قال الشيخ الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله«فاعلم أن العبادة لا تسمَّى عبادة إلاَّ مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمَّى صلاة إلاَّ مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة، كما قال تعالى:
﴿
مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ
فإذا عرفت:
أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها، وأحبط العمل، وصار صاحبه من الخالدين في النار، عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله
»
«الدرر السنية»: (2/23).
-----------اذا كل ما ثبت أنه عبادة فصرفه لله توحيد، وصرفه لغير الله شرك، ، وهذا هو التوحيد الذي لأجله خلقت الخليقة، وأرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة وأشقياء أهل النار.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن توحيد الرسل والمؤمنين هو عبادة الله وحده، فمن عبد الله وحده ولم يشرك به شيئًا فقد وحده، ومن عبد من دونه شيئًا من الأشياء فهو مشرك به ليس بموحد مخلص له الدين.
ثم قال: "حتى لو أقر بأن الله وحده خالق كل شيء، وهو التوحيد في الأفعال، وهذه حال مشركي العرب الذين بعث الرسول إليهم ابتداء، وأنزل القرآن ببيان شركهم، ودعاهم إلى توحيد الله، وإخلاص الدين له، فإنهم كانوا يقرون بأن الله وحده هو الذي خلق السماوات والأرض كما أخبر الله بذلك عنهم في القرآن" [بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعمهم الكلامية: 1/478].
إذاً لا يكفي أن يقول: أنا أعتقد وأقر أن الله وحده خالق كل شيء، نقول: حتى تصرف العبادة له وحده لا شريك له، أما مجرد أن تقر أن الله خلق السماوات والأرض؛ أقر بذلك كفار قريش لكنهم ما عبدوا الله وحده لا شريك له، عبدوا الله وعبدوا معه غيره، أو عبدوا غيره، أشركوا مع الله في العبادة.
وقال في درأ تعارض العقل والنقل: "أن الرجل أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء لم يكن موحدًا، بل ولا مؤمنًا، حتى يشهد ألا إله إلا الله، فيقر بأن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة، ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له" انتهى [درء تعارض العقل والنقل: 1/151].
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: فكـلُّ اعتقادٍ أو قولٍ أو عملٍ ثبت أنَّه مأمورٌ به من الشارع فصرفُه لله وحده توحيدٌ وإيمانٌ وإخلاصٌ، وصرفُه لغيره شركٌ وكفرٌ. فعليك بهذا الضابط للشِّرك الأكبر الَّذي لا يشذُّ عنه شيءٌ))[القول السديد فى مقاصد التوحيد]