لا تظن يا محب الإسلام أن الرد يستلزم ذكر الأسماء والأشخاص والذوات -لا- فإن الرد الحكيم هو الرد الذي يرد على الشبهات والأفكار لا الرد على القائلين بالدرجة الأولى، وذلك بسبب أن الأشخاص يموتون وتدرس ذواتهم، ولكن المهم الفكر والمناهج هو الذي عليه المعول.



- ما بال أقوام



تكررت في السنة هذه اللفظة مع اختلاف مواقفها من الداعية الأكبر صلى الله عليه وسلم ، وسبب ذكرها أن النبي صلى الله عليه وسلم يرد بحكمة على من قال قولاً خطأ أو ظن ظناً مرجوحاً أو رأيا غير منضبط، وبه يحافظ على كرامة قائله لاسيما إن كان القائل متأولاً أو مخطئاً أو ناسياً أو كارهاً، وكل ما سبق من أعذار له اعتباره شرعاً -فتأمل-.



-ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟- .



-ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟- .



-ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟- .



-ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟- .



- به الكفاية صلى الله عليه وسلم



المسلم يكفيه ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وما قاله، لاسيما وأن المسلم يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم له عصمة وهداية وتوفيق من ربه جل جلاله، فإن الله يصنع الرسل والأنبياء على عينه.



لذا فإن التزامك بطريقته وهديه يعد فوزاً كبيراً وذا أثر فعال على المدعوين؛ لأنها طريقة ربانية -أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ- -الملك:14-.



- ابن عباس يستخدم الحكمة في الرد



يروي سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: -إن أناساً يزعمون أن هذه الآية نسخت -وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً- -النساء:8- لا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون الناس- -رواه البخاري-.



فهذا ابن عباس يرد على المخالف، ويبقي له ماء وجهه باستخدامه للأداة القولية والأسلوب الحكيم في رده على من خالف النص الشرعي أو توهم النسخ، وهذا عين الحكمة.



- حسن الجواب وأدبه



ليس بالضرورة أن تعدد سؤال سائل بطريقة صريحة، تشمئز منها النفوس، أو تجرح القلوب، أو فيها توبيخ، أو تصريح بخطأ السؤال، وهذا على حسب المقام وإن كان غالبه استخدام الأسلوب المبطن، والإمام النووي ذكر عبارة جميلة في حديث رواه مسلم -12/309- أن رجلاً سأل البراء بن عازب: -أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فقال البراء: -والله ما ولى رسول الله ولكنه رأى شبان أصحابه وضعافهم حسراً ليس بسلاح...- فذكر القصة فيقول النووي: -هنا الجواب الذي أجاب به البراء من بديع الأدب- وابن حجر يعلق قائلاً: -وفي الحديث من الفوائد؛ حسن الأدب في الخطاب والإرشاد إلى حسن السؤال وحسن الجواب- 8/32



- أخيراً



مرّن نفسك على الحكمة، ودرّب نفسك على حسن الجواب، وعوّد نفسك أدب الخطاب، فإن التجارب خير ميدان يتدرب فيه المسلم ولا يطور الأسلوب ولا يصرف الأمور إلا مجربها.



منقول بتصرف