لفتة تـــأمل :
روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغةً، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب،)


فتأمل رعاك الله أنعم أهل الأرض من عهد نوح عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة ،غمسة واحدة في جهنم تنسيه كل النعم التي تنعم بها في الدنيا ويقول: لا والله يا رب، ما رأى خيراً قط، -نسأل الله العافية- حلف من شدة ماوجده من الغمسة فقط، فكيف بمن تكون داره نسأل الله العافية


قال الله تعالى :(قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)
قال ابن كثير رحمه الله : " وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم ؛ لأنه بالنسبة إلى ما بعده في الشدة كالرقاد " انتهى من " تفسير ابن كثير " (6 / 581) .


وقال الشوكاني رحمه الله :
" ظنوا لاختلاط عقولهم بما شاهدوا من الهول وما داخلهم من الفزع أنهم كانوا نياما " انتهى من "فتح القدير" (4 / 531) .
والله أعلم .


فهؤلاء من شدة الفزع ومارؤوه نسوا عذاب القبر وظنوا أنهم رقاد والكفار ولاشك أنهم أشد عذابا في القبور ، نسأل الله السلامة


جاء عند ابن كثير (إذا جيء بجهنم فإنها تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه ، حتى إبراهيم الخليل ، ويقول : نفسي ، نفسي ، نفسي لا أسألك اليوم إلا نفسي ، وحتى أن عيسى ليقول : لا أسألك اليوم إلا نفسي ، لا أسألك [ اليوم ] مريم التي ولدتني ).
فتأمل رعاك الله هذا حال الملائكة (لايعصون الله ماأمرهم ) وحال الأنبياء الذين لم يدنبوا دنبا واحد -نسال الله العافية -كيف بنا نحن - ورؤوس الأطفال تشيب من هوله ولم يذنبوا دنبا واحد


كيف ذلك اليوم الذي قالوا عنه الانبياء في صحيح البخاري (إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله)


قال الطبري ونقل ابن كثير عن قول الله تعالى ( إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ) إذ قلوب العباد من مخافة عقاب الله لدى حناجرهم قد شخصت من صدورهم ، فتعلقت بحلوقهم كاظميها ، يرومون ردها إلى مواضعها من صدورهم فلا ترجع ، ولا هي تخرج من أبدانهم فيموتوا .


فأعدد لذلك اليوم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح البخاري( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا )


(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)
تامل رحمك الله وأعدد لذلك اليوم .