الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، ( وبعد ) :
ينبغي على أهل الإسلام كأفراد ، وكجماعة وأمة أن : يعرفوا سيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وأن يحسنوا قراءتها التربوية ؛ ليستفيدوا من وقائعها وأحداثها في فهم الإسلام والعمل به على وفق ما أراد ربهم سبحانه وتعالى ، وفي نجاح العملية التربوية ، وأرى أن السيرة المشرفة يجب أن يعاد قراءة أحداثها ووقائعها تحت ثلاث نقاط :
الأولى : تحديد الأهداف عامها وخاصها ،
فالهدف العام : إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وتعبيد الناس لربهم سبحانه ، بإقامة دين الله تعالى في الأرض ، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله تعالى وحده ؛ لتحقيق فوز الناس وسعادتهم في الدارين ،
وهذا واضح في سيرته صلى الله عليه وسلم في مرحلتيها المكية والمدنية ، خاصة المكية ، وما غاب هذا الهدف العام عن وقائع السيرة أبدا ،
لكِنَّ الأهداف الخاصة هي التي اختلفت ، وأعني بالأهداف الخاصة ما يوصل إلى الهدف العام من أهداف مطلوبة في كل مرحلة من مرحلتي السيرة المكية والأخرى المدنية ،
ففي المرحلة المكية كان الهدف منها تأسيس كوادر أو أفراد تحمل هذا الدين ، يتم تربتها لتحقيق الهدف الأكبر بأيديها ، وليست تلك التربية فقط لأفرادهم ، بل لجماعتهم ؛ إذ لا يحمل الدين إلا جماعة مؤمنة ، يربط بينهم رباط الدين ، وتأمل آيات القرآن مكيه ومدنيه تجد أن أغلبها _ إن لم تكن جميعها _ إنما هو خطاب للجماعة وليس للفرد ، وأكتفي بذكر أعظم سورة في القرآن وهي سورة الفاتحة ، وفيها : ( إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم ) ،
أما المرحلة المدنية فأهدافها الخاصة هي أهداف المكية وزيادة ، وهي :
بناء المجتمع المؤمن وتربيته وبناء وإقامة الدولة المسلمة ، وعند مراجعة هذه المرحلة تجد ذلك واضحا مثلا في سورة البقرة ، وسورة النساء ، وسور : المائدة ، والأنفال ، والتوبة ، والنور ، والحجرات ، والحشر ، والمنافقون ، وغيرها .
هذه هي النقطة الأولى من أصل ثلاث نقاط ، وللحديث بقية إن شاء الله .