فإن كان ثابتًا ، استفيد منه وقت الدعاء بذلك.
    ـ تنبيه :
    وقع تفسير "رحمة ربكم و دعوة نبيكم " ، و لم يقع تفسير " موت الصالحين قبلكم " ، و ذلك لأنه لم يقع في رواية أبي قلابة ، في روايته عند أحمد ، لكنها وقعت عن معاذ و أبي عبيدة عند الكلاباذي . و كذا وقع في رواية غيره كما تقدم في الطرق الأخرى .
    و قد تكلم عليه الكلاباذي فقال : يجوز أن يكون المراد بـ " الصالحين " بني إسرائيل ؛ لأنهم قبل هذه الأمة ، و قد وقع فيهم الطاعون .. فساق القصة التي أوردتها في أول هذا الباب ، من طريق محمد بن إسحاق ، عن سالم أبي النَّضْر ، في شأن بلعم ، ثم قال : و كان ذلك من الله تطهيرًا لبني إسرائيل و كفارة ، لما كان منهم من السكوت عن زمري و ما فعله هو و من فعل غيره ، كما قتل بعضهم بعضًا كفارة لمن كان منهم عبد العجل ، لما تابوا إلى الله تعالى و استسلموا له .
    فهم صالحون لأنهم تائبون ، فيجوز أن يكونوا المراد ، و الله أعلم .
    طريق أخرى عن معاذ رضي الله عنه :
    أخرج الطبراني في " الكبير " ، من طريق كثير بن مرة ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : تنزلون منزلًا يقال له : الجابية - أو الجويبية - ، يصيبكم فيه داء مثل غدة الجمل ، يستشهد الله به أنفسكم و ذراريكم ، و يزكي به أعمالكم " . و في سنده " الحسن بن يحيى بن الخُشَنيّ ـ بمعجمة مضمومة ثم معجمة مفتوحة ثم نون ـ " ؛ فيه ضعف .
    طريق أخرى عن معاذ رضي الله عنه :
    قال أبو نصر التمار في " كتاب الزهد " له : حدثنا حماد بن مسعدة
    قال : ثنا أبو محصن ، عن حُصين ، عن سالم بن أبي الجعد قال : وقع الطاعون بحمص ، فقالوا : هذا هو الطوفان . فبلغ ذلك معاذًا ، فقال : اجتمعوا إلى دار معاذ : فقال : إنه ليس بالطوفان الذى عذب به قوم نحوح ، بل هو شهادة و ميتة حسنة .. الحديث . رواته ثقات ، إلا أنه منقطع .
    طريق أخرى عن معاذ رضي الله عنه :
    قال ابن سعد في " الطبقات " : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أنبا موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع قال : لما أصيب أبو عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس ، استخلف معاذ بن جبل ، و اشتد الوجع ، فقال الناس لمعاذ : ادع الله يرفع عنا هذا الرجز .
    قال : إنه ليس برجز ، و لكنه دعوة نبيكم ، و موت الصالحين قبلكم ، و شهادة يختص بها الله من يشاء منكم ، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفر من هذه الرحمة . فطعن .
    أخرجة الطبراني من طريق عبيد الله بن موسى . و أخرجه ابن وهب في " جامعه " عن سليمان بن بلال ، عن موسى بن عبيدة ، نحوه و " موسى بن عبيدة " هو الدَّبَرِيِّ، و هو ضعيف ، و الله أعلم .
    طريق أخرى لهذا الحديث مطولة :
    أخرجها البزار من طريق عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غَنْم ، عن حديث الحارث بن عميرة ؛ أنه قدم مع معاذ من اليمن فمكث معه في داره و في منزله ، فأصابهم الطاعون ، فطعن معاذ و أبو عبيدة بن الجراح و شرحبيل بن حسنة و أبو مالك ، رضي الله عنهم ، في يوم واحد . و كان عمرو بن العاص ، حين خُبِّر بالطاعون ، فرق فرقًا شديدًا ، و قال : يا أيها الناس تفرقوا في هذه الشعاب ، فقد نزل بكم أمر لا أراه إلا رجزًا أو طاعونًا. فقال له شرحبيل بن حسنة : كذبت ، قد صحبنا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ و أنت أضل من حمار أهلك . فقال عمرو : صدقت .
    و قال معاذ بن جبل لعمرو بن العاص : كذبت ، ليس بالطاعون و لا الرجز ، و لكنها رحمة ربكم و دعوة نبيكم و موت الصالحين قبلكم ، اللهم فآت آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة . قال : فما أمسى حتى طعن ابنه عبد الرحمن و أحب الناس إليه الذي كان يكنى به . فرجع معاذ من المسجد ، فوجده مكروبًا ، فقال : يا عبد الرحمن ، كيف أنت ؟ فاستجاب له ، فقال عبد الرحمن : يا أبة { الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } فقال معاذ رضي الله عنه : و أنا ستجدني إن شاء الله من الصابرين . فمات من ليلته ، و دفن من الغد .
    فجعل معاذ بن جبل يرسل الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة، يسأله : كيف أنت ؟ فأراه أبو عبيدة طعنة بكفه ، فبكى الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة ، و فرق منها حين رآها ، فأقسم أبو عبيدة بالله ، ما يحب أن أن له مكانَها حُمْر النَّعَم . فرجع الحارث إلى معاذ ، فوجده مغشيًا عليه ، فبكى الحارث و استبكى .
    ثم إن معاذًا أفاق فقال : يا ابن الحميرية، لم تبكي علي ؟ أعوذ بالله منك . فقال الحارث و الله ما عليك أبكي . قال معاذ فعلى مَ تبكي ؟ قال : أبكي . علي ما فاتني منك العصرين الغدو و الرواح _ أي من العلم _ . فقال معاذ رضي الله عنه : أجلسني . فأجلسه في حجره فقال : اسمع مني ، فإني أوصيك بوصية ؛ إن الذي تبكي علي من غدوك و رواحك ، فإن العلم مكانه بين لوحي المصحف ، فإن أعيا عليك تفسيره ، فاطلبه بعدي عند ثلاثة :عويمر أبي الدرداء ، و عند سلمان الفارسي ، و عند ابن أم عبد _ يعني عبد الله بن مسعود _ ؟ و احذر زلة العالم و جدال المنافق . ثم إن معاذًا رضي الله عنه اشتد به نَزْع الموت ، فنزع أشد العالم نَزْعَهُ . فكان كلما أفاق من غمرة فتح طرفه فقال : اخنقني خنقك ، فوعزتك إنك لتعلم أني أحبك .
    هذا هو إسناد حسن . و أخرجه الطبراني من هذا الوجه مختصرًا ، و أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في " مصنفه " و الطبراني من طريقه ، عن أبي معاوية قال : ثنا داود بن أبي هند ، عن شهر بن حوشب ، عن الحارث بن عميرة الزبيدي قال : وقع الطاعون بالشام ، فقام معاذ رضي الله عنه فخطبهم بحمص ، فقال : إن هذا الطاعون رحمة ربكم ، و دعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم . و سقط من السند " عبد الرحمن بن غَنْم " و لا يتصل إلا به .
    طريق أخرى فيها بعض المخالفة لسياق التي قبلها :
    قال أحمد : ثنا يعقوب ـ هو ابن إبراهيم بن سعد ـ قال : ثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثنى أبان بن صالح ، عن شَهْر بن حَوْشَب الأشعري ،
    عن رَابَةَ رجل من قومه كان خلف على أمه بعد أبيه ، و كان قد شهد طاعون عمواس _ قال : لما اشتعل الوجع قام أبو عبيدة بن الجراح في الناس خطيبًا ، فقال : أيها الناس ، إن هذا الوجع رحمة ربكم و دعوة نبيكم و موت الصالحين قبلكم ، و إن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم لأبي عبيدة حظه منه . فطعن فمات و استخلف معاذ بن جبل على الناس ، فقام خطيبًا بعده ، و قال مثل ما قال ، لكن قال : أن يقسم لآل معاذ حظهم . فطعن ابنه عبد الرحمن ، فمات . ثم قام . فدعا لنفسه فطعن في راحته ، فكان يقول : ما أحب أن لي بها شيئًا من الدنيا . فلما مات ، قام عمرو بن العاص خطيبًا ، فقال : أيها الناس ، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار ، فتحصنوا منه في الجبال . فقال أبو واثلة الهذلي رضي الله عنه : و الله لقد صحبت رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ و أنت شر من حماري هذا . فقال : و الله ما أرد عليك ما تقول ، و والله ما نقيم عليه . قال : ثم خرج و خرج الناس فتفرقوا فارتفع الطاعون . قال : فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، من رأى عمرو بن العاص ، فوالله ما كرهه .
    و أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " في ترجمة " أبي واثلة " ، و قال : لا أعرف أبا واثلة إلا في هذه القصة . قلت : و" شهر " فيه مقال، و قد يكون في الواسطة بينه و بين معاذ في هذا الحديث ، و شيخة غير مسمًى، و قد خالف في تسمية الذي رد على عمرو بن العاص، وخالف أيضًا في خروج عمرو بن العاص بالناس ، و في الرواية المتقدمة الصحيحة أنه صدق شرحبيل بن حسنة ، و أن معاذ بن جبل قال كما قال شرحبيل ، و كذا أبو عبيدة . فإن كانت الرواية محفوظة ، احتمل أن يكون عمرو بن العاص خطب مرتين ؛ مرة في أول الأمر فرد عليه شرحبيل بن حسنة و غيره ، و مرة في آخر الأمر فرد عليه أبو واثلة .
    و قد جاء أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كتب إلى أبي عبيدة ، يأمره بالانتقال بالناس ، من الأرض التى كانوا بها إلى أرض أخرى ، و أن أبا عبيدة أطاعه في ذلك ، فطعن قبل أن يرحل ، و رحل الناس بعد أن مات . فلعل عمرو بن العاص هو الذي رحل بهم .
    فروى ابن إسحاق عن شعبة، عن المختار بن عبد الله البجلي ، عن طارق بن شهاب قال : أتينا أبا موسى و هو في داره بالكوفة ، لنتحدث عنده ، فلما جلسنا قال : لا تُحْفُوا، فقد مات إنسان بالدار بهذا السقم ، فلا عليكم أن تَنَزَّهوا عن هذه القرية ، فتخرجوا في فسيح بلادكم و نزهها، حتى يرتفع هذا البلاء ، فإني سأخبركم بما يكره مما يُتقى من ذلك ؛ أنه لو خرج لم يصبه ، فإذا لم يظن ذلك المرء المسلم ، فلا عليه أن يخرج و يَتَنَزَّهَ عنه . إني كنت مع أبي عبيدة بن الجراح بالشام عام طاعون عمواس ، فلما اشتعل الوجع ، و بلغ ذلك عمر ، كتب إلى أبي عبيدة يستخرجه منه : أن سلام عليك ، أما بعد ، فإنه عرضت لي إليك حاجة ، إذا نظرت في كتابي هذا ، أنلا تضعه من يدك حتى تقبل إلى. قال : فعرف أبو عبيدة أنه إنما / أراد أن يستخرجه من الوباء ، فقال : يغفر الله لأمير المؤمنين . ثم كتب إليه : يا أمير المؤمنين ، إني قد عرفت حاجتك إلي ، و إني في جند من المسلمين ، لا أجد بنفسي رغبة عنهم ، و لست أريد فراقهم حتى يقضي الله فيّ و فيهم أمره و قضاءه ، فَحَلِّلْنى من عزيمتك يا أمير المؤمنين ، و دعنى و جندي .
    فلما قرأ عمر الكتاب بكى ، فقال الناس يا أمير المؤمنين ، أمات أبو عبيدة ؟ قال : لا ، و كأنْ قد . قال : ثم كتب إليه : سلام عليك ، أما بعد ، فإنك أنزلتَ الناس أرضًا غميقة ، فارفعهم إلى أرض نُزْهَةٍٍ . فلما أتاه كتابه ، دعاني فقال : يا أبا موسى ، إن كتاب أمير المؤمنين قد جاءني بما ترى ، فاخرج ، فَارْتَدْ للناس منزلًا حتى أنتقل بهم . فرجعت إلى منزلي ، فإذا صاحبتي قد اصيبت . فرجعت إليه ، فقلت له : قد كان في أهلي حدث . فأمر ببعير ، فرُحّل له ، فلما وضع رجله في الغَرْز طعن ، فقال : و الله لقد أُصبتُ . ثم سار حتى نزل بالجابية ، و رفع الوباء عن الناس .
    أخرجه ابن عساكر في ترجمة أبي موسى الأشعري ، من " تاريخه " و هذا حديث في إسناده من لا يعرف . لكن جاء من وجه آخر عن أبى موسى ، لا بأس به ؛ أخرجه الهيثم بن كليب في " مسنده " ، و الطحاوى في " معانى الآثار " ، جميعًا من طريق شعبة . و أخرجه البيهقى ، من طريق أيوب بن عائذ . كلاهما ، عن قيس بن مسلم قال : سمعت طارق بن شهاب قال : كنا نتحدث إلى أبى موسى الأشعرى ، فقال لنا ذات يوم : لا عليكم أن تُخْفُوا منى ؛ إن هذا الطاعون قد وقع في أهلى ، فمن شاء منكم أن يتنزه عنه فليتنزه ، و احذروا اثنتين : أن يقول قائل : خَرَج خارجٌ فسلم ، و جلس جالس فأُصيب ، لو كنت خرجت لسلمت كما سلم فلان . أو يقول قائل : لو كنت جلست أصبت كما أصيب فلان . و إنى سأحدثكم بما ينبغى للناس في الطاعون .
    إنى كنت مع أبى عبيدة ، و إن الطاعون وقع بالشام ، و إن عمر كتب إليه : إذا أتاك كتابي هذا ، فإنى أعزم عليك ، إن أتاك مُصْبِحًا أن لا تمسى حتى تركب ، و إن أتاك مُمْسيًا أن لا تصبح حتى تركب إلي ، فقد عرضت لى إليك حاجة ، لا غنى لى عنك فيها . فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال : إن أمير المؤمنين يستبقى من ليس بباق . فكتب إليه أبو عبيدة : إني في جند من المسلمين ، لن أرغب بنفسى عنهم ، و قد عرفت حاجة أمير المؤمنين ، فحلِّلْنى من عزمتك. فلما جاء عمرَ الكتابُ بكى ، فقيل له : توفي أبو عبيدة ؟ قال : لا ، و كَأَنْ قَدْ - أى قَرُبَ - و كتب إليه عمر : إن الاردن أرض غمقة ، و أن الجابية أرض نُزْهة ، فانهض بالمسلمين إلى الجابية . فقال لى أبو عبيدة : انطلق فبوِّئ للمسلمين منزلهم . فقلت : لا أستطيع . فذهب ليركب ، فقال لي : رحّل الناس . قال : فأخذه أخذ فطعنه ، فمات ، و انكشف الطاعون . لفظ الطحاوى .
    و في رواية الهيثم : ( لا يقولنَّ قائل ، إن هو جلس فعوفي الخارج : لو كنت خرجت لعوفيت كما عوفي فلان . و لا يقول الخارج ، إن هو عوفي و أصيب الذى جلس : لو كنت جلست أصبت كما أصيب فلان ) . و قال بعد قوله : فانهض بالمسلمين إلى الجابية : ( فقال أبو عبيدة حين قرأ الكتاب : أما هذا فنسمع فيه أمر أمير المؤمنين و نطيعه .
    فأمرني أن أبوّئ الناس منازلهم . فطعنت امرأتي ، فجئت إلى أبى عبيدة ، فقلت : قد كان في أهلي بعض العرض . فانطلقَ هو يبوئ الناس منازلهم ) . لفظ شعبة ، و هذا إسناد صحيح إلى أبى موسى .
    و في رواية أيوب بن عائذ ، عن قيس ، عن طارق : ( أتانا كتاب عمر لما وقع الوباء بالشام ، فكتب عمر إلى أبى عبيدة : إنه قد عرضت لى إليك حاجة.. ) ، الحديث بمعناه . و هذا الذى قاله أبو موسى ، موافق لما يفسّر الآية ؛ أن الله تعالى مقت الذين قالوا ذلك ؛ أى لو أقمنا لمتنا ، أو لو خرجنا لبقينا.
    و حاصل القصة :
    أن أبا موسى حمل النهى عن الخروج من البلد الذى يقع فيه الطاعون ، على قصد الفرار منه ، من غير أن يضيفه إلى معنى آخر غير الفرار ؛ كما إذا كان الخارج عنها ممن لم يكن من أهلها ، فاستوخمها ، فخرج عنها إلى بلد آخر يوافق ما ألفه من بلدته التى نشأ بها . و إلى ذلك يشير قول عمر في كتابه لأبي عبيدة : ( إنك أنزلت الناس أرضًا غميقة ) ؛ و هى بغين معجمة مفتوحة و ميم مكسورة و بعد التحتانية الساكنة قاف ؛ أى قريبة من المياه و النُّذُوْر ، و الغُمْق: فساد الريح و خُمومها من كثرة الأَنْداء ، فيحدث منه الوباء . فإذنُ عمر في الخروج من تلك الأرض ، يلتحق بالتداوى ، و ليس هو لمحض الفرار من الموت ، و على ذلك يحمل كتابه إلى أبي عبيدة ؛ يأمره بالرحيل إليه .
    أو كان عمر يرى النهى عن الخروج أولا ، محمولًا على ما إذا تمحّض للفرار ، أما إذا كان لحاجة أخرى ، فلا يدخل تحت النهى . و يكون عرضت له في نفس الأمر حاجة عند أبي عبيدة ، و رجا مع ذلك أن يسلم أبو عبيدة من ذلك المرض في ضمنها . و فهم أبو عبيدة أن هذا الثانى هو مراده بالأصالة ، فلم يوافقه على ذلك ، فعدل عمر إلى أمر يعمّ جميع من كان مع أبى عبيدة ، لما اعتذر له أبو عبيدة أنه لا يرى أن يخصّ نفسه بأمر دونهم .


