حديث موضوع، كما قال الألباني في «الضعيفة» (2159).
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3 / 351) - ساكتًا عليه - قال: أخبرنِي أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ عبد اللهِ بن أميَّةَ القرشيُّ، بالسَّاقَةِ[1]، ثنا محمَّدُ بن أيُّوبَ، ثنا سليمانُ بن النُّعْمانِ الشَّيْبانِيُّ، ثنا يحيى بن العلاءِ، حدَّثني موسَى بنُ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ الحارثِ التَّيْمِيُّ، عن أبيه، عن أنسٍ قال: دَعا أبو عبْسِ بن جبْرٍ الأنصاريُّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لطعامٍ صنعهُ لهُمْ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «اخْلَعُوا نِعَالَكُمْ عِنْدَ الطَّعَامِ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ جَمِيلَةٌ».
فتعقبه الحافظ الذهبي في «تلخيص المستدرك» (4/ 2054 رقم 714) بقوله: «فيه يحيى بن العلاء وشَيْخهُ موسَى بن محمّد بن إبراهيمَ التَّيميُّ وهما متروكان».
وأورده السُّيوطيُّ في «الجامع الصغير» برقم (301)، وعزاه للحاكم من حديث أبي عبسِ بن جبر. وشرْطه فيه أنْ لا يذْكر فيه ما تفرَّد به وضَّاعٌ أو كذَّابٌ، مِن أجل ذلك تعقَّبه الشيخ أحمدُ بن الصِّدِّيقِ الغُماريُّ في كتابه «المُغير على الأحاديثِ الموْضوعةِ في الجامعِ الصَّغير» (ص17) بقوله: «سنده ساقطٌ، وما هو من الألفاظ النَّبويَّةِ».
وتعقبه العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في «ضعيف الجامع» (243) فقال: «موضوع».
وهذا الحديث لمْ يُخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكتبِ المعتبرةِ عند علماء الحديث غير الحاكم وإليه عزاه السُّيوطيُّ في «جمع الجوامع» (1/ 210)، والمتَّقِي الهندي في «كنز العمال» (15/ 235).
وهو مع ركاكة متنه له علَّتان في الإسناد:
الأولى: يحْيَى بن العلاءِ الرّازي، وهو كذَّاب، قال الإمام أحمد: كذَّاب يضعُ الحديث. وقال البخاري: تكلَّم فيه وكيعٌ وغيره. قال عمرو بن عليٍّ الفلَّاس والنَّسائيُّ والدَّارقطنيُّ: متروك الحديث[2].
والثانية: موسى بن محمد بن إبراهيم التَّيميُّ، قال ابن معين: منكر الحديث. وقال مرَّةً أخرى: ضعيف الحديث. وقال أبو زرعة منكر الحديث. وقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث، منكر الحديث[3].
وقد أخرج الدَّيلميُّ هذا الحديث في "مسند الفردوس" - كما في «الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس» لابن حجر / نسخة المكتبة الشاملة - قال: حدثنا عبدوس، عن أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عمر بن خارجة، عن جده عمر بن أحمد، عن محمد بن أحمد بن الوضاح، عن أبي سويد، عن عقبة بن خالد، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكلتم الطعام فاخلعوا نعالكم، فإنَّه أروح لأقدامكم، وإنَّها سُنَّة جميلةٌ».
وقد عزاه إلى الديلمي بهذا الإسناد الغماري في «المداوي» (1/ 314)، وقال: «زاد: (وإنها سنّة جميلة). وهذه اللفظة تقدَّمت في حديث أبي عبس بن جَبْر عند الحاكم: «اخلعوا نعالكم عند الطعام فإنها سنة جميلة». فكأنَّ بعض الرواة أدخلَها في هذا الحديث، أمَّا الحاكم فرواه من طريق حفدةِ عُقبة بن خالد السَّكونىِّ مسلسلًا كلُّ واحدٍ عن أبيه إليه، وقال: «فإنه أروح لأبدانكم»، بدل: «أقدامكم»، ثمَّ قال: صحيحُ الإسنادِ ولم يخرِّجاه، فقال الذهبىُّ: أحسبه موضوعًا، وإسناده مظلم، وموسى تركه الدارقطنى.
قلت - [الغماري] -: لكن لا يصلُ إلى درجةِ الحكم على حديثه بالوضْع، لا سيما مع وجود حديث أبي عبْس السابق شاهدًا له». انتهى كلام الغماري.
ورواية الحاكم الأخرى - التي أشار إليها الغماري - أخرجها في "المستدرك" (4/ 119) قال: حدَّثنِي أبو القاسمِ الحسن بنُ محمَّدِ بنِ الحسنِ بن عُقْبَةَ بن خالدٍ السَّكُونِيُّ، بالكوفة حدَّثني أبي، عن أبيه الحسن بنِ عُقْبَةَ، عن أبيه عقبة بن خالدٍ السَّكُونِيِّ، حدَّثنا موسَى بن محمَّدِ بنِ إبراهيمَ التَّيْمِيِّ، عن أبيه ، عن أنس بنِ مالكٍ، رضي اللَّهُ عنه، قال: قال رسول اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم: «إِذا أكَلتُم فاخْلَعُوا نعالَكم فإِنَّه أرْوَحُ لأبدانِكم».
وقال الحاكم: «هذا حديثٌ صحيحُ الإِسْنادِ ولم يُخَرِّجاه». فتعقبه الذَّهبي بقوله: «أحْسبه موْضوعًا، وإسناده مظلم، وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي تركه الدارقطني».
وقد أخرجه بهذا الإسناد ابن أبي شيبة في "مسنده" - كما في "المطالب العالية" (2402)، و"إتحاف الخيرة المهرة" للبوصيري (4/ 281 رقم 3572)[4] - ، والدارمي في "مسنده" (2/ 1320 رقم 2125)، وأبو سعيد الأشج في "حديثه" (ص 116 رقم 38) - ومن طريق الأشج رواه الطوسي في "أماليه" كما في "المداوي" (1/ 314) - ، والبزار في مسنده (7568)، وأبو يعلى في "مسنده"[5] - كما في الموضع السابق من "المطالب" - ، والطبراني في الأوسط (3202)، والدارقطني في "الأفراد" - كما في "أطراف الغرائب" للمقدسي (1/ 243 رقم 1243 - طبعة التدمرية) - من طريق عقبة بن خالد السكوني، عن موسى بن محمد بن إبراهيم، أخبرني أبي، عن أنس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: «إذا أكلتم الطعام فاخلعوا نعالكم؟ فإنه أروح لأقدامكم».
لفظ الدارمي: «إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ، فَاخْلَعُوا نِعَالَكُمْ، فَإِنَّهُ أَرْوَحُ لِأَقْدَامِكُمْ ».
ولفظ البزار: «إذا جلستم فاخلعوا نعالكم - أَحسَبُهُ قال: - تَسْتريحْ أقدامُكُمْ».
قال البزار: «وهذا الكلام لا نعلم رواه إلا أنس».
وقال الطبراني: «لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ عُقْبَةُ».
قال الدارقطني: «تَفَرَّدَ بهِ موسى بن محمد بن إبراهيم التَّيمِيّ، عَن أَبِيه، عن أَنس».
وهو بهذا الإسناد ضعيف جدًّا كما قال العلامة الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2/ 411 رقم 980).
والحقُّ عندي أنَّه موضوع أيضًا وآفته في الحالتين موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، قال فيه أبو حاتم الرازي: «ضعيف الحديث، منكر الحديث، وأحاديث عقبة بن خالد عنه من جناية موسى، ليس لعقبة فيها جرمٌ».
قال العلامة الألباني بعد نقل كلام أبي حاتم السابق: «وهذا الحديث من رواية عقبة عنه فهو من جناية موسى، وفي تعبير أبي حاتم هذا توهين شديد له كما لا يخفى».
لذلك فإنَّ تعقُّبَ الغماري للذهبي في حكمه عليه بالوضع، واعتبار حديث أبي عبس شاهدًا لحديث أنس في غاية الغرابة عندي، فالصواب أنهما حديث واحد مداره على موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه عن أنس.
وأخرجه البزار (14/ 90 رقم 7567)، وأبو يعلى في "مسنده" (7/ 199 رقم 4188)، وفي "معجم شيوخه" (302) - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قُرِّبَ لِأَحَدِكُمْ طَعَامُهُ وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ فَلْيَنْزِعْ نَعْلَيْهِ فَإِنَّهُ أَرْوَحُ لِلْقَدَمَيْنِ وَهُوَ مِنَ السُّنَّةِ».
ومعاذ بن شعبة، هو: معاذ بن شعبة بن ميمون بن صقر، الصقري البصري، سكت عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8/ 251)، وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 178).
وداود بن الزبرقان، كذبه الجوزجاني، وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: متروك. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه[6].
وهذا أيضًا إسنادٌ ضعيف جدًّا، ولا ينجبر بشيء من الأسانيد الماضية فإنَّها أشدُّ منه ضعفًا.
وصلَّى الله على عبدِه ورسولِه محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
----------------------
[1] قال الشيخ مقبل بن هادي في تعليقه على "المستدرك": «كذا جاء في النسخة (أ)، وصوابه: "بالسَّاوَة" كما جاء في النسختين (ب) و (ج) ».
[2] انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (31/ 486).
[3] انظر «تهذيب الكمال» (29/ 140 - 141).
[4] وقع سقط وتحريف في إسناد حديث أبي بكر بن أبي شيبة في هذا الموضع من في "المطالب العالية" و"إتحاف المهرة"، وأغلب ظنِّي أن روايته موافقة لباقي مصادر التخريج.
[5] غير موجود بهذا اللفظ والإسناد في المطبوع من مسند أبي يعلى، فلعل الحافظ ابن حجر نقله من "مسنده الكبير" وهو مفقود. والله أعلم
[6] انظر: "تهذيب الكمال" (8/ 393 - 395)، "ميزان الاعتدال" (2/ 7).

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/138178/#ixzz6D3N2doTQ