تاريخنا.. نحو وعي جديد لنجيب بن خيرة

صدر حديثًا كتاب "تاريخنا.. نحو وعي جديد" تأليف د. "نجيب بن خيرة الجزائري"، وذلك عن دار ابن كثير. ويتناول الكاتب التاريخ كعنصرٍ رئيسي من عناصر تأصيل الهوية، حيث يرى في كتابه أن الدراسات التاريخية اليوم بحاجة ماسة إلى تأطير جهودها بالتأصيل لعلم التاريخ وحاجة الأمة إليه، مع بيان من يقوم بهذا الجهد وما هي صفاته، وما هي معالم الاستمداد منه، لضمان مواجهة واعية لهجوم كاسحٍ على تاريخ الأمة وتراثها وثقافتها. يقول د. "نجيب بن خيرة" في مقدمة الكتاب: «وهو بلا شكٍّ تأصيل يستشرف المستقبل، بل يجعل من التاريخ "علم المستقبل" بجدارة، لأنَّه يضع المعالم المضيئة لصياغة جديدة للمعرفة التاريخية، بما يتناسب مع ثقافة العصر المسلَّح بالتقانة والرقمنة ووسائل التواصل المبهرة». وينبه الكاتب أن القراءة الماضوية لتاريخنا العربي اليوم لم تعد تصنع الوعي المطلوب، حيث يرى أن من أبرز سلبيات قرائتنا للتاريخ أنها قراءة مشحونة بالزهو الكاذب بالماضي، الذي لم نشارك في إنجاز مباهجه، وهو ما جعل من اجترار الذكريات مادة دسمة للتندر والسخرية من أدعياء الحداثة، حتى «أضحى هذا التاريخ عبئًا ثقيلًا، لا دافعًا ومعينًا». ويؤكد الكاتب في تلك الدراسات أن التاريخ لا يمكن إحياؤه كما كان، بل يجب أن نحيي التاريخ كما نحن بحاجة إليه. ويأمل الكاتب أن يكون الوعي بالتاريخ مساهمة رشيدة في التحرير والعتق من النمطية التي يراد لنا أن نكون عليها، وأنه قد آن الأوان لاستدراك ما فات، والعمل على توظيف التاريخ كأداة لصناعة الوعي والتغيير لمستقبل أفضل. ويناقش الكاتب في مباحث الكتاب عددًا من الموضوعات المعاصرة كإشكالية "الحضارة الإسلامية بين منابع الاعتدال ومظاهر التطرف"، حيث يرى أن الوسطية في الرؤية التاريخية هي السبيل الوحيد للنجاة من تفسيرات متحيزة أو عاطفية توردنا موارد الغلو وعشوائية النتائج. وفي مقال "التاريخ.. لماذا نكتبه. ومن يكتبه؟" يورد رؤيته العقلانية في أهمية التاريخ كرافد من روافد حضارتنا الإسلامية، وضرورة تخليص الأحكام التاريخية من الانحياز لطرف معين، وأهمية الحياد التاريخي للمؤرخ المعاصر. وفي مقالة "سؤال الهوية من زمن التأسيس إلى العصر الرقمي" ينبه على أهمية البحث عن "الهوية" في ظل زمن العولمة وتسارع الاتصالات بشكل قد يهدد تأصيل الهوية لدى الأجيال الجديدة. وينبه الكاتب في مقالة "استدعاء التاريخ في الخطاب الديني المعاصر. أخطاء وضوابط"، على بعض الشوائب التي غلَّفت أغلب الدراسات التي تناولت تاريخنا المعاصر بشكل أعاق تطورنا الحضاري نتيجة لتقاعس المؤرخين عن الاستفادة من تجارب الماضي كأحد مقومات النهوض الحضاري في تاريخنا الحديث، وأهم الضوابط لتدارك ذلك في المستقبل، وبعث المنهج التاريخي من جديد لتقويم تجاربنا الإسلامية. ويتناول رؤية نقدية لأهم كتابات المؤرخين المعاصرين ممثلًا بنموذج فكري معاصر وهو الباحث والمؤرخ المغربي "إبراهيم القادري بوتشيش"- أستاذ التاريخ الوسيط الإسلامي بجامعة مولاي إسماعيل في مكناس بالمغرب وذلك في مقالة "ملامح المنهج التاريخي في فكر الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش". والمؤلف هو د. "نجيب بن خيرة" باحث ومؤرخ جزائري، ولد عام 1966م، حاصل على دكتوراه في التاريخ والحضارة الإسلامية من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية - قسنطينة - الجزائر - 2004م. شغل منصب رئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الشارقة بالإمارات، وهو عضو اتحاد المؤرخين العرب وعضو اتحاد الكتاب الجزائريين، وله العديد من الأبحاث والكتابات المنشورة التي تستقصي المنهجية التاريخية في الحضارة الإسلامية، منها: "تاريخ عصر الخلافة الراشدة"، و"نظرات في التاريخ الإسلامي"، و"أبحاث في الفكر والتاريخ"، و"كتاب شفاء الصدر بآي المسائل العشر من درر الفقه المالكي ويليه إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن"، و"لله..ثم للتاريخ (مقالات في الفكر والاجتماع والأدب و الرحلة)"، "الأمن الفكري في التاريخ الإسلامي".. وغيرها.