ظاهرة العزوف عن تنمية فقه أعمال القلوب
سند بن علي بن أحمد البيضاني


الحمد لله القائل: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله)، والصلاة والسلام على نبيه القائل: (إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة...)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أولا: العلم قبل العمل:
جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري وغيره: ((ألا وإن في الجسدِ مُضغَةً: إذا صلَحَتْ صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسَد الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ)). ومعنى ذلك لا يمكن صلاح الظاهر صلاحاً حقيقياً قبل صلاح الباطن، ويلزم من ذلك أيضاً أن صلاح الباطن يكون بقدر صلاح القلب، فالأجور تتفاوت بقدر ما وقر في القلب من عمل.
وما من طالب علم إلا ويعلم أن عمل القلب أهم من عمل الجوارح، وما من عمل شرعي أهم من غيره في ميزان الشرع إلا وهو أصعب منالاً علماً وعملاً؛ ومثاله الإخلاص والتوكل، وعليه يلزم أن ينال فقه عمل القلب الحظ الأكبر دراسة وبحثاً وتحريراً وتبياناً.
ومما يجب التنبه له أن ذلك العزوف مخالف لمنهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، وقد حذروا منه، وقد تم التطرق إلى ذلك في مقالة بعنوان: " مفهوم الفقه عند السلف وانحراف الخلف".


ولا يمكن تصور صلاح آخر هذه الأمة إلا بما أصلح أولها.
ثانياً: واقع مؤسف
من ينظر إلى المدخلات الدعوية المسموعة والمرئية يرى معظمها تتعلق بفقه عمل الجوارح، تعلماً وتعليماً واستفتاءً وبياناً وتفصيلاً وتأصيلاً.....، بل تجد في بعض المواقع من كثرة ما كتب في فقه أعمال الجوارح؛ يحتار بعض طلبة الدراسات العليا فيما موضوع رسالته الماجستير أو الدكتوراه - فيطلب النصيحة في موضوع فقهي في فقه أعمال الجوارح لرسالته الجامعية، وكأن فقه أعمال القلب لا يمت بصلة إلى الفقه أو ليس به دقائق تحتاج إلى تبيان أو كأن حجم الرسالة هو الأهم!! ظناً منه أن فقه أعمال القلوب ليس فيها مادة علمية كثيرة، وهذا غير صحيح؛ فإذا جئنا إلى أن كل عمل قلبي سنرى أنه يحتاج إلى كتاب إذا شمل التبويبات التقليدية فقط - فكيف إذا تبحر في ذلك-: كتعريفه، فضله وأهميته، أحاديثه وآياته، أقوال السلف، أركانه، واجباته مستحباته، أسبابه، بواعثه، علاماته وثماره، صوره، دقائقه. ونحو ذلك.
وفي هذا الزمان كثرت المدخلات الدعوية، ورغم كثرتها؛ إلا أنه يرى قلة وضعف مخرجاتها، وهذا يدل على وجود خلل عظيم في المدخلات الدعوية، والسبب الرئيس هو: الزهد في تنمية فقه عمل القلوب، أدى إلى فساد القلب، وفساد القلب أدى إلى فساد الأعمال الصالحة- إلا ما رحم ربي أو قلة بركتها.
ثالثا: أسئلة إيمانية للتأمل:
بعد الذي تقدم تبرز أسئلة مهمة تحتاج إلى تأمل لإعادة تقويم فقه الأولويات الدعوية:
من المسئول عن هذه الظاهرة؟ الفقهاء أم المتفقهة؟
ما هي المقترحات والحلول لهذه الظاهرة السلبية؟
هذا ما يسر الله إذا استخرته والخير ما يسره الله
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.