تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الاعتقاد الصحيح لحديث لئن قدر الله علي ليعذبني)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الاعتقاد الصحيح لحديث لئن قدر الله علي ليعذبني)

    سئل الشيخ صالح ال الشيخ - ما معنى الحديث الصحيح الذي جاء فيه: (أن رجلاً قال إذا مِت فحرقوني وذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني) إلى آخره، الحديث المعروف الذي في الصحيح ؟
    [الجواب]: هذا الحديث اختلف كلام العلماء في الإجابة عليه.
    والتحقيق فيه الذي يتفق مع أصول الشريعة من جهة الاعتقاد والفقه:أن هذا الرجل لم يشك في صفة من صفات الله،وإنما شك في تعلق الصفة ببعض الأفراد،فهو لم يشك في القدرة أصلاً، ولو شك في قدرة الله لكفر ولم ينفعه إيمانه

    إذا قال: (أنا لا أدري هل الله قدير أم ليس بقدير؟) يعني: شك في أصل القدرة فهذا يكفر.

    -أما شك هذا ففي تعلق القدرة بإعادة الأجزاء،وهذا فرد من الأفراد التي تتعلق بها القدرة، ومعلوم عندنا أن من أنكر فرداً من الأفراد في أصلٍ ليس كافراً وإنما هو على ذنب عظيم، فلهذا نقول: هذا الرجل شك في فرد من أفراد تعلق القدرة بذلك الفرد - ولم يشك في قدرة الله تعالى أصلاً،وحاله كحال حواري المسيح الذين قالوا لعيسى عليه السلام: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} وفي القراءة الأخرى: {هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} يعني: هل يستطيع الله أن ينزل علينا مائدة؟
    فهم لم ينكروا القدرة وإنما شكوا في تعلق القدرة بهذا النوع،هل يستطيع أو لا يستطيع؟ فتعلق القدرة بإنزال مائدة من السماء حصل لهم شك فيها، فقال لهم عيسى عليه السلام: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}فبينوا وجهتهم قالوا: {نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}إلى آخر السورة.
    المقصود: أن الشك في فرد من أفراد الصفة ليس كالشك في أصل الصفة، وهذا الرجل غفر له بسبب خوفه، ومعلوم أن الحسنات يذهبن السيئات، فأحسنإذ خاف من الله جل وعلا، وأساءإذ شك في تعلق قدرة الله بهذا الفرد من مخلوقات الله، وهو الأجزاء التي فرقها بإحراقه.
    ولهذا تلحظ في الحديث قال: (لئن قدر الله عليّ) ما قال: لئن قدر الله، مطلقاً، قال:(لئن قدر الله عليّ ليعذبني عذاباً لم يعذبه أحداً من العالمين) يعني: أنه تعلق قوله ذلك بقدرته عليه بالخاصة لما ذر جسمه رماداً،وهذا هو التحقيق في هذا القول في هذا الحديث، وهو الذي يستقيم مع الاعتقاد ومع الفقه


    [شرح كشف الشبهات - للشيخ صالح ال الشيخ]--خذها بيضاء نقية-بعيدا عن شبهات أنصار داوود بن جرجيس - مِمَّن كَرَّسُوا انفسهم للجدال والدفاع عن إسلام عباد القبور؟



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي رد: الاعتقاد الصحيح لحديث لئن قدر الله علي ليعذبني)

    وهذا هو عين قول المشركين منكري البعث فإنهم لم يقولوا إن الله ليس بقدير ولم يقولوا إنه ليس بعليم بل كانوا يعلمون أن الله خلقهم ورزقهم وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض غير أنهم زعموا أن الله لا يبعثهم بعد موتهم

    وروي في سبب نزول قول الله تعالي : {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون} عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : " إني لمستتر بأستار الكعبة, إذ دخل ثلاثة نفر, ثقفي وختناه قرشيان, قليل فقه قلوبهما, كثير شحوم بطونهما, فتحدثوا بينهم بحديث, فقال أحدهم: أترى الله يسمع ما قلنا؟ فقال الآخر: إنه يسمع إذا رفعنا, ولا يسمع إذا خفضنا. وقال الآخر: إذا كان يسمع منه شيئا فهو يسمعه كله, قال: فأتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فذكرت ذلك له, فنـزلت هذه الآية "

    ولم يبلغنا أن قوما قالوا إن الله ليس بقدير ولا عليم سوي الجهمية وقالت غلاة القدرية إن الله لا يعلم ما كان حتي يكون وقد أجمع الصحابة علي كفرهم واتبعهم علي ذلك السلف رحمهم الله وقال ابن عمر رضي الله عنه فيهم : " لو برزت لي القدرية في صعيد واحد فلم يرجعوا لضربت أعناقهم " والآثار في تكفيرهم مشهورة وما أصاب غيلان القدري الزنديق لأجل افترائه علي الله ظاهر مشهور ولله الحمد

    ولم نعلم عن أحد من الصحابة ولا التابعين ولا تابيعهم الخوض في هذا الحديث فخير لنا أن نسكت عما سكتوا عنه ويكفينا أن نعلم أن من زعم أن الله لا يقدر علي أن يبعث أحدا بعد موته فهو من المشركين الذين توعدهم الله بالعذاب علي قولهم لأن هذا قد علمناه بالآيات المحكمات والسنن الصحيحة التي لا تحتمل إلا وجها واحدا ولم يبلغنا خلاف ذلك عن صحابة رسول الله ولا السلف الذين أثني عليهم رسول الله

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الاعتقاد الصحيح لحديث لئن قدر الله علي ليعذبني)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم الغريب مشاهدة المشاركة
    فخير لنا أن نسكت عما سكتوا عنه ويكفينا أن نعلم أن من زعم أن الله لا يقدر علي أن يبعث أحدا بعد موته فهو من المشركين الذين توعدهم الله بالعذاب علي قولهم لأن هذا قد علمناه بالآيات المحكمات والسنن الصحيحة التي لا تحتمل إلا وجها واحدا ولم يبلغنا خلاف ذلك عن صحابة رسول الله ولا السلف الذين أثني عليهم رسول الله
    نعم كان خير لك ان تسكت وتدع شيخك [ المغيرة] يناقش---أما نحن فنستدل على فهم الحديث بكلام أئمة الدين الراسخون فى العلم وأظن ان هذا لا يروق لك ولا لشيخك[المغيرة] كما فى موضوع[؟]-
    يقول بن القيم رحمه الله : وكفر الجحود كفر مطلق عام وكفر مقيد خاص ، فالمطلق أن يجحد ما أنزله الله وإرساله الرسول صلى الله عليه وسلم ، والخاص المقيد أن يجحد فرضاً من فروض الإسلام أو تحريم محرم من محرماته أو صفة وصف الله بها نفسه أو خبراً أخبر الله به عمداً أو تقديماً لقول من خالفه عليه لغرض من الأغراض .
    وأما جحد ذلك جهلاً أو تأويلاً يعذر فيه صاحبه فلا يكفر صاحبه كحديث الذي جحد قدرة الله عليه وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح ، ومع هذا فقد غفر الله له ورحمه بجهله ، إذا كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه ولم يجحد قدرة الله على إعادة عناداً أو تكذيباً ---------قال ابن قتيبة – رحمه الله -: (قد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين، فلا يكفرون بذلك)---قال الخطابي – رحمه الله -: (وقد يستشكل هذا، فيقال: كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟، والجواب أنه لم ينكر البعث، وإنما جهل فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب...)-----قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: (فهذا الرجل ظن أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق، فظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى وإنكار معاد الأبدان وإن تفرقت، كفر، لكن كان مع إيمانه بالله وإيمانه بأمره وخشيته منه جاهلاً بذلك، ضالاً في هذا الظن مخطئا. فغفر الله له ذلك... فغاية ما في الأمر أنه كان رجلاً لم يكن عالماً بجميع ما يستحقه الله من الصفات، وبتفصيل أنه القادر. وكثير من المؤمنين قد يجهل ذلك، فلا يكون كافراً)------قال الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: (فهذا الرجل اعتقد أنه إذا فعل بعد ذلك، لا يقدر الله على بعثه – جهلاً منه لا كفراً ولا عناداً -، فشك في قدرة الله على بعثه. ومع هذا غفر له ورحمه)--------وسبق ان بينت لك يا غريب ذلك فى موضوعك https://majles.alukah.net----
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الذى قال حرقونى لم يشك فى القدرة التى هى من الاصول الكبار والرجل مؤمن بالقدرة على اعادة الله له فاراد ان يفعل امرا خارج عن هذه القدرة فامر اولاده بذر رماده فى البحر وفعل ذلك من خشية الله فظن الرجل ان جمعه يستحيل على قدرة الله بجمعه فالامر متعلق بتفاصيل الصفة وجزئياتها وليس متعلق بالصفة نفسها وهذا ما يسمى بالمسائل الخفية ---اما الايمان بصفة القدرة فهو من الاصول الكبار ومن المسائل الظاهرة المعلومة بالضرورة من دين الاسلام ودليلها واضح فى القران كقوله تعالى والله على كل شئ قدير- ولكن تفاصيل الصفة وجزئياتها كما ظن الرجل الذى قال حرقونى هذا ما يسمى بالمسائل الخفية لانها تحتاج الى نظر واستدلال -فتلك الصورة الدقيقة لجمعه هي التي شك فيها ولم يشك في أصل قدرة الله تعالى بدليل أنه أمر أهله بحرق جسده وذرّه في البر والبحر ولو كان جاهلا أو شاكا في قدرة الله مطلقا لما احتاج إلى ذلك، فكون الله على كل شيء قدير من العلم الذي قد لا يتبين لبعض من يؤمن بأصل قدرة الله قال تعالى في {الذي مر عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فهذا قال الله عنه فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }--اما عموم قدرة الله على كل شئ فلا تحتاج الى نظر واستدلال بل هى من العلم الضرورى ولذلك يقول شيخ الاسلام فلما كان مؤمناً بالله في الجملة، ومؤمناً باليوم الآخر في الجملة، وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت، وقد عمل عملاً صالحاً وهو خوفه من الله أن يعاقبه على ذنوبه غفر الله بما كان منه من الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح) ويقول الشيخ سليمان بن سحمان-قال شيخنا رحمه الله: وهذا هو قولنا بعينه، فإنه إذا بقيت معه أصول الإيمان، ولم يقع منه شرك أكبر، وإنما وقع في نوع من البدع فهذا لا نكفره، ولا نخرجه من الملة، وهذا البيان ينفعك فيما يأتي من التشبيه بأن الشيخ لا يكفر المخطئ والمجتهد، وأنه مسائل مخصوصة.
    وبين أن الإيمان يزول بزوال أركانه وقواعده الكبار، كالحج يفسد بترك أركانه، وهذا عين قولنا، بل هو أبلغ من مسألة النزاع.قال: وحديث الرجل الذي أمر أهله بتحريقه كان موحداً، ليس من أهل الشرك، فقد ثبت من طريق أبي كامل عن حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة "لم يعمل خيراً قط إلا التوحيد "فبطل الاحتجاج به على مسألة1 النزاع.--

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الاعتقاد الصحيح لحديث لئن قدر الله علي ليعذبني)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم الغريب مشاهدة المشاركة
    وهذا هو عين قول المشركين منكري البعث فإنهم لم يقولوا إن الله ليس بقدير ولم يقولوا إنه ليس بعليم بل كانوا يعلمون أن الله خلقهم ورزقهم وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض غير أنهم زعموا أن الله لا يبعثهم بعد موتهم
    سبق بيانه فى كلام بن القيم رحمه الله
    ويكفينا أن نعلم أن من زعم أن الله لا يقدر علي أن يبعث أحدا بعد موته فهو من المشركين الذين توعدهم الله بالعذاب علي قولهم لأن هذا قد علمناه بالآيات المحكمات والسنن الصحيحة التي لا تحتمل إلا وجها واحدا
    ------ فكون الله على كل شيء قدير من العلم الذي قد لا يتبين لبعض من يؤمن بأصل قدرة الله قال تعالى في {الذي مر عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فهذا قال الله عنه فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }----------فلهذا نقول: هذا الرجل شك في فرد من أفراد تعلق القدرة بذلك الفرد - ولم يشك في قدرة الله تعالى أصلاً،وحاله كحال حواري المسيح الذين قالوا لعيسى عليه السلام: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} وفي القراءة الأخرى: {هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} يعني: هل يستطيع الله أن ينزل علينا مائدة؟
    فهم لم ينكروا القدرة وإنما شكوا في تعلق القدرة بهذا النوع،هل يستطيع أو لا يستطيع؟ فتعلق القدرة بإنزال مائدة من السماء حصل لهم شك فيها، فقال لهم عيسى عليه السلام: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}فبينوا وجهتهم قالوا: {نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}إلى آخر السورة.
    المقصود: أن الشك في فرد من أفراد الصفة ليس كالشك في أصل الصفة----
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم الغريب مشاهدة المشاركة
    لأن هذا قد علمناه بالآيات المحكمات
    الاحكام ، المقتضي لنفي ما ليس منه عنه. والنسخ بتخصيص, أو تقييد, أو تفصيل لعام, أو مطلق, أو مجمل هو (الإحكام الخاص) المقتضي للفصل بين الشيئين المشتبهين من وجه، المختلفين من وجه آخر - ما أحكم الله فيه من آي القرآن، وقصص الأمم ورسلهم الذين أرسلوا إليهم، ففصله بيان ذلك لمحمد وأمته) ، فهذا الفصل الذي بينه الله لمحمد وأمته هو (الإحكام الخاص) المزيل لـ (التشابه الخاص) الواقع في قصص الأمم ورسلهم. -------عقب ابن جرير رحمه الله بعد ذكر الأقوال في معنى المحكم والمتشابه بقوله: (وذلك أن جميع ما أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم فإنما أنزله عليه بياناً له ولأمته وهدى للعالمين، وغير جائز أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليهم، ولا أن يكون فيه ما بهم إليه حاجة, ثم لا يكون بهم إلى علم تأويله سبيل. فإذا كان ذلك كذلك، فكل ما فيه لخلقه إليه الحاجة، وإن كان في بعضه ما بهم عن بعض معانيه الغنى، وإن اضطرته الحاجة إليه في معان كثيرة، وذلك كقول الله عز وجل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ [الأنعام: 158]، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن تلك الآية التي أخبر الله جل ثناؤه عباده أنها إذا جاءت لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ذلك هي طلوع الشمس من مغربها، فالذي كانت بالعباد إليه الحاجة من علم ذلك هو العلم منهم بوقت نفع التوبة بصفته، بغير تحديده بعد بالسنين والشهور والأيام، فقد بين الله ذلك لهم بدلالة الكتاب، وأوضحه لهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مفسراً، والذي لا حاجة لهم إلى علمه منه وهو العلم بمقدار المدة التي بين نزول هذه الآية، ووقت حدوث تلك الآية فإن ذلك لا حاجة بهم إلى علمه في دين ولا دنيا. وذلك هو العلم الذي استأثر الله جل ثناؤه به دون خلقه، فحجبه عنهم، وذلك وما أشبهه هو المعنى الذي طلبت اليهود معرفته في مدة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من قبل قوله: الم، المص، الر، المر، ونحو ذلك من الحروف المقطعة المتشابهات التي أخبر الله جل ثناؤه أنهم لا يدركون تأويل ذلك من قبله، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله.
