تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الوسطية بين الحقيقة والادعاء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الوسطية بين الحقيقة والادعاء

    لقد استغلت بعض المصطلحات الصحيحة المحببة إلى النفوس فوُضعت في غير مواضعها، ونسب إليها ما ليس منها، أو أخرج عنها بعض أسسها وأركانها، ثم سيقت تلك المصطلحات مشوهة غير مطابقة لما وضعت له؛لخداع الناس، .

    ومن تلك المصطلحات التي تساق اليوم، ويدعيها من ليس من أهلها؛ مصطلح "الوسطية"، -------------------- فالعلماني الملحد يتشدق بالوسطية، ويزعم أنه من أهلها.

    ----------والعقلاني المبهور بالحضارة الغربية، وقيمها الزائغة، الساعي لتطويع الأمة لمفاهيمها؛ يعقد المؤتمرات، ويقيم الندوات باسم الوسطية؛ لتمرير مبادئه ومبادئ أسياده باسمها.


    ------------------والساعي وراء السراب، الذي يهوِّن من شأن الباطل، ويقلل من شأن البدع وأهلها، ويعلي من شأن التشيع والرفض؛ ينادي باسم الوسطية، وبأنه لا بد من تنازلات وحلول وسطية لنجمع الأمة عليها.


    -------------------والرافضي الغالِي الذي يعتقد بتحريف القرآن، وكفر الصحابة، ويلعنهم صباح مساء، يزعم ألا وسطية إلا ما هو عليه.


    والصوفي الغالي يحتكر الوسطية ، ويصر على أن من أنكر شطحه، وكذّب دجله، وضلل عقائده المنحرفة؛ أنه قد جانب الوسطية، وامتطى صهوة الوهابية الخارجية، وأنه مكفر مستبيح لأنفس مخالفيه المعصومة.


    واهل الغلو والتفريط يدعون الوسطية ---------------------------------------------وقد أرشدنا الله -تعالى-، إلى الميزان الذي نزن به تلك الدعاوى، والحكم الفصل بين أصحابها، قال الله -تعالى-: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [الشورى:10].


    وقال -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء:59].

    وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فإنه من يعــش منكم فسيرى اخـتـلافـا كثيراً، فعـليكم بسنتي، وسنة الخفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل بدعة ضلالة" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.


    فالوسطية التي امتدحها الله -تعالى- في قوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة:143]، قد فسرت في القرآن والسنة، وفسرها السلف الصالح، وقد تواطأت عبارات المفسرين بأن المقصود بالوسط هنا هم "الخيار العدول الثابتون على الحق بين باطلي الغلو والجفاءوهم الصحابة الكرام قطعاً، والتابعون لهم بإحسان، ومن تبعهم من أئمة المسلمين وعلمائهم، وسائر من سار على منهجهم من المؤمنين.


    وقد فسر القرآن هذه الوسطية في (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) قال: عدولاً، (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) رواه البخاري.



    وأما تفسيرها بالثبات على الحق بين باطلَيْ الغلو والجفاء ففي قوله -تعالى-: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة:6-7].

    قال الإمام الطبري إمام مفسري أهل السنة: "وأرى أن الله -تعالى ذكره- إنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه غلو النصارى الذين غلوا بالترهب، وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه تقصير اليهود الذين بدلوا كتاب الله، وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربهم، وكفروا به، ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك إذ كان أحب الأمور إلى الله أوسطها".

    والصحابة الذين هم الأمة الوسط بدون نزاع بين اهل الحق؛ لهم منهجٌ واضح، وعقائد ثابتة معروفة، وعبادات تعلموها من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وسلوك وأخلاق.


    فمن نهج منهجهم، واعتقد عقائدهم كما ثبت عنهم؛ لم يزد عليها ولم ينقص منها، ولم ينحرف عنها، ولم يستحسن خلافها، أو يتأولها بالتأويلات التي لا دليل عليها، وتعبد الله بعباداتهم، ولم يخترع لنفسه عبادات وشعائر لم يتعبدوا بها، ولم يتخذوها قربة، وتخلق بأخلاقهم، وسلك سلوكهم، وفهم مراد الله، ومراد رسوله كما فهموا؛ فهو من أهل الوسطية، ومن أهل الاعتدال.

    ومن انحرف عن شيء من ذلك في منهج أو عقيدة أو عبادة أو سلوك؛ فقد خرج عن الوسطية بمقدار انحرافه، وصار إما إلى طائفة أهل الغلو، أو طائفة أهل الجفاء:
    وخير الأمور السالفات على الهدى *** وشر الأمور المحدثات البدائع

    قال الحسن البصري -رحمه الله-: "السنة -والذي لا إله إلا هو- بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك إن شاء الله فكونوا" رواه الدارمي.

    وقال الإمام البخاري -رحمه الله- في تفسير الأمة الوسط: هم الطائفة التي قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم".

    والطائفة المنصورة فسرها الإمام أحمد وغيره بأنها أهل الحديث، فثبت بذلك كله أن الأمة الوسط في هذه الأيام من سلك مسلك الصحابة والسلف الصالح من جميع الوجوه.

    والوسطية هي الحق الذي بين باطلي الإفراط والتفريط، وليست الوسطية الوسط بين الحق والباطل، فقد قال -تعالى-: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) [يونس:32].

    ليست الوسطية التوسط بين السنة والبدعة، فـ "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".


    وليست الوسطية التوسط بين السنة والشيعة، فكل من خرج عن طريق أهل السنة خرج عن الصراط المستقيم، وضل الضلال المبين.

    وليست الوسطية التوسط بين الإسلام وبقية الأديان، قال -تعالى-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85].

    وليست الوسطية هي الحداثة والتنوير الذي مرتكزه تطويع الإسلام وأصوله ومفاهيمه لمفاهيم الأعداء الذين يقول الله فيهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران:118].



    إن الوسطية الحق يجمع أصولها وفروعها ويضبط مفاهيمها ومصطلحاتها ما تضمنته النصوص التالية: قوله -تعالى-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الفتح:29].


    وحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطّاً فَقَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ"، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: "وَهَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ"، ثُمَّ تَلا: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً… إِلَى آخِرِ الآيَة) رواه أحمد والنسائي والدارمي وحسنه الألباني.

    فالوسطية ما تضمنته هذه النصوص من أصول ومعاني ومفاهيم، والوَسَطيّ من فهم تلك النصوص حق فهمها، وعمل بمقتضاها. -----------

    الوسطية المطلوبة في القرآن تجدها دوما "حق بين باطلين"، أما الوسطية المفروضة في القرآن فتجدها دوما "وسط بين الحق والباطل".

    فهؤلاء الذين ينادون دوما بالوسطية الدينية، والوسطية في فهم الإسلام، إن كانوا يعنون بالوسطية وسطية "أصحاب محمد" في تفسير النص، والموقف من العلوم المدنية، والموقف من الكافر، ودور المرأة، وضوابط الحريات الشخصية، إلخ.. فهذه وسطية مشكورة محمودة.

    أما إن كان المراد التوسط بين منهج أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والفكر الغربي ، فهذه وسطية مردودة مذمومة، وقد سبق أن جاء فى القرآن نظيرها فقال جل وعلا: {
    مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (النساء : 143)
    أن المسجونين في معتقلات الثقافة الغربية يسعون الى تطويع بعض المصطلحات لتحريف الأحكام الشرعية لتكون وسطا بين فهم السلف والفكر الغربي؛ يجعلون ذلك هو الوسطية المحمودة التي جاء بها لقرآن، والواقع أن هذه هي الوسطية المردودة التي ذمها القرآن.



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الوسطية بين الحقيقة والادعاء

    قال الشيخ صالح الفوزان ان الوسيطة في الإسلام). مأخوذه من قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) قال المفسرون الوسط هو العدل الخيار وهذه الأمة ولله الحمد عدول وخيار كما شهد الله لها بذلك لأن هذه الأمة ستشهد على الأمم يوم القيامة والشاهد يشترط فيه أن يكون عدلاً فهذه الأمة تحملت هذه الشهادة لما من الله عليها به من بعثة هذا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين كما قال تعالى: (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فهي تشهد على الأمم يوم القيامة إذا جاء الله جل وعلا بالأمم وأنبيائها يوم القيامة فإنه يسأل الأنبياء هل بلغتم فيقولون يا ربنا بلغنا ما أرسلتنا به إليهم ثم يسأل الأمم هل بلغوكم فيقولون لا قال تعالى: فلنسألن الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) فينكرون فيقول الله جل وعلا للرسل من يشهد لكم أنكم بلغتم فيقولن يشهد لنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيسأل الله جل وعلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيشهدون أن الرسل بلغوا أممهم، وكيف عرفوا ذلك عرفوه مما أنزل الله عليهم في الكتاب من قصص الأنبياء من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم هذا موجود في القرآن ومدون كل ما جرى بين الأنبياء وأممهم كأنك تشاهد وكأنك حاضر فيشهدون بما علمهم الله بشهدون عن علم لأن الشهادة إنما تكون عن علم كما قال تعالى: (إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) فيشهدون عن علم أورثهم الله إياه في هذا القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فهذه الأمة وسط وتستشهد على الأمم الرسول صلى الله عليه وسلم يشهد لهذه الأمم ويزكيها كما قال تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) فهذه الأمة وسط والوسطية مأخوذة من الوسط وهو ما كان بين طرفين كما قال الشاعر:

    كانت هي الوسط المحمي فاكتفت *** بها الحوادث حتى أصبحت طرفا
    الوسط ما كان بين طرفين فهذه الأمة بين طرفين من الأمم طرف الغلو الذي في النصارى وطرف التساهل الذي كان باليهود فهذه الأمة وسط غلو النصارى وتساهل وانفلات اليهود.
    وهكذا يكون كل فرد من أفراد هذه الأمة كما أن الأمة بمجموعها وسط معتدلة بين الإفراط والتفريط فكل فرد من هذه الأمة كذلك ولله الحمد هو وسط بين الغلو وبين التساهل وبين الإفراط والتفريط في دينه فلا يغلو غلو المتطرفين والخوارج ولا يتساهل المرجئة والمنحلين والمضيعين.

    وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) فصراط الله واحد وطريقه واحد وأما ما عداه من المذاهب والنحل فهي متعددة وكثيرة ولا تحصى وهي تكون في إفراط أو في تفريط فالإفراط يكون في الغلو والتفريط يكون في التساهل وهذه السبل التي حذرنا الله منها هي من الجانبين سهل الغلو والتطرف والزيادة وسبل التساهل والضياع والله جل وعلا قال نبيه صلى الله عليه وسلم (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا) أمر بالاستقامة ونهاهم عن الغلو وقال ولا تطغوا والطغيان هو الخروج عن الحد من جانب الزيادة وقال في الآية الأخرى (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوه ) استغفروه عن أي شيء عن التقصير استقم واحذر من التقصير وإذا حصل تقصير فاجبره بالاستغفار فدل على أنه يحصل من الإنسان تقصير بالاستقامة فيجبره بالاستغفار والنبي صلى الله عليه وسلم قال استقيموا ولن تحصوا أي تحصوا كل ما أمر الله به بل يحصل تقصير فتجبره بالاستغفار.وقال سددوا وقاربوا سددوا التسديد معناه إصابة الحق والمقاربة أن تكون مقارباً للتسديد فإذا كان الخطأ يسيراً فهذه مقاربة تجبر بالاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل وديننا دين السماحة ورفع الحرج (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) فالله جل وعلا جعل هذا الدين سمحاً ولم يجعل فيه حرجا ولم يكلفنا ما لا نطيق ولذلك فإن من يخرج عن هذه الجادة جادة الوسط فإنه يقع في أحد الجانبين غما الإفراط وإما التفريط وكلاهما مذموم ولا يسلم إلا من كان على طريق الوسط الذي أمر الله به وكما في أخر سورة الفاتحة الله أمرنا أن نقرأها بكل ركعة (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) أي المعتدل الوسط (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) وهم الذين ذكرهم الله في قوله (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا) أمرنا الله أن نكون معهم وأن نسير معهم وإذا كنت معهم فلن تستوحش أبدا وحسن أولئك رفيقا إنما يستوحش من لم تكون معهم إما جانب الإفراط مع الغلين وإما في جانب التفريط مع المتساهلين.ونحن نسمع الآن كثيراً التسامح والحث على التسامح والترغيب في التسامح فهذه فيه إجمال لأن التسامح إن كان يعني أنك تتسامح في حقوقك بأن تعفو عن من ظلمك وتحسن من أساء إليك فهو التسامح المحمود والمطلوب.أما أن تتسامح في شيء من حقوقك الله فهذا لا يجوز.والنبي صلى الله عليه وسلم كان يؤذى في حقه صلى الله عليه وسلم وكان يعفو ويسمح لكن إذا انتهكت حرمات الله فإنه يغضب لله عز وجل ولا يتسامح في شيء من ذلك لأن التسامح لا يكون في حقوق الله جل وعلا وإنما يكون في حق المخلوق.

    كثير منهم الآن على العكس يريد منك ألا تتسامح في حقوق الله وهذا خلاف ما أمر الله جل وعلا به فحقوق الله لا يتسامح عن شيء منها مع أحد كائنا من كان لأن هذا هو المداهنة قد قال جل وعلا (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً* وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً* إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً) نهى الله ورسوله وتوعده أن يتنازل عن شيء من هذا الدين لأجل إرضاء الناس لأنك لو تنازلت عن شيء من دينك أو عن دينك رضوا عنك لكن يسخط الله عليك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في حديث عائشة من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس فلا يتنازل المسلم عن شيء من حقوق الله جل وعلا ولذلك شرع الله الجهاد في سبيله وشرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرع الحدود على الجرائم ولم يأمر بالتسامح فيها والنبي صلى الله عليه وسلم قال إنما أهلك من كان من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ثم قال صلى الله عليه وسلم: وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقة لقطعت يدها فلا تسامح في حدود الله فالتسامح المطلوب هو التسامح فيما بين الناس في حقوقهم هم وكما ذكرنا وكما أنه ينكر على الغلاة والمتطرفين والمتشددين أيضا ينكر مثل أو أشد من تساهل في أوامر الله ونواهيه وشريعته وبحجة التسامح يقولون الدين سمح نعم الدين سمح في تشريعاته وليس سمحا في أنك تتركه أو تترك شيئا منه.

    سمح في تشريعاته الله جل وعلا شرع لنا أحسن الشرائع وأكملها ولم يجعل فيها حرجاً علينا وشرع لنا الرخص عند الحاجة شرع لنا الإفطار في رمضان في السفر شرع لنا الإفطار في رمضان للمرض الذي يستدعي الإفطار بشرط أن نقضيه من أيام أخر شرع لنا قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين في السفر هذه السهولة والرخص الشرعية أما الرخص التي يريدها كثير من الجهال أو المغرضين اليوم فمعناها أنك تترك أوامر الله ونواهيه وتأخذ هواك وتتبع شهواتك أو تجاري الناس لئلا تغضب الناس فهذا يجب التنبه له فيجب أن تنتبه لهذا فنقول لا.

    نحن لسنا مع المتشددين ولسنا مع المتساهلين وإنما نحن مع المتوسطين مع الصراط المستقيم مع السبيل المستقيم فهذا طريقنا وهذا منهجنا ..........................ال شيطان ينظر في ابن آدم فإن رأى فيه حبا للخير ورغبة في الخير حمله على التشدد والزيادة ليخرجه عن الطريق السوي وعن الوسطية وإن رأى منه محبة للشهوات محبة للكسل زاده من الشهوات والكسل ومن الضياع من تضييع الواجبات حتى يخرجه إلى جانب السلبية فهو حريص على أن يخرج المؤمنين من الطريقين من طريق الزيادة والتشدد ومن طريق التساهل والتسيب إلا من رحم الله واعتصم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما عليه سلف هذه الأمة فإن هذا الذي يعجز الشيطان ويدحره نسأل الله يجعلنا وإياكم من هؤلاء من أهل الوسط في الدين الله عز وجل فهذا أمر مهم --- والشيطان وأعوانه من شياطين الإنس والجن يروجون الشبهات على الناس إما في عقيدتهم بالشبهات والتشكيك والإلحاد وإما في أخلاقهم وفي سلوكهم في إتباع الشهوات (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) هذا من باب التحذير من أصحاب الشهوات وأصحاب الشبهات يجب أن نكون على حذر جاء ثلاثة نفر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحركت فيهم الديانة وحب الخير فجاءوا إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم يسألونهن عن عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبرنهم بذلك وكأنهم تقالوا عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قالوا أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال أحدهم أما أنا فأصلي ولا أنام وقال الأخر أما أنا فأصوم ولا أفطر وقال الثالث أما أنا فلا أتزوج النساء يريد التبتل عبادة يرد التعبد لله وقال رابع أنا لا أكل اللحم يريد أن يضيق على نفسه فلم بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم خبرهم غضب صلى الله عليه وسلم لأن هذا طريق انحراف بحيث أنهم يضنون أنه طريق صواب فخطب صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا أما أنا فأصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء ، وفي رواية: وأكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني هذا جانب الغلو وزيادة عن ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وفي جانب التساهل الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقطع يد السارق ويرجم الزاني ويجلد شارب الخمر ويقيم الحدود والتعزيرات على العصاه منعاً لتساهل وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر منعا لتساهل فهذا يجب أن نعرفه وأن نحافظ عليه وأن نسير عليه وأن نبينه للناس لأن حاجة الناس اليوم لهذا أشد لأن الناس يتنازعهم تياران تيار الغلو والتشدد وتيار التساهل والضياع فيجب أن نعرف هذا الأمر وأن نوضحه للناس وأن نتمثله لأنفسنا أولاً حتى نكون من أمة الوسط نكون على الوسطية التي هي ديننا.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: الوسطية بين الحقيقة والادعاء

    ......
    أخى الكريم .. بعد انتقال رسول الله إلى مثواه .. أورثنا الله ( نحن المسلمون ) هذه الرسالة : لكى نقوم ببلاغها من بعده ( إلى غير المسلمين ) ..
    وجعلنا الله شهداء عليهم .. وجعل الله نبيه ورسوله شاهداً علينا وعليهم ..
    { لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ }
    ..
    جعلنا الله شهداء على من قمنا بدعوتهم وبلاغهم .
    وجعل رسول الله شاهداً على من قام منا ( نحن المسلمين ) ببلاغ الرسالة . وعلى من تقاعس وتخاذل عن دعوتهم ..
    وشاهداً على من بلغته الرسالة ( من غير المسلمين ) فآمن أو لم يؤمن بها ..

    { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } . .
    .....
    ولكم تحياتى


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الوسطية بين الحقيقة والادعاء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    ......
    أخى الكريم .. بعد انتقال رسول الله إلى مثواه .. أورثنا الله ( نحن المسلمون ) هذه الرسالة : لكى نقوم ببلاغها من بعده ( إلى غير المسلمين ) ..
    وجعلنا الله شهداء عليهم .. وجعل الله نبيه ورسوله شاهداً علينا وعليهم ..
    { لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ }
    ..
    جعلنا الله شهداء على من قمنا بدعوتهم وبلاغهم .
    وجعل رسول الله شاهداً على من قام منا ( نحن المسلمين ) ببلاغ الرسالة . وعلى من تقاعس وتخاذل عن دعوتهم ..
    وشاهداً على من بلغته الرسالة ( من غير المسلمين ) فآمن أو لم يؤمن بها ..

    { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } . .
    .....
    ولكم تحياتى

    بارك الله فيك أخى الكريم السعيد شويل

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •