تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    السؤال

    أنا متزوج منذ أربع سنوات ولم أرزق بأطفال ، والحمد لله تلقيت مؤخراً خبراً أن زوجتي حامل ، فقمت وبناءاً على نصيحة والدي بذبح ذبيحتين ( فدو) وتوزيعهم على المحتاجين من المسلمين خالصاً لوجه الله تعالى عني وعن زوجتي ، فما حكمه في الشرع ؟.

    نص الجواب





    الحمد لله إذا كان ذبحُك هذا وإطعامك المحتاجين شكراً لله تبارك وتعالى : فإنه يجوز ، فإن إطعام الطعام من الإحسان إلى الناس ، والله تعالى يحب المحسنين .

    وإذا كان ذبحك هذا دفعاً للسوء وجلباً للخير : فإنه لا يجوز ، وهذا هو المشهور عند عامة الناس من كلمة ( الفدو ) فهم يظنون أن في فعلهم هذا دفعاً للسوء ، وهم يفعلونه في حال حدوث الحوادث أو الأمراض التي تصيبهم أو تصيب بعض أفرادهم .

    وليس الذبح في الشرع مانعاً من وقوع المقدور خيراً كان أو شرّاً .

    وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – عن الذبح عند اكتمال البناء أو انتصافه فقال :

    هذا التصرف فيه تفصيل ، فإن كان المقصود من الذبيحة اتقاء الجن أو مقصداً آخر يقصد به صاحب البيت أن هذا الذبح يحصل به كذا وكذا كسلامته وسلامة ساكنيه فهذا لا يجوز ، فهو من البدع ، وإن كان للجن فهو شرك أكبر ؛ لأنها عبادة لغير الله .

    أما إن كان من باب الشكر على ما أنعم الله به عليه من الوصول إلى السقف أو عند اكتمال البيت فيجمع أقاربه وجيرانه ويدعوهم لهذه الوليمة : فهذه لا بأس بها ، وهذا يفعله كثير من الناس من باب الشكر لنعم الله حيث منَّ عليهم بتعمير البيت والسكن فيه بدلاً من الاستئجار ، ومثل ذلك ما يفعله بعض الناس عند القدوم من السفر يدعو أقاربه وجيرانه شكراً لله على السلامة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدِم من سفر نحر جزوراً ودعا الناس لذلك عليه الصلاة والسلام . رواه البخاري ( 3089 )

    " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 388 ) .

    وقال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين – رحمه الله - :

    ما يفعله بعض الناس إذا نزل منزلاً جديداً ذبح ودعا الجيران والأقارب : هذا لا بأس به ما لم يكن مصحوباً بعقيدة فاسدة ، كما يُفعل في بعض الأماكن إذا نزل منزلاً فإن أول ما يفعل أن يأتي بشاة ويذبحها على عتبة الباب حتى يسيل الدم عليها ، ويقول : إن هذا يمنع الجن من دخول البيت ، فهذه عقيدة فاسدة ليس لها أصل ، لكن من ذبح من أجل الفرح والسرور : فهذا لا بأس به .

    " الشرح الممتع " ( 7 / 550 ، 551 ) .

    والله أعلم .


    https://islamqa.info/ar/answers/2695...B3%D9%88%D8%A1
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    وإذا كان ذبحك هذا دفعاً للسوء وجلباً للخير : فإنه لا يجوز ، وهذا هو المشهور عند عامة الناس من كلمة ( الفدو ) فهم يظنون أن في فعلهم هذا دفعاً للسوء ، وهم يفعلونه في حال حدوث الحوادث أو الأمراض التي تصيبهم أو تصيب بعض أفرادهم .

    وليس الذبح في الشرع مانعاً من وقوع المقدور خيراً كان أو شرّاً .

    وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – عن الذبح عند اكتمال البناء أو انتصافه فقال :

    هذا التصرف فيه تفصيل ، فإن كان المقصود من الذبيحة اتقاء الجن أو مقصداً آخر يقصد به صاحب البيت أن هذا الذبح يحصل به كذا وكذا كسلامته و سلامة ساكنيه فهذا لا يجوز ، فهو من البدع ، وإن كان للجن فهو شرك أكبر ؛ لأنها عبادة لغير الله .


    نعم - يقول الشيخ صالح ال الشيخ - ما حكم من يقول له أهله : اذبح ذبيحة ووزعها على المساكين دفعا لبلاء ما ، فهل تجوز تلك النية ؟ الجواب : هذا فيه تفصيل ، ذلك أن ذبح الذبائح إذا كان من جهة الصدقة ، ولم يكن لدفع شيء متوقع ، أو لرفع شيء حاصل ، ولكن من جهة الصدقة ، وإطعام الفقراء ، فهذا لا بأس به وهو داخل في عموم الأدلة التي فيها الحض على الإطعام ، وفضيلة إطعام المساكين .
    وأما إن كان الذبح ؛ لأن بالبيت مريضا ، فيذبح لأجل أن يرتفع ما بالمريض من أذى ، فهذا لا يجوز بل يحرم ؛ سدا للذريعة ، ذلك لأن كثيرين يذبحون حين يكون بهم مرض ؛ لظنهم أن المرض كان بسبب الجن ، أو كان بسبب مؤذ من المؤذين ، فإذا ذبح الذبيحة وأراق الدم فإنه يندفع شره ، أو يرتفع ما أحدثه ذلك المؤذي . ولا شك أن اعتقاد مثل هذا محرم ولا يجوز ، فالذبيحة التي ذبحت لرفع المرض والصدقة بها عن المريض - والحالة هذه - قال العلماء : هي حرام ولا تجوز سدا للذريعة ، وللشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق رسالة خاصة في الذبح للمريض .
    وكذلك إذا كان الذبح لدفع أذى متوقع ، كأن يكون في البلد داء معين ، فذبح لدفع هذا الداء ، أو كان في الجهات التي حول البيت شيء يؤذي ، فيذبح ليندفع ذلك المؤذي ، إما لص - مثلا - يتسلط على البيوت ، أو أذى ما يأتي للبيوت ، فيذبح ويتصدق بها لأجل أن يندفع ذلك الأذى ، فهذا أيضا غير جائز ، ومنهي عنه سدا للذريعة ؛ لأن من الناس من يذبح لدفع أذى الجن وهذا شرك بالله - جل وعلا .
    إذا قيل : فما معنى ما رواه أبو داود وغيره بإسناد حسنه بعض أهل العلم ، وبعضهم ضعفه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « داووا مرضاكم بالصدقة » هل يدخل فيه إراقة الدم ؟ لأجل ما فيها من الوسيلة إلى الاعتقادات الباطلة . ومعلوم أن الشريعة جاءت بسد الذرائع الموصلة إلى الشرك ، وجاءت أيضا بفتح الذرائع الموصلة للخير ، فما كان من ذريعة يوصل إلى الشرك والاعتقاد الباطل فإنه ينهى عنه .

    كتاب التمهيد لشرح كتاب التوحيد

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    أما إن كان من باب الشكر على ما أنعم الله به عليه من الوصول إلى السقف أو عند اكتمال البيت فيجمع أقاربه وجيرانه ويدعوهم لهذه الوليمة : فهذه لا بأس بها..............................
    وقال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين – رحمه الله - :