    فإذا كان المتشابه هو ما وصفنا، فكل ما عداه فمحكم، لأنه لن يخلو من أن يكون محكماً بمعنى واحد لا تأويل له غير تأويل واحد، وقد استغنى بسماعه عن بيان مبينه، أو يكون محكماً وإن كان ذا وجوه وتأويلات وتصرف في معان كثيرة، فالدلالة على المعنى المراد منه إما من بيان الله تعالى ذكره عنه، أو بيان رسوله صلى الله عليه وسلم لأمته، ولن يذهب علم ذلك عن علماء الأمة لما قد بينَّا) ( . وقد تضمن هذا النقل الطويل حقائق هامة:
    1- جميع ما أنزل الله تعالى بيان للأمة وهدى للعالمين – دون استثناء -.
    2- امتناع تضمنه ما لا حاجة للأمة إليه.
    3- امتناع تضمنه ما للأمة به حاجة، ثم لا يتمكنون من علمه.
    4- إمكان تضمنه لما للأمة به حاجة وإن كان لها غنى عن بعض معانيه.
    5- المتشابه الذي استأثر الله به هو الأمور الغيبية كالعلم بالمقدار, والوقت, والكيف ونحوه.
    6- المحكم نوعان: ما له معنى واحد، سماعه بيانه. وما يحتمل عدة معان لكن تعيين المعنى المراد متحقق ببيان الله أو بيان رسوله صلى الله عليه وسلم.
    7- امتناع جهل علماء الأمة ببيان الله وبيان رسوله صلى الله عليه وسلم.
    وقد تضمنت هذه الحقائق القضاء المبرم على أصل مذهب التفويض ولوازمه، والحمد لله. ---------وهذه اسئلة وجهت للشيخ صالح-كيف تعرف المتشابه من المحكم؟
    الجواب: المتشابه هو الذي خالفته الأدلة الكثيرة، وخالفته القواعد، ولم تأخذ به الجماعة، ولم يأخذ به الأئمة، وإنما وجهوه وبينوا معناه، مثل قوله سبحانه: (فاجتنبوه لعلكم تفلحون) [المائدة: 90]، بينته السنة، وقوله: (وإنه لذكر لذكر لك ولقومك)[الزخرف: 44]، هذا بينته آية أخرى في ذلك، وقوله سبحانه وتعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) [النساء: 93]فسرت الأدلة الخلود: بأنه مكث طويل ليس أبديا، ولا مساويا لخلود الكفار، والأدلة على ذلك كثيرة متوافرة تدل على خروج عصاة أهل القبلة من النار، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان"[ أخرجه البخاري وملسم من حديث أبي سعيد الخدري]، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة" [أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي ذر] فكل أهل التوحيد يدخلون الجنة برحمة الله عزوجل، لانستطيع أن نترك هذه الأدلة الكثيرة لأجل دليل واحد يوجه، ولكن نصرف المتشابه الذي دلالته فيها إشكال إلى الواضحات الكثيرة من الأدلة، وكذلك كلام العلماء نصرف بعضه إلى بعض ويتضح بعضه من بعض.
    والمتشابه المطلق لا وجود له، فلا يوجد في القرآن والسنة آية أو حديث لا يعلم أحد من الأمة توجيهها أو معناها، وإنما يوجد متشابه نسبي إضافي، اشتبه مثلا على ابن عباس رضي الله عنهما، أو اشتبه على عمر رضي الله عنه، لكن يوجد من الصحابة رضي الله عنهم من يعلم المعنى.
    فكلمة (الأب) في قوله سبحانه وتعالى: (وفاكهة وأبا) اشتبهت على أبي بكر رضي الله عنه وهو الصديق رضي الله عنه، لكن علمها غيره، ...... قد تشتبه آية على العالم، لكن يوجد من أهل الزمان من يعلم معناها وتوجيهها، فقد تأتي إلى عالم، فتحاجه بمتشابه، وتسأله عن جوابه، فلا يعلم جوابه، هل معنى ذلك أنه ليس على حق؟ الجواب: ليس كذلك، لأن المشابه نسبي، يوجد من أهل العلم من يجيب، لكن كونه اشتبه المعنى على العالم، فردك إلى المحكم، وقال: هذه ما أدري وجهتها. لا يعني أن الذي يعرف يتمسك با المتشابه، لكن الراسخ في العلم يقول: ( ءامنا به كل من عند ربنا) [ آل عمران: 7]فكل راسخ في العلم إذا اشتبه عليه شيء يقول( ءامنا به كل من عند ربنا) والله عزوجل ابتلى الناس بهذا.
    فا المتشابه المطلق-على الصحيح-لا وجود له، إنما يوجد متشابه نسبي إضافي يشتبه على فلان دون فلان، ولايخلو عصر من قائم لله بحجة.
    وهل المتشابه المطلق لايوجد في عصر من العصور أو في الأمة بأكملها؟
    الجواب: لايوجد في عصر، لا بد أن يوجد في كل زمان من يعلم، وهذا يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق"[ أخرجه البخاري ومسلم] ، فهم يعلمون الحق، وقوله: "طائفة" يصدق على شيء واحد، لابد من وجود من يظهر على الحق، وهو الذي يسميه الأصوليون: " القائم لله با الحجة"، وهذا تعبير أصولي، فلا يخلو عصر من قائم لله بحجة، ليس في بلد دون بلد، ولكن في الأرض في عصر من الأعصار، قد تعلمه، وقد لا تعلمه، وقد تصل إليه، وقد لا تصل إليه.


    المصدر:شرح أصول الإيمان ، الشيخ صالح آل الشيخ


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •