رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العثيمين إلى المكرم إمام مسجد ....... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فإنكم - بارك الله فيكم - تظهرون الصلاة والقراءة فيها في مكبر الصوت (الميكرفون) من سماعات المنارة. وهذا أمر لا تدعوا الحاجة إليه؛ لأن الإمام إنما يصلي بمن كان داخل المسجد لا من كان خارجه، وحينئذ يكون إظهار الصوت من سماعات المنارة عديم الفائدة، ومع كونه عديم الفائدة فإن فيه تشويشاً على من يسمعه من أهل البيوت والمساجد، كما اشتكى من ذلك بعض الناس. وقد روى الإمام مالك في موطئه(1) 1/167 أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: "إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". وروى أبو داود 2/97(2) (مختصر الخطابي)، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمعهم يجهرون بالقراءة فقال: "ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة".
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيميه 23/64: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين.
ومن جواب له 1/305 من الفتاوى ط قديمة: ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع منه أه .
وفي إظهار الصوت من سماعات المنارة - بالإضافة إلى التشويش والتأذي - تهاون الناس بالمسارعة إلى الحضور؛ لأنهم يسمعون الصلاة ركعة ،ركعة وجزءاً جزءاً فيتباطئون اعتماداً على أن الإمام في أول الصلاة فلا يزال بهم التباطؤ حتى تفوتهم الصلاة.
وفيه أيضاً أن المقبل إلى المسجد قد تحدوه رغبته في الإدراك إلى السرعة فيقع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا"(1).
والإنسان إذا علم أن فعله يترتب عليه أذية لإخوانه وتشويش عليهم في عبادتهم، ووقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من أذية المصلين بعضهم بعضاً بالجهر، وأن فعله عديم الفائدة، أو قليلها فلن يتردد في تركه طاعة لله تعالى ورسوله، وتفادياً لأذية إخوانه والتشويش عليهم، والله الموفق.
كتبه محمد الصالح العثيمين في 24/5/1407ه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العثيمين إلى المكرم إمام مسجد ....... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فإن الداعي لتحريره أنه اتصل بي اليوم أحد جماعة المساجد القريبة منكم يذكر أن الميكرفون في مسجدكم مفتوح على سماعة المنارة، وأنه يشوش عليهم صلاتهم في استماع قراءة إمامهم وتسبيح ركوعهم وسجودهم ودعائهم.
ولقد كنا البارحة ونحن في الجامع نسمع القراءة في الميكرفون نسمعها بوضوح، حيث كان القارئ يقرأ في سورة مريم فلما وصل آية السجد مدها وسجد، ونسمعه كذلك في دعاء القنوت فإذا كنا نسمع ذلك ونحن في الجامع فما بالك في المساجد التي هي أقرب إلى الصوت من الجامع.
ثم ما بالك بمن يتهجد في بيته من شيخ كبير وعجوز، ومن لا يرغب الحضور إلى المسجد في آخر الليل؟ أظن أنهم لا يستطيعون إتقان قراءتهم، وتسبيحهم لله، ودعائهم له وهم يسمعون هذا الصوت الرفيع حولهم.
وفي ظني أن الذي يقرأ في الميكرفون في سماعة المنارة المرتفعة صوتاً ومكاناً ظني أنه إنما قصد خيراً - إن شاء الله - ولم يقصد الإضرار بإخوانه، لكن هو في الحقيقة قد أضر بهم من حيث لا يشعر حيث شوش عليهم في صلاتهم ودعائهم، كما أنه وقع أيضاً فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن". رواه الإمام مالك في الموطأ(1). قال ابن عبد البر: وهو حديث صحيح.
وإذا كان الجهر بالقرآن حيث يشوش على من حوله من المصلين والذاكرين والداعين وقوعاً فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأذية على المسلمين فإنكم تعلمون ما يترتب على مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأذية المؤمنين.
وقد سئل شيخ الإسلام بن تيميه - رحمه الله - عمن يجهر بقراءته فيحصل به أذى على المصلين فأجاب بقوله: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين. انتهى.
فالواجب على المسلم الابتعاد عن الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما فيه أذية إخوانه المسلمين لاسيما المتعبدون منهم بالصلاة والدعاء، وأن يقدر حال إخوانه ويعرف مدى الأذية التي تلحقهم في عبادتهم من أجل جهره في قراءته، فإن لو قدرت مسجداً حولك قد رفع إمامه، أو المحدث فيه صوته عالياً على المنارة حتى صار يشوش عليك، لا تدري ما تقول في صلاتك، يخلط عليك في قراءتك ودعائك، وتسبيحك في ركوعك وسجودك، أفلا ترى أنه أساء إليك وأن الواجب عليه كف هذه الإساءة، فما بال الإنسان يستسيغ هذا الفعل من نفسه ويرى أنه من غيره إساءة؟
والمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فكما أن المرء يحب أن يقبل على صلاته ويعرف ما يقول فيها، ويكره أن يسمع ما يشوش عليه فيها، فإخوانه المسلمون يحبون ما يحب، ويكرهون ما يكره، يحبون أن يقبلوا على صلاتهم ويعرفوا ما يقولون فيها، ويكرهون أن يسمعوا ما يشوش عليهم، فاتقوا الله فيهم وابتعدوا عما يشوش عليهم، وكونوا عوناً لهم على كمال صلاتهم فإن الله سبحانه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
ولا طريق لكم إلى ذلك إلا باتباع أحد أمرين:
إما بوضع سماعة داخلية لأهل المسجد خاصة تكون داخل المسجد كما صنع الناس في مساجدهم.
وإما بإلغاء الميكرفون والاكتفاء بصوتكم وفيه كفاية إن شاء الله ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وأما فتح الصوت على سماعة المنارة ففيه تشويش على من يسمعه من المصلين والذاكرين والداعين وقد علمتم ما في ذلك من المخالفة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأذية المؤمنين، ومثلكم لا يرضى بذلك.
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح، وجعلنا جميعاً من دعاة الخير، وأنصار الحق، السائرين على نور من الله وبصيرة في أمرهم إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد انتشر في مساجد المسلمين في السنوات الأخيرة تركيب جهاز يسبب التشويش والإزعاج لكثير من المسلمين يسمى جهاز ترديد الصدى يضاف إلى مكبر الصوت لتضخيمه وترديد صداه في جنبات المسجد,مع العلم بأن ذلك يؤدي إلى أن يسمع المأموم قراءة الإمام وكأنه يردد كلمتين والحرف حرفين وخصوصاُ حروف الصفير,ويحصل من ذلك إزعاج وتشويش على بعض المصلين,نرجو من فضيلتكم بيان رأيكم في هذا وتوجيه نصيحة لمن يتسبب في جلب ما يشوش على المصلين إلى المسجد.
جزاكم الله خيراً,والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كان لا يحصل من جهاز ترديد الصدى إلا تحسين الصوت داخل المسجد فلا بأس به؛أما إذا كان يحصل منه ترديد الحروف فحرام؛لأنه يلزم منه زيادة حرف أو حرفين في التلاوة,فيغير كلام الله تعالى عما أنزل عليه,قال في كتاب ((الإقناع)) وكره أحمد قراءة الألحان وقال:وهي بدعة.فإن حصل معها تغيير نظم القرآن وجعل الحركات حروفاً حرم .ا.ه كلامه وأما كان الصوت يخرج عن المسجد من فوق المنارة فإن كان ليس حوله مساجد يشوش عليهم أو مساكن يتأذى أهلها بالصوت فأرجو أن لا يكون بذلك حرج,وأما إذا كان حوله مساجد يشوش عليهم أو مساكن يتأذى أهلها بالصوت فلا يرفعه من فوق المنارة لما في ذلك من أذية الآخرين والتشويش عليهم,وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال:فكشف الستر وقال (ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً,ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة)) .أو قال في الصلاة .أخرجه أبو داود ونحوه عن البياضي فروة بن عمرو رواه مالك في الموطأ,قال ابن عبد البر حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان.وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين.ا.ه .ولنا جواب طويل على هذه المسألة كتبناه سابقاً (1) . أرجو تعالى أن ينفع به.كتبه محمد الصالح العثيمين في 23/8/1419ه .