تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الإستثمار في المصارف الإسلامية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,509

    افتراضي الإستثمار في المصارف الإسلامية

    الاستثمار في المصارف الإسلامية




    أ. مصطفى أبو زيد مفتاح[*], د.أحمد سفيان[*]





    ملخص البحث:


    يري البعض أن مفهوم الاستثمار من منظور المصرف الإسلامي هو, أي توظيف للنقود والأموال لأي أجل وفي أي أصل أو حق ملكية أو ممتلكات أو مشاركات, للمحافظة علي المال أو التنمية, والحصول علي منافع في المستقبل, سواء كان ذلك بأرباح دورية, أو بزيادات في قيمة الأموال في نهاية المدة, ويلعب النشاط المصرفي دورا إيجابيا في الخدمات والتمويل والاستثمار في مختلف الأنشطة المالية والاقتصادية والاجتماعية, فالمصارف اليوم تنظم علاقة المجتمع, وتسهل عملية التعامل بين الأفراد والمجتمعات, وتحل القضايا المعيشية, ومن هنا أدرك العلماء ضرورة الاستفادة من النشاط المصرفي الإسلامي, ولكن بوسائل مشروعة تتفق مع الدين الإسلامي, وتتنوع في استخدام مواردها بما يخدم أهداف الاستثمار والتنمية الاقتصادية في الدول الإسلامية, وأوجدت هذه المصارف أنظمة للتعامل الاستثماري في جميع القطاعات الاقتصادية, هي صيغ الاستثمار الإسلامية (مشاركة, مضاربة, مرابحة, إجارة...الخ) إلى غير ذلك من أنواع صيغ الاستثمار, التي تصلح للاستخدام في كافة الأنشطة الاقتصادية, بما يعطي فرصة أكبر لتطوير الاستثمارات المتاحة, وعليه فسوف تتناول هذه الورقة عدة مباحث, يتناول المبحث الأول: مفهوم الاستثمار في المصارف الإسلامية, والاستخدامات المختلفة له, وأهميته, والمبحث الثاني: أهداف الاستثمار وضوابطه, والمبحث الثالث: علاقة المخاطرة بالاستثمار الإسلامي, والدعائم الأساسية له لتحقيق التنمية الاقتصادية, والمبحث الرابع: يتناول الاستثمار والالتزام الشرعي, والسلامة الاقتصادية له, والمبحث الخامس: يتناول القيود القانونية علي الاستثمارات الإسلامية.

    Abstract:
    Some believe that the concept of investment from the perspective of the Islamic Bank is any employment of money and the money of any order and in any asset or property right or property or posts and to maintain the money or development, access to benefits in the future, whether it be profit patrol or increases in the value ofmoney at the end of term. Banking activity and plays a positive role in services, finance and investment in various financial, economic and social activities Banks today organize community relationship and facilitate the process of interaction between individuals, communities and livelihood issues resolved. Hence, scientists realized the need to take advantage of Islamic banking activity, but by legitimate means in conformity with the Islamic religion is varied in the use of resources to serve the investment and economic development objectives in Islamic countries, and created these banks to handle the investment in all sectors of the economy systems are Islamic investment formats (Post, speculation, Murabaha, Ijara....etc.) to the other types of investment formats that are suitable for use in all economic activities, including giving greater opportunity for the development of investments available. Therefore, this paper will address several sections deals with the first topic the concept of investment in Islamic banks and the various uses of his importance, and the second section of investment and controls the goals, and the third section risk relationship of Islamic investment and basic props him to achieve economic development, and the fourth section deals with investment and commitment to the legitimate economic and safety to him, and Section V deals with legal restrictions on the Islamic investments.

    المقدمة:


    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين, وبعد, فإن هذا البحث يعنى بوجوه الاستثمار المالي, من خلال أنماط المعاملات التي تقرها الشريعة الإسلامية, ووفق ضوابطها, وذلك من خلال المباحث التالية:

    المبحث الأول: مفهوم الاستثمار في المصارف الإسلامية, والاستخدامات المختلفة له, وأهميته.

    المبحث الثاني: أهداف الاستثمار وضوابطه.

    المبحث الثالث: علاقة المخاطرة بالاستثمار الإسلامي والدعائم الأساسية له لتحقيق التنمية الاقتصادية.

    المبحث الرابع: يتناول الاستثمار والالتزام الشرعي والسلامة الاقتصادية له.

    المبحث الخامس: يتناول القيود القانونية علي الاستثمارات الإسلامية.

    المبحث الأول


    مفهوم الاستثمار وأهميته وأهدافه وضوابطه.


    المطلب الأول: مفهوم الاستثمار


    الاستثمار شرعا: يطلق الاستثمار في الشريعة الإسلامية على تنمية المال, بشرط مراعاة الأحكام الشرعية في استثماره, فهو طلب ثمرة المال ونمائه في أي قطاع من القطاعات الإنتاجية, سواء كان ذلك في التجارة والصناعة, أو غيرهما من الأنشطة الاقتصادية, أي أن الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي نشاط إنساني ايجابي, مستمد من الشريعة الإسلامية, ويؤدي إلى تحقيق وتدعيم أهداف النظام الاقتصاد الإسلامي, من خلال الأولويات الإسلامية التي يعكسها واقع الأمة, بتوظيف المال للحصول علي عائد منه, وتنمية ثروة المجتمع بما يحقق مصلحة الفرد والجماعة.
    وقد حث الإسلام علي الاستثمار, ففي القران الكريم آيات عديدة تدعو إلى استخدام المال وتنميته, منها, قوله تعالي: ﴿هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور﴾ (الملك:115).
    ففي هذه الآية دعوة صريحة للعمل في الأرض, واستثمار طيباتها التي سخرها الله للبشر, قال تعالي: ﴿وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله﴾ (المزمل: 20).
    إن استثمار الأموال بالمشاركة أو المضاربة أو التأجير, أو غيرها من قنوات الاستثمار الإسلامية, يعمل علي تأسيس مشروعات إنتاجية حقيقية, ويعمل علي دوران الأموال, هذا الدوران يمثل الدم المتدفق المتجدد في قلب الاقتصاد في المجتمع, إذ به تتحقق الدخول, ويزيد الطلب الحقيقي علي السلع والخدمات, وتزيد معدلات الادخار والاستثمار, وهكذا تدور عجلة الاقتصاد والإنتاج, لتحقيق رفاهية المجتمع.
    مفهوم الاستثمار في المصارف الإسلامية:

