أسس البناء العلمي
د. أحمد ولد محمد ذو النورين
ذلك أن المجتمع الإسلامي بدأ خط صعوده من نقطة التقاء القوانين الطبيعية في حياته مع القيم الإيمانية. وبدأ خط هبوطه من نقطة افتراقهما. وظل يهبط ويهبط كلما انفرجت زاوية الافتراق حتى وصل إلى الحضيض عند ما أهمل السنن الطبيعية والقيم الإيمانية جميعا..
إن المجتمع الإسلامي هو ذلك الذي يبين للكائن البشري تبعة مصيره، ويجعل أمره بين يديه في إطار المشيئة الكبرى، فيثير في حسه كل مشاعر اليقظة والتحرج والتقوى. وهو يعلم أن قدر الله فيه يتحقق من خلال تصرفه هو بنفسه. مجتمع يشكل قوة ذات آثار إيجابية في هذا الوجود، ولها ارتباط بسنة الله الشاملة للكون.. قوة تعمل بتناسق، وتعاط مثمر بناء. قوة تؤمن بعدل الله تعالى في معاملة عباده؛ إذ لا يسلبهم نعمة وهبهم إياها إلا بعد أن يغيروا نواياهم، ويبدلوا سلوكهم، ويقلبوا أوضاعهم، فيستحقوا أن يغير الله ما بهم مما أعطاهم من النعم والآلاء التي لم يقدروها ولم يشكروها.. فإنه لا يغير نعمة أو بؤساً، ولا يغير عزاً أو ذلة، ولا يغير مكانة أو مهانة ... إلا أن يغير الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم، فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم. وإن كان الله يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون[25]. ولكن ما يأتي لهم أو يقع عليهم يترتب على ما يكون منهم، ويجيء لاحقا له في الزمان بالقياس إليهم. وهو تكريم عظيم يقابله إلقاء تلك التبعة العظيمة على هذا الكائن. فهو يملك أن يستبقي نعمة الله عليه؛ إن كمل إيمانه بالله تعالى، واستقام على عبادته، وأقر بضرورة تطبيق شريعته في الأرض، وهيمنتها على النواميس الكونية، وغير ما بنفسه بشكل إيجابي، فإن الله يريد به الحسنى في الدنيا وفي الآخرة، أما إذا لم يستجب له سبحانه فلن تغني عنه فدية إذا جاءه- غير مستجيب- يوم الحساب! إذ اقتضى حاله أن يريد الله به السوء فمضت إرادته ولم يقف لها أحد، ولن يعصمه من الله شيء، ولن يجد له من دونه ولياً ولا نصيراً.
ومن الجدير بالذكر في ذلك أن شريعة الله للناس ليست إلا طرفاً من قانونه الكلي في الكون. فإنفاذ هذه الشريعة لا بد أن يكون له أثر إيجابي في التنسيق بين سيرة الناس وسيرة الكون.. ذلك أن الشريعة يأتي تجسيدها ثمرة للإيمان؛ ولا يمكن أن تقوم وحدها من غير أن تنفذ في مجتمع مسلم، وتكون الأساس في بناء ذلك المجتمع. لتنشئ فيه تقوى الضمير، ونظافة الشعور، وضخامة الاهتمامات، ورفعة الخلق، واستقامة السلوك ... فيتم التكامل والتناسق بين سنن الله كلها سواء نظماً طبيعية أو قيما إيمانية.. فكلها أجزاء لسنة الله تعالى الشاملة لهذا الوجود.
وبما أن الإنسان ليس إلا جزءاً من ذلك الوجود، فيجب أن يكون عمله وإرادته، وإيمانه وصلاحه، وعبادته وحسه وخواطره ونواياه.. كلها لنيل مرضاة الخالق الديان، الذي فطر الوجود بأسره، فاقتضت الفطرة السليمة استسلام النفس السوية لشرعه وقضائه، تلك النفس التي حين تمتلكها الرهبة الخاشعة لا تجد غير أن تلجأ إليه سبحانه، لتطمئن في حماه وتسعد في بحبوحة رحمته..فيسهل عليها القيام بتبعة الأمانة الثقيلة الملغاة على كاهلها! ذلك أن هذا الإنسان حاجته ماسة ودائمة للرجوع إلى الموازين الإلهية الثابتة، ليكون مسددا ويظل على يقين أن هواه الذي قد يقوده إلى التهلكة لم يخدعه، ولم يضلله، ذلك الهوى الذي غالبا ما يحيق مكر الله على من جعله إلهه.
