لا أحد يفهمني!
هياء عبدالله عبدالرحمن الدكان


أنا فتاة أكملت دراستي الجامعية، وأعمل في شركة، ومن عائلة متوسطة، مغتربة مع عائلتي منذ أن ولدت. مشكلتي ان أهلي دائماً يصفوني بأني عنيدة وعصبية في تعاملي، وأني أنظر للناس نظرة دونية، وأنه لا أحد يعجبني، وأنهم دائماً ينصحوني وأنا لا أستجيب لهم، وأني جلفة في التعامل فاقدة لأنوثتي بسبب هذه الصفات، مما أدى لعدم زواجي حتى الآن؛ دائما أحاول أن أوضح لهم أن ذلك بسبب ضغط العمل، وأني ليست كذلك، وأني أتعامل مع الناس بدون مجاملة، فهم ينتقدوني دون أن يقولوا لي ماذا أفعل؛ كي أغير من هذه الطباع؛ ليس لدي أصدقاء، ولا علاقات اجتماعية؛ فنحن في غربة، والعلاقات العائلية محدودة، وأنا محصورة بين العمل والمنزل. أمي أصبح هاجسها الوحيد أن أتزوج، ودائما أحاول أن أفهمها أن الأمر ليس بيدي. أتمنى من الله أن يرزقني الزوج الصالح، وأن يخلصني من هذا الضغط الأسري. أرجو إفادتي.

الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الكمال لله، ولا يوجد إنسان -مهما علا على وجه الأرض- إلا ولديه عيب، سواء في صفاته أو أخلافه.. تعامله... مزاجه... أمور كثير منها ما كان بسبب الإنسان نفسه، وهذا قليل، ومنها ضغوط خارجية بسبب الآخرين، كالبيئة المحيطة من أسرة أو أصدقاء أو ضغوط العمل التي تظهر على شخصية المرء بصورة توتر أو انفعال وعصبية أو انطوائية عند البعض.. لذلك -يا أختي- يجب أن تكون لديك القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة، والتخلص منها بأريحية، سواء في العمل أو البيت، ومن الوسائل الجادة التي تعينك بمشيئة الله على التخلص من همك والشعور بالسعادة أولا: اصدقي في تعاملك مع الله، تقربي إليه بكل عمل صالح. الفرائض في وقتها، النوافل، صلاة الليل، الدعاء، كثرة الذكر والاستغفار، يقول جل وعلا "إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [المزمل:20]. ويقول عليه الصلاة والسلام: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا".
ثم يا أختي خذي ورقة دوني ميولك ورغباتك، وحاولي أن توفقي بينها وبين عملك، وتقبلي عليه وأنت راغبة، وإذا خرجت منه اتركي الضغوط التي واجهتك خلف ظهرك، فلا يخلو العمل من سلبيات وأمور مزعجات، فكوني قوية جادة، وفي الوقت نفسه ابحثي عن فرص عمل أفضل وأنسب، ثم أقبلي على أهلك بعد عودتك بابتسامة مشرقة تنبثق من شخصيتك الجميلة التي اجتهدت رغم كل الظروف التي ذكرت حتى نلت الشهادة الجامعية، ثم عملت وأكملت المسير في عمل متعب، أسأل الله أن ييسر أمرك، بعد ذلك يا أختي اعملي على تطوير ذاتك، بأن تتطلعي على كتب السير، كسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين، وفي كتب في التعامل مع الآخرين، أو التحقي بدورات تعنى بهذا الجانب، تأخذين منها ما ينفعك وما يعرفك أكثر على شخصيات الناس، فأهلك مجتهدون ويريدون أن يروك بأحسن صورة وفي أجمل حال، لذلك تأزموا لما رأوا تأثير هذا العمل عليك، فتجاوبي معهم وتقبليهم وأشعريهم بأنك تقدرين لهم هذه المشاعر وحرصهم عليك، وعديهم بأن ما في يدك ستفعلينه والباقي على الله جل وعلا، فالأهل في الغالب لا يجاملون أبناءهم، حتى وإن أخطؤوا في وصفهم أو تقييمهم لأبنائهم فهم مجتهدون محبون يريدون لهم الخير. أسأل الله أن يعينك ويسددك ويوفقك إلى كل خير ويرزقك بالزوج الصالح ذي الخلق والدين. اللهم آمين.