يقول الله تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 200].


إن القادر على حماية الإنسان من كل مكروه هو الله سبحانه وتعالى، فهو مجير الخائفين، وملجأ المستعيذين، وملاذ المستوحشين.

ولا ريب أن الاستعاذة بالله والالتجاء إليه، والاعتصام به مما يخافه المسلم ويحذره من كل الشرور والآفات والفتن أمر قدره الشرع وأمر به وندب إليه ورغب فيه، وعلى هذا تكون الاستعاذة طاعة لله من أجلّ الطاعات بل عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، يثاب عليها ويحفظه الله بها من كل مكروه.

ولما كانت الاستعاذة من الأعمال القلبية فإن منهج الإسلام بتربيته للعقول على استشعار عظمة الله وقدرته، جعلت القلوب قوية بإيمانها بجلال الله فتنهض العزائم، ويرتبط المؤمن بربه، والإنسان في هذه الدنيا المطبوعة على الكدر، تحيط به وسائل شتّى للمنغصات والمؤذيات، وتحتوشه شياطين الجن والإنس، ومخلوقات قام بها الشر ومخلوقات من طبعها الشر من الحيوانات والبهائم والهوام والدواب، وحشرات قارضة وزاحفة ولادغة ولاسعة، بالإضافة إلى مخبلات الجن كالغيلان والعفاريت والسعالى، مما كان له أسوأ الأثر على سلامة البشر.

كما أن هناك عوالم خفية وقوى غيبية ونواميس كونية وأرواح شريرة فمنها ما شارك العقول وأصابها بالعته والجنون، وما نعايشه من أزمات فكرية وانفصامات شخصية، وانقسامات أيدلوجية، وغيرها من الأمراض النفسية، كالوسوسة والهلوسة والصرع وما يسمى بالأمراض العصبية.
وهناك أسباب للإزعاج والقلاقل والتدمير، كالغرق، والحرق، والصواعق، والرياح، والزلازل، والفيضانات، وغير ذلك.

والعبد إزاء هذه العوارض بحكم عجزه وافتقاره إلى مولاه لا يملك إلاَّ أن يلجأ إلى الله القادر على عصمته، وحمايته، ودرء الخطر عنه، وحفظه من كل ما يخاف ويحذر.

ولتحصين أنفسنا من هذه الطوارق وغيرها فإن العلاج يكمن في دواء القلوب واستصلاحها بملازمة الذكر والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم والمحافظة على الورد اليومي والاستعاذة والتسمية في كل وقت وحين.

إذن فنحن بحاجة لتقوية علاقتنا بالله ليكلأنا برعايته من كل شر ويؤمنا من كل الأخطار ويجنبنا كل العوائق، فهو الذى لا حول لنا ولا قوة إلاَّ به سبحانه، فهو القادر وهو القاهر وهو الناصر، وهو المستعان وعليه التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

المصدر: مجلة التوحيد، عدد صفر 1414 هـ