قال الحافظ في «التقريب»: «عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرَّقَاشي - بفتح الراء وتخفيف القاف ثم معجمة - أبو قلابة البصري، يكنى أبا محمد، وأبو قلابة لقب، صدوق يخطئ تغيَّر حفظه لما سكن بغداد» اهـ.
وقال الدارقطني - كما في «تاريخ بغداد» (12/ 177) -: «هو صدوق، كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، كان يحدِّث من حفظه فكثرت الأوهام منه» اهـ.
وقال ابن خزيمة - كما في «تاريخ بغداد» أيضًا -: «حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد» اهـ.
وسمع منه أبو داود بالبصرة، وقوَّى حديثه، وهذا لا يعارض قول من ضعَّف حديثه ببغداد.
قال الآجريُّ - كما في «تاريخ بغداد» -: «سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث ذكر أبا قلابة، فقال: رجل صدوق، أمين مأمون، كتبت عنه بالبصرة» اهـ.
وقد تعقب صاحبا «تحرير التقريب» الحافظ في قوله: «صدوق يخطئ، تغيَّر حفظُه لما سكن بغداد»؛ حيث قالا - متعقبين الحافظ -: «بل صدوقٌ حسَنُ الحديث؛ فقد وثَّقه أبو داود» اهـ.
قلت: توثيق أبي داود له بالبصرة لا يعارض قول الحافظ وقبله ابن خزيمة في الحكم عليه بالاختلاط ببغداد.
وقالا أيضًا: «وقال مسلمة بن قاسم الأندلسي: وكان راويةً للحديث متقنًا، ثقة، يحفظ حديث شعبة كما يحفظ السورة» اهـ.
قلت: وكلام مسلمة أيضًا لا يعارض قول من حكم عليه بالاختلاط ببغداد؛ لأنَّه توثيق مجْملٌ، والمجمل لا يعارَض به المفصَّلَ.
وقالا أيضًا: «وهذا القول مدفوعٌ بوصف البغاددة له بالحفظ والإتقان؛ مثل محمد بن جرير الطبري، والخطيب البغدادي، بل قال ابن الأعرابي: وكان من الثقات، وكان قد حدَّث بسامراء وبغداد فما تُرك من حديثه شيئًا » اهـ.
قلت: هذا الكلام يجاب عنه بأمور:
الأول: أنَّه إن كان الطبريُّ والخطيب قد وثَّقاه وهما من بغداد، فقد وصفه الدارقطني بأنَّه كثير الخطأ والوهم في الأسانيد والمتون، وهو بغداديٌّ أيضًا؛ ومَن عَلِم حجَّة على من لم يعلم.
الثاني: أنَّ نص كلام الخطيب كما في «تاريخ بغداد» (12/ 177)، ونقله عنه ابن حجر في «التهذيب» (6/ 420): «وكان مذكورًا بالصلاح والخير»؛ وهذا ليس توثيقًا كما هو معلوم.
الثالث: أنَّ ابن الأعرابي بصري وليس بغداديًّا، وقد يكون أخذ عنه ببغداد لِمَا علمه عنه قديمًا بالبصرة من قوة الحفظ.
والخلاصة: أنَّ عبد الملك بنَ محمّدٍ الرَّقَاشي اختلط في بغداد كما قال الحافظ ابنُ حجر رحمه الله، وأمَّا حديثُه بالبصرة فقويٌّ، وأنَّ استدراك صاحبي «تحرير التقريب» على الحافظ ابن حجر ليس في محله. والله أعلم.


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/138414/#ixzz6CKBPRRLk