    إن التعريف الواسع للاستثمار لا يحدد الأجل, لكي يعتبر التوظيف استثمارا, لصعوبة فصل الآجال لاسيما إن كانت العمليات متجددة, كما أن هذا التعريف لا يقتصر علي الاستثمار في أصول ثابتة, بل يمكن أن يمتد إلى الأصول المتداولة والبضائع والمعادن.

    إن هذا التعريف عام وشامل, إلا أنه في رأي الباحث به قصور, لأنه لم يشير إلى أهم خاصية الاستثمار في المصرف الإسلامي, وهي استثمار المال في ضوء أحكام وضوابط الشريعة الإسلامية, كما تقوم المصارف الإسلامية بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في شتي المجالات, الزراعية والصناعية, وغيرها, عن طريق المصرف نفسه أو بالمشاركة مع غيره, علاوة علي ما سبق فإن سياسة الاستثمار في المصارف الإسلامية, لا تقتصر على توظيف أموالها لتحقيق عائد مادي فقط, بل تشمل كذلك تمويل الاستثمارات, التي تحقق عائدا اجتماعيا ومعنويا, كنشر الوعي الإسلامي بين أفراد المجتمع عند تطبيقه في المصارف.

    والاستثمار وفق المنهج الإسلامي له طبيعة خاصة ومميزة, هي ارتباطه بأحكام الشريعة الإسلامية بشكل شمولي, ولذا فهو يرتبط بمقدمات أساسية, تختلف عن المقدمات التي يرتبط بها الاستثمار غير المتقيد بالمنهج الإسلامي, وهذا الاختلاف الجوهري هو في الحقيقة مصدر كل الاختلافات اللاحقة, ويمكن تحديد المعالم الأساسية للمنهج الإسلامي من خلال النقاط التالية:
    أولا: ارتباط المنهج الإسلامي للاستثمار بالمنهج الرباني: ويعني ذلك أن النشاط الاستثماري يجب أن يمارس في إطار القواعد والأحكام الشرعية.
    ثانيا: مجالات الاستثمار في المنهج الإسلامي: إذ يخضع تحديد مجالات الاستثمار في المنهج الإسلامي لأحكام الشريعة الإسلامية, أي الحلال والحرام, ويشمل ذلك مجموعتين من الأنشطة:
    المجموعة الأولي: يعتبر الاستثمار فيها محرما أساسا, مثل التعامل الربوي ويشمل ذلك الإنشاء أو المساهمة في إنشاء المصارف التي تتعامل بالربا, إقراضا واقتراضا, وإيداع الأموال فيها, والتوظيف المالي في السندات, وامتلاك أسهم المصارف الربوية, والتعامل بالخمور والمخدرات.
    المجموعة الثانية: وهي استثمارات مباحة في الأصل (كالبيع مثلا) ولكن تلحق بها تصرفات تخالف أحكام الشريعة, وهنا لا يحرم الاستثمار, بل يحرم التصرف اللاحق, ويشمل ذلك: الاحتكار, والبيوع الممنوعة والمنهي عنها.
    ثالثا: أهداف الاستثمار في المنهج الإسلامي, والذي يشمل نماء المال وتحقيق التنمية الاقتصادية.

    الاستخدامات المختلفة لمصطلح الاستثمار:

    1- الاستخدام الأول: الاستثمار بمعني: توظيف النقود لأي أجل:
    يعرف معجم مصطلحات الاقتصاد والمال (الاستثمار) بأنه: عملية توظيف المال, وفي الموسوعة الاقتصادية: الاستثمار: هو الإنفاق المالي أم العيني المستخدم في المجال الاقتصادي, بغض النظر عن طابعه الإنتاجي أو غير الإنتاجي, وفي معجم أكسفورد: الاستثمار: أي توظيف أو استغلال للأموال.
    2- الاستخدام الثاني: الاستثمار بمعني: توظيف الأموال لأجل طويل نسبيا:
    تستخدم كلمة "استثمار" ويراد منها: توظيف الأموال لفترة طويلة نسبيا, فتشمل بذلك الأموال التي تخصص لشراء أسهم شركات أو سندات أو سلع رأسمالية, للاحتفاظ بها فترة طويلة نسبيا.
    3- الاستخدام الثالث: الاستثمار بمعني: توظيف النقود في أوراق مالية:
    وهذا هو الاستخدام السائد لدي المصارف التجارية التقليدية, فالاستثمار –بهذا المنظور– يعني شراء أوراق مالية كاحتياطي وقائي للسيولة, أو لمتطلبات تشغيل الأموال المتاحة في أصول سهلة التحويل إلى نقدية نسبيا.
    4- الاستخدام الرابع: الاستثمار بمعني الإنفاق الرأسمالي:
    وهذا المعني من منظور الشركات, تجارية أو صناعية أو زراعية أو خدمية, لتميز بذلك بين الإنفاق الرأسمالي والإنفاق الجاري, فالأول يشمل أي نوع من الإنفاق علي أصول يتوقع منها تحقيق عائد للمنشأة, كالمباني والآلات والتجهيزات, سواء أكان ذلك لاستحداث مشاريع جديدة, أو استكمال مشاريع قائمة أو تبديلها, ولا ينصرف مفهوم الاستثمار عند الشركات إلا إلى هذا, وأما الإنفاق الجاري أو ما يعرف "بالمصروفات التشغيلية" فهو المصروفات التي تكون بشكل دوري, كالأجور والصيانة وشراء المواد الخام ونحو ذلك.
    5- الاستخدام الخامس:الاستثمار بتوظيف الأموال في أصول ذات مخاطر محدودة:
    تستخدم كلمة "استثمار" كثيرا ويراد منها: الارتباط الخالي نسبيا من الخطر والخسارة, فالأملاك والأسهم, وغيرها من الأشياء ذات القيمة لا تعتبر استثمارا, إلا إذا كانت أسعارها راسخة, وعلي أسس متينة نوعا ما, وكانت تغل دخلا منتظما, وقيمتها قابلة للارتفاع علي المدى البعيد.