    ما يفعله بعض الناس إذا نزل منزلاً جديداً ذبح ودعا الجيران والأقارب : هذا لا بأس به ما لم يكن مصحوباً بعقيدة فاسدة ،
    نعم --إنعام الله على الناس كبير ، وفضله وكرمه لهم جزيل وعظيم ، والنعمة لا تقابل إلا بالشكر والتقدير ، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بشكره ، فهو سبحانه شكور يحب الشاكرين .
    قال تعالى : ( فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) النحل/114 .
    وقال تعالى : ( فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) العنكبوت/17 .
    ومِن شُكر الله تعالى - التقرب إليه بأنواع العبادات والطاعات ، والتحبب له بالحسنات الطيبات ، من صلاة وزكاة وصيام ونحو ذلك .
    ومن شكر الله أيضا - شكره بالنسك وهو الذبح لوجه الله تعالى .---------
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - في تفسير قوله تعالى : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ ) :
    "والمقصود أن الصلاة و النسك هما أجلّ ما يُتقرب به إلى الله ، فإنه أتى فيهما بالفاء الدالة على السبب ؛ لأن فعل ذلك وهو الصلاة والنحر سبب للقيام بشكر ما أعطاه الله إياه من الكوثر والخير الكثير ، فشكر المنعم عليه وعبادته أعظمها هاتان العبادتان ، بل الصلاة نهاية العبادات وغاية الغايات ، كأنه يقول إنا أعطيناك الكوثر والخير الكثير ، وأنعمنا عليك بذلك لأجل قيامك لنا بهاتين العبادتين شكراً لإنعامنا عليك ، وهما السبب لإنعامنا عليك بذلك ، فقم لنا بهما ، فإن الصلاة والنحر محفوفان بإنعامٍ قبلهما وإنعام بعدهما ، وأجلُّ العبادات المالية النحر ، وأجلُّ العبادات البدنية الصلاة ، وما يجتمع للعبد فى الصلاة لا يجتمع له فى غيرها من سائر العبادات ، كما عرفه أرباب القلوب الحية ، وأصحاب الهمم العالية ، وما يجتمع له فى نحره من إيثار الله وحسن الظن به وقوة اليقين والوثوق بما فى يد الله أمر عجيب إذا قارن ذلك الإيمان والإخلاص ، وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر ربه ، فكان كثير الصلاة لربه ، كثير النحر ، حتى نحر بيده فى حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة ، وكان ينحر فى الأعياد وغيرها " انتهى .
    " مجموع الفتاوى " ( 16 / 532 ) .
    فإذا أنعم الله على العبد بنعمة جليلة – وكلُّ نِعَمِه سبحانه جليلة – فيستحب له أن يشكر الله عليها بأن يحسن إلى الناس ، فيذبح ويطعم ويدعو إخوانه وأصحابه ، ويتصدق على أهل الحاجة والمسكنة .
    جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 26 / 180 ، 181 ) :
    " يستحبّ تجديد الشّكر عند تجدّد النّعم لفظاً بالحمد والثّناء ، ويكون الشّكر على ذلك أيضاً بفعل قربة من القرب ، ومن ذلك أن يذبح ذبيحةً أو يصنع دعوةً ، وقد ذكر الفقهاء الدّعوات الّتي تصنع لما يتجدّد من النّعم ، كالوكيرة الّتي تصنع للمسكن المتجدّد ، والنّقيعة الّتي تصنع لقدوم الغائب ، والحِذَاق وهو ما يصنع عند ختم الصّبيّ القرآن .
    ومذهب الحنابلة ، وهو الرّاجح من مذهب الشّافعيّة ، أنّ هذه الدّعوات مستحبّة .
    قال ابن قدامة : وليس لهذه الدّعوات - يعني ما عدا وليمة العرس والعقيقة - فضيلة تختصّ بها ، ولكن هي بمنزلة الدّعوة لغير سبب حادث ، فإذا قصد بها فاعلها شكر نعمة اللّه عليه ، وإطعام إخوانه ، وبذل طعامه ، فله أجر ذلك إن شاء اللّه " انتهى .
    وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    إذا نجح أحد الأبناء في الدراسة ، فهل يجوز لي أن أذبح ذبيحة احتفاءً بنجاح الابن ، وشكراً لله عز وجل ؟
    فأجاب :
    "لا بأس إذا نجح الأبناء أو أحدهم أن يصنع الإنسان وليمة يدعو إليها أحبابه وأصحاب ابنه ، فرحاً بنعمة الله تبارك وتعالى ، وتشجيعاً للابن وتنشيطاً له " انتهى .
    " لقاءات الباب المفتوح " ( لقاء رقم 161 ، السؤال رقم 1 ) .
    ثانياً :
    الواجب الحذر من بعض العقائد التي يؤمن بها كثير من الناس ، فيقولون : إنه لا بد لحفظ البيت الجديد أو السيارة الجديدة من التقرب بالذبح وتلطيخه بدم المذبوح ، وأن الأرواح الشريرة لا تنكفئ عنك إلا بذلك ، وإلا فسرعان ما تزول النعمة ، وهذا اعتقاد جاهلي ، لا يصدر عمن يؤمن بالله ربا يملك النفع والضر ، وبيده الخلق والأمر ، ويعلم أنه لا يجوز التقرب بالنسك والعبادة إلا لوجه الله سبحانه وتعالى .
    سئل علماء اللجنة الدائمة :
    عما اعتاده كثير من الناس أن الذبح على عتبة المنزل الجديد وقبل دخوله من أهم الأسباب لدفع العين ، ولجعل البيت مباركاً ، ولتجنب المآسي والحوادث غير المستحبة .
    فأجابوا :
    "إذا كانت هذه العادة – أي : الذبح عند عتبة البيت الجديد - من أجل إرضاء الجن وتجنب المآسي والأحداث الكريهة : فهي عادة محرمة ، بل شرك ، وهذا هو الظاهر من تقديم الذبح على النزول بالبيت ، وجعله على العتبة على الخصوص .
    وإن كان القصد من الذبح إكرام الجيران الجدد ، والتعرف عليهم ، وشكر الله على ما أنعم به من السكن الجديد ، وإكرام الأقارب والأصدقاء بهذه المناسبة ، وتعريفهم بهذا المسكن : فهذا خير يُحمد عليه فاعله ، لكن ذلك إنما يكون عادة بعد نزول أهل البيت فيه لا قبل ، ولا يكون ذبح الذبيحة أو الذبائح عند عتبة الباب أو مدخل البيت على الخصوص " انتهى .
    " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 214 )----------المصدر: الإسلام سؤال وجواب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    وللشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق رسالة خاصة في الذبح للمريض .
    نعم هذه الرسالة مسماه [حُجَّةُ التَّحريض في النَّهْي عن الذَّبْح للمَريض]-وهذا رابط التحميل-https://ar.islamway.net/book/15581--------- وللفائدة هذا جواب الشيخ سعد بن حمد بن عتيق فى حكم الذبح للمريض --سئل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق: عن الذبح عند المريض... ؟
    فأجاب: لا ريب أن التقرب إلى الله بالنسك من أفضل القربات، وأعظم الطاعات، ومن أشرف الحسنات، وأفضل النفقات للمسلم إذا حسن قصده في ذلك، وتجرد من الشوائب والأسباب التي توجب حبوط العمل وعدم الانتفاع به، أو لحوقه بالمعاصي التي يعاقب عليها، قال الله تعالى:
    { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الأنعام آية: 162]، وقال:{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [سورة الكوثر آية: 2]. فما يتقرب به المسلم إلى الله من الهدايا والأضاحي، وغير ذلك من النسك المأمور به شرعاً، كل ذلك من العبادات التي أمر الله بها عباده؛ فمن فعل من ذلك شيئاً لغير الله فهو مشرك.
    وقد كان المشركون يتقربون إلى معبوداتهم بأنواع من القرب، كالهدايا والنذور وغير ذلك؛ وهذا من الشرك الذي قال الله فيه:{ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } [سورة النساء آية: 48]، وقال:{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } [سورة المائدة آية: 72]. في صحيح مسلم عن علي قال: " حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله " 1 الحديث، وساق حديث طارق: " دخل الجنة رجل في ذباب " الحديث.
    ومن الشرك: ما يقع في كثير من المدن والبوادي والقرى والأمصار، ممن ينتسب إلى الإسلام، ممن قل نصيبه من الدين، وخالف سبيل المؤمنين، وسلك طريق المغضوب عليهم والضالين، من الذبح للجن، واتخاذهم أولياء من دون الله، مضاهاة لإخوانهم من المشركين الأولين، الذين قال الله فيهم:{ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } [سورة الأعراف آية: 30]، وقال:{ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ } [سورة سبأ آية: 41]؛ وقد كانوا يجعلون الجن شركاء لله في عبادته، فيذبحون
    لهم وينذرون لهم، ويستعيذون بهم، ويفزعون إليهم عند النوائب؛ وكان منهم من يفعل ذلك خوفا من شرهم، وتخلصاً من أذاهم، وساق أدلة الاستعاذة بالله من شرهم. ثم قال: فالاستعاذة بالله من أفضل مقامات العبودية، مثل الدعاء والخوف والرجاء والذبح والتوكل، فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك.
    قال ابن القيم: ومن ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به وتقرب إليه بما يحب، فقد عبده وإن لم يسم ذلك عبادة، أو يسميه استخداماً، وصدق، هو استخدام من الشيطان له، فيصير من خدم الشيطان وعابديه، وبذلك يخدمه الشيطان. والذبح للجن يفعله كثير من أهل الجهل والضلال، إذا مرض الشخص أو أصابه جنون أو داء مزمن، ذبحوا عنده كبشاً أو غيره؛ وكثير منهم يصرحون بأنهم ذبحوه للجن، ويزعمون أن الجن أصابته بسبب حدث منه، فيذبحون عنده ذبيحة للجن، يقصدون تخليصه مما أصابه من ذلك الداء.
    ولا شك أن الجن قد تعرض لبعض الإنس بأنواع من الأذى، كالصرع وغيره، لأسباب يفعلها الإنسي يتأذون بها؛ فإذا ابتلي الإنسان بشيء من ذلك، فالواجب عليه، الفزع إلى الله والاستعاذة به، والالتجاء إليه والتوكل عليه، فبالاعتصام بالله يندفع عدوان المعتدين، من الإنس والجن والشياطين، وأما العدول عن ذلك إلى الالتجاء إلى الجن، والذبح لهم، فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله.

