شرح حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الذؤابة. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عثمان بن عثمان -قال أحمد : كان رجلاً صالحاً- قال: أخبرنا عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع) والقزع: أن يحلق رأس الصبي فيترك بعض شعره ]. أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الذؤابة، يعني: ذؤابة الرأس، فالرأس حين يترك جزء منه ويؤخذ جزء منه يكون هذا الذي بقي ذؤابة. أورد أبو داود حديث ابن عمر : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع) والقزع هو: أن يحلق بعض شعر الصبي ويترك بعضه، والواجب أن يحلق كله أو يترك كله كما سيأتي في الحديث: (احلقه كله أو دعه كله). فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، وهذا من الأشياء التي سبق أن أشرت إليها قريباً وهي النهي عن كونه يؤخذ شيء ويترك شيء، أو يفعل شيء ويترك شيء كما سبق في قضية الانتعال وأن الإنسان لا يلبس في إحدى رجليه نعلاً ويترك الأخرى حافية، وكذلك لا يأخذ بعض شعر الرأس ويترك بعضه، وكذلك لا يكون بعضه في الشمس وبعضه في الظل.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع)
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عثمان بن عثمان ]. عثمان بن عثمان صدوق ربما وهم أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي . [ قال أحمد : كان رجلاً صالحاً ]. هذا ثناء من أحمد عليه، والمقصود بالصلاح صلاح الدين، أي: أنه صالح في دينه، وقد يطلق الصلاح على صلاح الرواية، لكن الذي يبدو أنه أراد صلاح الدين. [ قال: أخبرنا عمر بن نافع ]. عمر بن نافع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن أبيه عن ابن عمر ]. أبوه هو نافع مولى ابن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وابن عمر قد مر ذكره.
طريق أخرى لحديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع) وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع. وهو أن يحلق رأس الصبي فتترك له ذؤابة) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك له ذؤابة) يعني: أن يحلق بعضه ويترك بعضه وهذا المتروك يكون ذؤابة. والقزع هو حلق بعض الرأس وترك بعضه، سمي قزعاً تشبيهاً بقزع السحاب إذا كان قطعاً متفرقة في السماء، فيكون أخذ بعض الرأس وترك بعضه مثل قطع السحاب؛ لأنه أخذ بعضه وترك بعضه. قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد هو ابن سلمة ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع عن ابن عمر ]. نافع و ابن عمر قد مر ذكرهما.
حكم تخفيف بعض أجزاء الشعر دون بعض
والقزع الذي يبدو أنه ليس خاص بالحلق، بل يكون أيضاً بتخفيف بعض الأجزاء من الشعر دون بعض؛ لأن كون الإنسان يقصر بعض شعر رأسه ويترك بعضه بحيث يكون طويلاً هذا مثل القزع.
حكم حلق بعض الرأس لأجل الحجامة
وحلق بعض الرأس من أجل الحجامة لا بأس به؛ لأنه إنما أزيل ذلك المكان من أجل الحجامة، وكذلك لو أزيل من أجل مرض كقرح مثلاً وأريد إزالة ما حوله من أجل معالجته وعدم اتصال الشعر به، فلا بأس بذلك، وإنما المقصود من النهي عن القزع أن يكون من غير أمر يقتضيه ومن غير حاجة تدعو إليه، وإلا فلا بأس ككونه يحلق جزءاً للحجامة أو من أجل دفع الضرر عن ذلك المكان الذي حصل فيه الجرح.
حكم القزع للنساء والصبيان في بعض الأماكن يفعل القزع للبنت الصغيرة دون الابن للتفريق بين البنت والابن وهذا لا يجوز؛ لأن هذا الفعل لا يجوز للرجال ولا النساء.
الكتاب : شرح سنن أبي داود
المؤلف : عبد المحسن العباد