    المطلب الثاني


    أهمية الاستثمار في المصارف الإسلامية


    لا سبيل أمام المصرف الإسلامي لكي يقوم وينجح ويثبت وجوده –وهو لا يقترض ولا يقرض بفائدة– إلا أن يستثمر بنفسه وأن يشارك مع غيره في استثمارات, ومن عائد استثماراته يغطي مصروفاته الإدارية, وأن يوزع أرباحا علي المستثمرين معا, وبدون الاستثمار في المصارف الإسلامية لا يكون هناك أمل في نجاحها, ذلك أن أي عائد آخر يتحقق عادة من عمليات مصرفية, لن يضمن لها الاستمرار علي قيد الحياة, ولا يتوقف دور الاستثمار في المصارف الإسلامية كأداة لتحقيق الربح, بل يمثل الأداة الرئيسة لتحقيق غالبية الأهداف الأخرى للمصرف, مثل المساهمة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع, والمساهمة في إقامة نظام اقتصادي إسلامي.
    وعلي ذلك فالاستثمار: يشكل طبيعة عمل المصارف الإسلامية وذاتها بل وحياتها, ولا يتصور لها الاستمرار بدونه, ومن ذلك ألزمت الضرورة علي ما حققته الصناعة المالية الإسلامية من نجاحات في التوزيع الجغرافي والنوعي, بيان أهمية واقع الاستثمار وأدواته في الصناعة المالية الإسلامية, وتكمن أهمية الاستثمار في المصارف الإسلامية في الآتي:
    1- الاستثمار في المصارف الإسلامية عمل أصيل, يهدف إلى توجيه أموال المصرف لتحقيق الربح للأطراف ذات العلاقة أصحاب المصلحة.
    2- يعتبر الاستثمار وعاء إضافي لاستقبال الودائع وتوظيفها, من خلال العقود الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة.
    3- يعتبر الاستثمار والتمويل من خلال المشاركة, لتحقيق الربح والمشاركة في الخسارة, من أنسب الصور التي يمكن أن يعتمد عليها المصرف الإسلامي.

    4- الاهتمام بجوهر المشروع المراد الاستثمار فيه, يعتبر أحد الركائز التي يقوم عليها المصرف الإسلامي, وليس فقط التمويل النقدي مقابل الضمان.

    5- تعتبر المصارف الإسلامية من المؤسسات الرئيسة التي تساهم في ازدهار الاقتصاد, من خلال المساهمة في المشاريع الاستثمارية في المجالات المتعددة, التي تدعم نمو الاقتصاد الحقيقي.

    6- ساهم الاستثمار الإسلامي بتقديم حلول بديلة للتخلص من الربا, مثل: الاستصناع والسلم, والإجارة, لتمكين المستثمرين من الاستفادة من الأصول, بدلا من الأموال.
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,509

    افتراضي رد: الإستثمار في المصارف الإسلامية

    الاستثمار في المصارف الإسلامية




    أ. مصطفى أبو زيد مفتاح[*], د.أحمد سفيان[*]

    المطلب الثالث


    أهداف الاستثمار في المصارف الإسلامية


    إن الهدف الاسمي للاستثمار الإسلامي, باعتباره الأداة الرئيسة للمصرف الإسلامي والمؤسسات المالية الإسلامية, ومحاولة تشغيل الفائض من رؤوس الأموال الإسلامية, وإدخالها في العملية التنموية, إضافة علي ما تحققه من النهوض بالمستوي الاقتصادي للمجتمعات الإسلامية.
    وهذا يعني أن الربح ليس هدفا أساسيا في الاستثمار الإسلامي, وإن كان داخلا ضمن اعتبارات المستثمر عند اتخاذ قراراته, إلا أن ذلك يكون ضمن مفهوم مختلف للعائد وطريقة خاصة لقياس الربح, ومن هنا يمكن أن نجمل أهم أهداف الاستثمار في المصارف والمؤسسات الإسلامية فيما يلي:
    1- إشراك كل من رأس المال وخبرة العمل في التنمية الاقتصادية.
    2- حصول المستثمر علي الربح الذي يكافئ الدور الفعلي الذي أداه ماله في العملية الاستثمارية.
    3- تحرير الفرد المسلم والمجتمع من التبعية الاقتصادية.
    هذه هي مجمل أهداف الاستثمار في الإسلام, وهي أهداف لا يمكن تحقيقها إلا بعد كفاح طويل من قبل المستثمر, ولذا تقوم المصارف الإسلامية بدراسة المشروعات وتقييمها قبل تمويلها, وتولي الخبراء والاختصاصيين بقسم الاستثمار في المصارف الإسلامية, دراسة المشروعات المقدمة للاستثمار والجدوى الاقتصادية لها, ومعرفة درجة المخاطر.
    خصائص الاستثمار المصرفي الإسلامي:

    لنجاح المصارف الإسلامية واستثمار الأموال وفق أحكام الشريعة الإسلامية, وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة, ألزمت الضرورة علي المصرف استثمار أمواله طبقا لأحكام القانون والشريعة الإسلامية, لما لها من أثر على تحقيق التنمية الاقتصادية, وحياة سعيدة للفرد والمجتمع, وبالتالي يمكن توضيح خصائص الاستثمار المصرفي الإسلامي فيما يلي:
    1- التحفيز علي الاستثمار المباشر: هناك علاقة مباشرة بين العائد المتوقع من عملية الاستثمار, ونصيب صاحب رأس المال (المصرف), وهذا يحفز الأفراد علي زيادة جهودهم لتنمية دخولهم.
    2- التعدد: لا يفرض البنك الإسلامي مبالغ محددة للاستثمار, فالفرصة مواتية لأصحاب المدخرات, كبيرة كانت أو متوسطة أو صغيرة.
    3– الموازنة: وتتم بين النواحي المعنوية والمادية, حيث تتغلب مصلحة المجتمع علي مصلحة الفرد (العائد).
    المطلب الرابع


    ضوابط الاستثمار في المصارف الإسلامية


    يقوم الاستثمار في المصارف الإسلامية علي مبدأ الاستخلاف, والذي يعني (أن المال مال الله, وأن البشر لا يملكون إلا حق الانتفاع به), وبعبارة أخرى فهو يعني (أن الموارد الطبيعية ملك للبارئ جل وعلا, وأن البشر مستخلفون من الله تعالي في استخدام هذه الموارد, بالقدر الذي يمكنهم من تحقيق عمارة الأرض التي استخلفوا فيها), قال تعالي: ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾ (البقرة:30).
    المطلب الرابع


    ضوابط الاستثمار في المصارف الإسلامية


    1- التعامل في الطيبات دون المحرمات.

    الاستثمار في الإسلام يجب أن يقتصر علي العمل الصالح فقط, أما العمل المحرم فهو بعيد كل البعد عن الاستثمار الإسلامي, قال تعالي: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (الأعراف:33), وقال سبحانه: (يا أيها اللذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) (آل عمران:130), وقال جل شأنه: (يا أيها اللذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون) (البقرة:278, 279).
    ومن ذلك يتبين لنا أن الربا له نتائج خطيرة علي الفرد والمجتمع ومنها الآتي:
    1- الربا يجعل مدير الأعمال يواجه بنفسه أخطار الخسارة.
    2- الربا يؤدي إلى عدم العدالة في التوزيع وتحويل الثروة.
    3- الربا يؤدي إلى الديون الفردية والدولية.
    4- الربا يسبب الأزمات الاقتصادية والمالية والتسويقية.
    5- الربا يسبب التدهور الأخلاقي والجرائم.
    6- الربا يسبب الانهيار الاجتماعي والقطيعة بين أصحاب المال ومديري المشاريع.
    مما سبق يتضح لنا أن منع الربا يعتبر أحد الضوابط الأولي للاستثمار في المصارف الإسلامية, ووجوده هو السبب الرئيس الذي أدى إلى عزوف المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال للتعامل مع المصارف التقليدية (الربوية), وبالتالي اتجهت أنظارهم إلى استثمار أموالهم في المصارف الإسلامية.

    2 منع الاحتكار:
    وهو يعني حبس الأشياء التي تشتد حاجة الناس إليها, سواء كان ذلك سلعا أو خدمات, بحيث يتضررون من حبسها عنهم, ويكون فيه استغلال لهم, من أجل رفع الأسعار والإضرار بهم, وقد حرم الاحتكار عامة, لاشتماله على أضرار بالمجتمع.
    المطلب الخامس


    علاقة المخاطرة بالاستثمار الإسلامي


    هناك علاقة وثيقة بين الاستثمار الإسلامي وبين تحمل المخاطر (الهلاك الكلي أو الجزئي, أو انخفاض القيمة).
    وهذا التلازم بينهما مرده إلى أن تحمل المستثمر المخاطرة هو أهم خصائص الاستثمار الإسلامي, الذي يتميز عن التعامل الربوي المضمون العائد للمقرض بفائدة, وهذا المبدأ أرساه الحديث الشريف الموجز الذي نصه "الخراج بالضمان", (صحيح ابن حبان 11/298, المستدرك: 2/18) أي ما يخرج ويتحصل من مكاسب مناط استحقاقه شرعا, بتحمل التبعة والمسؤولية عن الخسارة أو التلف حال وقوعهما, وقد صاغ الفقهاء في ظل هذا الحديث القاعدة الكلية المعروفة "الغرم بالغنم", وفرعوا عليها كثيرا من التطبيقات في أبواب المعاملات المالية, وترتب عن ذلك الحكم علي العائد بأنه ربح حلال أو كسب مشروع, أو أنه كسب غير مشروع ومنهي عن تملكه, استنادا إلى الحديث الآخر المكمل للحديث السابق, وهو أن رسول الله e "نهي عن ربح ما لم يضمن",(المستدرك2/21), وحديثه e: "بم يستحل أحدكم مال صاحبه"(صحيح مسلم 3/1190).
    فمن المعروف أن الشريعة حرمت إلقاء النفس في التهلكة ودعت إلى الحرص علي تحصيل المنافع والمصالح ودرء المضار والمفاسد, وقد تم التنويه على أن تحمل المخاطر هو من خصائص الاستثمار الإسلامي, الذي يميزه عن التعامل الربوي المضمون الأصل, وبالتالي فإن دراسات الجدوى مع وجوب تحري الدقة فيها, لأن المال لا يؤخذ بالاشتراط, والعبرة بالنتائج الفعلية للعمليات وما يتحقق من ربح أو خسارة (إن موضوع دراسة الجدوى في تحميل المسؤولية يحتاج إلى مزيد من البحث).

    المبحث الثاني


    إدارة الاستثمار وتجارب الدول في تمويل المشروعات


    الصغيرة لتحقيق التنمية الاقتصادية.
    المطلب الأول: الدعائم الأساسية للاستثمار في المصارف الإسلامية
    المصارف الإسلامية تزداد وتتضاعف وتنافس المصارف التقليدية من حيث الاستثمار, وتطبيق الشريعة الإسلامية فيها, ويعتمد ذلك علي الآتي:
    1- التناغم بين الخطط الاقتصادية للدول, التي توجد فيها المصارف الإسلامية, والعمل علي دعمها, بقصد تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية الملحة في تلك الدول.
    2- المواءمة بين مصادر التمويل, والصيغ والأدوات التمويلية والاستثمارية المستخدمة, بما يلبي كافة الاحتياجات الحقيقية للواقع.
    3- إن فرص الاستثمار والتمويل في المصارف الإسلامية, قادرة ومستمرة لتحقيق التنمية الاقتصادية, وهي استراتيجية وفرص لا تتوفر في المصارف التقليدية, لأن هدفها الربح, وهي دائما تنظر إلى كبار المستثمرين, ولا تنظر إلى صغارهم.
    4- التعامل والتناسق فيما بينها وبين غيرها, من خلال ما هو موجود فعلا من أدوات وصيغ التمويل, مع العمل علي تطويرها, فمن الأدوات والأساليب: المحافظة علي الاستثمار, وهنا يكون من الأولي توجيه رؤوس الأموال الإسلامية وتشجيعها للاستثمار في البيئة المناسبة لها.
    5– صياغة نموذج خاص وفق المعطيات الشرعية للسلوك الاستهلاكي الرشيد, وتوفير القنوات الادخارية المصرفية وفق الشريعة الإسلامية.
    6- تشجيع وتمويل الصناعات التصديرية, وتنويعها للأفكار التمويلية, لتحفيزها علي أداء دورها, وتحمل مسؤولياته في التنمية الاقتصادية.
    مما سبق يتضح أن المصارف الإسلامية بهويتها, تقدم حلولا للاستثمار, وفق الشريعة الإسلامية, ومواكبة التطور وتقديم استراتيجية واضحة للاستثمار, لبناء تنمية اقتصادية حقيقية للبلاد, والابتعاد عن الربح المحرم (الفائدة).
    يتبع
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,509

    افتراضي رد: الإستثمار في المصارف الإسلامية

    الاستثمار في المصارف الإسلامية




    أ. مصطفى أبو زيد مفتاح[*], د.أحمد سفيان[*]

    المطلب الثاني


    علاقة الاستثمار في المصارف الإسلامية لتحقيق


    التنمية الاقتصادية


    تقوم المبادئ الإسلامية في الاستثمار, علي أساس مشاركة أطراف العلاقة الاقتصادية في الغنم والغرم, فإن نجحت المشروعات التي تقيمها هذه الأطراف غنموا جميعا, وإن خسرت تضامنوا في تحمل الخسارة, وبذلك تتحقق المبادئ الاقتصادية الإسلامية في الكفاية والعدالة والتنمية والتوازن, إضافة إلى تحقق المبادئ الاجتماعية الإسلامية من تراحم وتعاون وتكافل.
    إن استثمار الأموال بالمشاركة والمضاربة والتأجير, وغيرها من قنوات الاستثمار الإسلامية, نجد أن الاستثمار يعمل علي تأسيس مشروعات إنتاجية حقيقية, ويعمل علي دوران الأموال, هذا الدوران يمثل الدم المتدفق المتجدد في قلب الاقتصاد في المجتمع, إذ به تتحقق الدخول, ويزيد الطلب الحقيقي علي السلع والخدمات وتزيد معدلات الادخار فمعدلات الاستثمار, وهكذا تدور عجلة الاقتصاد والإنتاج.
    والشكل التالي يبين الكيفية التي بها يتحقق النمو الاقتصادي عن طريق سيادة مبادئ المشاركة والمضاربة لتحقيق الاستثمار.
    الاستثمار عن طريق المشاركة أو المضاربة
    تأسيس مشروعات إنتاجية حقيقية
    توليد الدخول

    زيادة الطلب الفعال
    زيادة معدلات الإنتاج
    زيادة الدخول مرة أخرى

    زيادة معدل الادخار زيادة معدل الاستهلاك
    زيادة معدل الاستثمار زيادة الطلب
    وهكذا تدور عجلة الاقتصاد والتنمية

    ويمكن تصور نتائج هذه المتوالية, من أثر فعال في تقديم الحل الأمثل لمشكلة قديمة حديثة مستعصية هي الفقر الذي يشكل إحدى الحلقات المفرغة للتخلف.
    يقوم مفهوم الحلقات المفرغة للتخلف علي حقيقة مفادها: "نظرا لأن البلد فقير, فإنه لا يتطور, ونظرا لأنه لا يتطور فإنه يبقي فقيرا", فالبلد الفقير يتسم بانخفاض مستويات التعليم والتدريب, الأمر الذي يفضي إلى تدني مستويات الإنتاجية فيه إلى الحد الأدنى, وبالتالي نستطيع أن نتصور مدي انخفاض الدخول في هذا البلد, مما يعني انخفاض الطلب, (وبالتالي انخفاض الإنتاج) من جهة, وانخفاض معدل الادخار, (وبالتالي انخفاض معدل الاستثمار) من جهة أخرى, والنتيجة النهائية أن هذا يؤدي إلى مزيد من الفقر.
    والحلقات المفرغة ما هي إلا نظرية من النظريات المفسرة للتخلف الاقتصادي وتأتي الحلقة المفرغة للربط بين مظاهر التخلف وبيان حقيقة البلدان المتخلفة اقتصاديا يكون مستوي الإنتاجية فيها متدنيا بسبب ندرة رأس المال وعدم اكتمال السوق والتخلف الاقتصادي وتدني مستوي التطور.
    إن الحلقات المفرغة للفقر تعمل من جهة الطلب ومن جهة العرض, فمن جهة الطلب فان المستوي التدني للدخل الحقيقي يقود إلى مستوي متدني من الطلب والذي يقود بدوره إلى معدل متدني من الاستثمار, ومن ثم ندرة رأس المال وتدني الإنتاجية ومن ثم تدني الدخل.
    أما من جانب العرض فان انخفاض الإنتاجية ينعكس في تدني الدخل الحقيقي وان ذلك ينعكس في تدني الادخار وهذا يقود إلى تدني الاستثمار والي ندرة رأس المال بدورها تقود إلى مستوي متدني من الإنتاجية ونعود مرة أخرى إلى تدني الدخل, وهكذا فان الحلقة المفرغة تتكامل من جانب العرض هذه المرة.
    ويلاحظ من الشكل البياني بان تدني الاستثمار وندرة رأس المال يشكلان ظاهرة مشتركة لكلا الحلقتين, ولهذا يعتبر أن الفقر والتخلف الاقتصادي مترادفان.
    والواقع أن نظرية الحلقة المفرغة تعجز عن تقديم تفسير مقنع لظاهرة التخلف لأنها اعتبرت رأس المال في البلدان النامية متغيرا مستقل والتخلف الاقتصادي متغير تابع, أي أنها تفسر وجود حالة التخلف من خلال ندرة رأس المال, وعليه فإنها تغفل الجانب التاريخي لمشكلة ندرة رأس المال وما ينجم عنها من تخلف, إذ أن السيطرة الاستعمارية تعتبر ضمن هذا التفسير هي المتغير المستقل وهي المسبب, وان ندرة رأس المال متغير تابع, وناتج عن السيطرة الاستعمارية.

    والشكل التالي يمثل هذه الظاهرة:
    جانب العرض جانب الطلب
    المطلب الثالث


    الاستثمار والالتزام الشرعي


    سيتم التطرق هنا إلى أهم ما يميز الاستثمار في المصارف الإسلامية, والتي يجب فيها التأكد من أن النشاط المطلوب -أي الاستثمار أو تمويله- يدخل ضمن نشاط وخبرة متوفرة لدي المصرف والعميل, ولابد من أن تكون جميع أنشطة المشروع منضبطة وفقا للشريعة الإسلامية, ومن أهم ما يجب الحرص عليه, ما يلي:
    أولا: الالتزام بالبيوع الحلال, ومنع بيوع الخبائث, والبيوع الربوية.
    ثانيا: عدم عمل دراسة هيكل تمويل المشروع علي أساس الاعتماد ولو في جزء منه علي التمويل بالاقتراض بالفائدة.
    ثالثا: عدم عمل تخطيط باستخدام الأموال الفائضة عن حاجة المشروع, في شراء مستندات أو شهادات استثمار أو أذون خزانة أو إيداعها في مصرف بفائدة.
    رابعا: الالتزام بالإنتاج والنشاط الحلال, بالالتزام بإنتاج الطيبات, وعدم إنتاج الخبائث مثل (الخمور والسجائر), أو إنتاج مواد أو عمل دعاية وتسويق لها, وكذلك يجب أن يكون النشاط موافقا لشرع الله.
    خامسا: مراعاة أولويات الشريعة الإسلامية, بحيث يتم مراعاة الأولويات عند اختيار مشروع معين أو طرح مشروع للجمهور, أو المقارنة بين عدة مشروعات, وإعطاء الأولويات, وهي الضروريات, ثم الحاجيات, ثم التحسينات, لأن الهدف هو تنمية المال وفق شرع الله, وليس الحصول علي الربح.
    سادسا: البعد عن المشروعات الملوثة للبيئة, التي تسبب الأضرار للآخرين, وتلوث البيئة المحيطة بها, وتتسبب في الإصابة بالأمراض, تطبيقا للقاعدة الشرعية: "لا ضرر ولا ضرار" (ابن ماجة 2/784, البيهقي 6/156).
    سابعا: يجب عرض المشروع علي الهيئة الشرعية للالتزام التام, بكل تعليماتها قبل وأثناء وبعد التنفيذ.
    المطلب الرابع


    السلامة الاقتصادية للمشروع عند عملية الاستثمار


    نحن نؤمن بأنه لا يمكن فصل الاقتصاد عن الدين, كما لا يمكن تحسين الأحوال الاقتصادية للمسلمين بمعزل عن تحسين أموالهم الاقتصادية والاجتماعية, وهو نفس الاتجاه الذي بدأ المفكرون الغربيون يؤمنون به, علي عكس الفكرة القديمة بوجود ما يسمي بالاقتصاد البحت.
    ومن الضروري الإشارة إلى أن تقييم السلامة الاقتصادية والاجتماعية, من أكبر القضايا في صناعة قرارات الاستثمار, ومن هنا يتم تقييم كل عنصر من عناصر قرارات الاستثمار في المصرف الإسلامي, ويعتبر المشروع سليما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية إذا توافرت فيه الشروط التالية:
    1- تحقيق المشروع قيمة مضافة صافية حقيقية, للدخل القومي بالنسبة للمقيمين في الدول الإسلامية.
    2- إسهام المشروع في إحداث توازن بين العمالة واستقرار الأسعار.
    3- استخدام المواد الاقتصادية في أقيم استخدام لها سواء علي المستوى التخصصي أو المستوي الإنتاجي (الفني).
    4- إسهام المشروع في تحسين ميزان المدفوعات, ولاسيما في البلاد التي تعاني من عجز فيه, أو من نقص في العملة الأجنبية اللازمة للبلاد.
    5- إسهام المشروع في توزيع الدخل بين الطبقات, وبين المناطق والأجيال الحاضرة والقادمة.
    6- إسهام المشروع ليس فقط في تحسين الظروف البيئية والمادية, بل وفي تحسين الظروف المعنوية وتدعيم إنسانية الإنسان أيضا.
    إن أهمية المواد البشرية تنبع من حقيقة أنه لا يمكن إدارة الإنتاج دون العامل البشري, وفي المراحل الأولى للتنمية فإن العمل المادي هو الوحيد المسئول عن استخراج المواد من الطبيعة, ومع تراكم الفائض فإن العامل الإنساني يلعب دورا مهما ومتزايدا, وإن جانبا مهما من مساهمة الموارد البشرية في التنمية هي عندما يعمل الفرد كمدير ومنظم.
    إلا أن ما يلاحظ علي البلدان النامية, هي أنها اتجهت نحو الاستثمار (أي تكوين رأس المال) المادي دون الاهتمام بالاستثمار في الموارد البشرية, لعدة أسباب:
    1- إن الفترة التي تستغرقها عملية الاستثمار في تنمية الموارد البشرية, غالبا ما تكون طويلة, ولذا فان ثمار مثل هذا النوع من الاستثمار لا تظهر بصورة سريعة.
    2- عدم توفر الدراسات الكافية التي تبرهن علي وجود علاقة بين الاستثمارات في تنمية الموارد البشرية وبين الناتج القومي.
    3- تركيز معظم الاقتصاديين في دراساتهم, حتى وقت قريب, على دور رأس المال المادي في عملية التنمية.
    ويمكن القول أن فشل أو تعثر برامج التنمية في البلدان النامية, كثيرا ما ينجم عن فقدان الملكات الماهرة, وليس عدم توافر الموارد المالية.
    المطلب الخامس


    القيود القانونية علي الاستثمارات في المصارف الإسلامية


    قامت السلطات التشريعية في كافة الدول علي سن القوانين الصارمة, لكبح جماح المصارف التجارية, وتقييد أنشطتها الاستثمارية وإخضاعها لرقابة محكمة من قبل المصارف المركزية وكان الهدف من هذه القيود أمرين أساسيين هما:
    الأول: حماية أموال المذيعين, بعدم تعريضها لمخاطر أو مجازفات لا تؤمن عليها.
    الثاني: منع المصارف –بما لها من إمكانات مادية هائلة بسبب احتكارها للودائع– من تعدي وظيفتها الأساسية وهي (الوساطة) إلى مزاحمة الشركات التجارية الأخرى.
    وفيما يلي نماذج لبعض القيود التي تحجم مفهوم الاستثمارات المصرفية والتي تكاد قوانين معظم الدول تتفق عليها:
    1- تمنع المصارف من الاستثمار في أي عمل يستلزم امتلاك أصول أو موجودات عينية, أو مزاولة التجارة لحسابها أو لغيرها, أو امتلاك أصول طويلة الأجل.
    2- تضع قوانين معظم الدول سقوفا عليا للأنشطة الاستثمارية التي تنطوي علي ائتمان, ولا يحق للمصرف أن يتجاوز تلك النسب أو السقوف.
    3- كما فرضت القوانين نسبا معينة للحصص التي يحق للمصرف أن يمتلكها من أسهم الشركات المساهمة, وليس له أن يتجاوز تلك النسب.
    4- تمنع قوانين كثير من الدول البنوك الاستثمار في غير الأوراق المالية, إلا بتراخيص استثنائية, وفي حدود نسب وشروط تحددها الجهات الرقابية, ولذا فليس للبنك المشاركة في استثمارات حقيقية, أو أن يتعامل في القيم المالية المنقولة الأخرى.
    5- تلزم القوانين عادة البنوك التجارية, بالاحتفاظ بوديعة نقدية نظامية محددة لدى البنوك المركزية, وعدم إدراجها ضمن أنشطتها الاستثمارية.
    النتائج:

    أهم النتائج التي توصل إليها الباحث في هذه الورقة, كالآتي:
    1- الاهتمام الشديد الذي أولاه الإسلام لاستثمار الأموال, بغية تحقيق التنمية الشاملة وإقامة مجتمع اقتصادي منتج, ينعم أفراده بحياة طيبة, وحرصه علي تشجيع الأفراد لاستثمار مدخراتهم, وعدم اكتنازها وتعطيلها مستعينا بكل ما لديه من وسائل وأساليب محفزة علي الاستثمار في المصارف الإسلامية.
    2- تتمثل أهم الضوابط الشرعية لاستثمار الأموال في المصرف الإسلامي, والالتزام بالقيم العقائدية, وتحقيق التوازن في الاستثمار وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية واجتناب الضرر في استخدام المال والالتزام الشرعي في المصارف الإسلامية.
    3- تتسم سياسة الاستثمار في المصارف الإسلامية عن غيرها من المصارف بالعديد من الخصائص يمكن تلخيصها فيما يلي:
    - استبعاد التعامل بالفائدة.
    - المشاركة في الغنم بالغرم.
    - تقرير العمل كمصدر للكسب.
    - توجيه الاستثمارات لبعض المشروعات الضرورية.
    4- يساهم منهج المشاركات الإسلامية في زيادة معدل النمو الاقتصادي وكذلك يساهم في تحقيق التوازن بين العمالة واستقرار الأسعار.
    5- إن أساليب الاستثمار يساعد علي رفع عامل الضمان وانخفاض درجة المخاطرة مثل المرابحة.
    التوصيات:
    1- أن تعود أمتنا إلى كتاب الله تعالي وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وتعيد النظر في القوانين التجارية والمدنية لا سيما فيما يتعلق بالمؤسسات المالية بما يواكب روح العصر ويتفق مع الشريعة الغراء.
    2- استقطاب الخبرات التي تجمع بين المعرفة الشرعية والخبرة المصرفية الإسلامية العلمية.
    3- عقد ندوات علمية متخصصة تجمع بين علماء الفقه الإسلامي ورجال الاستثمار لتطوير المعاملات المالية الإسلامية والابتعاد عن الوقوع في شبهة الربا.
    4- ينبغي أن تعمل المصارف الإسلامية علي استحداث وابتكار أدوات وأساليب جديدة لجدب الودائع والمدخرات التي تخدم هدف التوظيف لهذه الأموال.
    5- علي المصارف الإسلامية أن تعمل علي تربية جيل جديد من المتعاملين وفق النظام المصرفي والاستثمار الإسلامي, والاعتماد في ذلك علي الأساليب العلمية من خلال خطة طويلة الأجل والتركيز علي الدور الإعلامي لشرح وبيان طبيعة المعاملات المالية الإسلامية وماهية المصارف الإسلامية.
    6- يجب علي المصارف الإسلامية الاهتمام بعملية التعليم والتدريب وحسن اختيار المتعاملين معها وأخذ جانب الحيطة والحذر في التعامل معه بصورة تضمن للمصرف حقوقه في حالة تعدي أو عدم التزام بعض هؤلاء المتعاملين.

    الهوامش:

    1- أميرة عبد اللطيف مشهور– الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي–القاه ة– مصر– ط1– 1991م.
    2- العمل المصرفي الإسلامي– صيرفة المستقبل – مصرف الجمهورية للصيرفة الإسلامية – طرابلس – ليبيا – 2013.
    3- عبد الحميد محمد الشواربي – إدارة المخاطر الائتمانية – الإسكندرية – مصر – 2002.
    4- يوسف بن عبد الله الشبيلي – الخدمات الاستشارية في المصارف وأحكامها في الفقه الإسلامي (الصناديق والودائع الاستثمارية) – الجزء الأول – الرياض – السعودية – 2002.
    5- عبد الله علي عجبنا – العوامل المؤثرة في إصدار صكوك الاستثمار الإسلامية من قبل منظمات الأعمال – دراسة حالة التجربة السودانية – مجموعة البركة المصرفية إدارة التطوير والبحوث – جدة – المملكة العربية السعودية – ط1 – 2013.
    6- أحمد عبد العزيز النجار وآخرون – 100 سؤال و100 جواب حول البنوك الإسلامية – القاهرة – مصر – ط8 – 1978.
    7- محمد عبد المنعم أبو زيد – النشاط الاستثماري للمصارف الإسلامية ومعوقاتها – الإسكندرية – مصر – 1991.
    8- بحوث الورشة التحضيرية لندوة البركة السادسة والثلاثين للاقتصاد الإسلامي – 23- 24 – ابريل – 2015 – القاهرة – مصر.
    9- عبد الرزاق رحيم جدي الهيثي – المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق – ط1 – عمان – الأردن – 1998.
    10– نبيل الطاهر صقر– عمليات المصارف الإسلامية والحاجة لخدماتها للمتعاملين مع المصارف الليبية – ط1- طرابلس – ليبيا – 2009.
    11- بشير علي التويرقي – ادارة المصارف وتطويرها – ط1 – طرابلس - ليبيا – 2000.
    12- عبد الستار أبو غدة - بحوث في المعاملات والأساليب المصرفية الإسلامية – الجزء الرابع عشر – ط1 – جدة– السعودية – 2015.
    13- عبد الحميد محمود البعلي– دور المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة– امكانية ابتكار الأساليب والأدوات والعمليات الجديدة في التمويل– الديوان الأميري – الكويت
    14- مدحت القريشي– التنمية الاقتصادية – نظريات وسياسات وموضوعات– عمان– الأردن – ط1 – 2007.
    15- شهاب أحمد سعيد العزعزي – إدارة البنوك الإسلامية – ط1 – عمان – الأردن – 2012.
    16- سعيد الهواري– الاستثمار والتمويل بالمشاركة في البنوك الإسلامية- القاهرة– مصر– ط1–1996.

    17- محمد عثمان شبير– المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي– ط6- عمان– الأردن– 2007.

    [*] باحث متخصص في التمويل والمصارف بأكاديمية الدراسات الإسلامية جامعة ملايا ماليزيا.

    [*] عضو هيئة تدريس بقسم الشريعة والإدارة, بأكاديمية الدراسات الإسلامية جامعة ملايا ماليزيا.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •