رعاية المراهق
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة
السؤال
♦ الملخص:
فتاة لديها أخ مراهق تقوم على رعايته، وتذكُر أنه لا يتحمل المسؤولية، ولا يكاد يفارقه الآيباد، وتسأل: ماذا تفعل؟
♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرًا، وجعل ما تقدمونه في ميزان حسناتكم.
لديَّ أخ يبلغ الخامسة عشرة من عمره، وأنا أكبر منه بثماني سنوات، ووالدي كثير السفر، ووالدتي لا تعيش معنا، ونحن ثلاث بنات نعيش مع هذا الأخ.
مشكلتي أنني لا سلطة لي عليه من حيث الحرمان والعقاب، وهو سيئ الخلق، وقد بدأت ألاحظ عليه في الفترة الأخيرة أنه يجلس كثيرًا على الآيباد، ويشاهد أشياءَ ولا يريد منا أن نطلع عليها كنوعٍ من الاحتفاظ بالخصوصية، وكثيرًا ما يدخل إلى الخلاء ومعه الآيباد، كذلك لا يتحمل مسؤولية أي شيء تجاه بيته وأسرته، وحتى واجباته المدرسية فإنه مقصرٌ فيها، لا بد أن يقوم عند رأسه من يُذكِّره بها، أرشدوني إلى الطرق السليمة لتربية هذا الأخ، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فأولًا: مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق والتيسير والسداد.
ثانيًا: أعانكم الله على هذه المسؤولية التي تكلَّفتم عبْئَها، مع قلة حيلتكم في غياب دور الأب والأم بكل أسف، فنسأل الله أن يهديَهم وأن يرزقهم الشعور بواجباتهم ورعايتهم لأبنائهم.
ثالثًا: عليكِ أن تتفهمي طبيعة مرحلته السِّنِّيَّة، وهي سن المراهقة، وهي أصعب وأخطر مراحل المرء؛ بسبب تغيراته الجسدية والفكرية.
فعليكِ أولًا: توثيق العلاقة معه، والتقرب منه بإظهار الحب والمودة والخوف عليه، من غير شدة أو تعنيف أو توبيخ أو نقد مباشر لتصرفاته، فأفضل ما يكون في هذه المرحلة حنانٌ بحزمٍ؛ بحيث لا إفراط ولا تفريط، لا نوافقه على الخطأ ولا نمدحه عليه، وإنما نوجهه وندلُّه على صفاته وأفعاله الحسنة، ونمدح ما فيه من خير وإيجابيات، وأن يكون التوجيه خاليًا من الأوامر والنواهي، إنما بالرجاء والاستسماح، سيما وأنتِ ليس لكِ عليه سلطة كما ذكرتِ.ولا تغفلي في هذه المرحلة الهدايا، فهي طريق للقلب، وأحسني إليه، فالإنسان أسير الإحسان.
اتركي له مساحة من الحرية ليست كاملة، وإنما يشعر معها بالخصوصية والرجولة، وإن كانت تصرفاته في هذه المرحلة ليست سوية في الغالب؛ لأننا في مرحلة علاج لما أفسده سوء التربية في صغره؛ فنعزِّز السلوك الإيجابي ونتغافل عن السلبي.
ولا تغفلي استشارته والاستماع لرأيه باهتمام؛ حتى يشعُرَ بصدقِ قُربكِ منه، فينبغي أن نعلِّمه تحمُّل المسؤولية، والبداية بما يخصه وما يريده في حياته الخاصة، كاختيار أوقات المذاكرة والترفيه.
وأخيرًا: قسمي معاملتكِ معه إلى مرحلتين: مرحلة علاج، ومرحلة بناء.
أما العلاج؛ فالتقرب منه، وأما البناء فبالتوجيه غير المباشر.

ولا تغفلي الدعاء وصدق التوكل على الله واللجوء إليه، والصبر، وإعانته على الطاعة من صلاة وصيام وقراءة للقرآن، وإعانته على تكوين صحبة صالحة من خلال حلقات القرآن أو المسجد والمدرسة.
وإيَّاك أيتها الأخت الفاضلة أن تنصحيهِ بخُلقٍ وتأتي غيره، فالتربية بالقدوة أهم وأنفع بكثير من الكلام، هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.