    ومن هذا الباب: ما يفعله الجاهلون بمكة من الذبح للجن، ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه نهى عن ذبائح الجن ". قال الزمخشري: كانوا إذا اشتروا داراً أو بنوها، أو استخرجوا عيناً، ذبحوا ذبيحة، خوفاً أن تصيبهم الجن، فأضيفت إليهم الذبائح لذلك. ثم من الناس من يذبح عند المريض لهذا المقصد الخبيث، ويظهر للناس أنه إنما قصد التقرب إلى الله، والصدقة على الفقراء والمساكين بلحم ما يذبحه، وقد اطلع الله منه على سوء القصد، وأنه إنما قصد بذبيحته التقرب إلى الجن، ولكن منعه من بيان مقصده الخوف من المسلمين؛ وهذا نفاق وزندقة ومحادة لله ورسوله، كإخوانه الموصوفين في قوله:{ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا }الآية [سورة البقرة آية: 9]. وإذا عرفت أن الذبح عند المريض على هذا الوصف الذي ذكرنا من الشرك المحرم، فاعلم: أن من الناس من يذبح عند المريض لغير مقصد شركي، وإنما يقصد بالذبح التقرب إلى الله بالذبيحة والصدقة بلحمها، ولا يخفى أن قاعدة سد الذرائع المفضية إلى الشرك تقتضي المنع من فعل ذلك والنهي عنه، لأن ذلك ذريعة لفعل الشرك، لما قد عرفت أن كثيراً من الناس يذبح عند المريض لقصد التقرب إلى الجن، ولكن يخفي قصده خوفاً من العقوبة، وبعضهم يبين قصده لإخوانه من شياطين الإنس.
    وقد حدثني من لا أتهم أن من هذا الجنس من أتى إلى مريض وأشار بأن يذبح عنده ذبيحة، ثم لما تفرق الناس عنه أسر إليه وأشار أن الذبيحة لغير الله.
    وبذلك يعلم: أن المتعين: النهي عن الذبح عند المريض، وإن حسن قصد الفاعل، سداً لباب الشرك، وحسماً للذرائع التي تجر إليه؛ فإن العمل وإن كان أصله قربة وفعله طاعة، فقد يقترن به ما يوجب بطلانه، ويقتضي النهي عنه، كأعمال الرياء، وتحري الدعاء والصلاة لله عند القبور، والنحر في أمكنة أعياد المشركين ومواطن أوثانهم، وساق حديث ثابت بن الضحاك - إلى أن قال - ومن مفاسد ذلك: أنه سبب لدخول أهل النفاق، فيذبحون لأوليائهم من الجن، ولا يخافون أحداً من المسلمين، لعلمهم بخفاء سوء قصدهم، وعدم اطلاع المؤمنين على ما أبطنوه من شركهم وضلالهم. انتهى ملخصاً.[الدرر السنية المجلد العاشر ص 255] -----------------------https://majles.alukah.net/t152671/

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    جزاكم الله خيرا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    344

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    لو رأى شخص رؤيا مخيفة

    وقال سأقوم بذبح ذبيحة لله عز وجل تقربا لله بأن يدفع الله عني كل شر وبلاء .. هل هذا يدخل في الكلام الذي ذكر في المقال ؟

    ربما يقول شخص نستدل بحديث الثلاثة الذين اغلق عليهم الكهف وكلاً ذكر عملا صالحا ففرج الله عنهم ..؟
    شر الناس في هذا العصر : فرقة / جمعت بين مذهب الإرجاء ومذهب الخوارج
    فليحذر الإنسان منها

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوايلي مشاهدة المشاركة
    لو رأى شخص رؤيا مخيفة

    وقال سأقوم بذبح ذبيحة لله عز وجل تقربا لله بأن يدفع الله عني كل شر وبلاء ..
    هذا بحث مهم فى الذبح بنية التقرب للشيخ فيصل ابن قزار الجاسم يقول :
    أولاً: ثمة فرقٌ بين الذبح على وجه القربة، وهو ما يُعبّر عنه بذبح القربان، وبين الذبح على غير وجه القربة، وهو الذبح بقصد اللحم.
    فصورة ذبح القربة: إزهاق الروح تقرَّبًا لله تعالى، حيث يكون المقصود من الفعل إزهاق الروح على وجه التقرّب، وأمَا الانتفاع باللحم فهو متممٌ له وليس مقصودًا أصالة. وعلى هذا، فالقربة تحصل بذات الذبح لا بالانتفاع به، كما في قوله تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ}، وهذا النوع من الذبح هو الذي يَتقرّبُ به المشركون لأصنامهم وأوثانهم، ومنه الذبح للقبور والأضرحة، والذبح للجنِّ والشياطين، فإنَّ مقصود هؤلاء المشركين التقرّبُ بالذبح لمعبوداتهم. من ذلك ما جاء في حديث طارق بن شهاب رضي الله عنه، في الذي مَرَّ على صنم فقيل له: «قَرِّبْ ولو ذبابًا»، ومعلوم أنَّ الذباب ليس مما يُقصد بذبحه اللحم، بل المقصود التقرّب لصنمهم بالذبح وإراقة الدم. وفي شرع من قبلنا لا يُؤكل من قرابينهم شيء، بل تأتي نارٌ من السماء فتحرقها علامة على القبول، كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ}. فالعبادة في هذا النوع من الذبح حاصلة بإزهاق الروح مع قصد التقرُّب لله تعالى به.
    وهذا النوع من القربة لا يتحقق إلا بالذبح، فلو ذبح رجلٌ ذبيحةً نهار الأضحى لإطعام أهل بيته، ثم نواها أضحية، لم تصحّ، ولو اشترى ذبيحةً من محلات اللحوم ليجعلها عقيقةً لم تصحّ، ومثله يقال في الهدي والفدية، إذ المقصود أنْ تُذبح الذبيحة بنية التقرب لله، أضحيةً كانت أو عقيقة أو هديًا أو فدية.
    قال الشيخ العثيمين: (وليس الحكمة من الأضحية حصول اللحم وأكل اللحم، ولكن الحكمة: التقرب إلى الله تعالى بذبحها، قال الله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} فظنَّ بعض الناس أنَّ المقصود من ذلك الأكل والانتفاع باللحم، وهذا ظنٌّ قاصر، بل أهم شيء أنْ تتعبَّد لله تعالى بذبحها). [«مجموع فتاوى ابن عثيمين» 25/194]
    ومن هنا فلا يُشترط في هذا النوع، ومنه الهدي والأضحية والعقيقة، وجود المنتفعين باللحم، بل لو قُدّر أنَّ رجلًا أراد أنْ يُضحّي أو يعقّ عن ولده، ولا يوجد في قريته من ينتفع باللحم بعد الذبح، لعلة أو مرض في أهل القرية أو الناحية، لم يُمنع من الذبح، إذ المقصود حاصلٌ بذات الذبح وإزهاق الروح تقرّبًا لله، لا بالانتفاع باللحم، وإنما الانتفاع متمِّمٌ له وليس أصلًا.
    قال ابن الهمام في الهدي: (ليس المرادُ مجرّد التصدق باللحم، وإلا لَحَصَلَ التصدق بالقيمة أو بلحم يشتريه، بل المراد التقرُّب بالإراقة مع التصدِّق بلحم القربان، وهو تَبَعٌ متمِّمٌ لمقصوده، فلا يَنعدمُ الإجزاء بفواته عن ضرورة). [«شرح فتح القدير» 2/263]
    وأما الذبح بقصد اللحم، فالمقصود منه هو اللحم، والذبح وسيلة، كمن يذبح لإطعام أهل بيته، أو يذبح لعمل مأدبة بمناسبة سكنى منزل جديد، أو بمناسبة تخرجٍ أو ترقية ونحو ذلك، فالمقصود من هذا النوع من الذبح هو الإطعام والإكرام والصدقة والهدية، هذا هو وجهُ القربة فيه، فيكون داخلًا في عموم الصدقات والهدايا والهبات، ولذلك قد يُطعم الإنسان ضيوفه أو يُهدي أو يتصدّق بلحمٍ من لحم بيته، أو قد يشتريه مذبوحًا من الخارج، ونحو ذلك، لأنَّ المقصود حاصلٌ بالإطعام والإكرام والصدقة والهدية.
    وفي الموسوعة الفقهية في تعريف الأضحية: (معناها في الشرع: فهو ما يُذكَّى تقرُّبًا إلى الله تعالى في أيام النحر بشرائط مخصوصة. فليس من الأضحية ما يُذَكَّى لغير التقرُّب إلى الله تعالى، كالذبائح التي تُذبح للبيع، أو الأكل، أو إكرام الضيف). [فصل «أضحية»]
    إذا تبيّن هذا، عُرِفَ الفرقُ بين الذبح على وجه القربة، وبين الذبح بقصد اللحم، وعُرف الخَلْطُ الحاصل عند بعض الناس في إدخالهم الذبح بمناسبة زواج أو تخرج أو سكنى منزل جديد في ذبح القربة، ما أدّى بهم إلى حَمْلِ كلام العلماء على غير مراده، وتفسيره بغير معناه، فتراهم ينقلون كلام العلماء في الذبح بقصد اللحم والصدقة به، مستدلّين به على ذبح القربة. ومَنْ أطلق من العلماء لفظ القربة على هذا النوع من الذبح إنما أراد به التقرّب لله بإطعام اللحم والصدقة به أو إهدائه، لا بذات الذبح وإزهاق الروح، وهذا هو وجه كونه شكرًا لله، إذ هو داخلٌ في عموم الصدقة والقربة، ومن المعلوم أنَّه لو كان قربةً محضة كذبح القربان لجاز فعله حتى لو لم يوجد مَنْ ينتفع به، وهذا ما لا يقوله العلماء.
    ثانيًا: أنَّ الذبح بقصد اللحم، متى ما خرج عن صورته إلى صورة الذبح تقرّبًا لغير الله فإنه يُمنع منه مع قطع النظر عن نية الذابح، كالذبح في طريق السلطان أو أمام المُعظّمين من الناس وإراقة الدم أمامهم، لكون ظاهره يدلّ على التقرّب للسلطان أو المعظّم، في حين لو ذبح الإنسان في موضع الذبح أو في بيته وأطعم الناس فرحًا بقدوم السلطان أو المعظّم لم يُمنع منه.
    قال الشيخ عبد العزيز بن باز معلقًا على عَقْرِ بعض الناس إبلًا فرحًا بخروج السلطان قابوس من المستشفى: (فلا يجوز لأحدٍ أنْ يتقرَّب إلى السلاطين والملوك والعظماء بالذبح لهم عند مقابلتهم، أو عند خروجهم من المستشفى، أو عند قدومهم إلى أي بلد. كما لا يجوز التقرب بالذبح للجن، أو الملائكة أو الكواكب أو الأصنام أو أصحاب القبور أو غيرهم من المخلوقين للأدلة المذكورة. أما إنْ كان الذبح يُقصد به التقرّب إلى الله سبحانه والشكر له، ولا يُقصد به تعظيم الملوك والسلاطين، فهو في هذه الحال يعتبر منكرًا وتشبُّهًا بأهل الجاهلية في عقرهم الذبائح لعظمائهم وعلى قبورهم، ووسيلة من وسائل الذبح لغير الله. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا عقر في الإسلام»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم». أما إذا ذَبَحَ الإنسان للضيف أو لأهله فهذا شيء لا بأس به، بل هو مشروع إذا دعت الحاجة إليه، وليس من الذبح لغير الله، بل هو مما أباحه الله سبحانه لعباده). [«مجموع فتاوى ابن باز» 9/394]
    فالحُكْمُ في مثل هذه الأحوال يتعلّق بظاهر الفعل، لا بنية الفاعل، ومن هنا مَنَع العلماء من كُلِّ ذبحٍ يُوهم شركًا أو بدعةً، أو في ظاهره مشابهةٌ للمشركين، كَمَنْعِهم الذبح وقت الأمراض والأوبئة ونحو ذلك، وهذا بابٌ عظيم اعتنى الشرع بسدّ بابه ومنع وسائله وذرائعه.
    يؤكده حديث الذي نَذَرَ أنْ ينحر إبلًا ببوانة، حيث سأله عليه الصلاة والسلام، «هل كان فيها وثنٌ من أوثانِ الجاهليةُ يُعبَدُ؟ قالوا: لا، قال: «هل كان فيها عِيدٌ من أعيادِهم». الحديث [رواه أبو داود]. وهو يدلّ على المنع من الذبح بمكان كان يُذبح فيه لغير الله مطلقًا، حتى لو كان المكان من أماكن الجاهلية التي اندثرت بالإسلام، مع قطع النظر عن نية الذابح وقصده.
    قال ابن تيمية: (فنهاه أن يذبح في مكان كانوا يتخذونه في الجاهلية عيدًا، لئلا يكون ذبحه ذريعة إلى إحياء سنن الكفر). [«المستدرك على الفتاوى» 3/131]
    فالذبح بقصد اللحم متى أوهم شركًا وذبحًا لغير الله مُنع منه حسمًا لمادة الشرك وسدًّا لذرائعه. ومنه الذبح عند وقوع الأوبئة والأمراض والطواعين سدًّا لذريعة الشرك، ومنعًا من مشابهة المشركين.
    قال الشيخ سعد بن حمد بن عتيق: (فاعلم أنَّ مِن الناس مَنْ يذبح عند المريض لغير مقصدٍ شركي، وإنما يقصد بالذبح التقرُّب إلى الله بالذبيحة والصدقة بلحمها على من عنده من الأقارب والمساكين وغيرهم. ولا يخفى أنَّ قاعدة سدِّ الذرائع المفضية إلى الشّرِّ ودرء المفاسد تقتضي المنع من فعل ذلك والنهي عنه؛ لأن ذلك ذريعة قوية وفتحُ بابِ فِعْلِ الشرك المحرّم، لما قد عَرَّفْناك أنَّ كثيرًا من الناس يذبح عند المريض لقصد التقرُّب للجنّ، ولكنّه يُخفي قصدَه عن النّاس… وهذا يعلمه من عرف أحوال الناس). [«حجة التحريض على النهي عن الذبح عند المريض» ص27]
    ثالثًا: هل يجوز التقرّب لله بالذبح على وجه الشكر أو على وجه الصدقة ونحو ذلك؟
    إذا عُرف أنَّ ذبح القربان عبادةٌ وقربةٌ، فإنَّ الأصل في العبادات المنع إلا ما دلّ عليه الدليل، ولم يَأْتِ في النصوص ما يدلُّ على التقرّب لله بالذبح في غير ما جاءت به النصوص، وهي: الهدي والأضحية والعقيقة والفدية. والأصل ألا يُتعبّد لله إلا بما شَرَع، فإذا لم يأت في النصوص ولا في عمل الصحابة ما يدلُّ على جواز التقرّب لله تعالى بالذبح بغير المذكورات، يكون التقرّب لله تعالى به من المحدثات، كما نصَّ عليه العلماء.
    قال ابن القيم: (والذبائح التي هي قربة إلى الله وعبادة، هي ثلاثة: الهدي والأضحية والعقيقة). [«زاد المعاد» 2/285]
    وقال الألباني: (تخصيص الشكر لله بهذه الذبيحة كما جرت العادة به لا أصل لها، وإنما أيُّ عمل خيري… الخلاصة أنَّ أيَّ عملٍ خيري فهو جائز، أما تخصيص العمل الخيري بالذبيحة هذا لا أصل له). [شريط صوتي «فتاوى عبر الهاتف»]
    وقال العثيمين: (فكل عمل صالح تتقرب به إلى الله فإنه شكر، فعلى هذا إذا حصل للإنسان نعمة، فإنه يُشرع له أنْ يسجد سجود شكر، ولا بأس أنْ يتصدّق أو أنْ يُعتق، أو ما أشبه ذلك، من أجل شكر الله تعالى على هذه النعمة، وأما الذبح فقد سبق لنا أنَّ التقرّب لله بالذبح لا يجوز إلا في وقته، والذي يُتقرّب به إلى الله من الذبح ثلاثة أنواع، أو أربعة: الأضاحي والهدي والفدية والعقيقة…). [شريط صوتي «دروس وفتاوى في المسجد الحرام»]
    وأمّا حديث الصحابي الذي نذر أنْ ينحر إبلاً ببوانة، فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يكن الموضع مكان عيدٍ من أعياد الجاهلية، أو كان فيه وثنٌ يُعبد، فلا دليل فيه، فإنَّ النذر المذكور في الحديث كان نذر عقيقة، فقد جاء في لفظٍ عند أبي داود: «إني نذرت إنْ وُلد لي ولدٌ ذكرٌ أنْ أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا عدةً من الغنم». فدلّ على أنّه نذرُ ذبحٍ مشروع. على إنَّ أقل ما يُقال جوابًا على الحديث: إنَّ النذر المذكور فيه محتمل أنْ يكون نَذْرَ أضحية أو عقيقة، أو غير ذلك مما له أصلٌ في الشرع، أو لأجل مجاعة واقعة أو حاجة فيكون مقصوده بالنذر اللحم، وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال.
    وأما الاستدلال بعموم قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، فالجواب أن يُقال: إنَّ المراد بالنحر المأمور به في الآية: هو ما جاء في النصوص، ولذلك فُسّرت بالنُّسك، وفُسّرت بالإخلاص لله في النحر. والنحر كالصلاة تمامًا إذ هي قرينة النحر في الآية، فكما أنّه لا يحل الاستدلال بعموم الآية على جواز استحداث صلاة لم تأت بها النصوص، فمثله يُقال في النحر.
    رابعًا: تخصيص المسجد بالذبح ليس له أصلٌ في الشرع
    لا يجوز تخصيص الذبح بجانب المسجد وجواره، سواءٌ أريد به القربة، أو أريد به اللحم، لكونه أمرًا محدثًا، فإنّ المساجدَ مواضعُ خُصَّت في الشرع بعبادات مخصوصة، لا يحلُّ أنْ تُخصَّ هي أو جوارها بعبادة لم تأت بها النصوص. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن المساجد: «إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن» رواه مسلم. فتخصيصُها أو تخصيص جوارها بعبادة لم تأت بها النصوص بدعة محدثة، كمن خصّها لأداء زكاةٍ، أو لذبح أضحيةٍ أو عقيقةٍ، ونحو ذلك.
    إذا تبيّن هذا، فإنّ ما قامت به الجمعيات الخيرية المشار إليها من تخصيص جوار المسجد الكبير بذبحِ مائة شاة شكرًا لله على عودة المساجد قد جَمَعَ عدة مخالفات:
    الأول: الذبحُ تقرّبًا لله وشكرًا له.
    الثاني: تخصيص الذبح عند المسجد.
    الثالث: التشبّه بفعل المشركين في الذّبح وقت الأوبئة دفعًا لضرر الجنّ.
    أما الأول والثاني: فقد بيّنا أنَّهما أمران مُحدَثان لا أصل لهما في الشرع، فإنْ قيل: إنهم أرادوا من الذبح اللحم لأجل الصدقة به، فالجواب أنْ يُقال: إنَّ ظاهر الحال لا يدلُّ على ذلك، فإنَّ تَقَصُّدَ المسجد بالذبح، وتَكُلَّف إحضار الذبائح وتصوير عملية الذبح يدلّ على أنَّ المقصود: التقرّب بالذبح لا مجرد الصدقة، إذ لو كان المقصود الصدقة باللحم، لكان ذبح الشياه في موضع الذبح المعتاد أولى من تكلّف إحضارها للمسجد بالخصوص، فليس لتكلّف إحضارها عند المسجد معنىً إلا التقرّب بالذبح.
    فإنْ جَوَّزْنا الذبح على وجه التقرّب مطلقًا، أو تنزّلنا وقلنا: إنَّ مقصدهم اللحم لا الذبح، فعلى كلا الحالين نقول: إنَّ تَقَصُّدَ المسجد بالذبح بدعة، فإنَّ المسجد ليس موضعًا لتخصيص الذبح المشروع كالأضحية والعقيقة، فضلًا عن أن يكون موضعًا للتخصيص بما ذُكر من السبب.
    وأما الأمر الثالث: فإنْ قيل: إنهم لم يقصدوا الذبح للوباء، وإنما قصدوا شكر الله على افتتاح المساجد، فالجواب: إنَّ هذه النية لا تُجوِّزُ الفعلَ، بل العبرة كما ذكرنا بحسب الظاهر، فإذا كان الوباء باقيًا ولا يزال مُستحكمًا، فإنَّ إعلانَ الذبح وإظهارَه حينئذٍ فيه تشبُّهٌ بمن يذبح لدفع ضرر الجنّ، أو يعتقد تأثير إراقة الدم بالخصوص في الشفاء من الأمراض وزوال الأوبئة، وهذا يفتحُ باب الاعتقاد بتأثير الذبح في رفع الوباء، ويُحيي الاعتقادات الشركية، ولذلك يُنهى عنه سدًّا لهذه الذريعة، وبعدًا عن التشبِّه بالمشركين، حتى لو كان مقصد الفاعل حسنًا، كما نَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الذبح بمكان أعياد الجاهلية مع قطع النظر عن نية الذابح.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    344

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    الذبح لله عمل صالح ..
    لو قال قائل نستدل بحديث الثلاثة الذين اغلقت عليهم الصخرة وكلا منهم ذكر عملا صالحا ففرج الله عنهم ماهم فيه ..
    لا زال السؤال قائم لمن يفيدنا جزاكم الله خير .
    شر الناس في هذا العصر : فرقة / جمعت بين مذهب الإرجاء ومذهب الخوارج
    فليحذر الإنسان منها

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوايلي مشاهدة المشاركة
    الذبح لله عمل صالح ..
    لو قال قائل نستدل بحديث الثلاثة الذين اغلقت عليهم الصخرة وكلا منهم ذكر عملا صالحا ففرج الله عنهم ماهم فيه ..
    لا زال السؤال قائم لمن يفيدنا جزاكم الله خير .
    كما تقدم فىما ذكِر سابقا

    إذا كان الذبح لدفع أذى متوقع ، كأن يكون في البلد داء معين ، فذبح لدفع هذا الداء ، أو كان في الجهات التي حول البيت شيء يؤذي ، فيذبح ليندفع ذلك المؤذي ، إما لص - مثلا - يتسلط على البيوت ، أو أذى ما يأتي للبيوت ، فيذبح ويتصدق بها لأجل أن يندفع ذلك الأذى ، فهذا أيضا غير جائز ، ومنهي عنه سدا للذريعة ؛ لأن من الناس من يذبح لدفع أذى الجن وهذا شرك بالله - جل وعلا .
    إذا قيل : فما معنى ما رواه أبو داود وغيره بإسناد حسنه بعض أهل العلم ، وبعضهم ضعفه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « داووا مرضاكم بالصدقة » هل يدخل فيه إراقة الدم ؟ لأجل ما فيها من الوسيلة إلى الاعتقادات الباطلة . ومعلوم أن الشريعة جاءت بسد الذرائع الموصلة إلى الشرك ، وجاءت أيضا بفتح الذرائع الموصلة للخير ، فما كان من ذريعة يوصل إلى الشرك والاعتقاد الباطل فإنه ينهى عنه .
    لو قال قائل نستدل بحديث الثلاثة الذين اغلقت عليهم الصخرة وكلا منهم ذكر عملا صالحا ففرج الله عنهم ماهم فيه

    يوجدفرق بين هذا وهذا حديث الثلاثة الذين اغلق عليهم الغار فيه
    التوسل بالعمل الصالح
    التي أخلصها لله، وصدق فيها مع الله، فإن ذلك من أسباب إجابة الدعاء.
    أما مسألتنا فهى
    التقرب بالذبح لدفع أذى متوقع
    لذلك انا علقت على قولك
    قال سأقوم بذبح ذبيحة لله عز وجل تقربا لله بأن يدفع الله عني كل شر وبلاء .. هل هذا يدخل في الكلام الذي ذكر في المقال ؟
    أما قولك
    لو قال قائل نستدل بحديث الثلاثة الذين اغلقت عليهم الصخرة وكلا منهم ذكر عملا صالحا ففرج الله عنهم ماهم فيه
    هذا من باب التوسل بالاعمال الصالحة لجلب المنافع ودفع المضار
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " أما التوسل والتوجه إلى الله وسؤاله بالأعمال الصالحة التي أمر بها، كدعاء الثلاثة الذين آووا إلى الغار بأعمالهم الصالحة، وبدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم، فهذا مما لا نزاع فيه، بل هذا من الوسيلة التي أمر الله بها في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ المائدة/35 ، وقوله سبحانه أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ الإسراء/57 .
    فإن ابتغاء الوسيلة إليه، هو: طلب ما يتوسل به، أي يتوصل ويتقرب به إليه سبحانه، سواء كان على وجه العبادة والطاعة وامتثال الأمر، أو كان على وجه السؤال له، والاستعاذة به، رغبة إليه في جلب المنافع ودفع المضار" انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 312).
    إذا قيل : فما معنى ما رواه أبو داود وغيره بإسناد حسنه بعض أهل العلم ، وبعضهم ضعفه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « داووا مرضاكم بالصدقة » هل يدخل فيه إراقة الدم ؟ لأجل ما فيها من الوسيلة إلى الاعتقادات الباطلة . ومعلوم أن الشريعة جاءت بسد الذرائع الموصلة إلى الشرك ، وجاءت أيضا بفتح الذرائع الموصلة للخير ، فما كان من ذريعة يوصل إلى الشرك والاعتقاد الباطل فإنه ينهى عنه .





  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    344

    افتراضي رد: هل يجوز الذبح بنية دفع السوء

    جزاك الله خير ونفع الله بك .
    شر الناس في هذا العصر : فرقة / جمعت بين مذهب الإرجاء ومذهب الخوارج
    فليحذر الإنسان منها

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •