تناول الأطعمة التي تفتح الشهية





أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

السؤال

♦ الملخص:
امرأة كانت زاهدة في الطعام والشراب قبل زواجها، فأصبحت نحيفة، وبعد زواجها رأت أن هيئتها لا تسر زوجها، وهي محتارة هل تبقى على ما كانت عليه أم لا؟ وهل تتناول الأطعمة المفتحة للشهية لكي تزيد أكلها؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيكم:قد علمتُ فضل الزهد والإقبال على الآخرة، ومنه التقليل من المآكل والمشارب، وقد عملتُ بذلك فترة من الزمن فوجدت راحتي، وبعد زواجي أصبحت أُعابُ على نحافة وجهي من قِبل زوجي وأمه؛ ما أثَّر على نفسيتي، وأصبحت آكل بلا اقتصاد، لكن أيضًا بلا فائدة، والآن ضعفتُ كثيرًا في العبادة ومراجعة حفظ القرآن، وطلب العلم.
وقد وجدت عند بعض النساء بعضَ الأطعمة التي تفتح الشهية وتحسِّن الهيئة، وأنا مترددة جدًّا في تناولها؛ إذ إنني أحتار بين أمرين: أن أفضل النساء من (إذا نظر إليها سرَّته)، وأنا إن بقيتُ على نحافة وجهي تلك لن أسُرَّه، ثم أتذكَّر أن الزهد والاقتصاد في الدنيا أمر مطلوب في الشرع؛ فتصيبني الحيرة، أرشدوني وجزاكم الله خيرًا.

الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فأولًا: مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لكِ الهداية والتوفيق والسداد والتيسير.
ثانيًا: تزيُّن المرأة لزوجها عبادةٌ ومطلب شرعي إذا قصدت بذلك إسعادَ زوجها وكفَّ بصره عن المحارم، بشرط أن تكون هذه الزينة خالية عن المحرمات والمعاصي المنهي عنها شرعًا.
فلا تعارُضَ أيتها الأخت الفاضلة بين زهدكِ وبين التزين لزوجكِ، فالزهد ليس ترك ما أحله الله من الطيبات، فقد كانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم وزوجات أصحابه رضي الله عنهنَّ من سادات الزُّهاد والمتورعين، ومع ذلك كُنَّ يتزينَّ لأزواجهنَّ.
فحقيقة الزهد فعلُ الواجب علينا في وقته، والبعد عن المحرمات، وقد تكلم السلف ومن بعدهم في تفسير الزهد في الدنيا، وتنوعت عباراتهم فيه؛ منها:
قال ربيعة: "رأس الزهادة جمع الأشياء بحقها، ووضعها في حقها"؛ [أبو نعيم في الحلية: (3/ 259)].
وقال سفيان الثوري: "الزهد في الدنيا قِصَرُ الأمل، ليس بأكل الغليظ، ولا بلُبس العباء"؛ [أبو نعيم في الحلية: (6/ 386)].
وقال: "كان من دعائهم: اللهم زهِّدنا في الدنيا ووسِّع علينا منها، ولا تزوِها عنا فترغِّبنا فيها"؛ [جامع العلوم والحكم، ص: 354)].
فحال المرأة قبل زواجها في العبادة لا بد أن يتغير بعد زواجها، وهذا أمر طبيعي لمسؤولية الحياة الزوجية، وهذا ليس معناه أنها ابتعدت عن عبادة ربها، بل معناه أنها انتقلت من عبادة لعبادة، فلكل وقت عبادته، وعبادتكِ أيتها الأخت الفاضلة بعد زواجكِ إحسانُ التَّبعُّلِ لزوجكِ، والقيام بحقوقه وما يسره ويُدخِل السعادة لقلبه، وهذا بعد إحسان الفرائض والقيام بحقوق الله الواجبة عليكِ.
وعليه؛ فلا مانعَ من تناول بعض الأطعمة الفاتحة للشهية؛ كي يحسن من هيئتكِ لزيادة المودة والمحبة بينكما، وانوي بذلك التعبد لله بطاعة زوجكِ كما تقدم.
قال الشيخ ابن باز: "يستحب للمرأة التزين لزوجها؛ لأن هذا من أسباب محبته لها ومن أسباب ميله إليها، فتزيُّنُها له داخل في قوله: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]
عليها أن تتصنع لزوجها، وأن تتجمل لزوجها، وأن تستعمل الطيب وكل شيء يرغِّبه فيها، هذا سنة في حقها، إلا ما حرم الله، فعليها أن تستعمل ما أباح الله من الطيب واللباس ونحو ذلك".
والنصيحة لكِ أيتها الأخت الفاضلة: توددي لزوجكِ بكل حلال يكسب قلبه ويسره ويزيد من حبه لكِ، وتزيَّني لزوجكِ بكل ألوان الزينة الحلال، ولا تطيعيه في محرَّم، وتلطَّفي في رده، ولا مانع أن تستفيدي من خبرات من حولكِ من النساء في أمور التزين والتجمل بالضوابط الشرعية.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



رابط الموضوع:
https://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/138588/#ixzz6DdS1VpaD