بخلاف من ظل قريباً من الله تعالى مرتميا في أحضان عبوديته بتحقيق ألوهيته، يهتدي بهديه، ويستضيء بالنور الذي أمدّه به في متاهات الطريق! ليتمكن من تزكية نفسه وتطهيرها من دنس الآثام وأدران المعاصي... فإنه في مأمن من أن يحيق به المكر السيئ، بل يبقى بعيدا عن الخيبة التي ينتهي إليها من يدسي نفسه، فيحجبها عن الهدى ويتركها تتدهده في مهاوي الرذيلة.
لقد أوجب الله تعالى على الناس أن يستخدموا ما حولهم في تزكية أنفسهم وتطهيرها وتنمية استعدادها للخير، وذلك بالتربية على خشية الله تعالى من خلال التأسيس العقدي المكين منذ الصغر؛ يقول كامل بن حسين الغزي: (طلب العلم في الشريعة الإسلامية فرض عين وفرض كفاية. فالأول هو تعلم كلمتي الشهادة وفهم معناهما وكل ما يجب اعتقاده، ثم تعلم أحكام الطهارة والصلاة والصوم والحج والزكاة حين وجوب كل فريضة منها على المكلف بها، ثم تعلم ما يجب عليه تركه من النواهي كالزنا وشرب الخمر والسرقة وقتل النفس وما يجب عليه إتيانه من بر الوالدين وإنجاز الوعد ووفاء العهد وأداء الأمانة...)[26].
ويتحقق الغرض من ذلك بإقامة صروح التربية على البناء العلمي الرصين، يقول ابن الجوزي ناصحاً ابنه: (فينبغي لذي الهمّة أن يترقّى إلى الفضائل، فيتشاغل بحفظ القرآن وتفسيره، وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وبمعرفة سيره وسير أصحابه والعلماء من بعدهم، ولا بدّ من معرفة ما يقيم به لسانَه من النحو، ومعرفة طرف مستعمل في اللغة، والفقه أصل العلوم، والتذكير حلواؤها وأعمّها نفعاً)[27].
ويتم ذلك من خلال التنويه بفضل العلم ومكانة العلماء، وغرس الشغف بالكتاب ومجالس العلماء في نفوس الأطفال، وتعليمهم آداب الطلب، والتركيز على التخصّص العلمي حسب الاستعداد والميول، مع التدريب على منهجية الطلب التي لا بد أن تحاط بسياج من الإخلاص والعبادة؛ يقول أبو الوليد الباجي لابْنيْه موصياً لهما: (وتنقسم وصيّتي لكما قسمين: فقسم فيما يلزم من أمر الشريعة؛ فأما القسم الأول فالإيمان بالله عز وجل... والتمسك بكتاب الله... وإقام الصلاة فإنها عمود الدين... ثم أداء زكاة المال لا تؤخّر عن وقتها... ثم صيام رمضان فإنه عبادة السرّ وطاعة الربّ... ثم الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً...)[28]، ويكون ذلك بتنمية روح المحبة للعبادات بالتعريف بها وذكر فضلها وأهميتها.
فالتنشئة الرشيدة للأبناء على العبادة لا بد أن تكون منذ المراحل الأولى، لتدريبهم عملياً عليها بالأساليب التربوية، وتحلية نفوسهم بالنيات الحسنة، وتطهيرها من المقاصد السيئة، وتكوين الوعي الكامل لديهم بالآثار التربوية للعبادات..، التي منها رعاية حقوق المجتمع بدءا بالوالدين والأولاد وذوي الأرحام والجيران؛ فيلزم إقناع الناشئة بأن الوقت الذي يمضونه في أداء الواجبات الاجتماعية ليس وقتا ضائعا؛ بل إن التعاون على البر والتقوى وحبّ الغير ومعاونته والعمل على نشر العلم وتقليل وطأة الفاقة كلها من دلائل السعادة وأمارات النجاح. ومن الجدير بالذكر أن أكثر حقوق الأولاد ترتبا تزويدهم بما يحتاجونه من معارف ومهارات فكرية أو علمية أو اجتماعية أو تقنية؛ يقول السعدي: (أولى الناس ببرّك وأحقّهم بمعروفك أولادك؛ فإنهم أمانات جعلهم الله عندك، ووصّاك بتربيتهم تربية صالحة لأبدانهم وقلوبهم... فإنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم فأنت قائم بالحقّ مأجور)[29]. هذا وينبغي للوالد أن يشاور أولاده في الأمور المتعلقة بهم، ويعمل على استخراج آرائهم، ويعوّدهم على الاستقلال والثقة بالنفس ويربي أفكارهم وينمي عقولهم. فخليق بالآباء أن يربّوا أولادهم على مبدأ الاعتماد على النفس والاستعداد إلى دخول معترك الحياة بإيجابية ونشاط.
بهذه النظرة الشاملة لحياة الفرد نجد مجتمعاً مترابطاً في كينونته، متماسكا في بنيته، يتحقق فيه قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"[30]، فلا شك في أهمية التربية لبناء المجتمعات والأمم؛ إذ لا يمكن أن يبنى مجتمع أو أمة إلا من خلال تربية جادة مؤصلة، ولذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما بعث كان أول ما بدأ به التربية الشاملة، فبقي ثلاث سنوات - صلى الله عليه وسلم - وهو يربي الأمة في دار الأرقم سرا[31]، وعندما كون ذلك الجيل الصلب بقاعدته التربوية المؤصلة القوية أعلن دعوته، حيث كانت قد شيدت أركانها وأقيمت دعائمها. لذا يحتل موضوعالتربية والتعليم الصدارة في أولويات المجتمعات المتحضرة التي تتمسك بتعاليم الإسلام وتنشد الرقيوالازدهار. والتي لا بد أن يكون لها منهج تربوي تصيغ من خلالهنموذج المجتمع الإسلامي الذي تريده، ذلك أن البناء التربوي إذا اختل اضطربت مسيرة المجتمعوتعثر بناؤه وتوقفت عجلة تطوره. إن المجتمع الإسلامي الذي نؤمله ونطمح إلى تأسيسه هو ذلك المجتمع الذي شيد بنيانه على الأصلين الشريفين كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وما استمده منهما السلف الصالح - رضوان الله عليهم-، مجتمع أصيل القواعد ضاربة في الجذور أسسه، عميقة ثوابته في دلالتها ومنطلقاتها لا تهزها هوج الرياح.
ذلك أن المسلم الذي يربى تربية تراكمية مؤصلة قد رست على أساس من التوحيد والاعتباد لله تعالى لا تكاد تتغير سيرته ويبعد أن يتبدل منهجه ولا يرضى أن تتحول قناعاته، بل يظل راسخا كالطود الشامخ على منهجه الأصيل، كما بين الله - جل وعلا-: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها}[إبراهيم:24]، إنها الكلمة الطيبة والشعور السمح الذي يضمد جراح القلوب، ويفعمها بالرضى والبشاشة. بل هي المغفرة التي تغسل أحقاد النفوس وتحل محلها الإخاء والصداقة[32] ، إنها شخصية المؤمن التي لا شيء فيها يعاب. وكما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه المسلم بالنخلة قَائلاَ: ("إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَة لَا تُسْقِطُ وَرَقَهَا وَهِيَ مِثْلُ الْمُسْلِمِ, فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ"؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيةِ, وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ, فَحَدَّثْتُ أَبِي مَا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا)[33]، فالمسلم في عصر الفتن والتبدلات السريعة والتغيرات المفاجئة حاجته ماسة إلى تثبيت من الله تعالى وثبات على المحجة البيضاء، كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم: "قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك"[34]، تلك المحجة التي يصدق عليها قول القائل:
وليس يصح في الأذهان شيءٌ
إذا احتاج النهار إلى دليل[35]
وبالجملة فإنه ومن أجل إيجاد نسق تربوي عبادي متكامل وناجع ينبغي أن يبدأ المربون بتجسيد المنهج الإسلامي في أجلى صوره حتى يتسنى لهم إعداد أجيال حرية بالنجاح، قادرة على التحليق بالأمة إلى المعالي، ومؤهلة لتوحيد كلمة المجتمع على كلمة سواء، ومهيأة لإزالة العقبات عن طريق تطورها. مستوعبة لسنن ووسائل التغيير الإيجابي والنمو الممنهج، بل التأثير البالغ الذي يخالط بشاشة النفوس فيعيد البنية المجتمعية نحو الاتجاه الصحيح.
[1] الوسيط في تفسير القرآن المجيد (2|525).
[2] مختار الصحاح ص:18
[3] المعجم الوسيط ص:17
[4] لوامع الأنوار البهية (1|5)
[5] منهج التربية الإسلامية (1|180)
[6] الجاحظ: البيان والتبيين، تحقيق حسن السندوبي، ج2، ط4، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، 1956م، ص75.
[7] أدب الدنيا والدين ص:36
[8] أخرجه مسلم |كتاب الذكر والدعاء |باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر |ح(2699).
[9] كتاب الجمعة |باب الجمعة في القرى والمدن |ح(893)، ومسلم |كتاب الإمارة |باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية، والنهي عن إدخال المشقة عليهم |ح(1829).
[10] أخرجه البخاري |كتاب البيوع |باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي |ح(2215). ومسلم |كتاب الذكر والدعاء |باب قصة أصحاب الغار الثلاثة |ح(2743).
[11] أخرجه البخاري |كتاب أحاديث الأنبياء |باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل |ح(3464). ومسلم |كتاب الزهد والرقائق |ح(2964).
[12] أخرجه البخاري |كتاب الأدب |باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته |ح(5999). ومسلم |كتاب التوبة |باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه |ح(2754).
[13] أخرجه مسلم |كتاب الإيمان |باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى |ح(8).
[14] أخرجه البخاري |كتاب مواقيت الصلاة |باب الصلوات الخمس كفارة |ح(528). ومسلم |كتاب المساجد |باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات |ح(667).
[15] أخرجه البخاري |كتاب الأدب |باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل |ح(6035). ومسلم |كتاب الفضائل |باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم |ح(2321).
[16] تحفة الموجود بأحكام المولود ص 240
[17] أخرجه البخاري |كتاب العلم |باب الحرص على الحديث |ح(99).
[18] انظر: البخاري |كتاب العلم |باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا |ح(68). ومسلم |كتاب صفة القيامة والجنة والنار |باب الاقتصاد في الموعظة |ح(2821).
[19] جامع بيان العلم وفضله (1|434).
[20] أخرجه البخاري |كتاب الأدب |باب رحمة الناس والبهائم |ح(6011). وأخرجه مسلم |كتاب البر والصلة والآداب |باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم |ح(2586).
[21] أخرجه ابن حبان في صحيحه (4577). وأصله في صحيح مسلم |كتاب الإمارة |باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع |ح(1852).
[22] الآداب الشرعية والمنح المرعية (1|215).
[23] أخلاق الشباب المسلم ص:34
[24] انظر: ديوان المتنبي، أحمد بن الحسين الجعفي، ص (385) دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى.
[26] نهر الذهب في تاريخ حلب (1|145)، الناشر: دار القلم، حلب الطبعة: الثانية، 1419 هـ.
[27] صيد الخاطر ص:502
[28] النصيحة الولدية ص:15
[29] بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ص:154
[30] سبق تخريجه
[31] السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي ص:470
[33] أخرجه البخاري |كتاب العلم |باب الحياء في العلم |ح(131). ومسلم |كتاب صفة القيامة والجنة والنار |باب مثل المؤمن مثل النخلة |ح(2811).
[34] أخرجه ابن ماجة في باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين، ح(43). وصححه الألباني في تعليقه عليه. وأخرجه الإمام أحمد (17142). وصححه الأرنؤوط بطرقه وشواهده.
[35] التمثيل والمحاضرة للثعالبي ص:111