واها يا ريح الجنة
إيمان الخولي




هل شممت ريح الجنة من قبل ؟ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام)) يقصد بها بعد المسافة.
أسمعك تقولين كيف ذلك ؟!
أقول لك بعد كل موقف ظلمت فيه، أو أي ابتلاء تعرضت له، أو عندما أحسست أنك غريب، أو غريبة في الدنيا، وأنها ليست موطنك الأصلي لاختلاط الحلال بالحرام.
هل أحسست في هذه اللحظات أن الجنة قريبة منك؟ وأنك تريديها لتستريح من عناء الدنيا وغربتك فيها؟
هل تمنيت مرة الجلوس على أرائكها ولبس السندس ومن الثياب والاستظلال بظلالها، ومقابلة النبي الكريم –صلى الله ع عليه وسلم -وصحابته -رضى الله عنهم- ؟
بل أقول لك: أكثر من ذلك هل تعيش بهذا الإحساس في الدنيا انك منتظر لحظة دخولك الجنة ؟
تعال معي على هذه الصفحات نذهب في زيارة للجنة، وتخيل معي أنك الآن واقف على باب الجنة،
تخيل يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما بين مصراعين في الجنة كمسيرة أربعين سنة))[رواه أحمد].
يا الله: كيف لا؟ وأن عرضها فقط السموات الأرض.
هذا يدل على أن الناس سيدخلون زمرا إلى الجنة ولكن قبل أن نتكلم عن هيئتهم أود أن أشير إلى أبواب الجنة، هناك باب للصيام، وباب للصلاة، وباب لبر الوالدين، وهكذا لكل عمل خير له باب، فمن أي الأبواب تحب أن تدخل؟ أو أنك تحب أن تدخل من كل الأبواب؟ تخير أي الطاعات أحب إلى نفسك في الدنيا لتدخل من هذا الباب يوم القيامة.
اختبر نفسك هل أنت من أول زمرة ؟
ها... انظر هناك أنها أول زمرة تدخل الجنة كما حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثها قال: ((أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا))[رواه البخاري].
أتحب أن تكون منهم أنت؟ هل تملك الصحبة التي تدخل معها زمرا أم انك مازلت مصرا على صحبة السوء تذكر هذه الآية: (الخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)[سورة الزخرف (67)].
هل تملك سلامة الصدر التي تنزع من قلبك الغل والتباغض؟ أم أننا مازلنا نحتاج إلى تطهر قلوبنا من أمراض القلوب.
وما حالك مع الذكر؟ فإنهم يلهمون التسبيح والتكبير.
ها.. انظر هناك ما بين الجنة والنار يقف كبش أملح كما اخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يؤتى بالموت كأنه كبش املح حتى يوقف بين الجنة والنار فيقال: يا أهل الجنة! فيشرئبون ويقال: يا أهل النار فيشرئبون فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم! هذا الموت فيضجع ويذبح فلولا أن الله قضى لأهل الجنة الحياة والبقاء لما توا فرحا ولولا أن الله قضى لأهل النار الحياة فيها لماتوا ترحا))[حسن رواه الترمذي].
هنيئا لكم يا أحباب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجنة خلود بلا موت، إذ يقول الله -تعالى- : (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون)[سورة البقرة (25)].
فهل تبيع الجنة الباقية بالدنيا المتزينة الفانية؟ هل تحزن على شيء فاتك فيها أم تفرح بشيء أكثر مما ينبغي فرحا ينسيك المنعم ؟
يا من تعبت في الدنيا من حرارة الشمس وأنت تسعى على قضاء حوائج الناس أو وأنت تلبسين حجابك الشرعي حريصة أن لا يظهر شيء من عورتك، تعالي وتعال استرح تحت هذه الشجرة، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها أن شئتم فاقرؤوا: (وظل ممدود وماء مسكوب)[الواقعة (30-31)] [رواه البخاري والترمذي].
يا من أظمئت نهارك بالصيام وأبيت أن تشرب ما حرم الله من المسكرات في الدنيا تعال لتشرب من أنهار الجنة، فقد قال الله - تعالى-: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى[سورة محمد (15)].
وها هي أشجار الفاكهة قطوفها دانية فوداعا للتعب، يقول مجاهد في تفسير: (وجنى الجنتين دان) ثمار الجنة دانية إلى أفواه أربابها فيتناولوها متكئين فإذا اضطجعوا نزلت بإزاء أفواههم فيتناولوها مضطجعين.
يا أصحاب الأحزان والأوجاع في الدنيا تعالوا اسمعوا أهل الجنة عندما دخلوها ماذا قالوا: (الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن أن ربنا لغفور شكور)[سورة فاطر (34)].
ولن يكون فيها غل وحقد ولا حسد يقول الله - تعالى -: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)[الحجر)47)].
والأكبر من ذلك أن الله -عز وجل- يرضى عنك فلا يسخط أبدا: (ورضوان من الله أكبر).
عن أبى سعيد الخدري -رضى الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله -عز وجل- يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم؟ فيقولون وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتا ما لم تعط من خلقك فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا))[رواه البخاري].
يا لها من حوراء ما أجملها وأطيب ريحها؟ عن انس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((...ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا ولأضاءت ما بينهما ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها))[رواه البخاري].
بشراكم يا أهل البلاء فإن غمسة في الجنة تنسى شقاء الدنيا، عن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال له: يا بن ادم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا بن ادم هل رأيت بؤسا قط، هل مر بك من شدة قط فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤسا قط ولا رأيت شدة قط))[رواه مسلم].
أتعلم أن الجنة درجات هيا أيقظ طموحك وهمتك يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق بين المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم)) قالوا: تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين))[رواه البخاري].
تخيل الأمر بسيط جدا فقط طاعة الله واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-
وهناك جنات عدن ماذا في هذه الجنة ؟ ولمن ؟: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِ مْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ)[ (23) سورة الرعد].
فأسال نفسك هل أنت ممن وفى بعهده مع الله والعهد يتضمن الأتي أن تكون ممن يصولون الرحم مخافة الله ويصبرون على طاعة الله ويصبرون عن المعصية ويقيموا الصلاة بخشوع ويخرجوا الصدقات ويحاسبوا أنفسهم بعد ذلك كله هل تقبل الله أم لا ؟ هذا هو الثمن فهل وفيت ؟!
وجنة علييين لمن طلبوا الشهادة في الدنيا وماتوا على ذلك..
وقفة:
يا ترى ماذا قال الصحابي الذي استشهد في إحدى الغزوات بسهم من المشركين، عندها قال: فزت ورب الكعبة" ماذا رأى في هذه اللحظة إنها الجنة.
وهل تحب أن تأوي إلى جنة المأوى؟ التي رأى عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربه: (ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى)[سورة النجم (13-14)].
هل تحب أن تكون من ورثة جنة الفردوس؟ هذا هو الثمن: (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون) [سورة المؤمنون (1- 9)].
فأسألك نفسك هل تملك هذه الصفات التي تحتاج كل منها لصفحات وصفحات حتى نتحدث عنها.
هل تريد بيت في ربض الجنة أم وسطها يخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أبي أمامة -رضى الله عنه-: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه))[رواه أبو داود].
فهل تمتلك هذه الصفات؟ أمسك عليك لسانك ولا تقل إلا صدقا وما ينفع.
كل هذا وأن أفضل متع الدنيا رؤية وجه الله -تبارك وتعالى- في الجنة بكرة وعشيا.
فعن صهيب -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أهل الجنة يقول الله -عز وجل-: تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب أليهم من النظر إلى ربهم)) ثم تلا آية: (للذين أحسنوا الحسنة وزيادة)[صحيح أخرجه مسلم].
كل هذا و نجد من يغفل عن الجنة غارق في ملذات الدنيا..
يقول رسول الله -صلى الله علية وسلم-: ((لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها))[صحيح رواه البخاري].
اسمع من يقول كيف لي بهذه الدرجات العلى؟ وما قيمتي عند الله؟ اسمع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: ((من أراد أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما لله عنده)) رواه الدراقطني].
ولكن انتبه هل أنت من هؤلاء؟
يقول رسول الله -صلى الله علية وسلم-: ((لا يدخل الجنة نمام)). ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)). ((لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)). ((ثلاثة لا يدخلون الجنة ك الشيخ الزاني والإمام الكاذب والعائل المزهو)).
أفق... أفقيقي أختاه فأنت مازلت في الدنيا اسمعك تتساءل ماذا علي أن أعمل من أجل أن أنعم بهذا النعيم الأخروي.
أولا: حسن الخلق: إذ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أبى هريرة -رضى الله عنه- قال: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الجنة، فقال: ((تقوى الله وحسن الخلق))[حسن رواه الترمذي وابن حبان].
إن التقوى أن لا يراك حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرك، هل أنت ممن يتقى الله؟
يقول الله -تعالى-: (خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين) [الأعراف 199].
ثانيا: التوبة من الذنوب والمعاصي وعدم التسويف فقد قال الله -تعالى-: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضه السموات والأرض...)[سورة آل عمران].
ثالثا: الدعاء: اسأل الله عقب كل صلاة وفى مواقيت الإجابة أن يرزق الجنة إذ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذ سألتم الله فسألوه الفردوس الأعلى)).
رابعا: كثرة ذكر الله: فإن في حياتنا اليومية الكثير من الأذكار التي لو عرفنا جزائها لكان الجنة..
إذ يقول رسول اله -صلى الله عليه وسلم-: ((من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت))[صحيح رواه النسائي].
ويقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقيت إبراهيم ليلة أسرى بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك منى السلام واخبرهم أن الجنة طيبة التربة غذبة الماء وأنها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر))[رواه الترمذي].
وبما أن الصلاة تعتبر في حالة ذكر مع الله إذ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من صلى البردين دخل الجنة)) البردين العصر والصبح [رواه مسلم].
خامسا: تخيل الجنة أقرب إليك مما تتصور الجنة في بيتك:
الزوج: إذ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمة حصين بن محصن: " أنظري أين أنت منه؟ فإنه جنتك ونارك))[حسن رواة الطبراني صحيح لغيره رواه احمد]
بر الوالدة: عن معاوية بن جاهمة السلمي قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك ابتغى في ذلك وجه الله والدار الآخرة قال: ويحك أحيه أمك قلت: نعم قال ارجع فبرها ثم أتاه مرة أخرى ثم مرة ثالثة عن يمينه وعن شماله، قال: ويحك الزم رجلها فثم الجنة))[رواه ابن ماجة].
إنها الجنة يا أخواتي وإخواني فهل مازلنا لا نحسن إلى والدينا هل مازلت تبيعها الجنة ؟
تربية البنات: يا من كنت تريد الولد في حياتك بناتك ستدخلك الجنة فارض بما قسمه الله لك، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كن له ثلاث بنات يؤويهن ويرحمها ويكفلهن وجبت له الجنة ألبته)) قيل يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فان كانتا اثنتين؟ قال: ((وان كانتا اثنتين)) [أخرجه الطبراني].
كفالة اليتيم: إذ يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة)) وأشار بأصبعيه السبابة والإبهام.
تخيل نفسك رفيق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجنة، أي نعيم هذا؟
أمازلت تقسوا على اليتيم أو تأكل ماله ؟
ماذا لو ذهبت الآن إلى أي جمعية خيرية وطلبت كفالة يتيم بنية الجنة، قد لا تدخلك صلاتك وصيامك، ويدخلك ذلك العمل.
وهكذا كل أعمال الخير فان ديننا جميل جدا ويسر إذ أن سقاء كلب سبب في دخول امرأة غانية الجنة وان رجل يتقلب في الجنة بالشجرة يزيلها من طريق الناس..
وفى النهاية: يقول أبو إسحاق القرشي: "كتب إلى أخي من مكة... يا أخي إن كنت تصدقت بما مضى من عمرك على الدنيا وهو الأكثر فتصدق بما بقى من عمرك على الآخرة وهو الأقل"