    انتهى.

  9. #9

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    أورد استكمالا قال الحافظ ابن حجر:
    و قد اختلف العلماء في النهى عن الخروج من البلد الذى يقع به الطاعون :
    هل هو على ظاهره من التحريم ، أو هو للتنزيه ، على قولين:
    قال ابن عبد البر : الطاعون موت شامل ، لا يحل لأحد أن يفر من أرض نزل فيها ، إ ... ذا كان من ساكنيها ، و لا أن يقدم عليه إذا [ كان ] خارجًا عن الأرض التى نزل بها .
    و قال تاج الدين السبكى في " الجزء " الذى جمعه في الطاعون : مذهبنا - و هو الذى عليه الأكثر - أنه للتحريم . قال : و قال بعض العلماء : هو للتنزيه ؛ روى ذلك عن أبى موسى الأشعرى و مسروق و الأسود بن هلال . قال : و اتفقوا على جواز الخروج لشغل عرض غير الفرار . قال : و ليس محل النزاع فيمن خرج فارًا من قضاء الله تعالى ، فذلك لا سبيل إلى القول بأنه غير محرم ، بل الظاهر أن محل النزاع فيما إذا خرج للتداوى .
    قلت : و هذا ليس بظاهر ؛ لأن الخروج إلى التداوى ليس حرامًا في مذهب الشافعى رحمه الله تعالى و جماعة ، و هو قد صحح أن الخروج حرام فكيف يجعل محله ما إذا خرج للتداوى ، و الخروج للتداوي ليس بحرام؟ بل العبارة الصحيحة أن يقول : محل النزاع فيما إذا خرج فارًا من المرض الواقع ، مع اعتقاده أنه لو قدره الله عليه لأصابه ، و أن فراره منه لا ينجيه من قدر الله تعالى ، لكن يخرج مؤملًا أن ينجو . هذا الذى ينبغى أن يكون محل النزاع ، فمن منع احتجّ بالنهى الوارد في ذلك ، و من أجاز حمل النهى على التنزيه كما تقدم .
    و قد ترجم ابن خزيمة في " صحيحه " بأن: الفرار من الطاعون من الكبائر ، و أن الله يعاقب من وقع منه ذلك ، ما لم يعف عنه . و استدل بحديث عائشة في ذلك ، فأشار إلى أن الخلاف في نفس الفرار ؛ و هو الذى تقتضيه الأخبار التى تقدم ذكرها ، عن عمرو و غيره ، و الله أعلم .
    و أما ما نسبه إلى أبي موسى الأشعرى ، فقد بيّنت مذهبه في ذلك . و قد أخرج ابن أبي الدنيا عنه بسند صحيح ما يقتضى منع الفرار منه ؛ فروى من طريق مِسْعَر ، عن زياد بن عِلاقة ، عن كُرْدُوس ، عن المغيرة بن شعبة : أن الطاعون لما وقع ، قال المغيرة بن شعبة : إن هذا العذاب قد وقع ، فاخرجوا عنه . قال : فذكرته لأبي موسى ، فقال : لكن العبد الصالح [ أبو بكر ] يعنى الصديق ـ قال : اللهم طعنًا و طاعونًا في مرضاتك . و هذا يجمع بينه و بين ما تقدم ، بأنه كان يمنع من الخروج إذا كان فرارًا محضًا ، لا إذا كان على وجه من وجوه التداوى .
    و قد فاته ذكر المغيرة بن شعبة الذى قدمناه ، و كذا ذكر عمرو بن العاص ، و عمرو بن عبسة ، و الجماعة الذين خالفوا معاذًا و شرحبيلَ بن حسنة و غيرهما ، في الصبر و الإقامة ، كما تقدم قريبًا.
    و قد نقل أبو الحسن المدائنى ، أنه قلّ ما فرّ أحد من الطاعون فَسَلِمَ . قال القاضى تاج الدين السبكي : و هذا الذى حكاه مجرّب و ليس ببعيد أن يجعل الله الفرار منه سببًا لقصر العمر ؛ و قد جاء في الكتاب العزيز ، ما يؤخذ منه أن الفرار من الجهاد سبب في قصر العمر ؛ قال الله تعالى : { قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا }. و حكى أن والده استنبط ذلك من الآية . قال : و يحتمل أن يراد أن بقاءهم، وإن طال بعد الفرار ، فتمتعهم في الدنيا قليل بالنسبة إلى الدار الأخرة .
    و قال ابن عبد البر : لم يبلغني أن أحدًا من أهل العلم فرّ من الطاعون ، إلا ما ذكره المدائنى : أن على بن زيد بن جدعان ، هرب من الطاعون على السيالة - يعنى من البصرة- ، فكان يجمع كل جمعة و يرجع ، فكان إذا جمع صاحوا به : فرّ من الطاعون . فطعن ، فمات بالسيالة . قلت : و السيالة مكان خارج البصرة .
    و هذا الحصر الذى ذكره ابن عبدالبر عجيب ؛ فقد نقل عياض في " شرح مسلم " ، عن مسروق و الأسود بن هلال ، أنهما أجازاه، لكن يحتمل - إن ثبت عنهما - أن يكونا أفتيا بجوازه ، لكن لم يفعلاه..
    و ذكر المدائنى أيضًا : أن الطاعون وقع بمصر ، فخرج عبد العزيز بن مروان ـ و هو أميرها ـ ، فنزل قرية من قرى الصعيد، فقدم عليه بها رسول من أخيه عبد الملك ، فقال له ما اسمك ؟
    قال : طالب بن مدرك . فقال عبد العزيز: أوه ، ما أراني راجعًا إلى الفسطاط.
    ـ ذكر حجة من قال : النهى عن الخروج من البلد الذى وقع به الطاعون لقصد الفرار منه حرام :
    قد تقدمت الأحاديث بالنهى عن الخروج مطلقة ، و في بعض طرقها التقييد بالفرار ، فيحمل مطلقها على مقيدها ، و ظاهر النهى التحريم و يقويه ما أخرجه أحمد قال : ثنا يحيى بن إسحاق قال : أخبرنى جعفر بن كيسان قال : حدثتنى معاذة قالت: سمعت عائشة رضى الله عنها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فناء أمتى بالطعن أو الطاعون " . قالت : فقلت: يا رسول الله ، هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال : " غُدّةٌ كغُدَّة الإبل ، المقيمُ فيها كالشهيد ، و الفارّ منها كالفارّ من الزَّحْف " .
    و أخرجه أيضًا عن يزيد بن هارون ، عن جعفر ، و لفظه : دخلت على عائشة فقالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تفنى أمتى إلا بالطعن و الطاعون " .. الحديث . و أخرجه أيضًا عن عفان ، عن جعفر عن معاذة [ نحوه ]. و أخرجه عن يحيى بن إسحاق ، عن جعفر المذكور ، عن عَمْرةَ بنتِ قيسٍ قالت : سمعت عائشة تقول: ( الفارّ من الطاعون كالفارّ من الزحف ) . كذا أورده مختصرًا ، فإن كان محفوظًا فقد حمله جعفر عن معاذة وعمرة معًا .
    و قدأخرجه ابن خزيمة ، من طريق أمية بن خالد ، عن جعفر بن كَيْسان ، بالإسنادين معًا . قال : عن عَمْرة العَدَوِيّة أنها دخلت مع أمها على عائشة ، فسألته : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الفرار من الطاعون ، ؟ قالت : سمعته يقول .. فذكر مثل رواية يحيى بن إسحاق سواء . ثم ساقه من طريق أمية بن خالد قال : ثنا جعفر بن كيسان قال : سمعت معاذة تحدث عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تفنى أمتى بالطاعون " . قالوا : و ما الطاعون ؟ قال : " غدة كغدة الإبل " ، مختصر .
    و أخرجه أيضًا من طريق [ أبي ] عامر العَقَدِىّ قال : ثنا أبو معروف قال : حدثتنا عَمْرة بنت قيس قالت : سألت عائشة عن الفرار من الطاعون ، فقالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف" . و قال : " أبو معروف " هذا هو جعفر بن كيسان فيما أحْسَب .
    قلت : و أخرجه الطبراني في " الأوسط " ، من طريق حَوْثَرَةَ بنِ أَشْرَس قال : ثنا جعفر بن كيسان أبو معروف ـ بصرى ـ ، عن عَمْرة بنت أرْطاةَ - عَدَوِيةٌ بِصْرية - ، عن عائشة .. فذكر مثل سياق يزيد بن هارون سواء ، و قال : لم يروه عن عمرة إلا جعفر . و الذى يظهر أن جعفر بن كيسان سمعه من مُعَاذةَ و من عَمْرة ؛ و هى بنت قيس بن أرطأة ، نسبت في رواية حَوْثَرَةَ إلى جَدّها ، فإن سياقه عنهما مختلف ، و الله أعلم .
    و له طريق أخرى عن عائشة ، أخرجها أبو يعلى ، من طريق مَعْتَمِرِ بن سليمان قال : سمعت لَيْثًا - هو ابن أبى سُلَيْم - يحدث عن صاحب له ، عن عطاء قال : قالت عائشة رضى الله عنها : و ذكر الطاعون ، فذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وخز يصيب أمتى من أعدائهم من الجن ، غدة كغدة الإبل ، من أقام عليه كان مرابطًا ، و من أصيب به كان شهيدًا ، و من فرّ منه كان كالفارّ من الزحف " . و هذا الطريق ضعيف ؛ لضعف " لَيْث " و جهالة " شيخه " .
    و قد أخرجه البزار من طريق حَفْص بن سليمان ، عن لَيْث ، عن عطاء ، عن عائشة ، مختصرًا ، بإسقاط المجهول بين ليث و عطاء ، و لفظه : قلت : يا رسول الله ، هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال : " يشبه الدُّمَّل ، يخرج في الآباط والمَراقّ ، و فيه تزكية أعمالهم ، و هو لكل مسلم شهادة " . قال البزار : لا نعلمه روى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد .
    قلت: و هذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل : ضعف " حفص " و " شيخه " ، و إسقاط الواسطة المجهول بين ليث و عطاء . و قد أدخل بعضهم فيه بين عطاء وعائشة واسطة أيضًا ؛ أخرجه الطبراني في " الأوسط " ، و أبو أحمد بن عدى في " الكامل " ، و ابن أبى الدنيا في " كتاب الطواعين " ، و أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد " ، مطولًا ، بطرق إلى علي بن مُسْهِر قال : أخبرنا يوسف بن ميمون ، عن عطاء ، عن ابن عمر ، عن عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الطاعون شهادة لأمتي ، و وخز أعدائكم من الجن ، يخرج في آباطِ الرجال و مراقِّهم ، الفارّ منه كالفارّ من الزحف ، و الصابر فيه كالمجاهد في سبيل الله ".
    قال الطبراني : لا يروى عن ابن عمر عن عائشة إلا بهذا الإسناد ، تفرّد به يوسف بن ميمون . و كذا قال الدارقطني في " الأفراد " : إن يوسف بن ميمون تفرد به . و مرادهم أنه تفرد بإدخال ابن عمر بين عطاء و عائشة ، و أما نفس المتن فثابت عن عائشة و غيرها ، من الأوجه التي تقدم ذكرها .
    و للمقصود هنا شاهد من حديث جابر ؛ قال أحمد : ثنا أبو عبد الرحمن ـ هو عبد الله بن يزيد المقرئ ـ قال : ثنا سعيد بن أبي أيوب قال : حدثني عمرو بن جابر الخَضْرَميّ قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " الفارّ من الطاعون كالفارّ من الزحف ، و الصابر فيه كالصابر في الزحف " .
    قرأته عاليًا على إبراهيم بن محمد المؤذن بمكة ، أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم قال : أنبا أبو المنجي قال : أنبا أبو الوقت قال : أنبا أبو الحسن بن داود قال : أنبا أبو محمد بن أعين قال : أنبا إبراهيم بن خُزَيْم قال أنبا عبد بن حميد قال : ثنا عبد الله بن يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن عمرو بن جابر الحضرميّ ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم قال .. فذكر مثله .
    و أخرجه ابن خزيمة ، و أحمد أيضًا ، من طرق ، عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي المصري ، و حديثه صالح في الشواهد ، و إن كان بعضهم قد ضعّفه .

    ذكر مواعظ وقعت لمن فرّ من الطاعون فاتعظ بها و أقام :
    روي سيف في " الفتوح " ، عن عبد الله بن سعيد ، عن أبي سعيد قال : أصاب أهل البصرة موت ذريع ، فأمر رجل من بني تميم غلامًا له ، أن يحمل ابنًا له (1) صغيرًا ، ليس له ولد غيره ، على حمار ، ثم يسوق به إلى مكان ذكره ، حتى يلحقه . فخرج الغلام بالولد في آخر الليل ، ثم اتبعه مولاه . فلما أشرف على المكان سمع الغلامَ (2) ـ و قد رفع عقيرته ـ و هو يقول : لن تعجز الله على حمار ، و لا عيل ذي ميعة (3) مطار ، قد يصبح (4) الله أمام الساري . قال : فلما انتهى إلى الغلام قال : ما كنت تقول ؟ قال : قال : لم أقل شيئًا . فعرف أنه قد أسمع ، فأمره أن يرجع ، فرجع . و نقلها ابن أبي الدنيا عن الأصمعي ، قال : خرج رجل .. فذكر نحوه ، و زاد : أو يأتي الحتف على مقدار .
    و في " شرح الموطأ " للتلمساني ، عن طريق أبي التياح : قلت لمُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير : ما تقول في الفرار من الطاعون ؟ قال : هو قدر الله ، تخافونه و ليس منه مَفَرّ .
    و قال أبو بكر الرازي في " الأحكام " : إذا كانت الآجال مقدرة محصورة ، لا تقديم فيها / و لا تأخير عما قَدَّرَهُ الله تعالى ، فالفرار من الطاعون عُدول عن مُقْتضى ذلك . و كذلك العمل بالطِّيَرَةِ و الزجر و النجوم ، كل ذلك فرار من قدر الله الذي لا محيص لأحد عنه .و ذكر أبو نعيم في " الحلية " ، عن شريح أنه كتب إلى أخ له ، قد فرّ من الطاعون : أما بعد ، فإنك (1) و المكان الذي أنت فيه ، بعين من (2) لا يعجزه (3) و لا يفوته من هرب ، و المكان الذي خليته (4) لا يعجل لامرئ (5) حِمامه ، و لا يظلمه أيامه ، و إنك و إياهم لعلى بساط واحد . و إن المنتجع من ذي قدرةٍ لقريبٌ (6) .
    و سيأتي في الباب الخامس كلام من أنكر من الصحابة على من فرّ من الطاعون ، و بالغ في ذلك .
    ـ ذكر ما اعتل به من أجاز الفرار و الجواب عن شبهته :
    احتجوا بأمور :
    الأول :
    قال الطحاوي بعد أن أورد حديث : " لا يُورد مُمْرضً على مُصِحًّ " (7) ، من طريق الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا ، قال : فذهب قوم إلى هذا ، و قالوا : إنما كره ذلك مخافة الإعداء ، و أمروا باجتناب ذي (8) الداء و الفرار منه ، و احتجوا برجوع عمر من سَرْغٍ بسبب الطاعون . ثم ساق الحديث في ذلك . فقالوا : قد أمرنا في هذه الآثار أن لا نقدم على الطاعون ، و ذلك للخوف منه ، خشية أن يعدي من دخل عليه .
    ثم رد عليهم : بأن الأمر بترك القدوم عليه ، لو كان للخوف منه ، لجاز لأهل الموضع الذي وقع فيه أيضًا الخروج منه ، للعلة المذكورة . فلما منع أهل الموضع الذي وقع فيه الطاعون / [ 80/ أ ] من الخروج منه ، ثبت أن المعنى الذي من أجله مُنعوا من القدوم عليه غير المعنى الذي ذكروا . و هو عندنا ـ و الله أعلم ـ على أن لا يقدم عليه رجل ، فيصيبه بتقدير الله عليه ، فيقول : لولا أني قدمت هذه الأرض لما أصابني . و لعلّه لو أقام في الموضع الذي كان فيه لأصابه ، فأمر أن لا يقدم عليه ، حسمًا للمادة (1) . و كذلك أمر أن يخرج من الأرض التي نزل بها ، لئلا يسلم فيقول : لو أقمت في تلك الأرض لأصابني ما أصاب أهلها . و لعله لو [ كان ] (2) أقام بها ما أصابه من ذلك شئ ، فأمر بترك القدوم على الطاعون ، للمعنى الذي وصفناه .
    قلت : و هذا الذي ذكره الطحاوي بيّن في كلام أبي موسى كما تقدم . لكن المانع عمّم النهي لمن اعتقد ذلك و لمن لم يعتقد حسمًا للمادة ، و المجيز نظر إلى المعنى الذي منع الخروج من أجله ، فخصّ المنع به . و الأول أسعد بالعمل بالحديث .
    و الذي يظهر لي أن صنيع عمر رضي الله عنه ، برجوعه من أن يدخل البلد الذي وقع فيه الطاعون ، ليس من الفرار في شئ ، و إنما هو بمنزلة من قصد دخول دار ، فرأى بها حريقًا تعذّر طفْيه (3) ، فعدل عن دخولها لئلا يصيبه ، فهو من باب اجتناب المهالك ، و هو مأمور به .
    هذا الذي يظهر أنه جنح إليه عمر و من وافقه ، قبل أن يبلغهم الحديث المرفوع ، فلما بلغهم جاء مطابقًا لما اختاروه . فلأجل ذلك قال من قال : إنما رجع عمر لأجل حديث عبد الرحمن (1) ، لا لأجل ما قتضاه نظره .
    و الحق أنه همّ أن يرجع ، فلما بلغه الخبر استمر عزمه ، كما تقدم تقريره .
    و أما الذين خالفوا رأي عمر في / [ 80 / ب ] ذلك ، قبل أن يبلغهم الخبر ، فسلكوا سبيل التوكل المحض ، مع قطع النظر عن الأسباب ؛ و هو مقام شريف يناسب مرتبة خيار الصحابة ، و لهذا كان الكثير من المهاجرين و الأنصار على هذا الرأي ، و لم يجنح إليه أحد من مشايخ قريش ، و إنما وافقهم عمر ـ و إن كان من كبار المهاجرين ـ لأنه غلب عليه النظر في مصالح المسلمين ، و ذلك لا يتم إلا بالنظر في الأسباب و العمل بالراجح منها ، مع اعتقاد أن الأمور كلها بتقدير الله . و قد ورد في ذلك حديث : " اعقلها و توكل " ، أخرجه الترمذي و غيره .
    ثم ساق الطحاوي من طريق (2) زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال عمر رضي الله عنه : اللهم إن الناس نحلوني (3) ثلاث خصال ، و أنا أبرأ إليك منهن ؛ زعموا أني فررت من الطاعون ، و أنا أبرأ إليك من ذلك ..
    و ذكر الطِّلاءَ و المَكْسَ (4) ، و سنده صحيح . قال : فدل على أن رجوعه كان لغير الفرار ، و كذا كتابه إلى أبي عبيدة ، فيما أمره به من خروجه هو و من معه من الجند ؛ إنما هو بمعنى التداوي بالانتقال من أرض وَخْمة إلى أرض صحيحة . ثم ساق قصة العُرَنِيِّين (1) ، و قال : كان خروجهم عن المدينة للعلاج لا للفرار ؛ و هو واضح من قصتهم ، انتهى ملخصًا .
    و كذلك يحمل ما ورد عن عمر ، أنه ندم (2) على رجوعه من سَرْغٍ ، و هو فيما أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " قال : ثنا محمد بن بِشْر (3) . و قال إسحاق (4) في " مسنده " : أنبا أبو عامر العَقَدِيّ . قالا : أنبا هشام بن سعد قال : حدثني عُرْوة بن رُوَيْم ، عن القاسم ، عن عبد الله بن عمر قال : جئت عمر حين قدم الشام ، فوجدته قائِلًَا (5) في خبائه (6) ، فانتظرته (7) فَئْ الخباء / ، [ 81 / أ ] فسمعته يقول حين تَضَوَّر (8) من نومه : اللهم اغفر لي رجوعي من سَرْغ . و سنده حسن .
    و قد قال الزركشي في " الجزء " الذي جمعه في الطاعون ، تبعًا لتاج الدين السبكي ؛ نقلًا عن القرطبي في " المفهم " : لا يصحُ ندم عمر على رجوعه ، و كيف يندم على فعل ما (9) أمر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، و يرجع عنه و يستغفر منه ؟! .
    قلت : أقرّ التاج هذا ، و أما الزركشي فردّه ، و قال : هذا إسناد صحيح . قلت : و إني لأتعجب من القرطبيّ ، كيف يردُ الأخبار القوية بمثل هذا ، مع إمكان الجمع !! .
    ثم قال الزركشي : يحتمل أن يكون ندمه مخافة أن يكون فارًا من القدر ، و رأي أن النهى عن [ القدوم عليه رخصة . فقد حكى البغوي في " شرحه السنة " ، عن قوم : أن النهي عن ] (1) الفرار من الطاعون على التحريم ، و النهي عن القدوم عليه على التنزيه ؛ فيكون القدوم عليه رخصة لمن غلب عليه التوكل ، و الانصراف عنه رخصة لمن انصرف ، انتهى .
    و ليس في كلام عمر رضي الله عنه ما يحصر (2) الأمر فيما ذكره ، بل يحتمل أن يكون ندمه و استغفاره ، لأنه خرج لأمر مهم من أمور المسلمين ، فوصل إلى قريب البلد الذي كانت حاجته فيه ، ثم رجع من ثَم إلى المدينة ؛ للحديث الذي سمعه في النهي عن القدوم عليه .
    و كان يمكنه أن لا يفعل واحدًا من الأمرين ؛ و هو أن لا يقدم (3) على البلد الذي فيه الطاعون امتثالًا للحديث ، و لا يرجع إلى المدينة من غير قضاء الحاجة التي خرج لها . بل كان يمكنه أمر ثالث ؛ و هو أن يقيم بالقرب من البلد المذكورة ، إلى أن يرتفع الطاعون ، فيدخل إلى قضاء مأربه ، و لا سيما و الواقع أن الطاعون وقع ارتفاعه بعد رجوعه بزمن يسير / [ 81 / ب ] كما تقدم ؛ و هو قدر مسافة الطريق في كتابه إلى أبي عبيدة و جواب أبي عبيدة ، ثم كتابه إليه ثانيًا يأمره بأن يتحوّل بالجند ، فامتثل أمره ، و شرع في التحوّل ، و ارتفع الطاعون .
    فلعله رأى أنه لوانتظر إلى أن يرتفع كان أولى من رجوعه ، لما كان في رجوعه بالعسكر الذي كان صحبته من المشقة عليه و عليهم .
    و الخبر لم يرد بالأمر بالرجوع ، و إنما ورد بالنهي عن القدوم أو الإقدام ؛ على ما جاء في لفظ الخبر ، من أنه " لا تَقْدُموا " و " لا تُقْدِموا " ـ ثلاثيًا و رباعيًا ـ ، فاحتمل أن ندمه إنما كان [ على ] (1) ذلك .
    و قد قال القاضي عياض ، لما ذكر اختلاف الصحابة من المهاجرين و الأنصار في الرجوع : حجة كل من الطائفتين بينة (2) ؛ لأنها مبنية على أصلين من أصول الشريعة :
    الأول : التوكل و التسليم للقضاء و القدر .
    و الثاني : الحيطة و الحذر بترك الإلقاء إلى التهلكة (3) .
    وهما فرعان متشعبان من أصل قاعدة " القدر " . و قد قيل : إن رجوع عمر إنما كان للحديث ، لأنه لم يكن ليرجع إلى (4) رأي دون رأي بغير حجة [ مرجحة ] (5) . و قد قدّمته قبيل (6) هذا .
    نعم ، قد ورد عن عمر التصريح بالعمل بمحض التوكل ؛ فأخرج ابن خزيمة بسند صحيح إلى هشام بن عروة عن أبيه ، أن الزبير بن العوام رضي الله عنه خرج غازيًا نحو مصر ، فكتب إليه أمراء مصر أن الأرض قد وقع بها الطاعون ، فلا تدخلها . فقال الزبير : إنما خرجت للطَّعْن الطاعون . فدخلها ، فلقى طَعْنًا في جبهته ، فأَفْرَقَ (1) .
    و سنده صحيح على شرط البخاري .
    و قوله : " فأَفْرَقَ " : أي أفاق من مرضه . ذكره أبو موسى المدينيّ في " ذيل الغريبين " له . و قال / [ 82 / أ ] أبو مِجْلَز (2) التابعي المشهور : لما وقع الطاعون بالبصرة و ارتفع ، عدّوا مَنْ أفرق منه (3) ، فكانت جملتهم كذا .
    قال أبو موسى : [ أي ] (4) بَرِئَ من الطاعون . قال : و يقال : إن ذلك إنما لمن بَرِئَ من علة لا تصيب الإنسان غالبًا إلا مرة واحدة ؛ كالجُدَرِيّ ، و الله أعلم .
    قلت : أثر أبي مِجْلَز المذكور ، أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب المرض (5) و الكفارات " ، من طريق عِمْران بن حُدَيْر قال : كان أبو مِجْلَز يقول : لا يحدّث المريض إلا بما يعجبه ، فإنه كان يأتيني و أنا مطعون ، فيقول : عَدُّوا اليومَ في الحيِّ كذا و كذا ممن أَفْرَقَ ، و عَدُّوكَ فيهم . قال : فأفرح بذلك . سنده صحيح .
    تنبيه :
    قد يعارض هذا الأَثَرَ (6) عن الزبير ، ما أخرجه البيهقيّ بسند حسن أيضًا ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أقبلت إلى الزبير [ يومًا و أنا غلام ، و عنده رجل أبرص ، فأردت أن أَمَسِّه ، فأشار إليّ الزبيرُ ] (7) فأمرني أن أنصرف ، كراهة أن أَمَسَّه .
    قلت : و لا معارضة بينهما على ما تقدم ؛ بل إقدام الزبير من قوة إيمانه و شدة يقينه ، و منع ابنه الصغير من مسِّ الأبرصِ (1) ، خشية أن يُقَدِّر اللهُ عليه أن يُصيبَهُ ذلك ، فيظن لعدم توسعه في العلم أنه من المسّ ، فيعتقد العدوى المنهيِّ عن اعتقادها . و سيأتي بسطُ ذلك في الأمر الثالث .

  10. #10

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم


    الأمر الثاني :
    قال تاج الدين السبكي : احتجوا أيضًا بالقياس على الفرار من الأسد و العدوّ الذي لا يُقْدَرُ على دفعه ؛ فإن الكفار و قطاع الطرق إذا قصدوا مَنْ لا طاقة له بهم ، جاز التنحيّ من بين أيديهم . و نقل فيه أبو الحسن الكِيَا الهرّاسي (2) ـ من الشافعية ـ الاتفاق فقال : لا نعلم خلافًا في الجواز ، و إن كانت الآجال لا تزيد و لا تنقص .
    و الجواب : أن القياس على الفرار / [ 82 / ب ] من الأسد و العدو ضعيف ؛ فإن السلامة منهما نادرة ، و الهلاك معهما كالمتيقن ، فصار كإلقاء الإنسان نفسه في النار . بخلاف الفرار من البلد الذي يقع به الطاعون ؛ فإن السلامة منه كثيرة و إن لم تكن غالبة .
    قلت : و على تقدير تسليم القياس المذكور ، فهو قياس مع وجود الفارق ؛ فإن مسألة الوقوف للأسد إلى أن يفترسه ، داخلة في النهي عن الإلقاء إلى الهلاك ، و مسألة الفرار جاء النهي الصريح عنها ، فكيف يستويان ؟ .


    الأمر الثالث :
    القياس على الخروج من الأرض المستوخمة ، كقصة العُرَنِيِّين .
    و الجواب : أن ذلك من باب التداوي ، و ترك ما لا يوافق المريض من الأغذية ، إذ لا فرق بين الأغذية و الأهوية في تأثير المرض ، فكان الخروج من الأرض التي لا توافق مزاج المريض من باب التداوي .
    قال القاضي تاج الدين : و عندي في هذا الجواب نظر . قلت : كأن وجهه أن لقائل أن يقول : إن الطاعون أيضًا ينشأ من فساد الأهوية ، فالخروج من البلد ، التي يقع بها ينبغي أن يكون جائزًا مطلقًا ، كما جاز للعرنيين ، و هذا لا يتشّى على ما تقدم تحقيقه أن الطاعون من طعن الجن .
    و الحق أن خروج العُرنِيِّين لم يكن لقصد الفرار أصلًا ، و إنما لمحض التداوي ، كما تقدم عن الطحاوي . و كان خروجهم من ضرورة الواقع ، لأن الإبل ما كان يتهيّأ إقامتها في البلد ، و إنما كانت في مراعيها ، و دواؤهم كان بأبوالها و ألبانها و استنشاق تلك الروائح ، فكان الخروج عن البلد ضمنًا (1) / لأمر محقق الوجود ، بخلاف الخروج من البلد الذي يقع فيه الطاعون إلى بلد آخر ؛ فإنه خروج إليه بالقصد لأمر مظنون ، إذ لا يُؤمن وقع الطاعون في البلد الآخر .
    و يؤيد الفرق أيضًا ؛ أن من جملة أصول التداوي الرجوع إلى المألوف و العادة ؛ و كان القوم أهل بادية و ريف ، كما وقع صريحًا في بعض طرق خبرهم ، و لم يوافق بلد الحضر أمزجتهم ، فأرشدهم الشارع إلى التداوي بما ألفوه من الكون في البدو .
    و من هنا يؤخذ توجيه أمر عمر أبا عبيدة ، بالانتقال بجنده (1) إلى مكان آخر أوفق لأمزجتهم من المكان الذي كان نزل به أولًا . و يدخل في هذا ما أخرجه أبو داود و الحاكم ، من حديث فَرْوَةَ بن مُسَيْكٍ قال : قلت : يا رسول الله ، إن أرضًا عندنا يقال لها أرض أَبْيَنَ ؛ و هي أرض ريفنا و مِيْرتنا (2) ، و هي وبيئة ـ أو قال : وباؤها شديد ـ . قال : " دعها عنك ، فإن من القَرَفِ التَّلَفَ " (3) .
    قال ابن قتيبة : القَرَفُ : مُداناة الوباء . و قال الخطّابيّ : ليس هذا من باب العدوى ، و إنما هو من باب التداوي ؛ فإن استصلاح الأهوية من أعود الأشياء على البدن بالصحة ، و فسادها من أضرها و أسرعها إلى سُقْمه عند الأطباء ، فكل ذلك بإذن الله تعالى و مشيئته سبحانه و تعالى .

    الأمر الرابع / [ 83 / ب ] :

    قال الزركشي : احتجوا أيضًا بالقياس على الفرار من المجذوم . يعني ما أخرجه البخاري من طريق سعيد بن مينا قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا عدوى و لا طِيرَةَ و لا هامة و لا صَفَرَ ،و فِرَّ من المَجْذُوم كما تفرُّ من الأسد " .
    و في "صحيح مسلم " من طريق عمرو بن الشَّريْدِ الثَّقَفي ، عن أبيه قال : كان في وفد ثقيفٍ رجل مجذوم ، فأرسل إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أنّا قد بايعناك فارجع " .
    و في سنن أبي داود ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا تديموا النظر إلى المجذومين " . و صححه ابن خزيمة (1) .
    و الجواب عن هذا من وجهين :
    أحدهما : قاله ابن الصلاح ، تبعًا لغيره ؛ جامعًا بين ما ظاهره التعارض من حديث أبي هريرة ؛ و هو حديثه : " لا يورد ممرض على مصح " ، و حديثه : " فِرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد " ، مع حديث : " لا عدوى " .
    قال : وجه الجمع بينهما : أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ، و لكن الله تبارك و تعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببًا لإعدائه مرضه ، ثم قد (2) يتخلّف ذلك عن / سببه ،[84 / أ ] كما في سائر الأسباب . ففي حديث : " لا عدوى " نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية ؛ من أن ذلك (3) يعدي بطبعه ، و لهذا قال : " فمن أعدى الأول ؟ " . و في الثاني أعلم بأن الله سبحانه و تعالى جعل ذلك سببًا لذلك ، و حذّر من الضرر الذي يغلب وجوده عند وجوده بفعل الله سبحانه و تعالى ، انتهى كلامه .
    و أقّره مشايخنا [ في ] (1) مختصراتهم ، لكن قال البلقينيّ منهم : العبارة الصحيحة أن يقول بدل قوله : " جعل " : " قد يجعل " ، انتهى (2) . و هو احتراز حسن ، لئلا يُتَخيل أن ذلك [ يقع ] (3) دائمًا أو غالبًا ، و الواقع أنه قد (3) يتخلف .
    ثم الأصل فيه قول الشافعي رحمه الله ؛ قال البيهقيّ في " المعرفة " ، في كتاب النكاح ، عند ذكر العيوب (5) : أخبرنا أبو سعيد الصيرفي قال : أنبا أبو العباس الأصم قال : أنبا الربيع بن سليمان قال : قال الشافعي : الجُذَام و البَرَصُ ـ فيما يزعم أهل العلم بالطب و التجارب ـ يعدي الزوج كثيرًا ؛ و هو داء مانع للجماع ، لا تكاد نفس أحد أن تطيب بمجامعة من هو بها ، و لا نفس امرأة أن يجامعها من هو به . و أما الولد فبيّن ـ و الله أعلم ـ أنه إذا ولده أجذم أو أبرص ، أو جذماء أو برصاء ، قل ما يسلم ، و إن سلم أدرك نسله ، ونسأل الله العافية بمنه و كرمه (6) .
    قال البيهقي : قد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " لا عدوى " ، و لكنه أراد به على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية ؛ من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى ، و قد يجعل (1) ـ بمشيئته ـ مخالطة الصحيح من به شئ من هذه العيوب ، سببًا لحدوث ذلك . و لهذا قال النبي (2) ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا يورد مُمْرضٌ على مُصِحّ " (3) ، و قال في الطاعون : " من سمع [ به ] (4) بأرض فلا يقدمن عليه .. " ، و غير ذلك مما في معناه / ، [84 / ب ] و كل ذلك بتقدير الله تعالى ، انتهى كلامه (5) .
    و الذي يظهر لي أن الشافعي ما روى حديث نفي العدوى الذي سيأتي بيانه ، و لهذا اعتمد في ذلك على قول الأطباء و أهل التجربة ، من غير أن يعرج على تأويل الحديث .
    و قد أورد ابن خزيمة في كتاب التوكل حديث : " لا عدوى " من حديث أبي هريرة و ابن عمر ، و أخرجه أيضًا من حديث سعد بن أبي وقاص . و حديث : " لا يُورد مُمْرض على مُصِحّ " من حديث أبي هريرة . [ و ] ترجم على الأول : " التوكل على الله في نفي العدوى " ، و على الثاني : " ذكر خبر غلط في معناه بعض العلماء فأثبت العدوى التي نفاها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " . ثم ترجم : " الدليل على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يثتب العدوى بهذا القول " .
    ثم ساق حديث أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا عدوى و لا هامة و لا صَفَرَ " . فقال أعرابي : فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظِّباء ، فيخالطها البعير الأجرب ، فَيُجْربَها ؟ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " فمن أعدى الأول ؟ " . و قد أخرجه البخاري و مسلم ، من هذا الوجه ، [ و ] من طريق أبي زرعة ، [ عن ] (1) أبي هريرة قال : جاء أعرابي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا رسول الله ، النُّقبة (2) تكون بِمِشْفَر البعير ، فتشمل الإبِلَ كلَّها جَرَبًا . قال : فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " فمن أعدي الأول " ، و حديث ابن مسعود ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا يعدي شئ شيئًا " ، فقال أعرابي : يا رسول الله ، إنها تكون النُّقبة من الجَرَب بمِشْفَر البعير أو في / [ 85 / أ ] ذنبه ، فتكون في الإبل العظيمة ، فتجرب كلها . فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا عدوى و لا هامة و لا صفر ، خلق الله كل نفس و كتب حياتها و رزقها و مصيبتها " (3) .
    ثم ترجم : " ذكر خبر روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، في الأمر بالفرار من المجذوم ، أنا خائف أن يخطر ببال بعض الناس أنه إثبات العدوى ، و ليس كذلك هو عندي بحمد الله " .
    ثم أخرج حديث أبي هريرة ، من طريق سعيد (4) بن مينا ، عنه .
    و أخرجه أيضًا من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : لا عدوى ، و إذا رأيت المجذوم ، ففر منه كما تفر من الأسد " . ثم ساق حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا تديموا النظر إلى المجذومين " ، و حديث عمرو بن الشَّرِيْد ، عن أبيه : كان في وفد ثقيف رجل مجذوم .. الحديث . و حديث جابر ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القَصْعة ، ثم قال " بسم الله ، ثِقَةً بالله ، و توكلًا عليه " . و في لفظ : بينا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأكل ، إذ جاء مجذوم ، فقال : " آدْنُ و كُلْ ثِقَةً بالله و توكلًا عليه " (1) .
    قال ابن خزيمة : النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ برأفته و رحمته بأمته ، أمرهم بالفرار من المجذوم ، كما نهى أن يورد الممرض على المصح ، شفقة عليهم ، و خشية أن يُصيب بعضَ مَنْ يَقْرُبُ مِن المجذومِ الجذامُ ، و الصحيحَ من الماشية الداءُ الذي بالمرضى منها ، فيسبق إلى قلب بعض المسلمين ، أن أصابها الجذام ، أعداه جذام صاحبه الأول ، و كذا الماشية (2) إذا / [ 85 / ب] أصابها الجرب ، فيسبق إلى قلبه أن المرض الذي بالماشية الأولى أعداها (3) ، فيثبت العدوى التي نفاها النبي (4) ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، و قال بعد نفيها : أنه " لا يعدي شئ شيئًا " . فأمر باجتناب ذلك ، ليسلم المسلمون من التصديق بإثبات العدوى . و قد أعلم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أن الطيرة شئ يجده الناس في صدورهم (5) ، ثم أعلم أن التوكل يذهبها . فكذلك الجذام و الجرب ، لا يسلم من ضَعُفَ توكله ، إذا [ أصاب ] (6) بعضَ من قَرُب منه المجذومُ الجذامُ (7) ، أن يصدق بالعدوى و الطيرة لضعف توكله ؛ لأن (8) النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثبت العدوى بأمره بالفرار من المجذوم ، و بعثه إلى (1) المجذوم ليرجع . و يؤيد هذا الجمع أكله مع المجذوم ثقة بالله وتوكلًا عليه .
    قال : و أما النهي عن إدامة النظر إلى المجذوم ، فعلى ما تقدم .
    و يحتمل أيضًا أن يكون معناه أن المجذوم يغتمّ و يكره أن يديمَ الصحيحُ النظرَ إليه ، لأنه قلَّ من يكون به العقلاء آفةٌ ، إلا و هو يحب أن يسترها . انتهى ملخصًا .
    و هو في غاية التحقيق و الإتقان ، و هو أولى عندي من الجمع الذي ذكره البيهقي ، و تبعه ابن الصلاح فمن بعده ، لأنه ينفي العدوى أصلًا ، و رأسًا ، كما صرحت به الأخبار الصحيحة . و يحمل (2) ما ورد في ضدها على إرادة حسم المادة ، بخلاف ما جمعوا به ، فإنه يثبت العدوى في الجملة .
    و قد قال [ مالك ] (3) رحمه الله ـ لما سئل عن الحديث في النظر إلى المجذومين ـ : ما سمعت فيه كراهية ، و ما أرى ما جاء من النهي عن ذلك ، إلا مخافة أن يقع في نفس المؤمن شئ ، يعني : فيقع في اعتقاد العدوى (4) .
    و أما ما أخرجه البيهقي ، من / [ 86 / أ ] طريق أبي إسحاق الهاشمي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا عدوى ، و لا يحل الممرض على المصح ، و يحل المصح حيث شاء " . قيل ما بال ذلك
    يا رسول الله ؟ قال : " إنه أذىّ " فهو ضعيف ؛ لأنه من رواية ابن لهيعة ، عن بكير ، عنه . و " أبو إسحاق الهاشمي " مجهول .
    و قد رواه عبد الملك بن محمد الرقاشي ، عن بشر بن عمر الزهراني ، عن مالك ، عن بكير ، فقال : عن أبي عطية ، عن أبي هريرة . قال البيهقي : إن كان الرقاشي حفظه فهو غريب .
    قلت : قد أخرجه الدارقطني في " غرائب مالك " ، من رواية الرقاشي . و من [ رواية ] (1) محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، و من رواية علي بن مسلم ، كلهم عن بشر بن عمر (2) . ثم قال : خالفهم أبو هشام الرفاعي فقال : عن بشر بن عمر ، عن مالك بهذا الإسناد ، عن أبي برزة الأسلمي ، بدل " أبي هريرة " ؛ و هو وهم من أبي هشام (3) . و رواه أبو قرة في" السنن " عن مالك قال : ذكر بكير بن عبد الله بن الأَشَجّ ، عن أبي عَوْسَجة ، عن أبي هريرة . و الحديث في " الموطأ " عن مالك ، أنه بلغه عن بكير بن عبد الله الأشج ، عن أبي عطية الأشجعي ، عن أبي هريرة .
    قلت : فترجح أن الواسطة بين أبي هريرة و بكير هو " أبو عطية الأشجعي " ؛ و هو مجهول . و أن بين مالك و بكير فيه واسطة ، و لعله " ابن لهيعة " ، فلم تثبت هذه الزيادة . و على تقديرأن تكون محفوظة ، فالضمير في قوله " إنه " للمرض ، و المرض ـ بلا شك ـ أذيً ، و لا / [ 86 / ب ] يكون الضمير للمورود ، لئلا يلزم منه إثبات العدوى التي نفيت في صدر الحديث ، و يرجع الأمر إلى التأويل الماضي ، و الله أعلم .
    و قد سلك الطحاوي في كتاب " معاني الآثار " سبيل ابن خزيمة في هذا الجمع ؛ فأورد حديث : " لا يُورد مُمْرِض على مُصِحٌ " ، ثم قال : معناه أن المصح قد يصيبه ذلك المرض ، فيقول الذي أورده : لو أني ما أوردته عليه ، لم يصبه من هذا المرض شئ . و الواقع أنه لو لم يورده لأصابه بتقدير الله عليه ، فنهى عن إيراده لهذه العلة التي لا يؤمن (1) على الناس غالبًا من (2) وقوعها في قلوبهم .
    ثم ساق حديث : " لا عدوى " ، من (3) رواية سعد بن أبي وقاص و ابن مسعود و ابن عمر و أبي هريرة و جابر و أنس رضى الله عنهم . ثم ساق من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا يعدي سقيم صحيحًا " . و من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ : " لا عدوى و لا طِيَرَة و لا هامة " . فقال رجل : أطرح الشاة الجرباء في الغنم فتجربهن . فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " فالأولى من أجربها ؟ " . و حديث أبي أمامة رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا عدوى " ، و قال : " فمن أعدى الأول " . و حديث ابن مسعود رضي الله عنه ـ كما تقدم من عند ابن خزيمة ـ ، و كذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، من طرق في جميعها : " فمن أعدى الأول ؟ " .
    ثم ساق حديث جابر رضي الله عنه ؛ في الأكل مع المجذوم ، كما تقدم . و حديث أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " كل مع صاحب البلاء تواضعًا لربك و إيمانًا به " (4) .
    ثم قال : فقد نفى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ العدوى ، و قال : " فمن أعدى الأول ؟ " .
    ثم ساق حديث جابر رضي الله عنه ؛ في الأكل مع المجذوم ، كما تقدم . وحديث أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " كل مع صاحب البلاء تواضعًا لربك و إيمانًا به " (4) .
    ثم قال : فقد نفي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ العدوى ، و قال : " فمن أعدى الأول ؟ " ؛ أي لو كان إنما أصاب الثاني بإعداء الأول ، لما كان أصاب الأول شئ ، لأنه لم يكن له ما يعديه . و لكنه لما كان ما (1) أصاب الأول بقدر الله تعالى ، كان ما أصاب الثاني كذلك .
    ثم قال : فيحمل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا عدوى " على (2) نفي العدوى أن تكون أبدًا ، و قوله : " لا يُورد مُمْرِض على مُصِحٌ " على الخوف منه أن يُوْرِدَه (3) عليه ، فيصيبه بقدر الله ما أصاب الأول ، فيقع في النفس أن الأول هو أعداه ، فكره إيراد الممرض على المصح (4) ، خشية ذلك ، و الله أعلم .
    و قد تبع الطحاويَّ في هذا الجمع أبو بكر الرازي ، في كتابه " أحكام القرآن " ، فأورد كلامه ملخصًا كعادته .
    و قد جمع البيهقي بين حديثي ( مجذوم ثقيف ) و ( الذي وضع يده في الصَّحْفة ) ، بأن أحدهما فيمن يقدر على الصبر في المكاره ، و يترك الاختيار في موارد القضاء ، و الحديث الآخر فيمن يخاف على نفسه العجز عن احتمال المكروه و الصبر عليه ، فيحترز بما هو جائز في الشرع من أنواع الاحترازات .
    و أجاب القرطبي في " المفهم " عن الإشكال فقال : إنما نهى عن إيراد الممرض على المصح ، مخافة الوقوع فيما وقع فيه أهل الجاهلية من اعتقاد ذلك ، أو مخافة تشويش النفوس و تأثير الأوهام . و هذا (5) كنحو قوله : " فرّوا من المجذوم " ، لأنا و إن كنا نعتقد أن الجذام لا يعدي ، فإنا نجد في أنفسنا نفرة و كراهة لذلك ، حتى لو أكره الإنسان نفسه على القرب منه ، و على مجالسته ، تألمت (1) نفسه ، و ربما تأذت بذلك . و إذا كان ذلك ، ظهر أن الأولى للمرء أن لا يتعرض الإنسان إلى ما يحتاج فيه إلى مجاهدة ، فيجانب طرق الأوهام ، و يباعد أسباب الألام ، مع علمه بأنه لا ينجي حذر عن قدر ، و الله أعلم .
    ثم وجدت سلف الجميع في ذلك ، و هو أبو عبيد القاسم / [ 87/ ب ] بن سلام ، فذكر ما معناه أن النهي في أن لا يورد الممرض على المصح ، ليس لإثبات العدوى ، بل لأن الصحاح لو مرضت بتقدير الله ، فربما وقع في نفس صاحبها أن ذلك من العدوى . فيفتتن و يتشكك في ذلك ، فأمر بإجتنابه . قال أبو عبيد : و كان بعض الناس يحمله على أنه مخافة على الصحيحة من ذات العاهة . قال : و هذا شر ما حمل عليه الحديث ، لأنه رخصة في التطير المنهيّ عنه ، و لكن وجهه عندي ما قدّمته انتهي (2) .
    انتهى.
    يرجى الرجوع للكتاب فهو فيه من الفوائد الكثير ...


  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    جزاكم الله خيرا .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    كَانَ جُنْدُ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّامِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ مُجَاهِدٍ وَمُرَابِطٍ، مَاتَ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا سِتَّةُ آلَافٍ.
    https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/179600

    وقال الشيخ الدكتور/ علي الشبل في أحد خطبه عكس ذلك ؟

  13. #13

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا .
    كَانَ جُنْدُ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّامِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ مُجَاهِدٍ وَمُرَابِطٍ، مَاتَ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا سِتَّةُ آلَافٍ.
    https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/179600

    وقال الشيخ الدكتور/ علي الشبل في أحد خطبه عكس ذلك ؟

    وجزاكم الله خيرًا.
    لا أدري ما قاله الشيخ علي الشبل.
    لكن هذا القول مذكور ءانفًا نقله ابن عساكر.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن هاشم بيومي مشاهدة المشاركة
    ذكر ذلك أبو جعفر الطبري في تاريخه (4/101) فقال: وَقَالَ [أي الواقدي]: "مَاتَ فِي طَاعُونِ عِمْوَاسَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا". اهـ.
    وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب (7/1411) فقال:
    وذكر المدائني، عَنِ العجلاني، عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن حسان- قَالَ: "مات فِي طاعون عمواس ستة وعشرون ألفًا". اهـ، وذكره القرطبي في التذكرة (1152).
    وذكر ابن عبد البر في موضع ءاخر أنه خمسة وعشرون ألفا وهناك من نقل بهذا الإسناد خمسة وعشرون ألفا منهم ابن الأثير في أسد الغابة (5/249)، ومحمد البري في الجوهرة (2/356)، واليعقوبي في تاريخه ومحب الدين الطبري وابن كثير وغيرهم.
    وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق (25/485) فقال: قال أبو الموجه: " زعموا أن أبا عبيدة كان في ستة وثلاثين ألفا من الجند فلم يبق إلا ستة آلاف رجل ماتوا ". اهـ.
    والله أعلم.
    وكما ترى أبو الموجه ذكره بصيغة التمريض: "زعموا".
    وقد ذكر الأخرون أنه خمسة وعشرون ألفاً.
    والملاحظ في الفرق بين القولين أنه هناك خمسة آلاف رجل ماتوا لم يذكروا في القول الأخر الذين ماتوا بطاعون عمواس فلعلهم من الذين ماتوا في الحروب أو غيره.
    والله أعلم.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    زادكم الله من فضله.

  15. #15

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    زادكم الله من فضله.
    وجزاكم الله خيرا وبارك الله فيك.

  16. #16

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن هاشم بيومي مشاهدة المشاركة
    أخرجه أحمد في مسنده (1630)، وغيره فقال:
    حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ رَابِّهِ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، كَانَ خَلَفَ عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ أَبِيهِ، كَانَ شَهِدَ طَاعُونَ عَمَوَاسَ، قَالَ:
    "لَمَّا اشْتَعَلَ الْوَجَعُ قَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ َدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ يَسْأَلُ اللَّهَ، أَنْ يَقْسِمَ لَهُ مِنْهُ حَظَّهُ؟ قَالَ: فَطُعِنَ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَاسْتُخْلِفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَقَامَ خَطِيبًا بَعْدَهُ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ مُعَاذًا، يَسْأَلُ اللَّهَ، أَنْ يَقْسِمَ لِآلِ مُعَاذٍ مِنْهُ حَظَّهُ؟ قَالَ: فَطُعِنَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاذٍ، فَمَاتَ، ثُمَّ قَامَ، فَدَعَا رَبَّهُ لِنَفْسِهِ، فَطُعِنَ فِي رَاحَتِهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ يُقَبِّلُ ظَهْرَ كَفِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِمَا فِيكِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا، فَلَمَّا مَاتَ اسْتُخْلِفَ عَلَى النَّاسِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَامَ فِينَا خَطِيبًا، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ إِذَا وَقَعَ، فَإِنَّمَا يَشْتَعِلُ اشْتِعَالَ النَّارِ، فَتَجَبَّلُوا مِنْهُ فِي الْجِبَالِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو وَاثِلَةَ الْهُذَلِيُّ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتَ شَرٌّ مِنْ حِمَارِي هَذَا، قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرُدُّ عَلَيْكَ، مَا تَقُولُ، وَايْمُ اللَّهِ لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ النَّاسُ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ
    وَدَفَعَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْ رَأْيِ عَمْرٍو، فَوَاللَّهِ مَا كَرِهَهُ". اهـ.

    ضعفه أحمد شاكر وشعيب الأرناؤوط.
    وذكره الهيثمي في المجمع (3/316) فقال: " رواه أحمد وفيه شهر فيه كلام، وشيخه لم يسم ". اهـ.
    والله أعلم.
    نعم، ضعَّف هذا الأثر الشيخ أحمد شاكر والشيخ شعيب الأرنؤوط لجهالة الشيخ الذي روى عنه شهر بن حوشب، وهو رابه زوج أمه.
    ولكن المحقق حسين سليم أسد رد هذه العلة في "تخريج مجمع الزوائد" (6/246) وقال:
    "وهذا إسناد حسن، رابة ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/522) فقال: "رابة من أصحاب أبي هريرة، روى عن أبي هريرة"، ولم يذكر فيه جرحا، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4/242).
    نقول: رابة هذا ليس من رجال السنن، وقد فات الحسيني أن يترجمه في "إكماله"، كما فات أبا زرعة (ابن العراقي) أن يستدركه عليه في "ذيل الكاشف"، والحافظ في "ذيل المنفعة"، ظنا منهم - والله أعلم - أنها "راب" وهو زوج الأم يربي لها ولدها من غيره، ولو كان هذا صحيحا لما كانت هناك حاجة لأن يقول الراوي (شهر بن حوشب): "كان خلف على أمه بعد أبيه"، لأن كلمة الراب تدل على هذا، والله أعلم".

    أما شهر بن حوشب فمختلف فيه، ولكن كثير من المتقدمين وثقوه: قال ابن معين و يعقوب بن شيبة: "ثقة"، وقال أحمد بن حنبل: "حسن الحديث، ثقة"، وقال أبو زرعة: "لا بأس به"، وقال البخاري: "حسن الحديث"، وقوَّى أمره، وقال الذهبي في "ديوان الضعفاء" (ص 189): "مختلفٌ فيه، وحديثه حسن"، وقال أيضا في "السير" (4/375): "والاحتجاج به مترجِّح".
    والله أعلم.

    وللفائدة:
    عن طارق بن شهاب - رضي الله عنه - قال:
    "كُنَّا نتحدث إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ - رضي الله عنه -، فَقَالَ لنا ذَات يَوْم:
    "لَا عَلَيْكُم (بأس) أَن تجفوا (تتفرقوا عني)؛ فَإِن هَذَا الوجع (الطاعون) قد وَقع فِي أهلنا، فَمن شَاءَ مِنْكُم أَن يتنزه فليتنزه. واحذروا أَن يَقُول رجل: "خرج رجل فَعُوفِيَ، وَجلسَ رجل فأصيب، لَو كنت جَلَست كَمَا جلس آل فلَان أصبت كَمَا أُصِيب آل فلَان".
    وَأَن يَقُول إِن جلس فأصيب: "لَو كنت خرجت كَمَا خرج آل فلَان عوفيت كَمَا عوفي آل فلَان".
    فَإِنِّي سأحدثكم فِي الطَّاعُون:
    إِن عمر كتب إِلَى أبي عُبَيْدَة - رضي الله عنهما - فِي الطَّاعُون الَّذِي وَقع بِالشَّام: أَنه عرضت لي حَاجَة لَا غنى بِي عَنْك فِيهَا؛ فَإِذا أَتَاك كتابي، فَإِنِّي أعزم عَلَيْك إِن أَتَاك لَيْلًا أَلا تصبح حَتَّى ترد، وَإِن أَتَاك نَهَارا أَلا تمسي حَتَّى ترد إِلَيّ".
    فَلَمَّا قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَة الْكتاب قَالَ: "قد عرفت حَاجَة أَمِير الْمُؤمنِين: أَرَادَ أَن يستبقي من لَيْسَ بباق". ثمَّ كتب: "إِنِّي قد عرفت حَاجَتك الَّتِي عرضت لَك، فحللني من عزمتك، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَإِنِّي فِي جند الْمُسلمين وَلنْ أَرغب بنفسي عَنْهُم".
    فَلَمَّا قَرَأَ عمر الْكتاب بَكَى، فَقيل لَهُ: "توفّي أَبُو عُبَيْدَة؟"
    قَالَ: "لَا، وَكَانَ قد".
    فَكتب إِلَيْهِ عمر: "إِن الْأُرْدُن أَرض عمقة (أرض الندى والطل)، وَإِن الْجَابِيَة أَرض نزهة، فاظهر بِالْمُسْلِمين إِلَى الْجَابِيَة".
    فَلَمَّا قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَة الْكتاب قَالَ: "هَذَا نسْمع فِيهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ ونطيعه".
    فَأمرنِي أَن أركب فأبوئ النَّاس مَنَازِلهمْ. فَقلت: "إِنِّي لَا أَسْتَطِيع".
    فَقَالَ لي: "لَعَلَّ الْمَرْأَة طعنت؟"
    قلت: "أجل".
    فَذهب ليركب فَوجدَ وخزة فطعن، وَتُوفِّي أَبُو عُبَيْدَة، وانكشف الطَّاعُون".
    رواه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" (1/85-86 | رقم: 113)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/121-122 | رقم: 6898).
    وصححه الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون في فضل الطاعون" (ص 272).

  17. #17

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد الشركسي مشاهدة المشاركة
    نعم، ضعَّف هذا الأثر الشيخ أحمد شاكر والشيخ شعيب الأرنؤوط لجهالة الشيخ الذي روى عنه شهر بن حوشب، وهو رابه زوج أمه.
    ولكن المحقق حسين سليم أسد رد هذه العلة في "تخريج مجمع الزوائد" (6/246) وقال:
    "وهذا إسناد حسن، رابة ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/522) فقال: "رابة من أصحاب أبي هريرة، روى عن أبي هريرة"، ولم يذكر فيه جرحا، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4/242).
    نقول: رابة هذا ليس من رجال السنن، وقد فات الحسيني أن يترجمه في "إكماله"، كما فات أبا زرعة (ابن العراقي) أن يستدركه عليه في "ذيل الكاشف"، والحافظ في "ذيل المنفعة"، ظنا منهم - والله أعلم - أنها "راب" وهو زوج الأم يربي لها ولدها من غيره، ولو كان هذا صحيحا لما كانت هناك حاجة لأن يقول الراوي (شهر بن حوشب): "كان خلف على أمه بعد أبيه"، لأن كلمة الراب تدل على هذا، والله أعلم".
    فضلًا عن أنه سواء أكان هذا اسمه أم لا، فإنه مجهول، فابن أبي حاتم لم يذكر جرحا ولا تعديلا، وابن حبان في الثقات على قاعدته في المجاهيل؛ فكيف يحكم بتحسين إسناده ؟!
    ثم إن الذي في الترجمة ليس فيه أنه روى عنه شهر بن حوشب. فالظاهر أنهما رجلان إلا أن أحدهما لم يترجم له والأخر ترجم له.
    فقد ورد في العلل (2/591) لأحمد بن حنبل قال:
    حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم أَبُو عبد الله الزمي قَالَ أخبرنَا عَليّ بن ثَابت قَالَ حَدثنَا عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ حَدثنِي عبيد الله بن أبي جَعْفَر عَن
    رابة زوج أمه وَكَانَ من أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة فذكر الأثر.
    وهذا يبين أن شهر روى عن زوج أمه، وعبيد الله بن أبي جعفر روى عن زوج أمه إذن هما شخصان.
    إنما الذي دعا إلى لأن يقول الراوي (شهر بن حوشب): "كان خلف على أمه بعد أبيه"، بأنه تفصيل بعد إجمال؛ للتوكيد، بل ورد من وجه ءاخر أنه لم يقله، ثم هل (رابة) اسم يتسمى بها شخص ؟!
    ثم إن في الرواية عدة مخالفات وإفرادات فمن إفراداته أنه:
    - قال ابن كثير في الجامع (10/87) : " قال أبو عبد الرحمن: أبان بن صالح، عن عمير جد أبي عبد الرحمن مشكرا به.
    تفرد به ". اهـ.
    قلتُ: عزاه الكاندهلوي إلى ابن إسحاق في حياة الصحابة (3/368) فقال: أخرجه ابن إسحاق عن شَهْر بن حَوْشَب عن رابة - رجل من قومه - قال: فذكره.
    - ومن إفراداته ومخالفته أنه قال ابن الأثير بعدما أخرج الرواية في أسد الغابة (5/123) فقال:
    " أخرجه أبو موسى، قلت: لا أعرف أبا واثلة إلا في هذه الحكاية، وقد رويت من وجه آخر عن شهر بن حوشب، وقال: شرحبيل بن حسنة بدل أبي واثلة، والله أعلم". اهـ.
    قلتُ: لعله يقصد ما أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (1/298) في ترجمة شرحبيل بن خسنة فقال:
    حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذ بْنُ هِشَام قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَة، عَنْ شَهْر، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ غَنْم؛ قَالَ:
    وَقَعَ الطَّاعُون بالشَّامِ فَبَلَغَ ذَلِكَ شُرَحْبِيل بْنَ حَسَنَة فَقَالَ صحبتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفلانٌ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، كَذَا قَالَ: بَلَغَ شُرَحْبِيل". اهـ.
    فأخرج أيضًا في ترجمته فقال حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْم بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فحَدَّثَنِي أَبَان بْنُ صَالِح، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب الأَشْعَرِيّ، عَنْ رَابِّهِ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِه كَانَ خَلَفَ عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ أَبِيهِ كَانَ قَدْ شَهِدَ طاعَوْن عَمْوَاس، فَذَكَرَ الْحَدِيْث، وَقَالَ: فَقَالَ أبو واثلة الْهُذَلِيّ: لقَدْ صحبتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم وَأَنْتَ شرٌّ مِنْ حِمَارِي ". اهـ.قال ابن أبي خيثمة: "هَذَا الرَّجُل قَدْ سَمَّاهُ". اهـ.
    فمما يبدو أنه جعلهما واحد، وهما ليس كذلك فشرحبيل بن حسنة هو أبو عبد الله الغوثي الكندي.
    مما يستنتج أنه رواية قتادة مخالفة لرواية أبان بن صالح بل توبع قتادة على ذلك روايته كما سيأتي.
    وقد بين المخالفة بها بيانا شافيا الحافظ ابن حجر بالراوية التي أتيت بها فلو ذكرت كلام الحافظ ابن حجر لعلمت أنه يشير إلى ذلك.
    قال الحافظ ابن حجر:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن هاشم بيومي مشاهدة المشاركة
    أخرجها البزار من طريق عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غَنْم ، عن حديث الحارث بن عميرة ؛ أنه قدم مع معاذ من اليمن فمكث معه في داره و في منزله ، فأصابهم الطاعون ، فطعن معاذ و أبو عبيدة بن الجراح و شرحبيل بن حسنة و أبو مالك ، رضي الله عنهم ، في يوم واحد . و كان عمرو بن العاص ، حين خُبِّر بالطاعون ، فرق فرقًا شديدًا ، و قال : يا أيها الناس تفرقوا في هذه الشعاب ، فقد نزل بكم أمر لا أراه إلا رجزًا أو طاعونًا. فقال له شرحبيل بن حسنة : كذبت ، قد صحبنا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ و أنت أضل من حمار أهلك . فقال عمرو : صدقت .
    و قال معاذ بن جبل لعمرو بن العاص : كذبت ، ليس بالطاعون و لا الرجز ، و لكنها رحمة ربكم و دعوة نبيكم و موت الصالحين قبلكم ، اللهم فآت آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة . قال : فما أمسى حتى طعن ابنه عبد الرحمن و أحب الناس إليه الذي كان يكنى به . فرجع معاذ من المسجد ، فوجده مكروبًا ، فقال : يا عبد الرحمن ، كيف أنت ؟ فاستجاب له ، فقال عبد الرحمن : يا أبة { الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } فقال معاذ رضي الله عنه : و أنا ستجدني إن شاء الله من الصابرين . فمات من ليلته ، و دفن من الغد .
    فجعل معاذ بن جبل يرسل الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة، يسأله : كيف أنت ؟ فأراه أبو عبيدة طعنة بكفه ، فبكى الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة ، و فرق منها حين رآها ، فأقسم أبو عبيدة بالله ، ما يحب أن أن له مكانَها حُمْر النَّعَم . فرجع الحارث إلى معاذ ، فوجده مغشيًا عليه ، فبكى الحارث و استبكى .
    ثم إن معاذًا أفاق فقال : يا ابن الحميرية، لم تبكي علي ؟ أعوذ بالله منك . فقال الحارث و الله ما عليك أبكي . قال معاذ فعلى مَ تبكي ؟ قال : أبكي . علي ما فاتني منك العصرين الغدو و الرواح _ أي من العلم _ . فقال معاذ رضي الله عنه : أجلسني . فأجلسه في حجره فقال : اسمع مني ، فإني أوصيك بوصية ؛ إن الذي تبكي علي من غدوك و رواحك ، فإن العلم مكانه بين لوحي المصحف ، فإن أعيا عليك تفسيره ، فاطلبه بعدي عند ثلاثة :عويمر أبي الدرداء ، و عند سلمان الفارسي ، و عند ابن أم عبد _ يعني عبد الله بن مسعود _ ؟ و احذر زلة العالم و جدال المنافق . ثم إن معاذًا رضي الله عنه اشتد به نَزْع الموت ، فنزع أشد العالم نَزْعَهُ . فكان كلما أفاق من غمرة فتح طرفه فقال : اخنقني خنقك ، فوعزتك إنك لتعلم أني أحبك .
    هذا هو إسناد حسن . و أخرجه الطبراني من هذا الوجه مختصرًا ، و أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في " مصنفه " و الطبراني من طريقه ، عن أبي معاوية قال : ثنا داود بن أبي هند ، عن شهر بن حوشب ، عن الحارث بن عميرة الزبيدي قال : وقع الطاعون بالشام ، فقام معاذ رضي الله عنه فخطبهم بحمص ، فقال : إن هذا الطاعون رحمة ربكم ، و دعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم . و سقط من السند " عبد الرحمن بن غَنْم " و لا يتصل إلا به .
    طريق أخرى فيها بعض المخالفة لسياق التي قبلها :
    قال أحمد : ثنا يعقوب ـ هو ابن إبراهيم بن سعد ـ قال : ثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثنى أبان بن صالح ، عن شَهْر بن حَوْشَب الأشعري ،
    عن رَابَةَ رجل من قومه كان خلف على أمه بعد أبيه ، و كان قد شهد طاعون عمواس _ قال : لما اشتعل الوجع قام أبو عبيدة بن الجراح في الناس خطيبًا ، فقال : أيها الناس ، إن هذا الوجع رحمة ربكم و دعوة نبيكم و موت الصالحين قبلكم ، و إن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم لأبي عبيدة حظه منه . فطعن فمات و استخلف معاذ بن جبل على الناس ، فقام خطيبًا بعده ، و قال مثل ما قال ، لكن قال : أن يقسم لآل معاذ حظهم . فطعن ابنه عبد الرحمن ، فمات . ثم قام . فدعا لنفسه فطعن في راحته ، فكان يقول : ما أحب أن لي بها شيئًا من الدنيا . فلما مات ، قام عمرو بن العاص خطيبًا ، فقال : أيها الناس ، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار ، فتحصنوا منه في الجبال . فقال أبو واثلة الهذلي رضي الله عنه : و الله لقد صحبت رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ و أنت شر من حماري هذا . فقال : و الله ما أرد عليك ما تقول ، و والله ما نقيم عليه . قال : ثم خرج و خرج الناس فتفرقوا فارتفع الطاعون . قال : فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، من رأى عمرو بن العاص ، فوالله ما كرهه .
    و أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " في ترجمة " أبي واثلة " ، و قال : لا أعرف أبا واثلة إلا في هذه القصة .
    قلت [
    القائل الحافظ ابن حجر]: و" شهر " فيه مقال، و قد يكون في الواسطة بينه و بين معاذ في هذا الحديث ، و شيخة غير مسمًى، و قد خالف في تسمية الذي رد على عمرو بن العاص، وخالف أيضًا في خروج عمرو بن العاص بالناس ، و في الرواية المتقدمة الصحيحة أنه صدق شرحبيل بن حسنة ، و أن معاذ بن جبل قال كما قال شرحبيل ، و كذا أبو عبيدة .
    فإن كانت الرواية محفوظة : احتمل أن يكون عمرو بن العاص خطب مرتين ؛ مرة في أول الأمر فرد عليه شرحبيل بن حسنة و غيره ، و مرة في آخر الأمر فرد عليه أبو واثلة .
    و قد جاء أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كتب إلى أبي عبيدة ، يأمره بالانتقال بالناس ، من الأرض التى كانوا بها إلى أرض أخرى ، و أن أبا عبيدة أطاعه في ذلك ، فطعن قبل أن يرحل ، و رحل الناس بعد أن مات . فلعل عمرو بن العاص هو الذي رحل بهم .
    فروى ابن إسحاق عن شعبة، عن المختار بن عبد الله البجلي ، عن طارق بن شهاب قال : أتينا أبا موسى و هو في داره بالكوفة ، لنتحدث عنده ، فلما جلسنا قال : لا تُحْفُوا، فقد مات إنسان بالدار بهذا السقم ، فلا عليكم أن تَنَزَّهوا عن هذه القرية ، فتخرجوا في فسيح بلادكم و نزهها، حتى يرتفع هذا البلاء ، فإني سأخبركم بما يكره مما يُتقى من ذلك ؛ أنه لو خرج لم يصبه ، فإذا لم يظن ذلك المرء المسلم ، فلا عليه أن يخرج و يَتَنَزَّهَ عنه . إني كنت مع أبي عبيدة بن الجراح بالشام عام طاعون عمواس ، فلما اشتعل الوجع ، و بلغ ذلك عمر ، كتب إلى أبي عبيدة يستخرجه منه : أن سلام عليك ، أما بعد ، فإنه عرضت لي إليك حاجة ، إذا نظرت في كتابي هذا ، أنلا تضعه من يدك حتى تقبل إلى. قال : فعرف أبو عبيدة أنه إنما / أراد أن يستخرجه من الوباء ، فقال : يغفر الله لأمير المؤمنين . ثم كتب إليه : يا أمير المؤمنين ، إني قد عرفت حاجتك إلي ، و إني في جند من المسلمين ، لا أجد بنفسي رغبة عنهم ، و لست أريد فراقهم حتى يقضي الله فيّ و فيهم أمره و قضاءه ، فَحَلِّلْنى من عزيمتك يا أمير المؤمنين ، و دعنى و جندي .
    فلما قرأ عمر الكتاب بكى ، فقال الناس يا أمير المؤمنين ، أمات أبو عبيدة ؟ قال : لا ، و كأنْ قد . قال : ثم كتب إليه : سلام عليك ، أما بعد ، فإنك أنزلتَ الناس أرضًا غميقة ، فارفعهم إلى أرض نُزْهَةٍٍ . فلما أتاه كتابه ، دعاني فقال : يا أبا موسى ، إن كتاب أمير المؤمنين قد جاءني بما ترى ، فاخرج ، فَارْتَدْ للناس منزلًا حتى أنتقل بهم . فرجعت إلى منزلي ، فإذا صاحبتي قد اصيبت . فرجعت إليه ، فقلت له : قد كان في أهلي حدث . فأمر ببعير ، فرُحّل له ، فلما وضع رجله في الغَرْز طعن ، فقال : و الله لقد أُصبتُ . ثم سار حتى نزل بالجابية ، و رفع الوباء عن الناس .
    أخرجه ابن عساكر في ترجمة أبي موسى الأشعري ، من " تاريخه " و هذا حديث في إسناده من لا يعرف . لكن جاء من وجه آخر عن أبى موسى ، لا بأس به ؛ أخرجه الهيثم بن كليب في " مسنده " ، و الطحاوى في " معانى الآثار " ، جميعًا من طريق شعبة . و أخرجه البيهقى ، من طريق أيوب بن عائذ . كلاهما ، عن قيس بن مسلم قال : سمعت طارق بن شهاب قال : كنا نتحدث إلى أبى موسى الأشعرى ، فقال لنا ذات يوم : لا عليكم أن تُخْفُوا منى ؛ إن هذا الطاعون قد وقع في أهلى ، فمن شاء منكم أن يتنزه عنه فليتنزه ، و احذروا اثنتين : أن يقول قائل : خَرَج خارجٌ فسلم ، و جلس جالس فأُصيب ، لو كنت خرجت لسلمت كما سلم فلان . أو يقول قائل : لو كنت جلست أصبت كما أصيب فلان . و إنى سأحدثكم بما ينبغى للناس في الطاعون .
    إنى كنت مع أبى عبيدة ، و إن الطاعون وقع بالشام ، و إن عمر كتب إليه : إذا أتاك كتابي هذا ، فإنى أعزم عليك ، إن أتاك مُصْبِحًا أن لا تمسى حتى تركب ، و إن أتاك مُمْسيًا أن لا تصبح حتى تركب إلي ، فقد عرضت لى إليك حاجة ، لا غنى لى عنك فيها . فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال : إن أمير المؤمنين يستبقى من ليس بباق . فكتب إليه أبو عبيدة : إني في جند من المسلمين ، لن أرغب بنفسى عنهم ، و قد عرفت حاجة أمير المؤمنين ، فحلِّلْنى من عزمتك. فلما جاء عمرَ الكتابُ بكى ، فقيل له : توفي أبو عبيدة ؟ قال : لا ، و كَأَنْ قَدْ - أى قَرُبَ - و كتب إليه عمر : إن الاردن أرض غمقة ، و أن الجابية أرض نُزْهة ، فانهض بالمسلمين إلى الجابية . فقال لى أبو عبيدة : انطلق فبوِّئ للمسلمين منزلهم . فقلت : لا أستطيع . فذهب ليركب ، فقال لي : رحّل الناس . قال : فأخذه أخذ فطعنه ، فمات ، و انكشف الطاعون . لفظ الطحاوى .
    و في رواية الهيثم : ( لا يقولنَّ قائل ، إن هو جلس فعوفي الخارج : لو كنت خرجت لعوفيت كما عوفي فلان . و لا يقول الخارج ، إن هو عوفي و أصيب الذى جلس : لو كنت جلست أصبت كما أصيب فلان ) . و قال بعد قوله : فانهض بالمسلمين إلى الجابية : ( فقال أبو عبيدة حين قرأ الكتاب : أما هذا فنسمع فيه أمر أمير المؤمنين و نطيعه .
    فأمرني أن أبوّئ الناس منازلهم . فطعنت امرأتي ، فجئت إلى أبى عبيدة ، فقلت : قد كان في أهلي بعض العرض . فانطلقَ هو يبوئ الناس منازلهم ) . لفظ شعبة ، و هذا إسناد صحيح إلى أبى موسى .
    و في رواية أيوب بن عائذ ، عن قيس ، عن طارق : ( أتانا كتاب عمر لما وقع الوباء بالشام ، فكتب عمر إلى أبى عبيدة : إنه قد عرضت لى إليك حاجة.. ) ، الحديث بمعناه . و هذا الذى قاله أبو موسى ، موافق لما يفسّر الآية ؛ أن الله تعالى مقت الذين قالوا ذلك ؛ أى لو أقمنا لمتنا ، أو لو خرجنا لبقينا.
    وللحافظ ابن حجر كلام في التوفيق بينهما فقال:
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن هاشم بيومي مشاهدة المشاركة
    و أما الذين خالفوا رأي عمر [ابن الخطاب] في ذلك ، قبل أن يبلغهم الخبر ، فسلكوا سبيل التوكل المحض ، مع قطع النظر عن الأسباب ؛ و هو مقام شريف يناسب مرتبة خيار الصحابة ، و لهذا كان الكثير من المهاجرين و الأنصار على هذا الرأي ، و لم يجنح إليه أحد من مشايخ قريش ، و إنما وافقهم عمر ـ و إن كان من كبار المهاجرين ـ لأنه غلب عليه النظر في مصالح المسلمين ، و ذلك لا يتم إلا بالنظر في الأسباب و العمل بالراجح منها ، مع اعتقاد أن الأمور كلها بتقدير الله . و قد ورد في ذلك حديث : " اعقلها و توكل " ، أخرجه الترمذي وغيره .
    والله أعلم.

