كيف تغير النساء رجالها للأفضل.. تجارب وآراء ؟!
ميرفت عوف




يقال إنه وراء كل رجل عظيم امرأة، وبغض النظر عن عظمة هذا الرجل، فالمعضلة في هذه الحكمة وجود تأثير من قبل النساء على الرجال، وإن كان هذا التأثير نسبيا، فالتجارب في الحياة تؤكد أن المرأة استطاعت أن تغير الرجل للأحسن وأن تقوم سلوكه كزوج وأب وإنسان.
طبيعة الحياة الزوجية يتخللها بعض الاختلافات الفكرية والسلوكية، لكن المشكلة تكون إذا كانت الاختلافات جوهرية ناتجة عن سلوكيات سيئة، وكما يصنف لنا د. فضل أبو هين فإن بعض السيدات تكون صبورة وحليمة ولديها من القدرات العقلية والانفعالية ما يجعلها تواجه مشاكل الزمن والحياة بطريقة مثلى وخاصة مع زوجها، وهذه المرأة تعلم أن أسرار الحياة الزوجية مقدسة بين الزوجين فتعمد إلى مواجهتها بكثير من المسئولية، بينما الجانب الآخر من السيدات لا يمتلك فن الصبر فتعمد إلى البلبلة في كل لحظة وتشكو على الدوام من الاختلاف ما يؤدي إلى تفاقم مشاكلها أكبر مع زوجها.
الآن.. نعم الرجال
يهين المرأة أن ينظر زوجها لنساء غيرها نظرة من حقها هي فقط، لقد كانت رندة من النساء اللاتي أهانها جدا أن يكون زوجها بالمصطلح العامي "بصاص"، تزوجت رندة قبل عامين فقط، ووجدت كما تقول الفاجعة في كون زوجها يهتم بالنساء حتى أنه يحدثها عن هذا الاهتمام باستمرار، لقد كان مفهومه عن الزواج أنه يقيد هذه الأفعال لرجال بعد الزواج فحاول أن يثبت لنفسه العكس وأن كان هذا الأمر مرفوض قبل وبعد الزواج.
تقول رندة: "كنت أيقن أن زوجي طيب وأن هذه الصفة فيه يمكن تغيرها فلكل إنسان مهما كان قويا مدخلا يستطاع الدخول منه لحثه على ترك شيء مشين وكنت أجند جل وقتي لإقناع زوجي بأنه خاطئ في كل صغيرة وكبيرة والمصيبة أنه كان يعتبر الأمر هين لأنه كان يصلي ويؤدي الفرائض وما يفعل تسلية".
لقد بدت رندة جادة في تحديها لهذه الصفة في زوجها فأصبحت تهتم بتزين نفسها على أحسن حال، كما كانت حريصة على تكون كالحبيبة والخطيبة قبل أن تكون الزوجة التي كان مفهومها عند زوجها أن تؤدي الدور التقليدي، تضيف رندة: "لم أتواني عن تعميق أصول الأخلاق الإسلامية في نفس زوجي فكلما صادف وجودنا أماما التلفاز برنامجا دينيا أجد فيه مدخلا لسماع كلمة طيبة أفعل، وكلما زارنا زائر حمت حول موضوع الثقة التي تواليها المرأة لزوجها الذي لا يوزع اهتمامه على النساء بصورة غير مباشرة طبعا عنه، وكنت حريصة جدا في كل صغيرة وكبيرة أن أثبت حقوق الزوجة بتعاملاتي فلا أتكلم مع أي من الرجال إلا بحضوره وأتحجب بشكل دقيق عن الجميع من غير المحارم وكأني أخبره أنك يجب أن تكون مثلي".
لقد نجحت رندة بعد عام واحد فقط من الزواج في الانتصار على مشكلتها مع زوجها، لكنها تري أن فضل الله عليها أكبر من ترك زوجها لهذه العادة السيئة فتقول: " الحمد لله.. الآن لا أجد فيمن حولي من رجال رجل يغض بصره أكثر من زوجي وهذا من هدى الله الكريم عليه، كما أنه أصبح نعم الرجل المتدين الذي تفخر أي امرأة في سلوكياته مع الجميع".
غيرت "سي السيد"
من السلوكيات والعادات الأكثر سوءا على الأقل ننتقل مع تجاربنا النسائية، فزوجة محمود تروي لنا قصة معاناتها التي انتهت قبل عام تحديدا وهو العام الثاني لزواجها، لقد كان محمود كبعض الرجال يعتبر نفسه "سي السيد" فلا يحق له أن ينهض خطوات ليسقي نفسه الماء فتلك مهمة زوجته من وجهة نظره، فعليا وقبل الزواج كان ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تأتي فيه زوجته لتنجز له كافة الأمور.
تقول زوجته: "لقد صدمت في بداية حياتي الزوجية من عظم اتكاله عليه في كافة أموره، لقد كان يستخدم الجوال من الطابق الأعلى لطابق الأسفل كي آتي له بوسادة آخري على سبيل المثال، ولأنني جئت من أسرة يعتمد فيها شبابها على أنفسهم في الكثير من الأمور فقد بدا الأمر مفجعا بالنسبة بي"، وتوضح رواء: " لو اعتمدت مبدأ الشكوى والتذمر الكبير ضد هذه المواقف لباءت محاولاتي بالفشل لكن بفضل الله الكريم بدأت خطوة بخطوة أقنعه بأن هذا شيء خطأ والإسلام يرفضه من خلال مواقف الرسول - عليه الصلاة والسلام - مع زوجاته وأيضا من خلال القواعد الأساسية في الإسلام التي تدعو للرحمة والتكافل والمساعدة وكنت أظهر له برفق مسئوليتي الكثيرة في المنزل والعمل وأن عليه مساعدتي": وتتابع: " بشكل تدريجي أصبح يستغني زوجي عن هذه العادات واليوم أستطيع أن أؤكد لكم أنه لا يكاد يتركني وحدي في أي من الأعمال المنزلية، لدرجة أن من يعرف يبدو مستغربا جدا من تغير حاله ويتساءل"أين كان محمود وأين صار" وهذا من فضل الله عليه، كما كان من أهم العادات التي ساعدت زوجي على تركها التدخين وهي جاءت بالتدريج والتشجيع فنحن كالأطفال نحتاج لمثل تلك الأساليب".
الصبر والانسجام الزوجي
من الطبيعي أن استمرار الحياة بين الزوجين يبرز بعض الاختلافات في بعض السلوكيات وبالتالي يحاول الرجل خلق حالة من الانسجام الأسري بأن يرشد زوجته إلى ما هو السلوك القويم والطبائع الاجتماعية المطلوبة داخل البيت والأسرة، وهذا وضع طبيعي ومقبول، لكن الغير مقبول أن تكتشف بعض الزوجات أن هناك بعض سلوكيات للأزواج ليست لائقة، وهنا تأتي المعضلة بأن تقاوم الزوجة هذه السلوكيات بتقويمها لا بتعميقها.
رئيس مركز التدريب المجتمعي بغزة د. فضل أبو هين يقول أن الحياة الزوجية لا تخلو من المشاكل على اختلافها العادية فهي تعد كالملح للطعام والأخرى الأخطر والأشد وطأة المشاكل الجوهرية، ويتابع: "هناك بعض السيدات تكون صبورة وحليمة ولديها من القدرات العقلية والانفعالية ما يجعلها تواجه مشاكل الزمن والحياة بطريقة مثلى، وهذه المرأة تعلم أن أسرار الحياة الزوجية مقدسة بين الزوجين فتعمد إلى مواجهتها بكثير من المسئولية بينما الجانب الآخر من السيدات لا يمتلك فن الصبر فتعمد إلى البلبة في كل لحظة وتشكو على الدوام من الاختلاف ما يؤدي إلى تفاقم مشاكلها أكبر"، ويوضح د. أبو هين أن الطبع هنا يغلب التطبع فإن كان طبع المرأة التلسن ونقل الكلام فهي تحتاج إلى جلسات للتوعية والتبصير مشيرا إلى أن إذا حلت مشكلة نقل أسرار الحياة الزوجية بين الزوجين فإنها ستؤدي إلى قتل الحياة بينهما وانعدامها، وأضاف: " هذه الحالة أيضاً تحتاج إلى المتابعة والمراقبة حتى لا تظل أسرارها مشاعاً للعوام.
ويضرب أبو هين مثلا بمشكلة تعاني منها الكثير من النساء مع أزواجهن وهي التدخين فقال أن بعض النساء عالجت زوجها من مشكلة التدخين بوسائل مختلفة بالإقناع تارةً والنصيحة تارةً أخرى وأحيانا ثالثة بتوضيح المشكلة الطبية التي سيعانيها بالإضافة إلى التذكير بالاعتبارات الاجتماعية، وأضاف: "فريق آخر من السيدات تعمد إلى تغيير ومعالجة بعض السلوكيات والأفكار التي تكتشفها في شريك العمر كالانفعالات والمشاعر وبعض العلاقات التي تربطه بالمجتمع من حوله، فبعض الأزواج يتقوقع على نفسه بفعل مشاكل اقتصادية تلم به فلا يستطيع مواجهتها ويبقى مرتكناً إلى جدران بيته عاجزاً عن مواجهتها لعدم امتلاكه آلية التغيير أو التخفيف من حدتها والتي أثمرها الحصار الجائر على ممتلكاته ومقدراته الشخصية كالراتب مثلاً، وهنا يتضح دور الزوجة في الوقوف إلى جواره ودفعه إلى الأمام بالتشجيع والإقناع والإرشاد فيثمر خروجه من القوقعة والعزلة الاجتماعية التي وضع نفسه فيها ويذهب إلى المجتمع ويتحلى بالفعالية والمشاركة بدلاً من العزلة والكآبة".
ويتابع د. أبو هين: "حتى يصل الزوجان إلى التعديل في السلوك والتغيير في الأفكار لا بد من توافر الانسجام بينهما فلو لم يكن الانسجام قائماً لانعدمت الحلول وبقيت مشاعر الكره والبغض هي السائدة لأن أحدهما لا يصغي إلى الطرف الآخر"، وشدد أبو هين على أن الحب المتبادل بين الطرفين وسيادة الانسجام والاحترام بينهما تؤدي إلى تيسير الحلول وبالتالي تسهيل عملية تعديل السلوكيات والأفكار والقناعات بثوب من التفاهم والفعالية"