تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟

    قال الشيخ العثيمين -رحمه الله-في لقاء الباب المفتوح -- فضيلة الشيخ! متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟ الجواب يكون فعل الأسباب مشروعاً إذا ثبت أن هذا السبب سبب حقيقي شرعي أو قدري، فالسبب الشرعي كالقراءة على المريض، والسبب القدري كالأشياء التي تعلم بالتجارب، ويكون هذا غير شرعي إذا كان هذا السبب لم يدل عليه الدليل، لا الدليل الشرعي ولا الدليل الواقعي، فإنه يكون هنا شركاً إما أصغر وإما أكبر، فإن اعتقد الإنسان أن السبب هو الفاعل بنفسه من دون الله فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنه سبب وأن الفاعل هو الله فهو شرك أصغر، إذا لم يقم دليل شرعي أو حسي على أنه سبب. --سئل الشيخ- توجد ألفاظ شركية منتشرة كمن يقول: عندما جاءنا فلان جاء المطر، فهل هذه تعتبر شركاً أكبر أم شركاً أصغر؟ الجواب يقول: إن بعض الناس إذا جاء المطر وصادف مجيء المطر مجيء شخصٍ آخر قال: لما جاءنا جاء المطر، فجعل مجيء الرجل سبباً للمطر، وهذا كذب، وما أدراه أن الله أنزل المطر من أجله؟!! فهذا قال على الله بلا علم، وفي هذا نوع من الشرك؛ لأنه أضاف الشيء إلى سببٍ غير معلوم، فعليه أن يتوب إلى الله ولا يعود. السائل: هل يكون هذا شركاً أكبر أم أصغر؟ الشيخ: لا. لا يكون شركاً أكبر؛ لأنه لم يقل: هذا الرجل هو الذي جاء بالمطر. لقاء الباب المفتوح – الشريط 168 الوجه الثاني-------------------- و قال في شرح كتاب التوحيد : فإذا تطير إنسان بشيء رآه أو سمعه؛ فإنه لا يعد مشركا شركا يخرجه من الملة، لكنه أشرك من حيث إنه اعتمد على هذا السبب الذي لم يجعله الله سببا، وهذا يضعف التوكل على الله ويوهن العزيمة ، وبذلك يعتبر شركا من هذه الناحية، والقاعدة : ( إن كل إنسان اعتمد على سبب لم يجعله الشرع سببا؛ فإنه مشركا شركا أصغر ) . وهذا نوع من الإشراك مع الله ؛ إما في التشريع إن كان هذا السبب شرعيا، وإما في التقدير إن كان هذا السبب كونيا، لكن لو اعتقد هذا المتشائم المتطير أن هذا فاعل بنفسه دون الله ؛ فهو مشركا شركا أكبر؛ لأنه جعل لله شريكا في الخلق والإيجاد . و أيضا قال: ولأحمد من حديث ابن عمرو : ( من ردته الطيرة عن حاجته؛ فقد أشرك). قالوا : فما كفارة ذلك ؟ قال : ( أن تقولوا: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)(1) قوله : ( فقد أشرك ). أي: شركا أكبر إن اعتقد أن هذا المتشاءم به يفعل ويحدث الشر بنفسه، وإن اعتقده سببا فقط فهو أصغر؛ لأنه سبق أن ذكرنا قاعدة مفيدة في هذا الباب ، وهي: ( إن كل من اعتقد في شيء أنه سبب ولم يثبت أنه سبب لا كونا و لا شرعا؛ فشركه شرك أصغر؛ لأنه ليس لنا أن يثبت أن هذا سبب إلا إذا كان الله قد جعله سببا كونيا أو شرعيا؛ فالشرعي: كالقراءة و الدعاء، والكوني: كالأدوية التي جرب نفعها) . (1) عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك قالوا يا رسول الله وما كفارة ذلك قال : ( قال يقول : " اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ) ( صحيح ) ( إصلاح المساجد - (ج 1 / ص 116)---------------------------------------قال الشيخ صالح آل الشيخ –- في شرح كتاب التوحيد : ثمّ لِمَ كان لُبس الحلقة أو الخيط من الشرك الأصغر ؟ الجواب : لأنه تعلق قلبه بها ، وجعلها سببا لرفع البلاء ، أو سببا لدفعه ، والقاعدة في هذا الباب : أن إثبات الأسباب المؤثرة وكون الشيء سببا : لا يجوز إلا من جهة الشرع فلا يجوز إثبات سبب إلا أن يكون سببا شرعيا ، أو أن يكون سببا قد ثبت بالتجربة الواقعة أنه يؤثر أثرا ظاهرا لا خفيا فمن لبس حلقة أو خيطا أو نحوهما لرفع البلاء أو دفعه فإنه يكون بذلك قد اتخذ سببا ليس مأذونا به شرعا ، وكذلك من جهة التجربة : لا يحصل له ذلك على وجه الظهور وإنما هو مجرد اعتقاد من الملابس لذلك الشيء فيه ، فقد يوافق القدر ، فيُشفى مِن حِين لُبس أو بعد لبسه ، أو يدفع عنه أشياء يعتقد أنها ستأتيه فيبقى قلبه معلقا بذلك الملبوس ، ويظن بل يعتقد أنه سبب من الأسباب ، وهذا باطل . أما وجه كون لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه شركا أصغر : فإن من لبسها فقد تعلق قلبه بها ، وجعلها تدفع وتنفع ، أو جعلها تؤثر في رفع الضرر عنه ، أو في جلب المنافع له . وهذا إنما يستقل به الله - جل وعلا - وحده ؛ إذ هو وحده النافع الضار ، وهو - سبحانه وتعالى - الذي يفيض بالرحمة ، ويفيض بالخير أو يمسك ذلك . وأما الأسباب التي تكون سببا لمسبباتها فهذه لا بد أن يكون مأذونا بها في الشرع ؛ ولهذا يعبر بعض العلماء عما ذكرت بقوله : من أثبت سببا - يعني : ادّعى أنه يُحدِث المسبَّب ، أو يُحْدِث النتيجة - لم يجعله الله سببا ، لا شرعا ، ولا قدرا : فقد أشرك ، يعني الشرك الأصغر . هذه القاعدة صحيحة - في الجملة - لكن قد يُشْكِل دخول بعض الأمثلة فيها ، لكن المقصود من هذا الباب : إثبات أن الأسباب لا بد أن تكون إما من جهة الشرع، وإما من جهة التجربة الظاهرة ، مثل : دواء الطبيب بالنار ، ومثل : الانتفاع ببعض الأسباب التي فيها الانتفاع ظاهر ، كأن تتدفأ بالنار أو تتبرد بالماء أو نحو ذلك ، فهذه أسباب ظاهرة بَيِّنَةُ الأثر ، فتحصَّل من هذا : أن تعلّق القلب بشيء لرفع البلاء ، أو دفعه لم يجعله الشارع سببا ، ولم يأذن به ، يكون نوع شرك ، وهذا مراد الشيخ بهذا الباب ؛ فإن لبس الخيط والحلقة من الشرك الأصغر

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,572

    افتراضي رد: متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟

    بارك الله فيكم
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2019
    المشاركات
    30

    افتراضي رد: متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟

    جزاك الله خيرا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2019
    المشاركات
    2

    افتراضي رد: متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟

    اعتقاد ما ليس بسبب بأنه سبب شرك أصغر . هذا حكم يحتاج الى تحرير.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي رد: متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسين إبراهيم مشاهدة المشاركة
    اعتقاد ما ليس بسبب بأنه سبب شرك أصغر . هذا حكم يحتاج الى تحرير.
    بارك الله فيك -قال الشيخ صالح ال الشيخ -من أثبت سببا - يعني : ادّعى أنه يُحدِث المسبَّب ، أو يُحْدِث النتيجة - لم يجعله الله سببا ، لا شرعا ، ولا قدرا : فقد أشرك ، يعني الشرك الأصغر . هذه القاعدة صحيحة - في الجملة - لكن قد يُشْكِل دخول بعض الأمثلة فيها...................
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسين إبراهيم مشاهدة المشاركة
    . هذا حكم يحتاج الى تحرير.
    ....تحرير المسألة...قال بن عثيمين رحمه الله ..الناس في الأسباب طرفان ووسط‏:‏

    الأول‏:‏ من ينكر الأسباب، وهم كل من قال بنفي حكمة الله؛ كالجبرية، والأشعرية‏.‏
    الثاني‏:‏ من يغلوفي إثبات الأسباب حتى يجعلوا ما ليس بسبب سببًا، وهؤلاء هم عامة الخرافيين من الصوفية ونحوهم‏.‏
    الثالث‏:‏ من يؤمن بالأسباب وتأثيراتها، ولكنهم لا يثبتون من الأسباب إلا ما أثبته الله سبحانه ورسوله، سواء كان سببًا شرعيًا أو كونيًا‏.‏
    ولا شك أن هؤلاء هم الذين آمنوا إيمانًا حقيقيًا، وآمنوا بحكمته؛ حيث ربطوا الأسباب بمسبباتها، والعلل بمعلولاتها، وهذا من تمام الحكمة‏.‏
    ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله؛ فهومشرك شركًا أكبر في توحيد الربوبية؛ لأنه اعتقد أن مع الله خالقًا غيره‏.‏
    وإن اعتقد أنها سببًا ولكنه ليس مؤثرًا بنفسه؛ فهو مشرك شركًا أصغر لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسبب سببًا؛ فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سببًا‏.‏
    وطريق العلم بأن الشيء سبب‏:‏
    إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل ‏{‏فيه شفاء للناس‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏69‏]‏، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُو شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ من الآية82‏]‏‏.‏
    وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعًا في هذا الألم أو المرض، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهرًا مباشرًا كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلًا؛ فهذا سبب ظاهر بين، وإنما قلنا هذا لئلا يقول قائل‏:‏ أنا جربت هذا وانتفعت به، وهو لم يكن مباشرًا؛ كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع لأن للانفعال النفسي للشيء أثرًا بينًا؛ فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي آخر يعتقد أن قراءته نافعة، فيقرأ عليه الآية نفسها فيرتاح له ويشعر بخفة الألم، كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط، قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو ارتفاعه بناءً على اعتقادهم نفعها‏.‏
    وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقًا شرعيًا لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقًا للتشريع‏.‏[بن عثيمين]...................-------- سئل الشيخ صالح آل الشيخ .
    10/ نسمع في كتب العقيدة كثيرا ما يُكررون قولهم هذه المسألة شرك أصغر لأنها اعتقاد السببية فيما لم يجعله الله سببا لا قدرا ولا شرعا كحال في التمائم والطيرة، فهل هذه الحالة مطردة؟
    هذه مسألة طويلة والجواب عليها يحتاج على وقت، لكن تلخيصها أن في مسائل الشرك الأصغر نُرجع كثيرا ما يُحكم عليه بأنه شرك أصغر بالتعلق بالأسباب.
    الأسباب منها شيء أذن الله جل وعلا به ومنها شيء لم يأذن الله به شرعا، هذا واحد.
    والأسباب منها ما جعله الله جل وعلا كونا وقدرا في كونه وما جعل سنته عليه -الأشياء-، ما جعله يعطي المسبب؛ ينتج النتيجة ومنها ما جعله لا ينتج النتيجة التي يظنها الظان.
    مثلا الماء سبب لإزالة العطش أليس كذلك؟ الماء الحلو، لكن الماء المالح لم يجعله الله سببا كونيا لإزالة العطش، وإنما جعل الله جل وعلا الماء العذب هو سبب إزالة العطش.
    الماء والنار، الماء تطفئ النار، فإذا احتجت إلى إطفاء النار لا تأتي بنار أخرى وإنما تأتي بماء.
    يعني جعل الله جل وعلا لكل شيء سببا، وجعل هذه الأسباب تُنتج المسبَّبات، فمن جعل شيئا من الأشياء سببا لشيء آخر لم يكن في الشرع سببا له، فهذا مشرك الشرك الأصغر، بمعنى في الشرع ليس هذا السبب جائزا أو لم يُجعل في الشرع التعلق بهذا السبب أو استعماله جائزا، فإنه يكون ذلك منه تعلق بسبب ليس بسبب شرعي، فيكون شركا أصغر مع ضميمة الشيء الثاني وهو أن يكون هذا السبب لا ينتج المسبب كونا؛ لأن الأسباب قد تكون تنتج المسببات قدَرا ولكنها ممنوعة شرعا مثل الشفاء أو الاستشفاء بالمحرمات يشرب الخمر فيتداوى بها، يسمع موسيقى فينتفع بها في الدواء، هذه أسباب كونية قد تكون تؤثر في إنتاج مسبَّباتها، لكنها شرعا ممنوعة.
    فمن استعمل سببا كونيا في إنتاج المسبَّب -الذي هو النتيجة- فيما نعلمه كونا أنه ينتج هذا السبب، نقول هذا لا يجوز شرعا وليس بشرك.
    ولكن من جعل سببا ليس بسبب كوني ولا شرعي وتعلق به فإنه يكون مشركا الشرك الأصغر .
    نرجع في تلخيص هذا أن الأسباب منها ما ينتج المسبب، ومنها ما لا ينتجه، فإذا كان ينتج المسبب كونا يعني فيما تعارفه الناس فتنظر، هل أباحته الشريعة أم لم تبحه؟
    فإن أباحته الشريعة فهذا جائز استعماله لأنه سبب شرعي وقدري هذا نوع.
    إذا لم تجزه الشريعة فيكون سببا كونيا مثل التداوي بالمحرمات، ولكنه ليس بسبب شرعي فهذا نقول غير جائز.
    والحالة الثالثة ما ليس بسبب لا شرعي ولا كوني فإن هذا يكون التعلق به شركا أصغر؛ مثل تعليق خيط، يعلق خيط ويتعلق قلبه به فيدفع عنه العين، ما علاقة خيط من حبال أو قطن ما علاقتها بدفع العين؟ هذا ليس في الكون ما يثبت السببية، وليس في الشرع أيضا ما يجعل هذا السبب مأذونا به، فيكون التعلق به شركا. كذلك التميمة، تميمة طلاسم أو تميمة بها أشياء أو تميمة وضع خرز أو تميمة وضع جلد أو إلى آخره، هل هذا السبب ينتج المسبب قدرا لا ينتجه، وهو غير مأذون به شرعا، فإذن اجتمع فيه أنه ليس بمأذون به شرعا وأنه لا ينتج المسبَّب قدرا فصار التعلق به شركا أصغر.
    يوضحه التميمة من القرآن، تميمة من القرآن هل هي شرك؟ ليست بشرك مع أنها تميمة، لكن اختلف العلماء هل يجوز تعليق التميمة من القرآن أم لا؟ وبالاتفاق لا تسمى شركا لأنّ التعلق بالقرآن من جهة كونه شفاء سبب كوني وسبب شرعي -صحيح؟- التعلق بالقرآن، لكن تعليق القرآن وإن كان سببا كونيا لكنه ليس بسبب شرعي، فلهذا لا يصح أن يطلق على تعليق التمائم من القرآن أنها شرك، ولكن نقول الصحيح أنها لا تجوز-[شرح كشف الشبهات]------------.... : فى كتاب القواعد المذاعة في مذهب أهل السنة والجماعة قال الشيخ. وليد بن راشد السعيدان
    القاعدة الخامسة والعشرون
    كـل مـن اعتقد سببًا لـم يـدل عليـه شـرع ولا قـدر فهـو شرك أصغـر وإن اعتقده الفاعل بذاته فهو شرك أكبر
    اعلم رحمك الله تعالى أن الناس في الأسباب انقسموا إلى فرق ففرقة قالت : ليس لها تأثير البتة ، وهذا القول فيه مكابرة للمعقولات . وفرقة قالت : أنها هي الفاعلة بذاتها ، وهؤلاء هم المشركون ، فهذا القول كفر وشرك – والعياذ بالله تعالى - . وفرقة قالت : إنها مؤثرة لكن لا بذاتها وإنما يجعل الله لها مؤثرة ، وهذا هو الصواب وهو قول أهل السنة والجماعة ، فإنكار الأسباب بالكلية قدح في الشرع والاعتماد عليها بالكلية شرك أكبر والأخذ بها مع التوكل على الله هو دين الإسلام ، ولذلك قال النبي -  - : (( اعقلها وتوكل )) . فقوله : (( اعقلها )) أخذ بأسباب حفظ الدابة ، وقوله : (( وتوكل )) اعتراف بأن السبب وحده ليس هو الكفيل بالحفظ إلا إذا شاء الله تعالى .
    واعلم أن الأخذ بالأسباب بمسبباتها ، فربط المطر بوجود السحاب ، وربط إنجاب الولد بالزواج ، وربط دخول الجنة بالعمل الصالح ، فالمسبب في شريعتنا لا يقع إلا إذا وقع سببه لكن قد يقع السبب ويختلف عنه سببه لحكمة يعلمها الله تعالى فقد يوجد السحاب ولا يوجد المطر لكن لا يوجد مطر إلا بسحاب ، وقد يوجد الزواج ولا يوجد الولد لكن لا يوجد ولد إلا بجماع ، وقد يتحقق العمل الصالح لكن يتخلف عنه دخول الجنة لكن لا يدخل الجنة إلا مـن عمل صالحًا . ولذلك قال الله تعالى بعد ما ذكر ما في الجنة وأنه أعدها لعباده المؤمنين قال :  جزاءً بما كانوا يعملون  والباء هنا باء السبب أي بسبب أعمالهم ، لكن ليست باء العوض ، أي لأنهم عملوا صالحًا دخلوا الجنة ، كقولك : اشتريت كذا بكذا ، فإن أحدًا لن يدخل الجنة بعمله حتى رسول الله -  - ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : (( لن يدخل أحدٌ منكم الجنة بعمله )) . قالوا : ولا أنت يا رسول الله . قال : (( ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته )) . فالبـاء في قولـه : (( بعملـه )) هي باء العوض والمقابلة . والباء في قوله تعالى :  بما كانوا يعملون  هي باء السبب ، فالأعمال سبب من أسباب دخول الجنة ، لكن ليست الجنة عوضًا لازمًا للأعمال ، قال ذلك أبو العباس بن تيميه .
    إذا علمت هذا فاعلم أن الأسباب نوعان باعتبار معرفتنا بمسبباته ، أي عرفنا أن هذا سبب لهذا عن طريقين عن طريق الشرع وعن طريق القدر ، فالشرع يخبرنا أن هذا الشيء سبب لهذا الشيء ومترتب عليه : كقوله تعالى :  جزاءً بما كانوا يعملون  فأخبرنا أن الأعمال الصالحة سبب من أسباب دخول الجنة والآيات كثيرة ، وكذلك القدر أي عرفنا قدرًا أن هذا الشيء سبب لهذا الشيء ، كعلاج الحرارة دلت التجربة على أنه سبب لانخفاضها ، وعلاج الإسهال دل على أنه سبب لإمساك البطن والبروز للحرارة دل على أنه سبب للإصابة بالحمى وهكذا ، فمن ادعى أن هذا الشيء سبب لهذا الشيء فنحن نطالبه بالدليل الذي دله على هذه السببية ، إذا علم هذا فليعلم أن كل من تعلق سببًا لم يدل عليه دليل شرعي أي لم يدل على سببيته شرع من كتاب وسنة ، ولم يدل عليه قدر كالتجربة مثلاً فلا يخلو من حالتين : إما أن يعتقد أن هذا السبب هو الفاعل للمسبب بذاته ، فإذا اعتقد ذلك فهذا هو الشرك الأكبر ، إما أن يعتقد أن الفاعل هو الله تعالى لا السبب وهذا سبب فقط فهذا شرك أصغر لأن الأصل أن الله هو الذي يربط الأسباب بالمسببات ، فالأسباب الشرعية خاصة توقيفية على الدليل فإذا اعتقد الإنسان أن هذا الشيء سبب ولا دليل عليه فيكون قد نصب نفسه مشرعًا وتكلم فيما لا يعنيه وهو حرام لا يجوز ، ولأن الأسباب قد يكون ارتباطها بمسبباتها ارتباطًا غيبيًا لا يدرك فكيف يقال إن هذا الشيء سبب لهذا الشيء وهو غير محسوس ففيه نوع من ادعاء علم الغيب ولأن هذا أي اتخاذ الأسباب بلا دليل وسيلة للشرك الأكبر والقاعدة تقول : أن كا ما كان وسيلة للشرك الأكبر فهو شرك أصغر والوسائل لها أحكام المقاصد . إذا عرفت هذا وفهمته فهمًا جليًا فهاك فروعًا على هذه القاعدة العظيمة حتى تتضح :
    منها : التمائم : هي حرام وشرك دل على تحريمها السنة والإجماع ، وهي حرام حتى وإن كانت من القرآن على الصحيح لأوجه ثلاثة مذكورة في غير هذا الموضع ، والمراد أن بعض الناس يتخذ التمائم ويقصد بها دفع الشر وجلب الخير فأناس يتخذونها لدفع العين وبعضهم للحماية من الجن وبعضهم للوقاية من السحر ، فهم اتخذوها واعتقدوا فيها هذا الاعتقاد ، فهم لا يخلون من حالتين : إما أن يعتقدوا أنها هي الفاعلة بذاتها أي هي التي تدفع الشر وتجلب الخير بذاتها فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة بالكلية والعياذ بالله تعالى فهو شرك في الربوبية .
    وإن اعتقدوا أن الله هو الدافع للشر الجالب للخير لكن هذه التمائم سبب من الأسباب الدافعة للشر الجالبة للخير فهذا شرك أصغر ؛ لأن الشرع لم يدل على أن من أسباب دفع الشر تعليق التمائم ، بل حتى ولا القدر فنحن نرى أناسًا قد علقوها ومع ذلك تصيبهم المصائب الكثيرة ، فالتمائم لم يدل عليها شرع ولا قدر فما بالك إذا كان الشرع قد دل على تحريمها وأنها شرك ، فمع هذا لا يجوز اتخاذها .
    ومنها : الرقى : دل الدليـل الشرعي على أنهـا سبب مـن أسباب دفع الشر ، قال النبي -  - : (( لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا )) ، وقال تعالى :  وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين  . فمن اعتقد أنها هي الفاعلة بذاتها فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة وهو شرك في الربوبية ، لكن مـن اعتقـد أنها سبب من الأسباب وأن الله هو الذي يُقَدِرْ ويحكم فهذا لا بأس به ، بل هو الواجب لأن الدليل دل على سببيتها لدفع الأمراض . ومن اعتقد أنها ليست سببًا أصلاً فهذا ضال مخالف للأدلة .
    ومنها : الدعاء في المقابر خاصة للنفس : لا شك أن زيارة القبور شرعية وبدعية ؛ والشرعية : هي ما كان قصد الزائر بها الذكرى والاعتبار أو الدعاء لهم ، أما أن يزور المقبرة ليدعو لنفسه فهذا من الزيارة البدعية لا الشرعية ، لكن من اعتقد في الدعاء للنفس في المقبرة فضيلة فلا يخلوا من حالتين : إن اعتقد في الدعاء أن الله هو المجيب الذي يقدر الأشياء وأن الأموات ليس تصرف في شيء أبدًا ، فهذا شرك أصغر ؛ لأنه اعتقد سببًا ما ليس بسبب ، وإذا اعتقد أن الأموات يملكون شيئًا من الإجابة فهذا هو الشرك الأكبر وهو شرك المشركين في زمان محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - .
    ومنها : وضع القرآن في السيارة لدفع الضرر عنها : إن اعتقد أن القرآن هو الذي يدفع بذاته ، فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة وإن اعتقده سببًا من الأسباب والله تعالى هـو الذي يدفع الشر فهذا شرك أصغر ؛ لأنه اعتقد سببًا ما ليس بسبب فإن الشرع لم يدل على أن القرآن كأوراقٍ وحبرٍ وكتابةٍ وجلدةٍ سبب لدفع الضر عن المكان الذي هو فيه .
    ومنها : الاعتقاد في الأنواء : فإذا نزل مطر أو هبت ريح فإن بعض الناس ينسبون هذا إلى النجم الفلاني والأنواء هي مواقع النجوم ، فهذه النسبة لا تخلوا من حالتين : إما أن يعتقد أنها هي الفاعلة بذاتها فهذا هو الشرك الأكبر ، وإن اعتقد أن الله هو الفاعل المقدر لهذا الشيء ، لكن النوء سبب من الأسباب فهذا شرك أصغر ؛ لأنه اعتقد سببًا ما ليس بسبب ، لكن اعتقد أنها ليست سببًا وليست هي الفاعلة وإنما ينسب المطر إلى النوء نسبة توقيت بدون اعتقاد فهذا لا بأس به وتركه هو الأولى سدًا للذريعة ، وعلى هذا فقس.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي رد: متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟

    قال الشيخ عبد الرحمن السعدي
    من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
    وهذا الباب يتوقف فهمه على معرفة أحكام الأسباب .
    وتفصيل القول فيها : أنه يجب على العبد أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور :
    أحدها : أن لا يجعل منها سببا إلا ما ثبت أنه سبب شرعا أو قدرا .
    ثانيها : أن لا يعتمد العبد عليها ، بل يعتمد على مسببها ومقدرها ، مع قيامه بالمشروع منها ، وحرصه على النافع منها .
    ثالثها : أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه ، والله تعالى يتصرف فيها كيف يشاء : إن شاء أبقى سببيتها جارية على مقتضى حكمته ليقوم بها العباد ويعرفوا بذلك تمام حكمته حيث ربط المسببات بأسبابها والمعلولات بعللها ، وإن شاء غيرها كيف يشاء لئلا يعتمد عليها العباد وليعلموا كمال قدرته ، وأن التصرف المطلق والإرادة المطلقة لله وحده ، فهذا هو الواجب على العبد في نظره وعمله بجميع الأسباب .
    إذا علم ذلك فمن لبس الحلقة أو الخيط أو نحوهما قاصدا بذلك رفع البلاء بعد نزوله ، أو دفعه قبل نزوله فقد أشرك ، لأنه إن اعتقد أنها هي الدافعة الرافعة فهذا الشرك الأكبر . وهو شرك في الربوبية حيث اعتقد شريكا مع الله في الخلق والتدبير .
    وشرك في العبودية حيث تأله لذلك وعلق به قلبه طمعا ورجاء لنفعه ، وإن اعتقد أن الله هو النافع الرافع وحده ولكن اعتقدها سببا يستدفع بها البلاء فقد جعل ما ليس سببا شرعيا ولا قدريا سببا ، وهذا محرم وكذب على الشرع وعلى القدر .
    أما الشرع فإنه ينهى عن ذلك أشد النهي ، وما نهى عنه فليس من الأسباب النافعة .
    وأما القدر فليس هذا من الأسباب المعهودة ولا غير المعهودة التي يحصل بها المقصود ، ولا من الأدوية المباحة النافعة . وكذلك هو من جملة وسائل الشرك فإنه لا بد أن يتعلق قلب متعلقها بها ، وذلك نوع شرك ووسيلة إليه .
    فإذا كانت هذه الأمور ليست من الأسباب الشرعية التي شرعها على لسان نبيه التي يتوسل بها إلى رضاء الله وثوابه ، ولا من الأسباب القدرية التي قد علم او جرب نفعها مثل الأدوية المباحة كان المتعلق بها متعلقا قلبه بها راجيا لنفعها ، فيتعين على المؤمن تركها ليتم إيمانه وتوحيده فإنه لو تم توحيده لم يتعلق قلبه بما ينافيه ، وذلك أيضا نقص في العقل حيث تعلق بغير متعلق ولا نافع بوجه من الوجوه ، بل هو ضرر محض .
    والشرع مبناه على تكميل أديان الخلق بنبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين ، وعلى تكميل عقولهم بنبذ الخرافات والخزعبلات ، والجد في الأمور النافعة المرقية للعقول ، المزكية للنفوس ، المصلحة للأحوال كلها دينيها ودنيويها والله أعلم .[القول السديد شرح كتاب التوحيد]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •