الصمت الذي يقتل أطفالنا
عبد الهادي الخلاقي




بينما كان يعرض برنامج للأطفال على قناة الكويت جلست أتأمل أولئك الأطفال الذي حضروا لهذا البرنامج الذي شدني ما يتمتعون به هؤلاء الشباب من لباقة في الحديث وثقة كبيرة إضافة إلى ثقافتهم العامة وأسلوبهم الجميل في الطرح والنقاش وتسلسل الأفكار أضف إلى ذلك الثقة الكبيرة في النفس والتي تظهر جلية أثناء حديثهم، فجالت بي الأفكار وذهبت بي إلى أطفالنا وشبابنا الذين لا يجيدون أسلوب الحديث وإن تحدثوا ارتعدت أطرافهم وثقلت ألسنتهم، بل أجدهم يفتقرون إلى اللباقة في الحديث يفتقرون إلى الأسلوب في تعاطي الموضوع بطرح جميل خال من التوعك والاضطراب، وبينما أتصفح معنى اللباقة في معجم لسان العرب قرأت أن معنى كلمة اللّبَقُ: الظَّرْفُ والرِّفْقُ، لَبِقَ، بالكسر، لَبَقاً، ولَباقَةً، فهو لَبِقٌ؛ قال سيبويه: بنوه على هذا لأنه عِلْم ونفاذ توهم أَنهم جاؤوا به على فَهِمَ فَهَامَةً فهو فَهِم، رجل لَبِقٌ ويقال لَبِيق، وهو الحاذق الرفيق بكل عمل، وهذا يعود بذاكرتي إلى حديث أحد الأصدقاء حين كنا نتحدث عن الجرأة واللباقة في الحديث وعن أسبابها فيقول: منذ صغري عندما اجلس في مجلس العائلة بحضور كبار العائلة اسمع لما يقولون وإذا أردت أن ابدي وجهة نظري أو أشارك برأيي في موضوع النقاش يسكتني أبي ويقول لي: عندما يتحدث الكبار على الصغار أن يسكتوا ولا يتفوهوا بكلمة واحدة وهكذا مرت الأيام وأن التزم الصمت في حضور الكبار وكبرت ورافقني هذا الشعور بالخوف من الحديث في حضور الكبار فكيف تأمل مني أن أصبح متحدث لبق إذا أبي وكبار أفراد عائلتي أسكتوني منذ صغيري؟ كيف لي أن أتحدث الآن بعد أن كبرت وكبر هذا الخوف معي؟ وحتى هذه اللحظة بعد أن كبرت وتزوجت لا استطيع الحديث في هذا المجلس وابدي رأيي لان هذا الشعور والخوف ما زال يتملكني منذ صغري، وهنا ومن خلال قصة صديقي وتجربته في مجلس عائلته أجد أن العيب ليس من الأطفال بل هذا الخطأ سببه الآباء والأمهات والمعلمين كما للمجتمع دور كبير في هذه القضية فأطفالنا لم يجدوا التشجيع المناسب الذي يقوي ثقتهم بأنفسهم ويعزز لديهم القوة في الطرح والحديث بلباقة وبثقافة، كما إن المعلم مقصر في هذا الجانب فعندما يتحدث الطالب لا يجد من يشجعه على طرحه وإبداء وجهة نظره، بل إذا غلط في الإجابة حصل على التوبيخ وكم هائل من الكلمات المحبطة مما يجعل هذا الطالب يخشى التكلم في كثير من المواضيع خشيت أن يخطى لكي لا يوبخ ويفضل الصمت على الحديث وهكذا ينشأ طلابنا مهزوزي الثقة بالنفس غير قادرين على الحديث وإبداء الرأي في أي قضية لذلك نجد الفرق جلياً بين شبابنا وشباب الكويت الذين يتمتعون بلباقة وثقافة عالية