  18. #18

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    ومن المخالفة أيضًا لرواية شهر بن حوشب عن رابه قال:
    " قام عمرو بن العاص خطيبًا ، فقال : أيها الناس ، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار ،
    فتحصنوا منه في الجبال ". اهـ.

    بينما وردت رواية أخرى أصح من ذلك، خلاف ذلك قال الحافظ ابن حجر:

    قال أحمد : حدثني أبو سعيد مولى بني هاشم قال : ثنا ثابت بن يزيد قال : ثنا عاصم - هو ابن سليمان - ، عن أبي مُنِيْب، أن عمرو بن العاص قال في الطاعون ، في آخر خطبة خطب الناس:
    " إن هذا رجز مثل السيل من تَنَكَّبه أخطأه ، ومثل النار من تنكبها أخطأها، و من أقام أحرقته فآذته ". فقال شرحبيل بن حسنة : إن هذا رحمة ربكم و دعوة نبيكم و قبض الصالحين قبلكم .
    رجاله ثقات، وأخرجه الطبراني من طريق جرير ، عن عاصم .
    و " أبو مُنِيْب " - بضم أوله و كسر النون بعدها تحتانية ساكنة ثم موحدة - : دمشقي يعرف بـ " الأحداب " ، مشهور بكنيته ، نزل البصرة ، و وثقه العجلي.
    وقد أثبت البخاري
    سماعه من معاذ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " .
    انتهى.

    وقد حاول التوفيق بينهما الحافظ ابن حجر فقال:
    و" شهر " فيه مقال، و قد يكون في الواسطة بينه و بين معاذ في هذا الحديث ، و شيخة غير مسمًى، و قد خالف في تسمية الذي رد على عمرو بن العاص، وخالف أيضًا في خروج عمرو بن العاص بالناس ، و في الرواية المتقدمة الصحيحة أنه صدق شرحبيل بن حسنة ، و أن معاذ بن جبل قال كما قال شرحبيل ، و كذا أبو عبيدة .
    فإن كانت الرواية محفوظة: احتمل أن يكون عمرو بن العاص خطب مرتين ؛ مرة في أول الأمر فرد عليه شرحبيل بن حسنة و غيره ، و مرة في آخر الأمر فرد عليه أبو واثلة.
    انتهى.
    قلتُ: التوفيق غير ممكن، إذ أن في رواية رد شرحبيل بن حسنة أنه كانت
    آخر خطبة خطبها عمرو بن العاص رضي الله عنه كما في الرواية، فيكون رد أبي واثلة غير محفوظة أساسا.
    بالإضافة أنها وردت من قول أبي عبيدة وأبي طلحة رضي الله عنهما صححه الحافظ ابن حجر في الفتح (١٠/١٩٧)، وفي بذل الماعون (1/241) فقال:
    و أخرج الطحاوي في " معاني الآثار " بسند صحيح، عن أنس، أن عمر أتى الشام، فاستقبله أبو طلحة و أبو عبيدة بن الجراح ، فقالا :
    "يا أمير المؤمنين ، إن معك وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و خيارهم ،
    وإنا تركنا من بعدنا مثل حريق النار - يعني الطاعون - فارجع العام"، فرجع. فلما كان العام المقبل ، جاء فدخل يعني الطاعون ". اهـ.
    والله أعلم.

  19. #19

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    أخي العزيز، الموضوع متعلق بالتاريخ و ليس له العلاقة بالعقيدة لكي نتناطع)
    فضلًا عن أنه سواء أكان هذا اسمه أم لا، فإنه مجهول، فابن أبي حاتم لم يذكر جرحا ولا تعديلا، وابن حبان في الثقات على قاعدته في المجاهيل؛ فكيف يحكم بتحسين إسناده ؟!
    هذا رابة أدرك طاعون عمواس في الشام سنة 18 هـ، وعلى الأقل هو من كبار التابعين.
    وتوثيقات ابن حبان لكبار التابعين مقبولة عند كثير من المحققين كالمعلمي والألباني وعبد الكريم الخضير وغيرهم.
    قال الحافظ ابن كثير في "الباعث الحثيث" (ص 112): "لكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير، فإنه يُستأنس بروايته، ويستضاء بها في مواطن، وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير، والله أعلم".
    ثم هل (رابة) اسم يتسمى بها شخص ؟!
    قال الشيخ أكرم زيادة الفالوجي في كتابه "المعجم الصغير لرواة الإمام ابن جرير الطبري" (رقم: 1128) تحت الباب "من اسمه رابة":
    "رابة: رجل أشعري، وكان قد خلف على أم شهر بن حوشب بعد أبيه، كان شهد طاعون عمواس. وظاهر أنه صحابي جليل أو تابعي كبير".

    وهل قرأت جيدا ما نقلت من كلام الحافظ ابن حجر؟
    "احتمل أن يكون عمرو بن العاص خطب مرتين؛ مرة في أول الأمر فرد عليه شرحبيل بن حسنة و غيره، و مرة في آخر الأمر فرد عليه أبو واثلة. و قد جاء أن عمر بن الخطاب، كتب إلى أبي عبيدة، يأمره بالانتقال بالناس، من الأرض التى كانوا بها إلى أرض أخرى، و أن أبا عبيدة أطاعه في ذلك، فطعن قبل أن يرحل، و رحل الناس بعد أن مات. فلعل عمرو بن العاص هو الذي رحل بهم".
    الحافظ ما رد هذا الأثر، ويكفي توفيقه بينهم)
    والله أعلم.

  20. #20

    افتراضي رد: ماصحة :قضى طاعون عمواس على قرابة خمسة وعشرون ألف مسلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد الشركسي مشاهدة المشاركة
    أخي العزيز، الموضوع متعلق بالتاريخ و ليس له العلاقة بالعقيدة لكي نتناطع)
    الأمر ليس وكانه علاقة بالعقيدة.
    وأعتذر إن كان كلامي لك به حدة، ولكني رأيت بعضهم يأخذ هذه الرواية في الانتقاص من الصحابيين معاذ بن جبل وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما في أنهما هما المتسببان في نشر الطاعون اعتمادا على هذه الرواية التي لم تأت بالحقيقة كاملة حيث نسبوا الجهد كل الجهد لعمرو بن العاص رضي الله عنه حتى أنهم جعلوا عمر يقر له في حين أن الروايات الأخرى والأصح أثبتت أن عمر هو الذي أمر بذلك وأول من نفذ أبو عبيدة ومعاذا فماتا بقدر الله.
    وقد أشرت إلى أن الحافظ ابن حجر أشار إلى هذا الكلام ولكن والله المستعان.
    نسأل الله الإنصاف.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد الشركسي مشاهدة المشاركة
    هذا رابة أدرك طاعون عمواس في الشام سنة 18 هـ، وعلى الأقل هو من كبار التابعين.
    وتوثيقات ابن حبان لكبار التابعين مقبولة عند كثير من المحققين كالمعلمي والألباني وعبد الكريم الخضير وغيرهم.
    قال الحافظ ابن كثير في "الباعث الحثيث" (ص 112): "لكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير، فإنه يُستأنس بروايته، ويستضاء بها في مواطن، وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير، والله أعلم".
    هذا ليس برابة كاسم له بل راب شهر بن حوشب أي أنه زوج أمه كما فسرت الرواية ولقد أثبت الفرق بين رابه غير المترجم له وبين الأخر المترجم له وانظر إلى رواية أحمد ماذا تقول؟! فلا داعي لذكره مرة أخرى.

    ثم إن كلامك بشأن توثيق ابن حبان فيه شيء من التدليس إذ من المعلوم أن ابن حبان يتساهل في توثيقه وإنما الذي ترجم له كان رجل وهو راب عبد الحميد كما في رواية أحمد ثم إنه لم يرو عنه إلا واحد فهو مجهول.
    وإلا لكان هذا الرجل كان رابا لكل من شهر بن حوشب وعبد الحميد وهذا سيحتاج إلى دليل أساسا.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد الشركسي مشاهدة المشاركة
    قال الشيخ أكرم زيادة الفالوجي في كتابه "المعجم الصغير لرواة الإمام ابن جرير الطبري" (رقم: 1128) تحت الباب "من اسمه رابة":
    "رابة: رجل أشعري، وكان قد خلف على أم شهر بن حوشب بعد أبيه، كان شهد طاعون عمواس. وظاهر أنه صحابي جليل أو تابعي كبير".
    .
    سبحان الله !
    صحابي جليل ! ما شاء الله
    لا تأتني بقول رجل من المعاصرين لا دليل عليه أو أنه أتى بما لم يأت به الأوائل أو على الأقل لا تشعرني بأنه حجة الله في خلقه... ^^

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد الشركسي مشاهدة المشاركة
    وهل قرأت جيدا ما نقلت من كلام الحافظ ابن حجر؟
    .
    بل أنت هل الذي نظرت حتى إلى الكلام أم أنك تجاهلت واكتفيت ثقة بما نقلت؟!
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد الشركسي مشاهدة المشاركة
    الحافظ ما رد هذا الأثر، ويكفي توفيقه بينهم)
    والله أعلم.
    هل نظرت إلى قوله: "إن كان محفوظا" وقوله: "مخالفة" أم أنه قد اختفى عليك الأثر الأول الذي يقول إنها كانت ءاخر خطبة؟
    هداني الله وهداكم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •